رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«النبأ» فى جولة خاصة في جبال التبت بالصين.. «هنا أرض الألهة»

النبأ


لم تكن الأرض التي أطلق عليها ماركو بولو قديما اسم «أرض الآلهة» قبل آلاف السنين لها وجود، كانت غارقة في مياه المحيط إلى أن تكونت بفعل الضغط الناجم عن تحرك شبه الجزير الهندية نحو الشمال مرتفعات الهيمالايا التي لا تزال شامخة حتى اليوم.


جبال «التبت» في الصين ذات طبيعة خاصة، عند دخولك إلى المنطقة الصينية ذاتية الحكم تشعر أنك دخلت عالما مختلفا تماما، فالثقافة التقليدية للمنطقة لا تزال حاضرة بقوة بالرغم من التنمية الاقتصادية، واقع مختلف يختلط فيه القديم مع الجديد، الأصالة مع الحداثة، التاريخ مع الحاضر والمستقبل، الكل معًا في لوحة إبداعية تمتزج فيها الطبيعة بالتكنولوجيا، في مشهد نادر لا يمكن أن تراه إلا في التبت.


تطلعت كثيرا لزيارة التبت إلى أن أتاحت لي دعوة من مكتب الإعلام لمجلس الدولة الصيني والحكومة الإقليمية للمشاركة في "منتدى تنمية التبت للعام 2019" الفرصة للوقوف على تلك التغيرات الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ انطلاق حملة التحديث الديمقراطي في منتصف القرن الماضي، تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني.


لم يكن لدي أدنى فكرة عما يمكن توقعه في التبت، بالتأكيد الارتفاع العالي والبوذية وبعض المناظر المختلفة، ولكن بمجرد أن دخلت الطائرة أرض الهضبة كان الأمر مدهشا، ما أعجب الجبال العملاقة والقمم المغطاة بالثلوج والوديان الخضراء! في يوم صيفي حار.


الشعور بالدهشة سرعان ما تحول إلى ارتياح مع ترجلي من الطائرة رفقة الوفد الأجنبي في مطار ميلين، كان الاستقبال حارا. وبحفاوة تبتية تقليدية بالغة، تقدمت باتجاهنا فتيات جميلات بالزي التبتي من أصحاب الأرض، لإهداء الشال الأبيض، رمز الاحتفاء بالضيوف، وبعض الأشياء الثقافية المعبرة عن ثقافة التبت.


ومطار ميلين لمدينة لينجينشي "عرش الشمس"، وتلقبت بذلك لأنها أول مكان تشرق فيه الشمس بصريا في العالم، هو أفضل مطار ينصح به للدخول والخروج من «التبت» نظرا لتوفر الأوكجسين وانخفاض ارتفاع المنطقة.


والمطار هو ثالث مطار في التبت بعد قونج غار في لاسا وبامدا في تشامدو، ويبعد مسافة ٤١ كم عن مدينة يينجتشي على ارتفاع ٢٩٤٨ مترا فوق سطح البحر. 


وفي الوقت الحالي تستخدمه ٤ شركات طيران فقط هي إير تشاينا والتبت إيرلاينز وسيتشوان إيرلاينز وتشاينا ثاوثيرن إيرلاينز لتسيير رحلات إلى ٧ مدن صينية. 


ويجرى العمل لرفع سعة المطار ليستوعب ٧٥٠ ألف راكب بحلول ٢٠٢٠، ثم ١.٤ مليون بحلول ٢٠٣٠ وربطه بمدن كبرى مثل بكين وشانغهاي وكونمينغ...الخ.


عكس المتوقع 

شوارع نظيفة وأرصفة أنيقة، علامات النيون تخبرك إلى أين تذهب، تجد بنايات شاهقة وأخرى مكونة من طابقين أو أكثر، أنفاق وجسور وفنادق وأسواق ومتاجر، لا أعرف إلى ماذا أنظر أولا، لم يكن هذا ما تصورته عن لاسا. كان كل شيء جديدًا وحديثًا للغاية.


في ميدان بارخور يبدو أنه يمكنك شراء وتناول كل ما تحتاجه هناك، متاجر أزياء وأحذية وأجهزة وبازارات علامات تجارية محلية وعالمية. لاسا تحتضن العالم، منفذ لدجاج كنتاكي يطل على قصر بوتالا وآخر لبرجر كينج قبالة معبد جوخانغ. ومطاعم تنتمي إلى سلاسل دولية ومخابز حديثة تحيط بها بيوت الشاي التبتية. وتنتشر أيضا منافذ تيمبرلاند ونورث فيس وبوما.


