رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

المكفوفون العاملون في مركز بـ«التضامن الاجتماعي».. ذل وفقر ومرض وديون (صور)

محررة النبأ داخل
محررة النبأ داخل المركز


المركز النموذجي لرعاية وتوجيه المكفوفين وتحفيظ القرآن في مبرة مصطفى كامل بالقلعة بحى الخليفة، والتابع لوزارة التضامن الاجتماعى تعليم الصناعات اليدوية والتعليم المنزلي، يوجد به 13 شخصا، منهم ثلاثة مدربين، و10 متدربين، يطلق عليهم (طلبة، حالات)، ويستمر تدريبهم لعشرات السنين. 

ومن المفترض أن يتم تدريب المتدربين بالمركز على صناعات وحرف مختلفة منها صناعة "الدواسات الخيش"، وفرش البلاط، وكذلك قراءة القرآن الكريم وحفظه على طريقة «برايل»، بالإضافة إلى تعلم الموسيقى، ولكن تغيير الإدارة على مدار السنوات أثّر بشكل كبير على العملية التدريبية داخل المركز حتى وصل به الحال، ليقتصر على صناعة "الليف اليدوية" فقط.

داخل مبرة مصطفى كامل المشهرة برقم (552)، يوجد حضانة، نادي مسنين، نادي طفل، نادٍ نسائي، مركز الصم وضعاف السمع، مكتبة عامة،  مشغل، عيادات طبية، صالات جيمانزيوم، بلياردوا، قاعات أفراح ألف ليلة وليلة شهرزاد، هكذا دوّن على اللوحة التعريفية (اليافطة) للجمعية، ولكن بمجرد الدخول من الباب الرئيسي لها، عليك أن تنحدر يسارا، وتسير بطريق لا يتسع عرضه للمتر، حتى تصل لمسجد بنهايته، ثم مساحة واسعة (إلى حد ما) أمام حجرتين، خصصتا لتعليم وتوجيه المكفوفين منذ عشرات السنين، إحداهما لمدرب الوحدة المتخصص في تدريب الحالات، والأخرى للمتدربين، يفترض أن تحوي بداخلها مقاعد وأدوات للتدريب. 

ولكن في الحقيقة، هي لا تحتوي سوى على دولاب، ومنضدة عليها الليف (الخيش)، وآداة النول (هي عبارة عن شكل خشبي على هيئة مستطيل، يخرج منه العديد من المسامير)، وعدد لا يزيد عن خمس كراس خشبية، وأريكة.

انتقلت «النبأ»، إلى الجمعية لتكشف عن قرب ما يعاني منه المكفوفون، من تدريبهم بالمركز النموذجي، وعند رؤية غرفة المدرب، وهي تحتوي على مكتب، وشاشة تليفزيونية، ودولاب يحوي المصحف الكريم ومدون بطريقة برايل وكذلك كتب موسيقية دونت بذات الطريقة، وفوق الدولاب أدوات موسيقية لا تعمل لإهمال ذلك النشاط منذ سنوات، وبجوار الغرفة منضدة عليها "دواسات ليفية صنعت من الخيش"، وواضح على هيئتها أنه مر على صنعها الكثير من الوقت، لما يظهر عليها من آثار أتربة تنتج من الركنة.

يقول أحد المتدربين، يبدأ دوامنا اليومي في الجمعية من الساعة التاسعة والنصف صباحا حتى الثانية ظهرا، نعمل خلال تلك الساعات على صناعة (الدواسات الليفية)، "المفروض المركز النموذجي بيرسل مقايسة وزنها حوالي 97 كيلو من الليف كل ستة أشهر، نصنعها ويستلمها "قصر النور" التابع للمركز النموذجي لعرضها في معارض مدينة نصر، ويحاسبونا على الشغل ويجيبولنا مقايسة غيرها.

