رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لغز ارتفاع «فواتير الكهرباء» رغم وجود فائض يصل لـ«25» ألف ميجاوات

التيار الكهربائي
التيار الكهربائي - أرشيفية


خلال عام 2014 عانت الدولة من الانقطاع المتكرر لـ«الكهرباء»، واشتعل غضب المواطنين؛ لاسيما مع اشتداد هذه الأزمة فى الأوقات الخاصة بامتحانات طلاب الثانوية العامة، ولكن مع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم، وعد المواطنين بعدم تكرار الأزمة، وبالفعل تحركت على إثرها وزارة الكهرباء لتدشين خطة المحطات العاجلة ورصدت مبلغًا كبيرًا بلغ نحو 2.7 مليار دولار، فضلًا عن عقد اتفاقات مع شركات عالمية مثل سيمنز الألمانية، لتدشين محطات تصطبغ بالطابع العالمي، وتم إنشاء محطات كهرباء البرلس وبني سويف والعاصمة الإدارية بتكلفة 6 مليارات يورو.


وتعمل وزارة الكهرباء على إنشاء محطتين، تعدان الأولى من نوعهما في الشرق الأوسط، الأولى تتمثل في إنشاء أكبر محطة باستخدام الفحم النظيف، بقدرات بلغت نحو 6000 ميجاوات في موقع الحمراوين جنوب مدينة سفاجا على ساحل البحر الأحمر، وبتكلفة 4.4 مليار دولار وبمدة تنفيذ تصل إلى حوالى 6 سنوات.


المحطة تستخدم تكنولوجيا الضغوط فوق الحرجة، وسيتم إنشاء ميناء لاستقبال الفحم ونقله فى سيور مغلقة إلى منطقة تخزين مغلقة، والالتزام بالمعايير البيئية الخاصة بالانبعاثات الصادرة من محطات الفحم التي أصدرتها وزارة البيئة والمطابقة للمعايير العالمية.


أما الثانية فتتمثل في إنشاء أول محطة لتوليد الكهرباء من المحطات المائية، باستخدام تكنولوجيا الضخ والتخزين، بقدرة تبلغ نحو 2400 ميجاوات بجبل عتاقة بالسويس، وبتكلفة حوالى 2.6 مليار دولار، بمدة تنفيذ تتراوح بين 6 و7 سنوات.


تنفيذ المحطة يتم باستخدام مياه الصرف الصحى المعالجة معالجة ثلاثية؛ للاستفادة من الطاقة المنتجة من المصادر الجديدة والمتجددة وتخزينها في أوقات توافرها، ثم الاستفادة منها في أوقات الاحتياج إليها (ساعات الذروة).


وكذلك العمل فى أكبر مشروع بمدينة إسنا لإنشاء أضخم محطة توليد كهرباء حرارية محطة توليد كهرباء الأقصر، وستكون ذات الدورة المركبة قدرة 2250 ميجاوات، وتم تخصيص 107 أفدنة بما يعادل (449500) متر مربع أرض مملوكة للدولة، بتكلفة تبلغ 2.3 مليار دولار.


المتحدث باسم الكهرباء الدكتور أيمن حمزة أعلن أنه جارٍ إنشاء 11 محطة محولات بإجمالى سعة تصل إلى 16 ألف 700 ميجا فولت أمبير بإجمالى استثمارات تصل إلى 11.2 مليار جنيه، وأن هناك محطات محولات ثانية سيتم طرحها يصل عددها إلى 11 محطة بإجمالى سعة تصل إلى 14 ألف ميجا فولت أمبير وبتكلفة استثمارية تبلغ 9.2 مليار جنيه، موكدًا أنه سيتم الانتهاء من إنشاء هذه المحطات بنهاية 2019. 


وبالرغم من أن الحكومة وقتها أعلنت عن أن العجز بلغ نحو 5 آلاف ميجاوات، إلا أنه وبعد مرور نحو 5 سنوات، بحسب بيان وزارة الكهرباء فإن هذا العجز تحول إلى فائض كبير يزيد على 25 ألف ميجاوات، ما دفعها لعقد اتفاقات مع عدة دول لتنفيذ خطوط الربط الكهربائي.


