رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«كارثة».. شركة يابانية تجرى عمليات صيانة وهمية لـ«عربات المترو»

مترو الأنفاق - أرشيفية
مترو الأنفاق - أرشيفية


يُعد الفساد من أخطر أسباب تدمير خطط التنمية التي تقوم بها الدولة؛ فهو كالسرطان الذي يدمر كل خلايا الجسم، ويجب الضرب بيد من حديد، للقضاء عليه في جميع قطاعات الدولة، ومنها قطاعي «السكة الحديد ومترو الأنفاق»، أهم مرافق وزارة النقل، وهما من القطاعات التى تحظى باهتمام القيادة السياسية، خاصة أنهما يقدمان الخدمة لملايين الركاب يوميًا، ولكن الفساد يتغلغل فيهما، ويجب «التطهير قبل التطوير».


و«النبأ» في السطور التالية، تهدي للفريق كامل الوزير، وزير النقل، عدة مخالفات للتحقيق فيها فورًا:


في البداية، يكشف خطاب بتاريخ 2/15/2018، من المهندس سامي عبد التواب، مساعد رئيس شركة المترو للخط الثالث، إلى المهندس مساعد رئيس الشركة لخدمات الدعم الفني، بتشكيل لجنة فنية للفحص الفني واستلام وإضافة المهمات بعقد شركة «فيربرن لاسون» رقم 92016، وتوريد قطع غيار ميكانيكية، لزوم «العمرة الجسيمة» للوحدات المتحركة بالخط الثالث، وتضم اللجنة كل من المهندسين الآتية أسماؤهم: رفعت فهمي، محمد عبدالله، إسلام مجدي، حسن محمود، وتم توقيع الخطاب من المهندس رفعت فهمي والمهندس سامي عبد التواب.


ويوضح خطاب بتاريخ 28/5/2018 من المهندس محمد ياسين، مدير عام تنفيذي إدارة التوريدات، والمشرف العام على المخازن، للمهندس أحمد عادل حجازي، رئيس لجنة الفحص الفني، بتوريد قطع غيار الأبواب لزوم العمرات الجسيمة للقطارات العاملة بالخط الثالث، عقد رقم "422014" المبرم مع شركة "ميتسوبيشي"، بأنه تم توريد «3» صناديق خشب، بتاريخ 24/5/2018 بمخزن شبرا العمومي، وضرورة الإحاطة والقيام بأعمال الفحص الفني والإضافة وموافاة المسئولين بأصول محاضر الفحص الفني والإضافة.


وتكشف المستندات عن قيام المهندس سامي عبد التواب، مساعد رئيس شركة المترو للخط الثالث، بتاريخ 23/6/2016 بتوجيه خطاب، للمهندس مدير عام الوحدات المتحركة بالخط الثالث، لمد عقد شركة "ميتسوبيشي" اليابانية رقم 172015 لمدة "6 شهور"، لعمل العمرات الجسيمة، ولكنها تقوم بعمل (العمرات الخفيفة)، وأن عمال المترو هم الذين يقومون بعمل العمرات الجسيمة، وتمت زيادة عقد الشركة اليابانية بمبلغ "2.95 مليون جنيه"، خلال "ستة أشهر" فقط، بمعرفة المهندس علي فضالي رئيس شركة المترو، ما يعد إهدارًا للمال العام، حيث يتم عمل العمرات، لعربات المترو بشكل غير «آمن» ولا يضع أي مسئولية على الشركة اليابانية، ومطلوب تشكيل لجنة فنية بإشراف هيئة الرقابة الإدارية، لمراجعة "الكتالوجات" التي تتم بالنسبة لأعمال الصيانة، سواء العمرة الخفيفة أو الجسيمة، لمنع تعرض حياة ركاب المترو للخطر، لأن "كتالوجات" الصيانة غير معتمدة، وأن هناك عمليات صيانة لا تقوم بها "ميتسوبيشي"، كما لم تقم الشركة بتسليم كتالوجات الصيانة بعد انتهاء فترة الضمان، وأيضًا تستولي شركة ميتسوبيشي، على قطع الغيار "المعارة" لها من شركة المترو لعمل الصيانة، والفضيحة هي أن شركة "ميتسوبيشي" يتم تجديد العقد لها "نصف سنويًا"، لعمل العمرات الخفيفة، وهو ما كلف الدولة خلال "ثلاث سنوات"، قرابة «9» ملايين جنيه.


