رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل استعانة الحكومة بأجندة «مبارك» لإدارة «12» أزمة خطيرة

مبارك
مبارك


في خطوة غريبة ومثيرة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة والحاجة لتوفير العملة الصعبة، أعلنت الحكومة المصرية، اللجوء إلى التعاقد مع عدد من الشركات الأجنبية لتولي تنظيم وإدارة عدد من الملفات داخل الوزارات، على طريقة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.


البداية مع إعلان مجلس الوزراء أنه أبرم اتفاقًا مع شركة فرنسية لإدارة الأسواق بمصر، 6 أشهر كمرحلة أولية، لتقليل حلقات التداول وخفض الأسعار بنسبة تتراوح بين 15 و20 % خلال عام 2019.


وقالت الحكومة إنه ستتم الاستعانة بالشركة الفرنسية لتطوير السوق المحلية خلال عام 2019، إضافة إلى أن الشركة تتطلع لإنشاء شراكة مع مصر في إدارة أسواق الجملة.


تجربة الاستعانة بشركات في المجال الاقتصادي لم تكن جديدة؛ ففي ديسمبر 2013، تمت الاستعانة بشركات أجنبية أيضًا، عندما أعلن منير فخرى عبد النور، وزير الصناعة وقتها، أنّ الحكومة استعانت ببيت خبرة أجنبى لوضع تصور شامل عن صناعة الغزل والنسيج وكيفية إصلاحه، الأمر نفسه تكرر فى قضية الحد الأدنى للأجور حيث قال وزير التخطيط أشرف العربى وقتها، إن الحكومة كلفت بيت خبرة أجنبى لوضع تصور حول قضية الأجور وخاصة بعد أن فشلت الحكومة فى وضع حد أدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص، ورغم هذا فإنه لم يحدث تحسن في ملف الغزل والنسيج.


كما أعلنت الحكومة عن التعاقد مع شركة أجنبية أوروبية، لتولي ملف التحول للنظام الإلكتروني بالوزارات وتدريب الموظفين على ذلك، كذلك تدريب الموظفين المقرر نقلهم للعاصمة الإدارية الجديدة، الشركة الأجنبي سوف تتولى أيضا وضع برنامج لتقييم موظفي الدولة، وعمل دورات تربية للموظفين والقيادات في المجال الإلكتروني.


كما أعلنت الحكومة أنها تبحث التعاقد مع شركات أجنبية أوروبية لتنظيم ملف توزيع السلع التموينية وضبط الأسواق، كما سيتم التعاقد مع شركة أجنبية فرنسية أو إنجليزية لتولي بعض الملفات في مجال إسكان.


ومؤخرا، أعنلت الحكومة أن شركة «بريزم إنترناشيونال» الإماراتية وافقت مبدئيا على إدارة وتطوير منطقة الأهرامات لمدة 20 عامًا، حيث اعتبروا تلك الخطوة بداية اتجاه الحكومة نحو خصخصة قطاع الآثار.


وتعود تفاصيل التعاقد مع الشركة الإماراتية، الذي بدأ في 17 يناير 2015، وكانت أطرافه متمثلة في شركة الصوت والضوء، التابعة للقطاع العام، ووزارة الآثار، وشركة بريزم الإماراتية، واتفق المتعاقدون على أن تستثمر الشركة بضخ أموال بقيمة 50 مليون دولار، وهو ما يعادل مليار جنيه مصري مقابل قيام الشركة بتطوير الخدمات بالمنطقة.


وفي بداية 2017 دخلت شركة أوراسكوم المصرية في الصورة، وحدث ما يشبه الاندماج بين الشركتين تحت مسمى أوراسكوم بريزم براميدز، والتي أنشئت بموجب قانون استثمار، ومقرها الجيزة.


ذلك الاندماج كان بسبب أن الحكومة طلبت أن تكون الشركة التي تشرف على تطوير منطقة الهرم مصرية، ومقرها ليس بالخارج، وأن الأجهزة الرقابية المعنية كانت تتابع ذلك التعاقد منذ اللحظة الأولى، وأنه لم يحدث أي شىء يضر البلد، التعاقد مع شركة أوراسكوم بريزم حصل على موافقة المجلس الأعلى للآثار بالرسومات في 20 ديسمبر 2017.


