رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الاتصالات السرية بين الإخوان وعملائها بـ«CIA» لإجهاض سيناريو «حصار الجماعة» دوليًا

أعلام الإخوان
أعلام الإخوان


أثار إعلان البيت الأبيض الخاص بالعمل على تصنيف الإخوان «منظمة إرهابية» الجدل؛ لاسيما أنها ليست المرة الأولى التى يتم الإعلان فيها عن هذا الأمر منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسدة الحكم.


وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عن أن إدارة «ترامب» تدفع نحو إصدار أمر من شأنه أن يصنف الإخوان منظمة إرهابية أجنبية، ما يعنى فرض العقوبات الأمريكية ضدها.


وأوضحت الصحيفة على موقعها الإلكتروني، أن البيت الأبيض أصدر تعليماته لمسئولي الأمن القومي والدبلوماسيين لإيجاد سبيل لفرض عقوبات على الإخوان في أوائل أبريل الجاري، ويفرض مثل هذا التصنيف عقوبات اقتصادية وحظر سفر واسعة النطاق على الشركات والأفراد الذين على صلة بالجماعة.


وكشفت الصحيفة عن أن خطوة ترامب جاءت في أعقاب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى الأخيرة لأمريكا، وفي اجتماع مغلق لم يشارك فيه الصحفيون، حيث حث السيسى نظيره الأمريكي على اتخاذ هذه الخطوة والانضمام إلى مصر في تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، ورد الرئيس الأمريكي بالإيجاب، قائلًا إن ذلك سيكون منطقيًا.


لكنَّ المسئولين قالوا إن الاقتراح أثار جدلًا حادًا داخل الإدارة الأمريكية، وقال المسئولون إن جون بولتون، مستشار الأمن القومي، ومايك بومبو، وزير الخارجية، يدعمان الفكرة. لكنَّ البنتاجون وموظفي الأمن القومي والمحامين الحكوميين والمسئولين الدبلوماسيين عبَّروا عن اعتراضات قانونية وسياسية.


وجادل المسئولون بأن معايير تسمية منظمة إرهابية ليست مناسبة للإخوان، وهي هيئة متواجدة في بلدان مختلفة تستخدم هذا اللقب، فضلًا عن أن العديد من الأحزاب في أماكن مثل تونس والأردن تعتبر نفسها جماعة الإخوان المسلمين أو تربطها بها صلات، ولكنها تتجنب التطرف العنيف.


وقال مسئولون، إن من بين الأفكار البديلة والمثارة داخل البيت الأبيض، هي محاولة تحديد واستهداف أي جماعة مرتبطة بالإرهاب تربطها صلات بالإخوان لم تُصنف حتى الآن، أو قصر التصنيف على فرع الجماعة في مصر فقط.


التداعيات على الجماعة

وقالت «نيويورك تايمز» إنّ هذا التصنيف يفرض عقوبات اقتصادية وتقييد حرية انتقال على الشركات والأفراد التي يثبت صلتهم بالإخوان.


وحال إعلان الجماعة كتنظيم إرهابي، سيكون التأثير على مستويين، الأول، على الإدارة الأمريكية من الداخل، من حيث الإجراءات التي ستتخذها تباعًا لتفرض حصار على الجماعة المصنفة إرهابية في مصر، والمستوى الثاني، سيحدث تأثيرًا في مجالات التعاون مع الدول التي تأوي الإخوان، وتتعامل معها مثل السودان والأردن والمغرب وقطر وتركيا.

  

وفي حال تصنيف الكونجرس ومجلس الشيوخ الجماعة كتنظيم إرهابي، ستبدأ واشنطن توجيه تحذيرات محلية ودولية بمنع التعامل مع المنظمة المذكورة، مثلما فعلت مع  «الحرس الثوري» الإيرانى.


وتتحرك وزارة الخزانة الأمريكية لوضع أبرز الشخصيات والقيادات في التنظيم على قوائم الإرهاب، وتطالب الدول بملاحقتهم وعدم التعامل معهم.


وفي حال أصدرت الولايات المتحدة قرارا باعتبار الإخوان إرهابية، وأرفقته بعقوبات واضحة، سيجبر ذلك الدول الحلفاء على طرد عناصرها خارج أرضها، إرضاءً لواشنطن، وتجنبًا لغضب إدارة ترامب.