وبين العجز والفائض، فإن تلك البيانات التي تترجم في صيغة إنجازات تظل في محل شكوك كبيرة لدى المواطنين لاسيما في ظل الارتفاع المتكرر لفاتورة الكهرباء، وتحرير سعر الكهرباء في مصر نهائيًا بغضون عامين من الآن.


الشكوك تلك تأتي في سياق مضطرب، فكيف أمتلك فائضًا و«الفواتير» تلهب جيوب المصريين من عام لآخر؟، ثم إنه أليس من الأولى أن تكون الأسعار تتناسب وذلك الفائض بالانخفاض وليس العكس؟


وهناك فريق يرى أن هذا الفائض صار نقمة على الوزارة، متهمين قياداتها بالتسرع فى إنتاج الكهرباء دون أن تكون هناك خطة مدروسة لتصريف هذا الفائض، فيما يرى فريق آخر أن فائض الكهرباء يمثل عامل جذب للمستثمرين.


في هذا السياق صرح مصدر مسئول بوزارة الكهرباء، رفض ذكر اسمه، قائلا: « يوجد لدينا فائض 20 ألف ميجاوات فى إنتاج الكهرباء، ورغم ذلك لا تمتلك الوزارة خطة للاستفادة من هذا الفائض»، مضيفا أن وزارة الكهرباء وضعت خطة من أجل تصدير الكهرباء إلى دول الخليج وأوروبا ولكنها غير مدروسة، على حد وصفه.


وتابع: «وفقا للخطة الموضوعة بيننا وبين السعودية سيكون هناك تبادل وليس تصديرا، كما أن المشروع لم يتم تنفيذه بعد، أما الأردن، فلا يتجاوز ما يتم تصديره له 500 ميجاوات»، مستكملا: «أما فيما يتعلق بليبيا فهى ممزقة «ومابيدفعوش فلوس»، ولا نصدر اليوم إلا لبنغازى فقط، وما نصدره لا يتجاوز 80 ميجاوات يوميا، ويدفعون كل سنة، أما مشروع الربط مع قبرص واليونان فما زال أمامه ما لا يقل عن 4 سنوات حتى يدخل حيز التنفيذ».


وأضاف المصدر أن رجال الأعمال «ضحكوا» على الوزارة، موضحا أنهم قدموا وعودا وهمية بإقامة المصانع والمشاريع الكبرى، وهو ما لم ينفذ منه شىء حتى يومنا هذا.


وأشار المصدر إلى أن زيادة أسعار الكهرباء، إجراء إصلاحى اتخذ لإنقاذ القطاع من الانهيار، بعد تراكم المديونيات عليه، وتحرير سعر الصرف، وارتفاع تكلفة إنتاج الطاقة مقارنة بتكلفة البيع المتدنية، وزيادة تكاليف صيانة المشروعات والعمالة وقطع الغيار، وغيرها من الأعباء، موضحا أن مد البرنامج الزمنى لإلغاء دعم الكهرباء ليصل إلى 2021، بدلًا من 2019، لارتفاع تكلفة الإنتاج مقارنة بالبيع.


من جانبها رفضت المهندسة صباح مشالى، رئيسة شركة نقل الكهرباء، الاتهامات التى وجهت إلى وزارة الكهرباء بعدم وجود خطة، وأنها حملت مصر ديونا وفوائد من خلال إقامة المحطات الكبرى، والذى نتج عنه هذا  الفائض الكبير الذى لا نستفيد منه، موضحة أن الفائض الذى يتجاوز 25 % من إجمالى إنتاج الكهرباء فى مصر سيتم استخدامه فى التنمية الصناعية، فعلى سبيل المثال، المنطقة الصناعية بهيئة قناة السويس تحتوى على عدد كبير من المشاريع والتى ستحتاج لتغذية كهربائية كبيرة، كما أن مصر باتت اليوم محورا لتبادل الطاقة، وأصبحنا قادرين على تصدير الكهرباء سواء كان ذلك من خلال الربط مع دولة ما أو من خلال الربط الدولى بشكل عام.