لم يتوقف الأمر عند ذلك المشهد فحسب، حيث جاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2747 لسنة 2017، بتشكيل الجمعية العمومية للشركة القابضة، والتي من ضمن مهامها تطوير الخدمات بالمواقع الأثرية، لتشتعل الأزمة من جديد.


ملف الاستعانة بالشركات الأجنبية اتبعته الحكومات المتتالية على مدار السنوات الأربع الماضية، ونشرت وكالة «أسوشيتيد برس» الأمريكية وثيقة تعاقد مصر مع شركة «ويبر شاندويك»، وأوضحت الوثيقة أن مهمة الشركة تتمثل في ترويج الشراكات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وتسليط الضوء على التنمية الاقتصادية التي حققتها مصر، ودور مصر الرائد في إدارة الأزمات الإقليمية، مقابل حصول الشركة على 1.2 مليون دولار تدفع سنويًا، على شكل دفعات ربع سنوية، إضافة إلى مصاريف أخرى قد تطلبها الشركة.


وأضافت «أسوشيتد برس» أن التعاقد الأخير لم يكن أول مرة تتعاقد فيها القاهرة مع هذا النوع من الشركات، مشيرة إلى أن «العديد من العقود المماثلة تم إبرامها من قبل هيئات حكومية، ولكنها كانت تتمثل في وزارات أو هيئات مختصة بأنشطة تجارية أو سياحية أو قطاعات أعمال»، مشيرة إلى أن الكشف عن التعاقدات يأتي في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للتقارب مع مصر، وانتهاج «اقتراب أكثر مرونة» مع القاهرة، وأفاد الموقع الرسمي لوزارة العدل الأمريكية بأن التعاقد تم مع شركتي "كاسيدي أسوشيتس" و"Weber Shandwick and Cassidy & Associates Inc" بهدف تنظيم حملات سياسية وعلاقات عامة بما في ذلك إصدار البيانات الصحفية وإجراء اللقاءات مع المؤثرين في صنع السياسة والقرار على مستوى التشريع والتنفيذ وترتيب إجراء المقابلات الإعلامية في التلفزيون والصحافة والتواصل مع اللوبيات المؤثرة.


وفى أغسطس عام 2014 استقر مجلس الوزراء على شركة أمريكية للقيام بحملة علاقات عامة دولية تهدف لتصحيح الصورة الذهنية عن مصر وتنشيط حركة السياحة مرة أخرى، ووفقًا للمعلومات فإن لجوء مصر لشركات علاقات عامة أمريكية يرجع في الأساس إلي أن التصنيف الدولى لمصر فى كثير من الجداول متأخر، ولذلك نسعى إلى تحسين صورة مصر تدريجيا، فتحويل الصفر إلى 100% مرة واحدة لن يحدث فى يوم وليلة". وبالتالي تمت مراجعة كافة الشركات المتعارف فيها في مجال الدعاية والإعلان الأوروبية، وأنه تم اختيار الشركات الأمريكية؛ لكونها الأفضل مهارة وخبرة في هذا المجال.


وكان لمصر العديد من التجارب في الاستعانة بشركات علاقات عامة أجنبية للترويج لها، ففى 2013 أعلنت وزارة الخارجية التعاقد مع شركة علاقات عامة أمريكية مشهورة اسمها «جلوفر بارك» بهدف تحسين صورتها أمام مراكز صنع القرار فى واشنطن.وقتها أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا، قالت فيه إن «الحكومة المصرية قامت بالتعاقد مع شركة جلوفر بارك جروب التى تعد واحدة من الشركات الأمريكية المعروفة فى مجال العلاقات العامة وتتمتع بسمعة ونفوذ كبيرين مع مراكز صنع القرار بالولايات المتحدة».


ملف الاستعانة بشركات أجنبية، وفقًا لتأكيدات المصادر داخل مجلس النواب، سيكون هو التوجه العام لدى الحكومة خلال الفترة المقبلة؛ لمواجهة الخسائر المادية الكبيرة في عدد من الوزارات والهيئات الحكومية، وأن هناك توجهًا من الحكومة للاستعانة بشركات أجنبية لإدارة المترو، والسكك الحديد، وماسبيرو، وقطاع الطيران المدني، في ظل الخسائر التي تواجه تلك القطاعات.


