رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تحركات وزير التعليم لقطع أيدي «ميليشيات إليكترونية» تخطط لتسريب الامتحانات

وزير التعليم
وزير التعليم


يبدو أنّ ظاهرة «التسريبات» في امتحانات الثانوية العامة، أصبحت شيئًا معتادًا، فرغم الاستعدادات المكثفة التى تفرضها وزارة التربية والتعليم، إلا أنه منذ اليوم الأول لانطلاق الماراثون الامتحاني تم الكشف عن عدد من المخالفات والتجاوزات وهو ما ظهر في رصد حالات طلابٍ صوروا أسئلة الامتحانات وتداولوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بعد عشر دقائق من بدء الامتحان.


اللافت فى الأمر أن هذه التسريبات ظهرت في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة المتمثلة في وزارة التربية والتعليم الاستعدادات المكثفة لإنهاء سيناريو تسريب امتحانات الثانوية العامة.


وأصدرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني النشرة العامة رقم (1) لسنة 2019 بشأن الاشتراك في أعمال الامتحانات العامة؛ لإحكام الرقابة والسيطرة على أعمال الامتحانات.


ونصت الإجراءات على توجيه الطلاب من خلال لجان النظام والمراقبة بخطورة حيازة الهاتف المحمول حتى لو كان مغلقًا أو أي أجهزة تكنولوجية من شأنها تسهيل عملية الغش أو المساعدة عليه والنص على أن الشروع في طبع، أو نشر، أو إذاعة، أو ترويج أسئلة الامتحانات، أو أجوبتها يُعرض للحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، مع الحرمان من أداء الامتحان، كما أن العمل على طبع، أو نشر، أو إذاعة، أو ترويج أسئلة الامتحانات، أو أجوبتها يُعرض للحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تزيد على سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مائتي ألف جنيه، مع الحرمان من أداء الامتحان طبقًا لأحكام القانون رقم (73) لسنة 2017، الصادر بشأن مكافحة الإخلال بالامتحانات.


كما نصت على زيادة أعداد العصا الإلكترونية المخصصة للكشف عن أجهزة المعادن والهواتف المحمولة بلجان سير الامتحان وخاصة باللجان ذات الكثافات الطلابية المرتفعة، ومراعاة زيادة عدد أعضاء الأمن باللجان خاصةً باللجان التي شهدت توترًا بامتحانات العام السابق.


وأوضحت أنه تم تشكيل فريق لمكافحة الغش الإلكتروني لرصد المواقع والصفحات الإلكترونية التي تستعد للإخلال بأعمال الامتحان؛ حتى يتسنى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال تتبعها وغلق الحساب الإلكتروني الخاص بها قبل موعد انعقاد الامتحانات بفترة كافية، حرصًا على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب.


من جانبه، اعتبر وزير التربية والتعليم، طارق شوقي أن المخالفات التى شهدها سير العملية الامتحانية لا تذكر، مقارنة بحجم العملية الامتحانية التي تضم نحو 650 ألف طالب وطالبة على مستوى الجمهورية.


وأضاف الوزير، أن الأزمة تلخصت في تمكن 4 أو 5 طلاب فقط من الدخول بكاميرات، وصوروا أجزاء من أسئلة الامتحان وتداولوها عبر صفحات التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.


وأبدى الوزير استياءه، من استغلال البعض ممن أتاحت لهم الوزارة الامتحان في لجنة خاصة؛ نظرًا لظروف المرض أو الإعاقة، فى تصوير الامتحان وتداوله؛ نظرًا لأنهم لا يطبق عليهم إجراءات التفتيش مثل باقي الطلاب في اللجان العامة، وقال: «للأسف إن جزءًا من اللي صوروا الامتحان ناس إحنا مقدرين ظروفهم بسبب مرضهم أو إعاقتهم وسمحنا ليهم بالامتحان في لجنة خاصة، ومش بنفتشهم زي باقي الطلاب في اللجان العامة».


