رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

وثيقة «مُسربة» تكشف خطة شباب الإخوان والقاعدة للإفلات من «حبل المشنقة»

النبأ


قدّم بعض شباب الإخوان داخل السجون، خلال الأيام الماضية مبادرة تتضمن مراجعات فكرية، تبرأوا فيها من قادة التنظيم، وجرائمهم، وأعلنوا رغبتهم في منحهم عفوا رئاسيا.


وأعلن شباب الإخوان من داخل سجن "استقبال طرة" في مبادرتهم الفكرية، التي جاءت تحت عنوان "مبادرة الشباب المستقل"، تبرأهم التام من أية جماعة أو فصيل ينتمي لتيارات الإسلام السياسي، داخل مصر وخارجها، قائلين في وثيقتهم التي تم تسريبها من داخل السجون: "قررنا فك الارتباط بأي جماعة أو تنظيم أو فكر، وهذا ليس الجزء الأهم والأخطر من المفاسد التي ترتبت على دعم الشباب لتيار كان يقود التيار الإسلامي، وفشل أو أُفشل في قيادة الشباب أو توظيفهم لما يخدم دينهم ووطنهم، بل كان هذا التيار سببا في سجن الشباب وجر الويلات والمفاسد عليهم وعلى أسرهم، وحتى الآن بعد خمس سنوات ليس عنده تصور أو مخرج للأزمة".


وأوضحت وثيقة المراجعات المسربة: "لهذا طرحنا هذه المبادرة، وأسميناها (الشباب المستقل) حتى نقول ليس لدينا أي ارتباط بفكر أو جماعة أو تنظيم، ولا نعادي أحدا بل نحب الخير لكل أبناء التيار الإسلامي ولا نريد لهم البقاء في السجون أكثر من ذلك، ونريد أن نوقف نزيف الأعمار التي تهدر والأموال التي تبدد، وأن مكان الشباب في المساجد والمدارس والنقابات".


وكشفت وثيقة المراجعات المسربة، أنهم تجمع شبابي ينتمي لتيارات عدة وليس لتنظيم الإخوان فقط، وأن من بينهم عناصر مثلت "مرجعيات شرعية" لتنظيم القاعدة، ولتيار السلفية الجهادية، وأن مبادراتهم تتمحور حول مراجعات أفكار وأدبيات التنظيمية التي كانوا يعتنقونها، وحول العلاقة مع الدولة، وأن هذه الخطوة يجهزون لها منذ عامين تقريبا.


الوثيقة المسربة، جاءت ممهورة بتوقيع القيادي "محمد الريس"، المحبوس بسجن استقبال طرة، موضحة أن هذه المبادرة طرحت قبل عام ونصف بسجن بنها العمومي، ولم تخرج إلى النور إلا بعد التواصل مع قيادات التيار الإسلامي وخاصة قيادات الإخوان وسؤالهم عن تصورهم للخروج من الأزمة، ولم نجد عندهم ردودا أو حلولًا وهناك شهود على ذلك، وأنهم اتخذوا وسطاء مع الأجهزة الأمنية من بينهم محامي الجماعات الإسلامية، منتصر الزيات، والمسجون حاليا على خلفية اتهامه في قضية "إهانة القضاء المصري".


ووصفت الوثيقة أصحابها بأنهم: "مجموعة من الشباب المخلص والمحب لهذا الوطن، والمشفق على الشباب داخل السجون ويسدي لهم النصح، بأن نراجع خطواتنا السابقة وتصوراتنا لمفاهيم يجب أن تصحح، ونريد من الشباب تحرير العقول، وأن تصغي لنا الآذان من الجميع سواء قادة هذا الوطن وقياداته الأمنية، أو الجماعات أو الأفراد".


وقال الشباب في وثيقتهم: «أطلقنا هذه المبادرة من أكثر من عام ونصف العام لكن لم يكن لتفعيلها نصيب من الاهتمام، ولكن إصرارا منا وإيمانا بواجبنا أن نراجع مواقفنا وأفكارنا، وننصح شبابنا أن يراجع خطواته وتصوراته، ويعقد المقارنات بين أفكاره وتصوراته قبل تلك المحنة، وتلك التجربة وبين ما وصلنا إليه من نتائج الخاسر الأكبر فيها هم الشباب ناهيك عن الأذى الذي أصاب أسر الشباب وذويهم".


وحول مفهوم الخروج المسلح على الأنظمة الحاكمة، قالت الوثيقة: "هذه المبادرة هي محاولة لوضع حد لسقوط الشباب في براثن الأفكار التكفيرية المنحرفة، ووضع حد للخروج على الحكام بالسلاح والقوة، ومبادرتنا هي دعوة للعودة إلى أحضان الوطن، بل هي خطة عملية متكاملة داخل السجون لإصلاح ما أفسدته تلك التجربة البائسة، وتأهيل الشباب إلى ما بعد الخروج من السجون".