ووفقًا للتقارير، فإنّ ديون هيئة اتحاد الإذاعة والتلفزيون ”ماسبيرو“ وصلت 30 مليار جنيه، كما أن قطاع مترو الأنفاق، يتكبد خسائر سنوية 200 مليون جنيه فضلًا عن الديون المتراكمة علي المترو لدى عدد من الوزارات والشركات والتي وصلت إلى 500 مليون جنيه.


وكان عدد من نواب البرلمان قد تقدموا بمقترح قانون يطالب بإسناد قطاع المترو لشركة أجنبية، وأعلن النائب عمرو الجوهري، وكيل اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، إعداد ثلاثة مقترحات بإسناد قطاعات مهمة وحيوية في مقدمتها شركة مترو الأنفاق، وشركة مصر للطيران، واتحاد الإذاعة والتليفزيون ”ماسبيرو“ لشركات أجنبية لإدارتها، بعدما أصبحت تحقق خسائر مادية فادحة.


وقال الجوهري، إن اقتراحاته جاءت بسبب الخسائر المادية الفادحة لهذه القطاعات على مدار سنوات عديدة، وإن الإدارات الثلاث لم تستطع استغلال الإمكانيات المتواجدة في كل قطاع، فيما ستكون لدى الشركات الأجنبية حلول لإعادة كل قطاع إلى سابق عهده.


وأوضح أنه لا يمكن السكوت على إهدار المال العام بهذا الشكل، لافتًا إلى أن هيئة اتحاد الإذاعة والتلفزيون تكبدت خسائر في العام الماضي وصلت 4 مليارات و611 مليون جنيه، وأن إجمالي الخسائر بلغ 32 مليار جنيه.


ومن جانبها قالت النائبة نادية هنري، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، إنه تجب دراسة تلك الاقتراحات، نتيجة للخسائر التي يحققها قطاع ماسبيرو وباقي القطاعات، مضيفة أن نجاج أي منظومة يكمن في إسنادها لإدارة تستطيع تحقيق ذلك، وأن ذلك مطلب رئيس للنواب في البرلمان.


في السياق ذاته فقط أكد الدكتور محمد عبد العال، أستاذ العلاقات الدولية، أن عدد الخبراء الأجانب فى مصر وصل إلى ما يقرب من 40 ألف خبير، يعملون فى مختلف القطاعات، الحكومية وقطاع الأعمال والقطاع الخاص ويعمل بالجهاز الإدارى للدولة نحو 192 مستشارًا، منهم 100 أجانب، و92 مصريًا، ويتقاضون نحو 9. 5 مليون جنيه شهريًا.


ويعد قطاع البترول من أكثر القطاعات فى مصر والتى تعتمد بشكل أساسى على الاستعانة بالخبراء الأجانب فى مجال التنقيب، والاستكشافات البترولية فى الصحراء، يليه قطاع الطب.


وعلى الرغم من وجود الخبرات والكفاءات فى مصر مازلنا نستعين بالخبراء فى مجالات التنقيب عن الآثار للكشف عن تاريخ بلادنا، وتلك البعثات لم تكتف بالتنقيب فقط، بل قاموا على مدار السنوات الطويلة الماضية بنهب الكثير من القطع الأثرية النادرة، وتهريبها إلى الخارج، لتمتلئ متاحفهم بها.


وفى العام الماضى قررت مصر التعاقد مع شركة «اس. جى. اس» السويسرية لفحص القمح المستورد قبل شحنة، وبذلك تحل الشركة محل لجنة الحجر الزراعى، التى تولت تلك المهمة لسنوات سابقة. ولديها خبرة تتعدى 50 عامًا فى اعتماد المنتجات الزراعية التى تدخل البلاد.


وذكر الدكتور «عبد العال» أن عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، كان الأكثر في الاستعانة بشركات أجنبية خاصة من جنسيات أمريكية وإنجليزية ويابانية وفرنسية، حيث بلغ عدد تلك الشركات ما يقرب من 500 شركة، كانت الأكثر عملًا في قطاع السكك الحديدية والآثار، ونفس الأمر حدث في عهد حكم الرئيس المعزول محمد مرسي حيث استعان الإخوان بشركات أجنبية للعمل في الحكومة وخاصة من تركيا.