ولكن على الجانب الآخر، يمكن ألا يكون للقرار أي تأثير، إذا اختارت إدارة ترامب أن يكون مجرد تسمية، ولا يصحبه أي عقوبات إضافية، وإدراج بعض الشخصيات في قوائم الإرهاب، ومنع المجتمع الدولي من التعامل معها، فحين إذٍ سينتهي الأمر عند صيحات استهجان دولية، كأنك أطلقت رصاصة "فشنك" أرهبت من حولك وحسب، وذلك وفقًا لإيرينا تسوكرمان، الباحثة الأمريكية في الشئون الأمنية.


وأضافت الباحثة في الشئون الأمنية، أنه باستثناء بعض الخلايا والقيادات المرتبطة بشكل وثيق بالإخوان وعلى علاقة وثيقة أيضًا بتركيا وقطر، لكان من المستحيل تقريبًا إدانة الجماعة قانونيًا.


وترى إيرينا تسوكرمان، أن قطر –إذا ما أعلنت أمريكا قرار حظر الجماعة-، ستراوغ بكل بساطة، وتنفي من خلال منصاتها الإعلامية، ومن خلال خطابات رسمية أي صلة لها بالإخوان.


ثغرة طالبان

ويقول بعض الخبراء، إن هناك احتمالية أنه حال صدور القرار، ستتلاعب قطر وتركيا به، ويلتفان حوله بطرق ملتوية، قد تجعل وضع الجماعة مثل حركة طالبان، مصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته يوجد لها مكاتب عاملة في قطر حليفة واشنطن.


لكن طارق فهمي، الخبير في مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية،  أكد أن حالة الإخوان مختلفة عما حدث مع طالبان، خاصة إذا نجحت الإدارة الأمريكية، في إبلاغ الوكالات المعنية بالمتابعة والملاحقة لقوائم الأسماء، وبناء عليه لن تستطيع قطر المراوغة.


وقال إن قطر يمكن أن يصل بها الحال لإصدار مذكرات لمطاردة الشخصيات التي يمكن أن تدرجها الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب في الداخل والخارج، وبالتالي الإجراء سيترجم إلى إجراءات محددة وواضحة لن تستطيع الدوحة المراوغة منها.


ولفت أيضًا إلى أن قطر ستتخلى عن عناصر الجماعة بسهولة، لكن ربما ترحل بعضهم إلى تركيا، أو تبحث عن أماكن بديلة لهم، لإخراجهم من البلد، والتوجه إلى أماكن هادئة لا مشاكل بها، مثل ماليزيا والسودان والجزائر والمغرب.


مؤيدون ومعارضون

وتحول هذا القرار الأمريكي إلى صراع بين الدول المؤيدة والمعارضة له، وتدفع كل من مصر والإمارات العربية المتحدة والسعودية وإسرائيل في اتجاه تصنيف الإخوان منظمة إرهابية، فيما تعارض كل من قطر وتركيا، ومعهما إيران وضع الجماعة على قوائم الإرهاب الأمريكية.


يخدم داعش واليمين المتطرف

ويرى مراقبون أن ضم الإخوان إلى قائمة الجماعات الإرهابية يؤدي إلى تعقيد علاقة واشنطن بتركيا، حليفتها في حلف الناتو، حيث يرتبط الإخوان المسلمين بصلات مع حزب العدالة والتنمية التركي، الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب إردوغان. وكان الكثير من أعضاء الجماعة قد فروا إلى تركيا بعد حظرها في مصر.


إيران تدخل على الخط

وأكد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف رفض بلاده مساعي الولايات المتحدة الأمريكية تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.


معوقات وعقبات

من جانبه أكد طارق أبو السعد، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أن هناك بعض المعوقات التي قد يواجهها «ترامب» قبل اتخاذ قراره بتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، مشيرا إلى أن هناك تيارًا داخل الكونجرس الأمريكي يؤكد الإسلام السياسي ويدعمه في واشنطن.