واستكمل: من سنتين ما جابولناش أي مقايسة، وما استلموش مننا الشغل، وبيقولوا الشغل بايظ، ودا بسبب خامة الليف نفسها لأنها رديئة، بتفرك في إيدينا ويتقطع، "هاتلي ليف بخامة كويسة، تستلم شغل حلو"، الدواسة الواحدة ممكن نشتغل عليها ثلاثة أيام، وممكن تاخد أسبوع في تشطيبها، لأن الليف بيكون مليان تراب، وبيتعب نفسنا، وفي حساب الشغل واقعة علينا بجنيه ونص بس، قالوا هيوصلوها لثلاثة جنيه، بس من وقتها ما استلموش مننا الشغل أساسا، وتخيل أننا لو بنشتغل لكل واحد فينا كل شهر 8 دواسات هيكون مكسبنا 12 جنيها بس، بحسبة جنيه ونص، أو 24 جنيها لو كانت مشيت بـ 3 جنيه، والمركز بيبيعها بـ 12 جنيها لرداءة الليف المستخدم في صناعتها بعد ما كانت تجيب 50 جنيها". 

وتابع: "بنعمل حسابنا بملابس غير دي نشتغل بيها على صناعة الدواسات، لأنها بتبوظ هدومنا، واللي عنده مشاكل في الجيوب الأنفية ما بيقدرش يشتغل فيها كتير، الشغل بيجيلنا على هيئة خطوط من الليف، نبدأ عمل الدواسات بلف حبال الليف على شكل كرة ثم عمل واحدة أخرى وهكذا، ونأخذ من الأولى حرف من حبل طويل وآخر قصير ونضعها أول مسمار على اليسار فى النول، ويمكن أن يستغرق الطالب شهرا لتعلم تلك الصنعة، نبذل وقتا وجهدا وتعبا، على مبلغ لا يذكر، الراتب الثابث 750 جنيها فقط، جميعنا نسكن بالإيجار الذي لا يقل عن ال 500 جنيه، فكلنا متزوجون ولدينا أسر نرعاها، ويشترط علينا عدم العمل في مكان آخر، لذلك لا يوجد مصدر للرزق لنا غير ذلك".

ويقول محمد، "بقالي سنة مدرب صناعات بعد 12 عاما تدريب، كان يوجد صناعات نجف، أحذية، مشابك، ودواسات وفرش البلاط الخشبية، فلم تكن "صناعة الدواسات الليفية فرض علينا بل كانت خيارا من اختيارت عدة يمكن العمل على أحدهم، وكنا بنطلب من الإدارة سابقا ما نود العمل عليه. 

وأضاف: عاصرنا ثلاث إدارات إلى الآن، كانت الأولى بقيادة مصطفى كماب هي الأفضل على الإطلاق، حيث كان متفهما لمتطلباتنا، على عكس الإدارة الحالية بقيادة عز الدين أحمد فرغلي، رئيس مجلس جمعية المبرات، الذي لا يهتم لأمرنا، حتى وصل الحال أنهم قطعوا علينا الكهرباء منذ 3 مارس الماضي، ومع شدة الحرارة ودخول شهر رمضان لا نعلم كيف نستطيع أن نعمل بورديتنا اليومية بشكل طبيعي، وتساعده على عدم الالتفات لنا أمينة الصندوق هدى على متولي الانشاصي.

ويستكمل: منذ أن التحقنا بمكتب وحدة الخليفة التابع للمنزل النموذجي لرعاية وتوجيه المكفوفين بداخل مبرة مصطفى كامل بالقلعة، التابع لوزارة التضامن، ونحن تهيأنا على هذا المكان، ليس فقط لكونه حكوميا وأثريا، بل لأنه قريب أيضا من مساكننا، فلن نقدر على مواصلات تبعد عن ذلك مع قلة المال، وهذا الوضع لم تقبله الإدارة، بحجة أنهم سيبنون لنا غرفتين بديلتين بالناحية الخلفية من الجمعية، حتى يستطيعوا أن يزيدوا من مساحة ملعب كرة القدم المجاور لنا لنا، ولكن لأن المكان أثري، ليس من حقهم البناء فيه، وهذا يعني أننا إن قبلنا بذلك الكلام لن نجد مأوى لنا إلا بنواحي جسر السويس أي بمقر المركز ما يصعب علينا لتكلفة المواصلات وبعد المسافة وظروفنا الخاصة والمادية، وابنتى تاخذ علاج مخ واعصاب ومديون ب 10 الاف جنيه".