الكارثة هي أن شركة مترو الأنفاق، لديها من الخبرات الفنية للقيام بالعمرات الخفيفة والثقيلة، وتوفير العملات الأجنبية للدولة، بدلًا من الاعتماد على الشركات الأجنبية، وإهدار المال العام، ولكن جزاء أي موظف شريف «التنكيل به»، بل تم تكريم مدير عام ورشة العباسية، بعد حادث القطار، الذي كلف الدولة ملايين الجنيهات، لكي يصبح مدير عام ورشة شبرا، وجميع الفنيين في أماكنهم، وعندما قام الرئيس السابق المستشار عدلي منصور، بافتتاح محطة الأهرام بالمرحلة الثانية، من الخط الثالث لمترو الأنفاق، أعطوه بيانات خاطئة، بأن قطار المترو رقم "7018" صناعة «مصرية»، والفضيحة أن هذا الكلام عار تمامًا من الصحة، فهذا القطار «ياباني الصنع» وهو آخر قطار تم توريده من اليابان لمصر، وأول قطار مصري من صنع شركة "سيماف"، يحمل رقم "7019"، كما تم أيضًا ترقية المهندس سامي عبد التواب إلي نائب رئيس السكة الحديد لقطاع المسافات الطويلة والقصيرة، بدلًا من محاسبته على ما ارتكبه من مخالفات، بخصوص عقد صفقة «ميتسوبيشي».


كما أن قطارات الخط الثالث بورشة العباسية التي تم عمل العمرة الخفيفة، بالإسناد المباشر لشركة "ميتسوبيشي"، وتم عمل العمرة الجسيمة، بمعرفة عمال شركة مترو الأنفاق، وبالتالي أصبحت قطارت المترو "مهدر دمها" بين الشركات، وعند حدوث أي عطل، كل شركة من شركات الصيانة تتهرب من المسئولية، والدليل على ذلك، أن أول قطارين تم عمل عمرة لهما في ورش شبرا، وعادا مرة ثانية لـ«ورش العباسية»، وأرقامهما "٧٠٠٩٧٠١٠ و٧٠٠٣٧٠٠٤"، وتحولا لقطعة خردة في الورشة، لأنهما خرجا بعيوب فنية في الصيانة، وعندما حاول الفنيون عمل العمرة الجسيمة، وجدوا أن هناك قطع غيار "ناقصة"، وتم تآكل "البلي"، ما يهدد حياة ركاب المترو، وبمخاطبة الشركة في اليابان، ردت أن المترو السبب "لعدم عمل العمرة في موعدها".


كما أن المهندس على فضالي، رئيس شركة المترو حاليًا، كان مدير عام ورشة شبرا، وقت انتهاء ضمان قطارات الخط الثاني، وعندما جاء موعد العمرة الجسيمة، تم الاستعانة بشركة "ألستوم" بالإسناد المباشر، وعندما تولى منصب، رئيس مجلس إدارة شركة مترو الأنفاق، قام بتهديد المهندسين، في ورشة العباسية، لعمل إسناد المباشر، لشركة "ميتسوبيشي".


وتعود هذه الفضيحة لبداية عام ٢٠٠٢، عندما تمت الموافقة على قرض طويل الأجل، من فرنسا لوزارة النقل المصرية لإعادة تأهيل بعض خطوط السكك الحديدية، عندما كان المترو تابعًا لـ«سكك حديد مصر»، وتمت الموافقة على جزء من القرض، لإعادة تأهيل الخط الأول، وكان شرط فرنسا، أن الشركات التي ستعمل في إعادة التأهيل، تكون شركات فرنسية، وتم إتخاذ قرار من إدارة المترو، باستغلال مبلغ القرض، في إعادة تأهيل قطارات، المرحلة الأولى الفرنسية، بالخط الأول وعددها "١٧ قطار"، بدأت الخدمة عام ١٩٨٧، وكان وقت اتخاذ القرار بتجديدها، أوشك عمرها الافتراضي على الانتهاء، فاستعان المترو بمكتب "سيسترا" الاستشاري، لعمل دراسة طرح المناقصة، وكان رأي الاستشاري، بضرورة (تغيير كل أجزاء القطار، عدا الجسم الخارجى لأن معدات القطار تعمل من 1987 )، ولم يتم الأخذ برأي الاستشاري، فتم تشكيل لجنة من المترو، للتعديل في آراء الاستشاري ومستنداته، وتم طرح المناقصة، وتقدمت "شركتان فرنسيتان" للمناقصة إحداهما شركة "ألستوم"، واكتشفت الأجهزة الرقابية، تسريب القيمة التقديرية، للمناقصة لشركة ألستوم، ولكن لم يتم إلغاء المناقصة، وحصلت "ألستوم" على الترسية بطريقة غير مشروعة، وبدأ العمل بالمشروع "بمستندات المترو" وليست مستندات الاستشاري عام 2009، وبعد بدء المشروع، تم عمل أكثر من عقد ملحق، من ضمنها عقد يسمى "الكلفة الإضافية"، وهو اتفاق ينص علي (يتكفل المترو بتقديم قطع الغيار للمقاول، وإذا عجز المترو عن توفيرها، يقوم المقاول بشرائها، ومحاسبة المترو عليها، مضافًا عليها قيمة 15%)، والطامة الكبري، وهي تعرض مشروع تجديد الـ"52" وحدة فرنسية لمخالفات مالية، حيث تم صرف قطع الغيار، للمقاول من مخازن المترو، ومحاسبة المترو عليها)، وتمت إحالة المخالفات المقدرة "4.5 مليون يورو" إلى نيابة نقل ثان، بالقضية رقم "492013"، ومازالت القضية في الأدراج، لتورط قيادات المترو فيها.