وأكد أن الغش من الثقافات السيئة التي تحاول وزارة التربية والتعليم تغييرها وتشكل ظاهرة في المجتمع، مضيفا أن الطالب لو أدرك قيمة التعلم فإنه لن يبحث عن جمع درجات دون حق.


ولفت الوزير إلى أن امتحانات هذا العام لن تشهد أي تسريبات، كما حدث خلال العامين الماضيين منذ تطبيق نظام "البوكليت"؛ لأن جميع أجهزة الدولة تشارك في عملية تأمين الامتحان، وجهات سيادية تشرف على حركة كراسات الامتحانات وفق منظومة معقدة.


وشدد أن أي مدع بتسريب الامتحان، قبل يوم أو يومين من أداء الطلاب له، بمقابل مادي، هو كاذب ومبتز "أي حد يدعي تسريب الامتحان كذاب وبيبتز الناس وبيمارس نصب علني، وأي حد يقول جاله الامتحان وبيطلب فلوس نصاب".


وأثارت هذه المخالفات جدلا كبيرا إذ يرى البعض أنها مخالفات فردية لا تنتقص من جهود وزارة التربية والتعليم، فيما يرى آخرون أن طارق شوقي عليه مسئولية مباشرة تجاه ما يحدث من تسريبات.


وفي هذا السياق، قالت أسماء مجدي، أمين ائتلاف معلمي تمرد، إن التسريبات التى حدثت على مدار اليومين الماضيين في امتحانات الثانوية العامة، لا تتعدى محاولات الغش الفردية التى تسبب فيها قصور بعض المراقبين، وتحايل بعض الطلاب في إدخال أجهزة الهواتف المحمولة خلسة.


وأضافت لـ«النبأ»، أن التجاوزات والمخالفات التى تم رصدها هذا العام أقل بكثير عما كان في السنوات السابقة، خاصة في ظل الاستعدادات والتشديدات التي تفرضها الوزارة قائلة إن هناك بداية مبشرة لإنهاء سيناريو الغش والتسريبات التى طالما لازمت امتحانات الثانوية العامة على مدار العقود الماضية.


وأشارت إلى أن هناك حلولًا تضمن التعامل مع دخول الهواتف المحمولة إلى اللجان منها الاستعانة بأجهزة للتشويش، مضيفة أن الوزارة تطبق على الطلاب مرتكبي المخالفات عقوبات رادعة وسريعة.


بدوره، قال عبد الحفيظ طايل، رئيس مركز «الحق في التعليم»، إن الوزارة لا تعتبر تداول الامتحان على مواقع التواصل الاجتماعي تسريبًا، وهو أمر غير صحيح، مشيرًا إلى أن طارق شوقي يتبنى منهج لوم الضحية ويُلقي بالأزمة على الطلاب والمجتمع ويوصمهم بأنهم «الغشاشين» على الرغم أن هذه الأزمة مسئولية الحكومة وجميع الوزارات المشاركة في تأمين سير الثانوية العامة.


وأضاف «طايل» لـ«النبأ» أن مصر في عام 2008 حينما كان الدكتور يسري الجمل متوليا لوزارة التعليم، شهدت واقعة تسريب امتحانات الثانوية العامة وتوزيعها بسعر لا يتجاوز سعر الطباعة وعندما استدعوه في البرلمان قال إنها ظاهرة تحدث منذ 20 عاما، متابعا أن التسريب في الماضي كان لأبناء الكبار والصفوة في المجتمع ولكنه في الفترة الحالية اتخذ طابعا شعبيا وأصبح متاحًا للجميع بسبب التكنولوجيا ووسائل التواصل.


وأشار «طايل» إلى أن هذه الأزمات جاءت نتيجة لرغبة الوزارة الشديدة في التخلص من الطريقة التقليدية في التعليم، ما أدى إلى عدم تعاملها بجدية مع سير امتحانات الثانوية العامة، مشيرًا إلى أن هناك مشكلة تتركز في أن وزير التربية والتعليم طارق شوقي هو نفسه يتولى رئاسة امتحانات الثانوية العامة، متسائلًا: «مين هياحاسبه وهو سلطته مطلقة».