أين لاسا الساحرة والروحية؟ اين ما صورته أفلام الغرب عن التبتيين بأنهم لا يعرفون الساعات أو الزلاجات؟


داهمنى السؤال على الفور عندما رأيت شابا صغيرا يستخدم لوح التزلج، بجوار متجر خاص بمعدات هذا النوع من الرياضات الأولمبية، اقتربت منه وأجابني قبل أن أسال كما لو أنه قرأ ما في ذهني قائلا: "التبت في جوجل مختلفة تماما هناك ترى حياة بدوية وروحانية وصور لمتاحف وأديرة منذ 100 عام". وأضاف وهو يلتقط لوح التزلج من على الأرض، "أريد أن أكسر الصورة النمطية للتبت في العقل الغربي وأقول لهم إننا هنا لدينا أنواع مختلفة من الناس يؤدون وظائف حديثة".


تحول رقمي

مدينة حديثة لم تتخلف عن الركب. فقد استفادت لاسا من جهود الصين لتطوير تحولها الرقمي في محاولة لتمكين الاقتصاد الحقيقي. تجد خدمات الإنترنت مثل طلب الطعام وتسليمه وتأجير السيارات عبر الهاتف، كلها خدمات ترسخت في الهضبة المرتفعة في السنوات القليلة الماضية. 


تقول مرافقتنا الصينية "جيسكا" التي تجيد الإنجليزية: "جاءت خدمات الدفع الالكتروني عبر ويتشات وأليباي وتوصيل الطعام عبر الإنترنت في التبت متأخرة قليلا، لكن تجربة المستخدم جيدة". فحتى في متجر صغير على طول طرق لاسا، يمكنك العثور على رمز الاستجابة السريعة للمسح والدفع.


فقد حصلت التبت بفضل النمو السريع لناتجها الإجمالي المحلي على فرصة ذهبية لتطوير اقتصادها الرقمي تركيزا على البيانات الضخمة والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. 


وفي عام 2018، بلغ إجمالي الناتج المحلي للتبت 140 مليار يوان (20.86 مليار دولار)، بزيادة 10 في المائة على أساس سنوي، وهو معدل أعلى بكثير من المعدل الوطني البالغ 6.6 بالمئة.


وفي منطقة ليو وو الجديدة في لاسا، مررنا بجوار مركز كبير للبيانات تبلغ مساحته 400 ألف متر مربع قيد الإنشاء تبنيه شركة متخصصة في التكنولوجيا الفائقة. قال لنا مرافقونا وهم يشيرون اليه من السيارة إن البناء بدأ في أوائل عام 2017 باستثمار إجمالي قدره 10.5 مليار يوان، وسيتم تشغيل المرحلة الأولى من المشروع في وقت لاحق من هذا العام.


نقل ذكي

إذا أردت أن تأخذ لمحة عن التبت الحديثة والذكية توقف في محطة للحافلات. لوحة إلكترونية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تقوم بوظائف متعددة، بما في ذلك توفير معلومات في الوقت الفعلي عن الحافلات والتنبؤات الجوية ومراقبة الفيديو في الوقت الفعلي وشحن الهاتف المحمول.


وفي أماكن أخرى قد تكسر خلوتك روبوتات متعددة الأدوار. هذا هو الحال مع الروبوت القانوني الذي اقتحم حياة التبتيين مؤخرا لرفع وعيهم القانوني. الروبوت الأبيض يتميز بمعلومات قانونية غنية وتفاعلات بارعة مع البشر. 


ويقوم الروبوت بتخزين عشرات الملايين من الأحكام من القوانين واللوائح الصينية والقضايا الجنائية. ومنذ أكتوبر 2018، استشاره حوالي 125 ألف شخص عبر الإنترنت وتفاعل معه الآلاف أيضا وجهًا لوجه.


ويتكلم الوافد الجديد الآن الصينية فقط، ولكنه سيتعلم التحدث باللغة التبتية في المستقبل كما يقول دائما لسائليه. ويعتزم المسؤولون الخروج به من مبنى مكاتب وزارة العدل إلى أماكن أخرى بما في ذلك ميدان قصر بوتالا والمدارس لتعزيز الوعي القانوني بين السكان المحليين.

