رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

6 آلاف «مقام» يكشف بيزنس «النذور» برعاية «قيادات» الطرق الصوفية

النبأ


حسم الرئيس عبد الفتاح السيسي حالة الغموض التي أحاطت بـ«ضريح سيدي أبو الإخلاص الزرقاني»، شيخ ومؤسس الطريقة الإخلاصية الصوفية العليا بالإسكندرية، مع إعلانه عن نقله من موقعه؛ لإعاقته إقامة مشروع تنمية محور المحمودية، وسط ترحيب من مشيخة الطرق الصوفية.


وطالب الرئيس محافظ الإسكندرية بحل مشكلة وجود أحد المساجد المحتوى على الضريح، والذي يعوق الحركة في المحور والكوبري المزمع إنشاؤه ويمر حتمًا في هذه المنطقة، مشددًا على الانتهاء من مشروع محور المحمودية في مدة زمنية «3» أشهر.


ويُنسب الضريح المزعوم للشيخ برهان الدين بن أحمد بن محمد علي بن محمد الزرقاني، المولود في 11 أبريل 1924 بقرية طيبة الجعفرية بمحافظة الغربية.


انتقل الشيخ في فترة صباه للإقامة عند أقاربه بحي الأزهر بالقاهرة، ثم عاد به والده إلى مسقط رأسه بالغرب، وكان عمه وشيخه سيدي أحمد المرسي الزرقاني، والذي جعله يلتحق بـ«الأزهر الشريف».


الشيخ أبو الإخلاص كان حافظا للقرآن الكريم وهو في سن السابعة من عمره، ودرس الفقه والحديث وأصول الدين على يد شيخه وعمه أحمد المرسي الزرقاني.


خرج الشيخ في جولة استمرت لمدة 7 سنوات زار خلالها السودان والقدس الشريف والمسجد الأقصى وبلاد المغرب العربي واليمن والمدينة المنورة، وفى الروضة الشريفة كتب الآيات القرآنية والأدعية.


عاد الشيخ إلى مصر وتحديدًا للإسكندرية، حيث دخل في خلوة بمسجد النبي دانيال، وانتقل بعد ذلك لمنطقة غيط العنب وقام ببناء زاوية صغيرة بمنطقة غيط العنب لنشر طريقته.


تحولت الزاوية الصغيرة التي أقامها إلى المسجد يضم المقام الحالي، حيث تتخذه الطريقة الإخلاصية مقرًا لها.


لُقب الشيخ برهان الدين الزرقاني بألقاب عديدة "أبو الإخلاص، برهان الدين، أبو اليسر، المحمدي، الأستاذ، إمام المحققين، صاحب المقام العالي، نبراس الموحدين، سلطان الذاكرين، أبو الكرامات".


له مؤلفات عديدة منها ختم ديوان أهل الذكر، أسرار المحبين وأنوار العاشقين، المنوال الرباني، المنهاج النوراني، سفينة النجا لمن ابتغى إلى الله الوسيلة والنجا، سلطان الذاكرين، نصر من الله وفتح قريب، والنجدة.


المسجد نقل إليه ضريح أبو الإخلاص الزرقاني بعد مرور 6 سنوات تقريبًا على وفاته عام 1985، وتم نقله من زاوية صغيرة دفن فيها عام 1979، وكانت قريبة من نفس المسجد.


أزمة نقل ضريح الشيخ أبو الإخلاص الزرقاني، فتحت ملف الأضرحة، وأبرزها ما يسمى «مقامات المشاهدة»، وهى تلك المقامات التى دشنها بعض أتباع الطرق الصوفية عقب مشاهدة رؤى خاصة فى المنام تدعوهم لإقامة ضريح أو مقام لأحد الأولياء. 


وقالت مصادر، إنّ عدد «الأضرحة» التى تأسست وفق رؤى راودت مؤسسيها فى المنام، والمعروفة باسم «مقامات المشاهدة»، يصل إلى نحو ١٠٠٠ مقام، تتوزع فى عدد من محافظات الجمهورية، مضيفة أن «انتشار هذه المقامات فى ربوع مصر، وزيادة أعداد زوارها، ودفع النذور إليها فى الآونة الأخيرة، تتسبب فى مخاوف ضخمة لدى زعماء الطرق الصوفية والقائمين على الأضرحة الصوفية الكبيرة، نظرًا لهروب المريدين إلى المحافظات.