أما عن المخالفات الفنية؛ فالقطارات بعد مئات الملايين التي صرفت عليها، تتعرض للأعطال يوميًا، وهناك نية لتكهينها، بحسب تصريحات المهندس خالد صبرة، العضو المنتدب، وعلى الرغم من المخالفات المالية والفنية.


أما حادث قطار العباسية بالنفق، فهو «أم الفضايح»، حيث تم توريد «9 قطارات» للخط الثالث من بينها شركة "ميتسوبيشي"، وتم عمل العقد من خلال الهيئة القومية للأنفاق ومن ضمن نصوص العقد قيام "ميتسوبيشي"، بتدريب العاملين على صيانة وعمرة تلك القطارات، وفي 2013، انتهت فترة الضمان، فطلب من العمال التوقيع، على مد فترة الضمان عام بنفس الشروط؛ لأن الشركة لم تلتزم بكامل التزاماتها التعاقدية، وبعد الحادث كانت قرارات لوزير النقل الأسبق، المهندس هاني ضاحي لتشكيل لجنة من كلية الهندسة، للوقوف على أسباب الحادث، وللأسف اللجنة فشلت في كشف حقيقة الحادث، وكان ثاني القرارات الفاشلة، تعيين المهندس خالد صبرة، العضو المنتدب للتشغيل والصيانة بـ«شركة المترو»، والذي جاء بـ"عديله" المهندس سامي عبد التواب، مديرًا عامًا بالسكة الحديد، ليتم تعيينه مساعد رئيس شركة المترو للخط الثالث.


وتوضح المعلومات أن وجود المهندس خالد صبرة بوزارة النقل، ليس لحل مشاكل الصيانة الخاصة بالمترو، ولكن لمنع أى شكاوى من الوصول للوزير، بالتنسيق مع أسامة مصطفى، مدير مكتب وزير النقل، والمهندس وجدي الشحات، معاون وزير النقل، وفي المقابل يتم إدراج أسمائهم في كشوف "البركة" التي يتم صرفها من متحصلات، بيع الخردة، والغرامة والجزاءات.


وأما الكارثة أن وزير النقل الأسبق المهندس هاني ضاحي، تم تحذيره قبل "شهرين" من حادث قطار مترو العباسية، نتيجة وجود مخالفات إدارية ومالية، في الوحدات المتحركة، بالخط الثالث بالعباسية ولم يتحرك،ووقعت الحادثة، وتحول القطار لقطعة خردة، وتم الطرمخة على ملف "مشروع تجديد الـ 52 وحدة فرنسية"، بالخط الأول، وبدلًا من محاسبة المتسببين فيه تمت ترقيتهم، وقام أمجد السعيد المستشار السابق لوزير النقل، بالتحقيق في الشكوى، وتمت إحالة الشكوى للسكة الحديد، ولم يتم التحقيق فيها، ولا توجد منها نسخة بالوزارة، الكارثة هي أن حجم الفساد الموجود بتلك الشكوى يبلغ "4500000 يورو"، ولم يتم محاسبة أحد ولا حياة لمن تنادي، فهل يقوم الفريق كامل الوزير بفتح تلك الملفات، ومحاسبة المقصرين، لحماية المال العام من الضياع؟