رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة الحكومة للتهرب من رد أموال «المعاشات والتأمينات»

أموال المعاشات
أموال المعاشات


تُشكل أموال التأمينات «صلب» أزمة أصحاب المعاشات، خاصة أن هذه الفئة التي يصل عددها لـ10 ملايين مواطن، ترى أنّ التشابكات بين وزارة المالية والهيئة القومية لأموال التأمينات، التى ظلت لسنوات طويلة، هى أحد أهم الأسباب المسؤولة عما وصلوا إليه من أوضاع مادية صعبة.


وظلت هذه الإشكالية على مدار فترة طويلة، محور أحاديث المهتمين بالمعاشات، الذين طالبوا بفصل تلك الأموال عن سيطرة الحكومة، وهو ما استجاب له الرئيس عبد الفتاح السيسي بإصدار قرار اعتبر بالتاريخي.


وتعود أزمة أموال التأمينات الاجتماعية مع الحكومة لعام 1980 مع إنشاء بنك الاستثمار القومي الذي كان يتبع وزارة المالية سابقا، ويتبع حاليا وزارة التخطيط، وضمن مهامه استثمار أموال صناديق التأمينات.


وفي 2005 صدر قرار بضم وزارة التأمينات الاجتماعية إلى وزارة المالية، على أن يكون وزير المالية هو الوزير المختص بتنفيذ تشريعات التأمين الاجتماعي ويحل محل وزير التأمينات.


وبعد هذا القرار أنشأ وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي، حسابا بنكيا موحدا أضاف فيه العمليات المالية الخاصة بصناديق التأمين الاجتماعي إلى العمليات المالية لقطاع الموازنة العامة للدولة وبنك الاستثمار القومي بداية من يوليو 2006.


وبعد ثورة 25 يناير، أصبحت هيئة التأمينات الاجتماعية تابعة لوزارة التأمينات والشئون الاجتماعية التي تم استحداثها في حكومة كمال الجنزوري، والتي تغير اسمها فيما بعد إلى وزارة التضامن الاجتماعي.


وفي مارس الماضي طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحكومة برد إجمالي المديونية المستحقة لصناديق المعاشات طرف وزارة المالية وبنك الاستثمار القومي، من خلال إعداد تشريع خاص ينظم تلك الإجراءات.


وتنقسم الأموال التي لدى المالية إلى جزأين، أولهما صكوك ووديعة ببنك الاستثمار القومي ومديونية تحت التدقيق، وإجمالي هذه الأموال 640 مليار جنيه، أما الآخر فهو عبارة عن التزامات على الخزانة العامة لصالح الهيئة وبلغت هذه الالتزامات 113 مليار جنيه، خلال العام المالي الماضي.


وتشرح المذكرة الإيضاحية للقانون الجديد بأنها استحدثت بابًا مخصوصًا للخزانة العامة، لتنظيم العلاقة بين هيئة التأمينات والخزانة، بما يؤدي لرفع العبء المالي عن كاهل الدولة.


وقالت إن التشابك المالي بين الهيئة ووزارة المالية أدى إلى تراكم مبالغ ضخمة عجزت الخزانة العامة عن سدادها، لغياب تنظيم تشريعي لفض هذا التشابك وكذلك عدم وجود خطة مجدولة لسداد هذه المبالغ.


وألزم مشروع القانون، الخزانة العامة للدولة بتقسيط قيمة أموال التأمينات على 50 سنة، بواقع 160.5 مليار جنيه قسطًا سنويًا يزاد بنسبة 5.7% مركبة سنويًا، مقابل تحمل الهيئة كامل التزامات الخزانة العامة الحالية والمستقبلية في المعاشات، وشطب المبالغ المستحقة للتأمينات لدى الخزانة العامة وبنك الاستثمار وعوائدها السنوية والتي تبلغ نحو 696.495 مليار جنيه مقسمة كـ(367.40 مليار صكوك، و216.08 مديونية، و56.512 مليار جنيه بنك الاستثمار، و56.503 مليار جنيه مديونية 2018 - 2019).


ووضع التشريع إجراءات صارمة لمنع تراكم ديون جديدة على الخزانة العامة للدولة لصندوق التأمينات، والتزام الخزانة العامة بسداد 160.5 مليار جنيه سنويًا، بقيمة شهرية نحو 13 مليار جنيه، للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، لمدة 50 عامًا، ويزداد هذا المبلغ بنسبة 5.7% مركبة سنويًا لسداد 642 مليار جنيه إجمالى المديونيات لصندوق المعاشات حتى 30 يونيو 2018.


وتضمنت نصوص القانون، أنه في حالة تأخر السداد عن نهاية الشهر، تتحمل الخزانة العامة فائدة عليه، وفي حالة التأخير 3 أشهر متصلة، يُعرض الأمر على مجلس الوزراء، وتُلزم وزارة المالية بتقديم تقرير مرفق مع مشروع الموازنة العامة للبرلمان، يتضمن سداد هذه المبالغ، ولا يجوز إقرار الموازنة العامة الجديدة إلا بعد إدراج هذه المبالغ.


وألزم القانون، صندوق التأمينات، بإعداد دراسة اكتوارية جديدة، لإعادة النظر في مدى كفاية قيمة القسط المستحق على الخزانة العامة بعد 30 عاما من تطبيق هذا القانون، وإذا انتهت الدراسة إلى زيادة قيمة القسط، يتم اتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة للتنفيذ.


ونص القانون على أنه في حالة عجز التدفقات النقدية عن الوفاء بالتزامات الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لأصحاب المعاشات، تلتزم الخزانة العامة بتدبير المبالغ اللازمة على أن تلزم الهيئة بسدادها للخزانة العامة، بعد اتفاق بين "رئيس الهيئة، ووزير المالية" وموافقة رئيس الوزراء.