الذكاء الاصطناعي في الابتدائي

الذكاء الاصطناعي هو العنوان الأبرز في بطاقة هوية لاسا الجديدة. فمنطقة التبت عموما استثمرت بكثافة في تطوير البيانات الضخمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعزز الاقتصاد المحلي وتحسن من الكفاءة الإدارية وتجلب الراحة لحياة السكان المحليين. وإدراكا من جانبها بأهمية هذا الجانب أدخلت تقنيات الذكاء الاصطناعي لطلاب المدارس الابتدائية، حيث يتعلم في كل يوم خميس وجمعة طلاب المدارس الابتدائية في لاسا الطباعة ثلاثية الأبعاد وبرامج الروبوت وتجربة تكنولوجيا الواقع الافتراضي.


في سقف العالم يمكنك أن تشعر بأهمية التعليم؛ فالتعليم العالي الجودة يمكن أن يحسن بشكل فعال الرخاء طويل الأجل في المنطقة. وفي لاسا رأيت شبابا يتلقون تدريبات مهنية منهجية، بما في ذلك خدمات المطاعم والفنادق ومكافحة الحرائق والبناء وغيرها من المجالات. ومدارس تبذل قصارى جهدها لتخفيف العبء المالي عن عائلات الطلاب لمنعهم من التسرب بسبب الصعوبات المالية. 


الحكومة الإقليمية تتيح التعليم بالمجان، كما ترصد مكافآت متباينة لمن يدخل الجامعات سواء في التبت نفسها أو مدن صينية أخرى. وفي سياق العولمة، توفر اللغة فرص. 


وبالإضافة إلى تعلم التبتية يتعلم أطفال المنطقة وشبابها أيضًا الصينية والإنجليزية. 

التعرف على الوجه

لا داعي للقلق أو الخوف وأنت في لاسا، هذا ليس شعارا ولكنه الواقع بعينه، تدرك ذلك حتى عندما تستقل سيارة أجرة، فقد تبنت لاسا تقنية التعرف على الوجه والمراقبة في الوقت الحقيقي في 200 سيارة أجرة جديدة لأول مرة لضمان سلامة الركاب.


التكنولوجيا عبارة عن مزيج من التعرف البيولوجي وتحليل البيانات الضخمة وغيرها من التقنيات. ويقوم السائقون بفحص وجوههم تجاه الكاميرا للتسجيل قبل بدء تشغيل السيارة ويمكن للنظام أن يحدد السائق الذي لا يتطابق مع السيارة.


نظام التعرف على الوجه لا يعمل فقط لضمان سلامة القيادة، فقد تم تحقيق المراقبة في الوقت الحقيقي. ويمكن لمثل هذه الشاشة أن تمنع السلوك غير القانوني للسائقين، مثل إجراء مكالمة هاتفية أثناء القيادة أو عدم ارتداء حزام الأمان أو القيادة المتعبة أو السرعة. ويمكن أيضا للمسافرين والسائقين الضغط على زر داخل السيارة لإصدار إنذار في حالات الطوارئ عند الشعور بالخطر أو الوقوع في ورطة.


وبالإضافة إلى ذلك، قال لنا مسؤولون إن شركات تعمل على إدخال تقنية الجيل الخامس في التبت بما في ذلك شركة زي اتي إي لصناعة معدات الاتصالات، حيث تعمل مع جامعة التبت لبناء حرم جامعي باستخدام مزيج من التقنيات بما في ذلك شبكات الجيل الخامس والواقع المعزز والواقع الافتراضي.


قصر بوتالا الأكثر شهرة

شعرت أنني في لاسا عندما رأيت قصر بوتالا، المبنى الأيقوني الذي كان ذات مرة مقر إقامة الدالاي لاما، وأصبح الآن متحفا صينيا وأشهر المزارات السياحية في التبت.فهو أعلى بناء في لاسا ويتألف من قصرين أبيض وأحمر في تناقض صارخ مع سماء لاسا الزرقاء الزاهية. 


وبنى بوتالا في القرن السابع في عهد الدلاي لاما الخامس وهو أكبر مجمع قصور قديم وكما هو الأكثر تكاملا في التبت. ويقع على تلة دماربو ري أو "الجبل الاحمر" بالتبتية شمال غربي لاسا. ويغطي مساحة ٤١٠ ألف متر بما في ذلك المباني على مساحة ١٣٠ ألف متر مربع ويرتفع إلى ١١٥ مترا وبنى كل هيكله كله من الحجر والخشب على غرار البيوت التبتية القديمة.