وأوضحت أن هذا الفائض يشجع على جذب المستثمرين، قائله: المستثمر يقبل على الدولة التى بها طاقة، لأنه من غير المعقول أن المستثمر «هايستناك ويحط إيده على خده لغاية ما تنشئ له محطة كهرباء فى سنتين أو تلاتة»، و«لابد أن نسبق المستثمر بخطوات، وبالتالى فقد عملنا باحترافية كبيرة فى هذا الملف، ففى جميع دول العالم البنية التحتية تسبق الاستثمار كالطرق والكهرباء والغاز وهذه أساسيات الاستثمار التى يضعها المستثمر فى دراسة الجدوى حينما ينوى إقامة أى مشروع فى أى منطقة».


وأضافت رئيسة شركة النقل المصرية، أن أسعار التصدير تختلف من دولة لأخرى ومن ساعة لأخرى، فالتصدير مثلا مع دول الجوار ليبيا والأردن يتم على مدار ثلاث فترات على مستوى اليوم، وكل فترة 8 ساعات من  12 صباحا وحتى 8 صباحا، ومن 8 صباحا وحتى 4 مساء، ومن 4 مساء وحتى 12 صباحا، وكل فترة لها سعر مختلف ويتم حسابها بمعادلة معينة يدخل فيها سعر الوقود، كما تسعى مصر وأفريقيا لتصدير الكهرباء لأوروبا من خلال الطاقات المتجددة التى يتم إنتاجها فى مصر وإفريفيا، وستلجأ إليها أوروبا لأنها أرخص بكثير من تلك التى تعتمد على الوقود، وستتحول مصر لنقطة عبور لنقل الطاقة من كل دول أفريفيا لأوروبا.


ونفت "مشالى" وجود أي قرار لإلغاء مشروع قرار الربط مع السعودية، وأنه لم يحدث أي تأخير في التنفيذ، مشيرة إلى إنه تم اختيار استشاري عالمي يتولى القيام بالدراسات الخاصة بعد تعديل مسارات خطوط الكهرباء ونقطة هبوط الكابلات.


بدوره أكد الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أنه يتم حاليًا تعديل مسار خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية لتفادي المرور بمنطقة شروع "نيوم" العملاق بين مصر والمملكة، موضحا أنه كانت هناك دراسات كبيرة ومتعمقة على خط بقدرة 3000 ميجاوات وتم طرح مناقصات له وتلقى عروضًا للتنفيذ وتم عمل مراجعات لهذا الموضوع، ولكن المشروع توقف في الوقت الحالي لتفادي المرور بمنطقة المشروع العملاق، وهو ما يستوجب عمل بعض الإجراءات الفنية التي يجب اتخاذها أولًا.


ونوه بأن خطط مصر للربط الكهربائي تشمل نقل ما يصل إلى 8 جيجا وات كهرباء إلى دول الخليج، و10 ميجاوات إلى أوروبا، موضحا بالقول: "لدينا خط ربط مع الأردن يمكنه التعامل مع 450 ميجاوات وخط آخر مع ليبيا ينقل حاليا من 80 إلى 90 ميجا في اليوم"، مشيرًا إلى أن الخط يتحمل حتى 200 ميجاوات يوميا، وأنه من المخطط عمل خط ربط على الساحل الشمالي بالكامل يصل إلى 1000 كيلوفولت.


وأضاف أن خط الربط مع الأردن يمكنه التعامل مع 450 ميجاوات، بمعدل 150 ميجا للأردن و150 ميجا لسوريا و150 ميجا مع لبنان، مشيرا إلى أن الربط مع الأردن هو الذي يعمل حاليا، أما خط الربط مع سوريا ولبنان فإنه مقطوع بسبب الأحداث في سوريا.


وأكد الدكتور محمد شاكر أن المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائى مع السودان قائم ولن يتوقف، موكدًا أن المشروع جاهز على إطلاق تجارب التشغيل للخط تمهيدًا لربطه بالشبكة القومية المصرية وبالخرطوم، موضحا أن الشركة المصرية لنقل الكهرباء انتهت من إنشاء جميع الأبراج الخاصة بالمشروع والتى يبلغ عددها 300 برج، كما انتهت من محطات المحولات الخاصة بالمشروع ومن المقرر أن يحدد الجانبان المصرى والسودانى الموعد النهائى لتشغيل الخط.