وفي إطار تنفيذ هذا الإجراء، عقدت وزارتا "التضامن" و"المالية" اجتماعًا مشتركًا، للاتفاق على إجراءات فض التشابكات وسداد المديونية المستحقة لصناديق التأمينات على ضوء قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019.


وكشفت "التضامن"، في بيان لها عن أن "الاجتماع يعكس جدية الوزارتين فى التطبيق الفورى لمواد فض التشابكات بالقانون الجديد، واسترداد أموال المعاشات"، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق بالفعل على جدول لسداد الأقساط المستحقة، وشروط وكيفية السداد، موضحة أن الاجتماع شهد الاتفاق على التفاصيل التى من شأنها تحقيق الفض النهائى للتشابكات.


وأوضحت أنه يتم سيتم توقيع بروتوكول بين الوزارتين بحضور رئيس مجلس الوزراء، مؤكدة أن وزارة التضامن وضعت خطة متعددة المحاور لتطبيق القانون الذى سيصبح ساريًا فى 1 يناير 2020، لاسترداد جميع أموال صناديق التأمينات من بنك الاستثمار القومى ووزارة المالية، مشيرة إلى أن حجم الأقساط التى سيتم تحويلها خلال السنوات السبعة المقبلة فقط سيتخطى تريليون و336 مليار جنيه، إضافة إلى استمرار الخزانة فى دعم صناديق المعاشات بمبالغ سيصل مجموعها خلال الـ50 عامًا المقبلة لـ45 تريليون جنيه.


وأكدت المالية، أنه سيتم بنهاية السنة المالية، تحويل 160.5 مليار جنيه من الخزانة العامة لصناديق التأمينات الاجتماعية، حيث تم الاتفاق على قواعد وإجراءات السداد حتى نهاية العام المالى الحالى فى 30 يونيه 2020، مشيرًا إلى أن الاتفاق التاريخي المهم لفض التشابكات تمت مراجعته من المنظمات الدولية والجهاز المركزى للمحاسبات.


وأوضح أن أهمية اتفاق فض التشابكات لا تتمثل فقط فى استرداد أموال أصحاب المعاشات بفوائدها المتراكمة على مدى سنوات، بل يتجاوز الأمر ذلك ليحقق آثارًا إيجابية على الاقتصاد المصرى ككل، إذ إن الفائض المتاح للسيولة بالصناديق سيتم ضخه في مجالات استثمارية ذات عائد مرتفع، بما سيحول هيئة التأمينات إلى مستثمر مؤسسي له وزن كبير في الاقتصاد المصري كصناديق الاستثمار العالمية.


وفي هذا السياق، قال منير سليمان، نائب رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات، إن السياسة التى تنتهجها الحكومة في إدارة أموال المعاشات تستهدف التملص من الديون لأصحاب المعاشات مقابل وعد بتسديدها على 50 عاما.


وأضاف لـ«النبأ» أن هذا الوعد يعنى أن الحكومة في حالة إذا واجهتها عقبات في الدفع فإنها ستمتنع عن التسديد، مشيرا إلى أن الحكومة بهذا القانون تتهرب من أي التزامات تجاه أصحاب المعاشات في الصرف، وجعل هيئة التأمينات مسؤولة عنها، بما يضمن عدم طلب أي أموال من الخزانة العامة للدولة، بمعنى أنه إذا حدث عجز في الصناديق فإنه لن نجد هناك معاشا.


ولفت سليمان، إلى أن المبلغ الذي تتحدث الحكومة عن دفعه، يوازي أكبر من نصفه حصة الحكومة بالاشتراكات المقررة في التأمينات الاجتماعية باعتبارها أكبر صاحب عمل، مبديا اعتراضه على فائدة ال5.7% المقررة على الأموال سنويا.


وتابع: هذه الفائدة لا يمكن القبول بها في ظل موجة ارتفاع الأسعار الحالية، متابعا قيمتها ضعيفة جدا وقيمتها المالية لا تتوافق مع أقل فائدة موجودة في السوق.


وواصل، وعلى الرغم من ذلك فإن قيمة هذه الفائدة لن نأخذها كاستثمار في مشروع يحقق ربحا لأن هناك مادة في القانون الجديد تشير إلى أن 75% من الأموال سيتم استثمارها في أذون وسندات بخزانة الدولة وبالتالي هو لم يعطِ صاحب المعاش أي حرية للتصرف في أمواله، متابعًا: «الدولة بتدينا الفلوس باليمين وبتاخدها بالشمال»، مضيفًا أن الحكومة سيطرت على أموال المعاشات سابقا وستظل مسيطرة عليها.


من ناحيته، أشار الأمين العام للنقابة العامة لأصحاب المعاشات، إبراهيم أبو العطا، إلى أن اقتحام الحكومة لملف التشابكات المالية في حد ذاته نجاح وخطوة جيدة، قائلا "لم يجرؤ أحد من 2006 على مناقشته رغم المطالبات المستمرة".


وأضاف «أبو العطا»، أن سياسة إدارة أموال المعاشات تخضع لدراسات أكتوارية دقيقة ولا يملك العامة فهمها، مشيرا إلى أن الانتقادات حولها ليست في محلها متابعا "على أصحاب المصلحة أن يراقبوا مراحل تطبيق القانون والانتظار حتى رؤية نتائجه، وإذا كان لديهم بديل عليهم طرحه بدلا من الانتقادات بلا جدوى.


من النسخة الورقية