رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسباب اشتعال غضب أصحاب المعاشات ضد قانون «التأمينات الموحد»

غضب أصحاب المعاشات
غضب أصحاب المعاشات


بعد سلسلة من التأجيلات أفرجت الحكومة أخيرًا عن قانون التأمينات والمعاشات الجديد، وكشفت عن بنوده، لينطلق في مساره الطبيعي بعد عامين من التسويف نحو الإقرار، وإحالته لمجلس النواب لمناقشته داخل لجنة القوى العاملة وإعداد تقرير بشأنه لعرضه على الجلسة العامة، ومن ثم التصويت النهائي عليه داخل البرلمان. 


ويعد هذا المشروع، أول قانون موحد للتأمينات الاجتماعية والمعاشات في مصر، ولعل أبرز ملامحه هو أنه يفض التشابكات المالية بين الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومي بشكل جذرى ويمنع ظهور تشابكات مالية في المستقبل وإيداع أموال التأمينات طرف وزارة المالية. 


كما ألزم القانون الخزانة العامة بسداد 160.5 مليار جنيه سنويًا للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لمدة 50 عامًا، بزيادة سنوية قيمتها 5.7% مركبة، مقابل تحمُّل الهيئة التزامات الخزانة العامة الحالية والمستقبلة في المعاشات القائمة وزيادة المعاشات السنوية، وشطب المبالغ المستحقة للتأمينات لدى الخزانة العامة وبنك الاستثمار وعوائدها السنوية بإجمالى 696.495 مليار جنيه.


كما وضع التشريع الجديد خطة لرفع سن المعاش لمعالجة العجز المالي والاكتوارى في نظام المعاشات، وتخفيف العبء عن الخزانة العامة، بحيث تكون سن الـ60 للعاملين لدى الغير والعاملين المصريين بالخارج، ثم تزداد لتكون 65 فى أول يوليو 2040 بالتدرُّج.


وحدد القانون الحد الأدنى للمعاش بـ65% من الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأميني بدلًا من المبلغ المحدد الآن بقيمة 900 جنيه، كما أنه وضع حوافز تشجيعية للتأمين على العمالة غير المنتظمة، مثل تحمُّل الخزانة العامة حصة صاحب العمل لهم.


كما ربط القانون الحد الأدنى لـ"المعاش" بالأجور والتضخم ليناسب مستوى المعيشة ووضع آلية جديدة لزيادته بحد أقصى 15%، واشترط القانون توافر مدة 25 سنة فعلية كاشتراك تأميني لاستحقاق المعاش المبكر، ووجود مدة تأمينية تصل إلى 15 سنة للحصول على المعاش عند بلوغ السن حيث تصل في القانون الحالي إلى مدة قدرها 10 سنوات.


وألزم القانون جهات الدولة المختلفة بتوفير البيانات اللازمة عن المواطنين إلكترونيًا دون طلبها من أصحاب الشأن، بعكس القانون الحالي الذي لا يوجد به أي نصوص قانونية تلزم جهات الدولة المختلفة بالربط الإلكتروني مع الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي. 


كما أقر القانون عقوبة لضمان عدم التهرب من دفع التأمينات من قبل أصحاب العمل بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه في حال منع أصحاب الضبطية القضائية من مباشرة عملهم في جمع أموال التأمينات.


وضم مشروع القانون صندوقي التأمينات والمعاشات في صندوق واحد موحد وتتولى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى إدارة صندوق التأمينات الاجتماعية والمعاشات وصندوق استثمار الأموال على أن يكون للهيئة الشخصية الاعتبارية، ويتم إعدادها على نمط الوحدات الاقتصادية، كما يكون لها الاستقلال الفنى والمالى والإداري، وتتبع الوزير المختص بالتأمينات الاجتماعية.


وتلتزم الهيئة بأن تقدم قوائم مالية سنوية وربع سنوية إلى رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب، على أن يتم استثمار نسبة لا تقل عن 75% من احتياطات أموال صندوق الاستثمار في أذون وسندات الخزانة العامة، ويجوز تخفيض النسبة إلى 65% باتفاق الوزير المختص بالتأمينات الاجتماعية ووزير المالية.