واستطرد: "ذات يوم أتى رئيس مجلس جمعية المبرات، عز الدين، وهدى علي متولي الانشاصي، أمينة الصندوق، لحضور حفلة تكريم خاص بكرة القدم، وحضره عدد من النواب، ولأننا حافظين الطريق من الباب للغرفتين (محل عملنا)، ولم نعتد إقامة حفلات أمامهم، اصطدمنا بصوان الحفل، حتى أصيب أحدنا في قدمه نتيجة خبطته في خشب الفراشة، ولم يكتفوا بقطع الكهرباء علينا، بل أيضا وضعوا أقفال على الحمامات، وذهبنا لقسم شرطة الخليفة، وأمر أحد الضباط، إدارة المبرة بإزالة الأقفال وبعدها أغلقوها مره أخرى.

وقال أيضًا: كما أعدنا الكهرباء ثم قطعوها عنا مرة أخرى، لأنه يوجد بالمبرة مسجد وكافيتريا وقاعة أفراح وملاعب وحضانة، بهم جميعا كهرباء إلا غرفتي المكفوفين، حاولنا أخذ وصلة ولكنهم قطعوها عنا بحجة "حتى لا يحرروا محضر غرامة لنا"، وحجتهم في هدم الغرف أن عليهم أمر إزالة منذ ما يقرب من ال 25 سنة كما سبق وذكرت لنا أمينة الصندوق لكي تقنعنا بترك المكان، مع أنه لا يأتي أمر إزالة بالطابق الأرضي".

أما حسام حسن فراج، كفيف، قال يوجد بالمركز مجلد به 5 أجزاء قرآن كما يوجد عود مستهلك وطبلة، نتمنى دخلنا يزيد ولا نريدهم أن يأخذوا المكان عنوة، لأنه فاتح بيوتنا رغم ضيق الحال، وقاطعه شخص آخر من المتدربين موضحا أن المطبعة الموجودة في قصر النور، والمركز النموذجي هي أول من طبعت مصحف برايل، وهي المطبعة الخاصة بأمينة الصندوق هدى علي، ولكن تم غلقها، ولم يعد هناك من يطبع المصحف، قصصا، روايات، كتبا أدبية، بالبرايل، كما كان يحدث قبل غلق المطبعة.

وأوضح أمين عبدالباقى، متدرب كفيف، أن زوجته كفيفة مثله وأنه يدفع إيجارا لشقته 500 جنيه، وأنه اعتاد التدريب والعمل بمقر المبرة كما هو، "لأننا أخذناه منحة من وزارة التضامن منذ حوالى 25 سنة كي نعمل بها ونعيش منها ونصرف على أسرنا على الرغم من أننا نتقاضى منح ضعيفة جدا وهى 750 جنيها، لكل شخص متدرب و639 جنيها للمدرب، ولو هدموا المكان هيكون وقتها قطع عيشنا لأننا لن نستطيع أن نذهب لمكان بعيد للعمل بالمركز ونحن نعول أسرًا ونسكن بالإيجار".

وتضم قائمة أسماء المدربين والمتدربين بالمركز وأصحاب الشكوى: المدربون محمد عصام حسين، على محمد محمد حجازى، أما المتدربون "علاء ثابت محمد، حسام حسن فراج، أمين عبدالباقى أحمد، يوسف حسين محمود، محمد عبدالفتاح محمد، عبدالله عادل، محمود عادل محمود، مصطفى محمد على، محمد عثمان أحمد، عاطف توفيق محمود، أيمن محى الدين درديرى".