ويعتبر بوتالا أبرز تجسيد للعمارة التبتية وقد أدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو. وينقسم إلى جزأبن الأول مقر إقامة الدلاي لاما ونشاطاته السياسية ويضم الجزء الآخر قبور الدلاي لاما السابقين بكامل أثاثاتها ومقتنياتها. وتم تصميم قصر بوتالا وفقًا لقاعدة التعرض لأشعة الشمس في منطقة الهضبة. قاعدة الجدار واسعة وثابتة. وهناك أنفاق وفتحات تهوية تمتد في كل الاتجاهات أسفل قاعدة الجدار. 


والمناور في كل قاعة وأعلى الحجرات الخفية ملائمة للإضاءة النهارية والتهوية. هناك العديد من المنحوتات على الأعمدة والعوارض ولوحات جدارية ملونة على الحائط. بالإضافة إلى ذلك، يجمع قصر بوتالا أيضا لوحات الثانغكا والآثار التاريخية التبتية الفريدة. وكل عام، يزوره عدد لا يحصى من من الحجاج والسياح.


خوخانغ الأكثر أهمية

لكن معبد جوخانغ هو الأكثر الأهمية بالنسبة للتبتيين كما لاحظت. ويعني أيضا معبد ساكياموني لأن تمثال بوذا الموجود في القاعة الرئيسية للمعبد هو تمثال بوذا ساكياموني البالغ من العمر 12 عامًا والذي جلب إلى مملكة توبو على يد الأميرة ون تشنغ من سلالة تانغ.


ويعود تاريخ المعبد إلى ١٣٧٢سنة، ويغطي مساحة 13000 متر مربع ويرتفع إلى 4 طوابق. في الجزء العلوي من المعبد، هناك 4 سقوف ذهبية متناظرة. في القاعة الرئيسية للمعبد يوجد أكثر من 20 عامودا خشبيا كبيرا، وهناك نقوش رائعة مثل الأشكال والطيور والوحوش والزهور والأشجار محفورة على أعمدة وأقواس.


تحت الطابق الثاني من المبنى الرئيسي، يوجد هناك 144 أسدًا من الخشب المنحوت، وتغطي الجداريات الممرات وقاعات المعبد، والتي تصور سيرة ساكياموني والإشارات التاريخية والشخصيات التذكارية والأحداث السياسية الهامة والظروف الطبيعية والعادات الاجتماعية بالإضافة إلى الأساطير الشعبية، إلخ.


وأمام معبد جوخانغ، لا يزال النصب التذكاري الذي يحتفل بسلالة تانغ مع التبت محفوظا، وكل هذه الآثار الثقافية ذات قيمة عالية لدراسة الدين والثقافة والتاريخ. تم إدراج معبد خوخانغ كواحد من مواقع التراث الهامة تحت حماية الدولة وقائمة التراث الثقافي العالمي.


حشود من الناس تشد إليه الرحال باستمرار أشخاص يسجدون أمامه وطوابير طويلة تزدحم على أبوابه، أعلام صلاة صفراء وخضراء وزرقاء وحمراء، ورهبان برداءات حمراء، وأطفال يركضون في ملابس وردية، وعجلات صلاة، وتمتمات متعبدين وروائح تزكم الأنوف من زبد الياك، هكذا هو المشهد أمام المعبد.


ربما كنت محظوظا في زيارتي الأولى له، حيث تجولت بجميع غرفه واطلعت على حياة الرهبان وهم يأكلون ويشربون ويتلون ويمارسون حياتهم وهم أيضا يهتفون ويعزفون على الآلات الموسيقية. لقد أحدث هذا انطباعا كبيرا لدي، حيث كانت المرة الأولى التي أزور فيها معبد بوذي نشط.


"كورا" هو طريق طواف حول معبد جوخانغ. المتعبدون والمتسوقون على السواء يقصدونه. سيدة عجوز بعيون مغلقة تمد يديها أمامها، وتغمغم بصلواتها ثم ترفعها أمام وجنتبها ثم صدرها قبل أن تجثو على ركبتيها على الأرض وتنزل على بطنها زحفا، ثم تنهض وتتخذ خطوة إلى الأمام حيث كانت يداها قبل دقيقة واحدة وتكرر الطقوس كلها مرة أخرى. مشهد متكرر يؤديه المتعبدون بإخلاص وتركيز غير مدركين لكل الفوضى التي تحيط بهم وسط البازارات.