وأثارت بنود مشروع القانون عاصفة جدل بين أصحاب المعاشات، خاصة فيما يتعلق بالمواد الخاصة بإدارة أموال المعاشات، إذ يرى البعض أنه يضم مخالفة للدستور، فيما استبعد آخرون خروجه إلى النور. 


وفي هذا السياق، انتقد منير سليمان، نائب رئيس الاتحاد العام المعاشات، مشروع القانون، مشيرا إلى أن الحكومة تحاول من خلاله الالتفاف على مواد الدستور، بهدف السيطرة على أموال المعاشات.


وأضاف «سليمان» لـ«النبأ» أننا كاتحاد حتى الآن لم نضع تصورا نهائيا حول مشروع القانون ولكن بشكل مبدئي لدينا اعتراضات حول تطبيق المواد الخاصة بالدستور، خاصة تلك المرتبطة بأصحاب المعاشات وبخاصة المادة 17 التي تنص على تشكيل هيئة مستقلة خاصة لإدارة أموال المعاشات. 


وتابع: مشروع القانون به مادة تتعلق بتشكيل مجلس لإدارة أموال التأمينات والتي بموجبها تخضع الهيئة لإشراف هيئة التأمينات وهو ما نرفضه لأنها تقتل حق أصحاب المعاشات في التصرف بأموالهم باعتبارهم أصحاب القرار، وهو ما يخالف الدستور.


وأشار «سليمان» إلى أنّ القانون حدد نسب إدارة الأموال، وهو 75% لأذون وسندات بالخزانة العامة للدولة، متسائلا: كيف تحدد الحكومة أسلوب الاستثمار بشكل مسبق؟ 


وتابع: كما أنّ الهيكل الخاص بتشكيل مجلس إدارة هيئة التأمينات لدينا عليه ملاحظات، إذ إنها تنص على أن تتكون من 15 عضوًا بينهم فقط 3 ممثلين لأصحاب المعاشات، يختارهم رئيس مجلس الإدارة ويوافق عليه رئيس مجلس الوزراء، وهو تمثيل ضئيل جدا ولا يضمن تمثيلا حقيقيًا لأصحاب المعاشات ويتجاهل حقهم في اختيار من يعبر عنهم. 


وواصل: نحن بعثنا بخطاب إلى رئيس مجلس الوزراء نطالبه بعرض المسودة علينا، باعتباره أهم القوانين التى تتعلق بمستقبل الملايين من أصحاب المعاشات. 


من ناحيته، استبعد نائب رئيس النقابة العامة للمعاشات إبراهيم أبو العطا، خروج هذا القانون في الوقت الحالي، قائلا: «مشروع القانون ده حباله طويلة عمره أكثر من سنتين بسبب المشكلات التى تدور حوله، ولما يخرج من البرلمان يبقى نتابعه». 


وأوضح أن أبرز العوائق التى ستقف في وجه خروجه للنور هم رجال الأعمال الذي يرفضون رفع نسبة الاشتراكات ومن ثم سيقومون بتعطيله.

 

وأضاف لـ«النبأ» من غير المتوقع أن يتم تطبيق المادة الخاصة بالخروج على المعاش عند 65 عاما مشيرا إلى أن الحكومة تستهدف من وراء هذه المادة تخفيف دولاب العمل في الحكومة. 


وأشار «أبو العطا» إلى أن هذا القانون يخص الموجودين في الخدمة حاليا، وليس أصحاب المعاشات، لأنه يعتمد على تفعيل نسب الاشتراكات بشكل جديد، متابعا: أما أصحاب المعاشات الحالين فأزماتهم لن تُحل. 


بدوره قال الدكتور سامي نجيب، الخبير الاكتواري، إن المادة الخاصة برفع سن المعاش إلى 65 سنة ليست جديدة، قائلا إنها موجودة حاليا وتخص أصحاب الأعمال وكذلك في حالات التأمين الشامل. 


وأكد «نجيب» لـ«النبأ» صعوبة تطبيق هذه المادة على موظفي الحكومة، متسائلا: كيف تشجع الدولة الموظفين على الخروج بمعاشات مبكرة وفي نفس الوقت تقر قانونًا يضم مادة بهذا الشكل، تقتل فرص العمل في دواوين الحكومة.


وأشار إلى أن مشروع هذا القانون لا يشمل أصحاب المعاشات بمفردهم ولكنه يضع إطارًا تنظيميًا لجميع المؤمنين عليهم.