رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لوح الزجاج.. والاختزال المخل جدًا!!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

كنت موجودا حينما افتتح الرئيس الكوبرى صباحا، وشاهدت الممشى الزجاجى، ولم أكن أعرف شيئا عن الزجاج المكسور، وبحثت عن أصل الموضوع فوجدت الصديق هانى يونس المستشار الإعلامى لرئيس الوزراء، قد كتب على صفحته على فيسبوك: «أنه تواصل مع مهندسى المقاولين العرب، الذين أكدوا له أن الصورة المتداولة قديمة، وكانت وقت تجريب تركيب الزجاج، ومن الطبيعى أن يحدث ذلك، وأنه تم إجراء اختبارات السلامة والأمان على الكوبرى الحديد، ومن الممكن حدوث نسبة هالك فى الزجاج أثناء التركيب».
هذه هى حكاية لوح الزجاج المكسور، الذى جعلت الدكتور الجامعى لا يرى غيرها فى المحور الجديد بأكمله.
الرجل ليس فردا لكنه نموذج لعيِّنة لم تعد قليلة فى المجتمع، قررت أن تكون نظرتها للحياة سوداوية فى كل شىء.
سوف نفترض أن هناك لوح زجاج مكسورا فعلا، وبعد الافتتاح وليس قبله، فهل هذ يسىء للمشروع؟!! وسنفترض أكثر أنه لا يوجد ممشى زجاجى من الأساس، فهل الهدف من المشروع، هو الممشى أم عبور الناس بسياراتهم وتوفير وقتهم وأموالهم؟!
محور روض الفرج هو جزء من محور أكبر هو الزعفرانة ــ مطروح ومحور الضبعة، الذى عمليا يستكمل الربط بين البحرين الأبيض والمتوسط.
المواطن الذى سيأتى من البحر الأحمر عبر العين السخنة وكوبرى الفنجرى، ثم حدائق القبة، فشبرا عند روض الفرج سيعبر النيل عبر هذا الكوبرى إلى الوراق بموازاة محور 26 يوليو، ومنها يمينا إلى طريق مصر الإسكندرية الصحرواى، أو يكمل مباشرة إلى الساحل الشمالى عبر طريق الضبعة والعلمين.
اذا كل سكان شرق وشمال القاهرة، لن يكونوا مضطرين لدخول شوارع القاهرة الكبرى، ولن يكونوا مضطرين لاستخدام محور ٢٦ يوليو، وبالتالى، سيقل الضغط على هذا المحور، مما يريح كثيرا المتجهين من وإلى مدينتى زايد و٦ أكتوبر.
الكوبرى الجديد الذى تم افتتاحه يوم الأربعاء الماضى، وصار يحمل اسم «تحيا مصر»، هو أعرض كوبرى ملجم فى العالم بإجمالى عرض ٦٧٫٣٦ متر أو ٢٢١ قدما، واشترك فى بنائه أربعة آلاف مهندس وعامل وفنى خلال ٤ سنوات، وتم إنشاؤه من خلال مليون متر مكعب من الخرسانة و٢٩٠ ألف طن من الحديد.
أعود إلى الاستاذ الجامعى الذى بدأت به الحديث لأسأل مرة أخرى: كيف وصل قطاع من المجتمع إلى هذه الحالة التى تجعلهم يختزلون كل هذا الجهد والإنجاز القومى الحقيقى فى لوح زجاجى مكسور خلال التجارب، وينهالون على كامل المشروع بالتريقة والسخرية، علما أن المحور الجديد سيستفيد منه المؤيد للحكومة والمعارض لها؟!!
قلت وأكرر كثيرا، إنه من حق أى شخص أن يختلف مع الحكومة والنظام فى العديد من السياسات والمشروعات، لكن أن يختزل كل شىء فى أبيض أو أسود فقط، فتلك مشكلة كبيرة.
ما الذى يمنع هؤلاء المعارضون من أن ينتقدوا الحكومة، كما يشاءون فى العديد من المشروعات والسياسات التى تستحق الانتقاد، وهى كثيرة بالمناسبة، وفى المقابل يشيدون بالإنجازات الحقيقية، مثل هذا المحور الجديد وغيره من الطرق، أو مبادرة ١٠٠ مليون صحة؟!
كل التحية والتقدير لمن ساهم فى إنشاء هذا المحور الحيوى المهم، ونتمنى المزيد من هذه المشروعات التى تسهّل حياة الناس، آملين فى الوصول إلى حالة من التوافق المجتمعى. لكن وإذا كنا قد انتقدنا طريقة تعامل بعض المعارضين مع هذا المشروع، فالسؤال الجوهرى الذى ينبغى أن يشغل بال الحكومة وأجهزتها هو: ما الذى أوصل بعض الناس إلى أن يكونوا سوداويين لهذه الدرجة.. هل العيب فيهم فقط أم أن غيوما فى المناخ العام تشجِّع على ذلك؟!

نقلا عن "الشروق"