وأشارت إلى أن غالبية هذه الأضرحة تتمركز فى أماكن بعينها، من بينها منطقة بنى حميل فى مركز البلينا بمحافظة سوهاج، وجبانة أسوان، ومنطقة البهنسا الغراء بمحافظة المنيا، لافتة إلى أن المريدين من أتباع الطرق الصوفية المختلفة، يذهبون حاليًا لهذه المقامات بكثافة لم تعرفها البلاد من قبل، بحثًا عن شفاعة الصالحين الذين أقيمت هذه الأماكن لهم، بعد ظهورهم فى منام أحد الأقطاب أو المشايخ الصوفيين، ومطالبتهم بتأسيس مقامات خاصة لهم فى هذه المناطق.


وكشفت المصادر عن أن هذا التحول الكبير نحو «مقامات المشاهدة» جعل مشايخ الطرق يحذرون أتباعهم من التبرك بهذه المقامات الجديدة، وترك مقامات الشيوخ والأولياء المعروفين، معتبرين أن التبرك لا يجوز إلا من خلال أضرحة «شيوخ النسب الشريف» المعروفة.


وتحتل قرية «تلا» التابعة لمحافظة المنوفية، الصدارة من حيث عدد الأضرحة بـ 133 ضريحا ليس بها رفات أموات ثم تليها «دسوق» التابعة لمحافظة كفر الشيخ، والتي تضم 84 ضريحا ثم مركز «فوه» والذي يحتوي على 81 ضريحا، بعدها مركز «طلخا» وبها 54 ضريحا، ومن بين كل هذه الأضرحة يوجد منها حوالي 153 ضريحا مسجل بوزارة الآثار.


من ناحيته، قال الدكتور جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن وزارة الأوقاف لا علاقة لها بهذه المقامات المنتشرة فى بعض المحافظات، نظرًا لأن معظمها غير مسجل ولا يقع بجوار مساجد الوزارة، مضيفًا أنه «إذا كانت هذه المقامات غير مسجلة، فإن الأوقاف لا توفر لها الحماية وكذلك لا تفعل أى جهة أخرى، لذا فهى محمية من القائمين عليها فقط، وتعد خارجة على السيطرة.


من المفاجآت أيضًا أن ضريح أبو الإخلاص الزرقاني ليس الوحيد الذي يعيق الطرق والشوارع في مصر، وتكثر الأضرحة والمقامات الصوفية فى مصر حتى أن عددها وصل إلى ما يقرب الـ 6000 ضريح، بحسب وزارة الثقافة، وهناك 500 مقام منتشرة في الشوارع والطرق الكبرى في محافظات مصر، وتنتشر بشكل كبير في عدد من القرى، مثل ضريح سيدي سند بمحافظة القليوبية، حيث يقال إنه يرجع لرجل طيب كان له كرامات من القرن الثامن عشر، وأثناء دفنه رفض النعش التحرك وتم عمل مقام له بوسط الشارع الرئيس للقرية.


وهناك بمحافظة القليوبية نحو 13 ضريحًا بالشوارع الرئيسية وبجوار مساجد تحتاج للنقل وفشل الأجهزة التنفيذية في نقلها نظرا لرفض الأهالي. 


وحول جواز نقل المقامات والأضرحة الخاصة بأولياء الله للمصلحة العامة، قالت لجنة البحوث الفقهية بهيئة كبار العلماء، إن هناك قاعدة أصولية شرعية وهي ارتكاب أخف الضررين وقول النبي الكريم (لا ضرر ولا ضرار)، فوجود مسجد في الطريق وإذا كان وجوده يعطل الناس عن مصالحهم، يجوز للحاكم أن ينقله في مكان آمن بعيدًا عن الطريق العام وإذا كان فيه مقام لشيخ أو لولي، يجوز نقل المقام والرفات بأمان وأدب ووقار واحترام للموتي".


وأضاف: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، فما بالك برئيس الجمهورية يريد مصلحة العامة، وهذا المصلحة لا تتناقض مع عرف ولا مع الشرع».


وتابع أن الذي عليه فقهاء المالكية جواز نقل الموتى عمومًا دون التفرقة بين ضريح أو قبر واشترطوا شروطًا ثلاثة هي «ألا ينفجر حال نقله، وألا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة، كأن يخاف عليه أن يغرق البحر قبره أو يأكله السبع، أو ترجى بركة الموضع المنقول إليه، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله».


وفي فتوى لدار الإفتاء المصرية حول إزالة المساجد والأضرحة للصالح العام قالت الدار إنه إذا تعينت المصلحة العامة في إزالة المساجد فيفرق فيها بين أمرين، الأول وهو المساجد الموقوفة التي تحققت وزارة الأوقاف المصرية من صحة وقفها، فتجوز إزالتها بشرط إنشاء مساجد غيرها كبدائل لها؛ تكون مساوية لها أو أكبر منها. أما الثاني، فهي الزوايا والمصليات وما بني على أرض مغصوبة، وهذه تجوز إزالتها ولا يشترط استبدال غيرها بها.