بعد القيام بجولة وشراء بعض الهدايا كانت رائحة زبدة الياك المحترقة تشدني الى داخل المعبد. دخلت مكان مظلم ومهيب. لا أضواء طبيعية، فقط شموع زبدة الياك الصغيرة تزين المكان. في كل مكان تنظر إليه، ترى النيران الصغيرة ترقص في الزبد وبعض عجلات الصلاة مستديرة. جميع الطرق داخل المعبد تؤدي إلى قدس أقداسهم. ويتكون وسط المعبد من ضريح مع تمثال ضخم، حالة من الابتهاج الديني. في مساحة صغيرة يكتظ مئات الأشخاص معا. شابة تضع طفلة صغيرة على ذراعيها وابنة صغيرة من جهة وأمها العجوز من جهة أخرى يبكون ويصرخون من النشوة. وآخرون يلقون بقطع من فئة 100 يوان أو اقل وزهور وبخور على التمثال.


سمعت أن هنا 1787 مكانًا دينيًا في التبت وحوالي 46000 من الرهبان والراهبات. المنطقة بها أيضا أربعة مساجد وحوالي 12 ألف مسلم بالإضافة الى كنيسة كاثوليكية تضم أكثر من 700 تابع.


وتقول الحكومة إن جميع الرهبان والراهبات المسجلين في المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي يتمتعون بمزايا شبكة الضمان الاجتماعي مع التأمين الطبي الكامل واستحقاقات الشيخوخة وبدل الإقامة والتأمين ضد الحوادث الشخصية.


وكثيرا ما شوهد العلم الوطني الصيني في الأديرة في لاسا وكذلك الملصقات التي تقدم سياسات البلاد لحماية الأديان. ويتم نشر مقالات كتبها رهبان يعربون عن امتنانهم للتغيير في حياتهم الناجمة عن سياسات الحزب والحكومة في الأديرة والمعابد.


أوبرا ون تينغ

لا يمكن للزائر إلى لاسا أن نفوته مشاهدة أوبرا الأميرة ون تشنغ. فقد حققت الأوبرا التى تعتمد على حياة اسرة تانغ (618 – 907) نجاحا مبهرا فى منطقة التبت. وبدأت الأوبرا أن تعرض على مسرح خارجي في حضن الجبال في لاسا في عام 2013، وتعد نقطة جذب سياحية مهمة إلى جانب مواقع مثل قصر بوتالا ومعبد جوخانغ.


وتروي الأوبرا التي تبلغ مدتها 90 دقيقة قصة الأميرة ون تشنغ التي جاءت من تشانغآن (مدينة شيان اليوم) لتتزوج من الملك التبتي سونغتسين قامبو قبل أكثر من 1300 عام. وسجلت القصة التاريخية أيضا على جداريات قصر بوتالا ومعبد جوخانغ الذي اشتهر عالميًا بتمثال بوذا ساكياموني الذي جلبته الأميرة وينتشنغ.


وبالإضافة إلى التمثال، تشير السجلات التاريخية إلى أن الأميرة وينتشنغ جلبت أيضا الملابس الحريرية والكتب والحبوب والبذور النباتية وتقنيات تصنيع الأدوات الزراعية وتقنيات المعادن، والتي عززت التنمية في التبت إلى حد كبير.


وتم عرض أكثر من 1000 عرض للأوبرا في لاسا لأكثر من 2.1 مليون شخص منذ بدايتها. وشهد العام الماضي 187 عرضًا للأوبرا وو٥٠٠ الف سائح.


حقق العرض حوالي 770 مليون يوان (حوالي 114.8 مليون دولار أمريكي) من الأرباح ووفر فرص عمل لأكثر من 4000 من السكان المحليين، حيث يشارك أكثر من 800 شخص في الأوبرا، من بينهم 95 بالمئة من المزارعين والرعاة المحليين. يقومون بالزراعة في النهار ويعملون كممثلين في الليل بدخل يتراوح بين 3000 يوان و4000 يوان شهريا.


وتحتوي الأوبرا التي تضم خمسة مشاهد على أكثر من 10 أنواع من التراث الثقافي غير المادي والرقص الحديث، وتجذب المزيد من الشباب التبتي إلى الانضمام إليها.