وقال إن الجناح المؤيد لتيار الإسلام السياسي ويدعم الإخوان مازال متمكنا ومسيطرًا في واشنطن ولن يسمح بتمرير هذا قرار الذي يعتزم ترامب اتخاذه ضد التنظيم.


ولفت إلى أن جماعة الإخوان لديها اتصالات مع وزارة الخارجية الأمريكية، وكذلك جهاز CIA، ولكن على الجانب الآخر فإنّ الرئاسة الأمريكية والبنتاجون ضد مشروع الإسلام السياسي، وبالتالي سيكون هناك صراع بين الجهتين حول تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابى.


خيارات الجماعة

وقال عمرو دراج، القيادي في الجماعة، إن أي دعوى قضائية تنتهي بهزيمة ترامب، وقال: «قد يكون التصنيف سيئًا للشرق الأوسط، لكنه سيكون انتصارًا كبيرًا للإخوان المسلمين ونصًا واضحًا من إحدى المحاكم بأن الإخوان ليسوا جماعة إرهابية».


ضربة قوية

يقول الشيخ نبيل نعيم القيادي السابق في تنظيم الجهاد الإسلامي، إن المخابرات الأمريكية ترفض تصنيف الإخوان جماعة إرهابية لأن هناك تعاونًا بينها وبين الجماعة في عدد من دول العالم، وخاصة الدول التي تشهد قلاقل مثل سوريا وليبيا، وبالتالي تصنيف الإخوان جماعة إرهابية سيحرم المخابرات الأمريكية من التعاون مع جماعة مهمة تمدهم بمعلومات لا يستطيعون الحصول عليها، لكن في حال تم تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية في أمريكا، فإن ذلك يكون بسبب فشل استخدام الإخوان من جانب المخابرات الأمريكية.


وأشار إلى أن ترامب مضطر لاتخاذ هذا القرار حتى لا يعادي الأنظمة العربية والشعوب العربية، لاسيما بعد فشل الإخوان في تنفيذ مخطط الإدارة الأمريكية في المنطقة.


وأضاف «نعيم»، أن تصنيف الإخوان منظمة إرهابية داخل أمريكا سيكون ضربة قوية للسياسات القطرية والتركية في الشرق الأوسط،  لكن هذا القرار في حال صدوره لن يكون له أي تأثير على وضع الجماعة داخل مصر، لأن الدولة تتعامل معها كمنظمة إرهابية بالفعل، ولكنه سيرفع الضغوط الخارجية والحرج عن الحكومة المصرية، لتقوم باعتقال المزيد من أعضاء الجماعة ومصادرة أموالهم  وتنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم، وسيعمل على إضعاف الإخوان وتحجيم دورهم في الدول التي يشاركون فيها في الحكم مثل المغرب والأردن وتونس.


ولفت إلى أنّ الحديث عن أن هذا القرار يصب في صالح التنظيمات الإرهابية وسيؤدي إلى تقويض الديمقراطية في العالم العربي غير صحيح، لأن كل الجماعات الإرهابية خرجت من رحم الإخوان، وهذا الكلام الهدف منه هو استعطاف أمريكا، حتى لا تضعهم على قوائم الإرهاب.


وأكد «نعيم» أنّ الرئيس الأمريكي اتصل بالمشير خليفة حفتر، لأنه يتعامل مع الإخوان في ليبيا خارج القانون، حيث يقوم بقتلهم بدون محاكمة أو اعتبار لحقوق الإنسان، مطالبا القادة العرب بالتعامل مع الجماعة مثل حفتر، مشيرا إلى أن هذا القرار لو صدر لن يكون له تأثير كبير على أرض الواقع، مثلما حدث مع حزب الله وحماس ومنظمة التحرير الفلسطينية التي كانت مصنفة منظمة إرهابية في أمريكا؛ لأن الممول هو الذي يتحكم في هذه الجماعات، وليس الذي يصدر القرارات، مستبعدا أن تقوم بريطانيا بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية بسبب استثمارات الجماعة التي تبلغ أكثر من 40 مليار جنيه إسترليني في بريطانيا، متوقعا أن تنجح كل من تركيا وقطر في وقف هذا القرار، بسبب علاقتهما الكبيرة بالمخابرات الأمريكية.