واعترف شباب الإخوان في وثيقتهم بأن 30 يونيو 2013، هي ثورة شعبية، موضحين "مبادرتنا تدعو الدولة وتقول لقادة هذا الوطن عليكم واجب دستوري وأخلاقي خاصة بعد ثورتين نتج عنهما تنوع فكري، وأنه يجب أن يكون هناك فترة انتقالية يتم فيها توحيد الثقافات بالمجتمع، وكشف الحقائق أمام الجميع وتوضيح المؤامرة على بلادنا والقبول بكل من يريد العودة والرجوع لأحضان وطنه ودولته ومد يد العون لكل الشباب المخلص الذي أراد الحق فأخطأه، فهناك واجب أخلاقي ووطني على الدولة تجاه أبنائها".


وحاول شباب الإخوان التأكيد على أن مبادرتهم تهدف إلى تبييض السجون من الشباب وتأهيلهم إلى الخروج من المجتمع، وأن لا يكونوا معاول للهدم وإشاعة الفوضى.


من جانبه كشف عمرو فارق، الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي، أن عملية تسريب وثيقة مبادرة شباب الإخوان، وبثها من خلال قناة الجزيرة، كان الهدف منها تشويه صورة النظام المصري، باعتباره لا يراعي ضوابط حقوق الإنسان داخل السجون، ولم يكن الهدف الرئيسي من منها الترويج لقضية هؤلاء الشباب.


وأشار فاروق، فى تصريح خاص لـ«النبأ»، إلى أن طرح الوثيقة في هذا التوقيت تحديدا رغم إعدادها منذ عام يعود إلى عدم تمكن هؤلاء الشباب من تسريبها لاسيما أنها ضمت عددا من التكتلات المتنوعة للتيارات المتطرفة، مثل القاعدة وداعش والسلفية الجهادية، ولم تكن مقتصرة على الإخوان فقط، كما أنها صدرت في سجن بنها العمومي في بداية الأمر، ثم تم تعميمها على سجون طرة، لتخرج إلى المشهد السياسي.


وأضاف فاروق، أن اختيار التوقيت حمل نوعا من استعطاف الأجهزة الأمنية، والانتهازية السياسية بهدف التأثير على صورة النظام المصري أمام الرأي، وإجباره على السير في طريق قبول مبادرات المراجعات الفكرية، ومن ثم إصدار قوائم عفو رئاسي تحوي أسماءهم.


وأكد «فاروق» أنّ الأجهزة الأمنية بشكل عام رافضة لقضية المصالحات أو المراجعات الفكرية، وتسير في طريق العقوبة مقابل الجريمة، خاصة أن هذه العناصر متورطة بشكل حقيقي في إهدار دماء مدنيين وعسكريين، ولا يمكن بسهولة التغاضي عن معاقبتهم، تحت أي بند، لكن كانت هناك مبادرات فعليا من قبل دار الإفتاء المصرية، والأزهر الشريف، لدراسة العقلية المتطرفة، وتحجيم انتشار مخاطرها داخل السجون حتى لا تتحول لبيئة حاضنة وناقلة للإرهاب، بهدف مراجعة المفاهيم المغلوطة بين السجناء، وليس بهدف تقديم مبادرات للخروج الآمن من السجون.


ولفت فاروق، إلى أن الجماعات والتنظيمات المتطرفة، تسير داخل السجون وفقا لما يسمى بـ"فقه الاستضعاف"، ومن ثم تعتبر أن كل ما يصدر عنها يدخل في إطار الخديعة والمكر، وليس من باب المراجعة المنهجية للفكرة المتطرفة التي استندوا عليها، لأنها تكفر الأنظمة الحاكمة والأجهزة الأمنية وتعتبرهم أعوان الطاغوت، ومن ثم تلجأ لفكرة "التقية السياسية" هروبا من جحيم السجون، ثم الهروب خارج البلاد وتشكيل منصات مناهضة للدولة المصرية، ونشر الأفكار المتطرفة بشكل عام مثلما فعل الكثير من أبناء الجماعة الإسلامية وتنظيمات الجهاد.


ولم يستبعد فاروق، أن يكون للقيادات الإخوانية الهاربة خارج مصر، يد في إصدار مثل هذه الوثيقة بهدف استخدامها دوليا ضد الدولة المصرية في إطار علاقتهم بدوائر صنع القرار في أوروبا وأمريكا، ومنظمات حقوق الانسان الدولية، وتصدير فكرة أن شباب الجماعات الإسلامية يؤمنون بنبذ العنف نهائيا، وأنه النظام المصري يتعنت في مواقفه معهم، وأنه يجب عليه، احتضانهم وتأهيلهم، وهي ورقة في النهاية يستفيد منها التنظيم الإرهابي في طرح نفسه كمنافس للنظام الحاكم، والتأكيد على قدرته في الدخول مع النظام المصري في صفقات سياسية وأمنية.


بدوره قال عمرو عبدالمنعم الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن المراجعات الفكرية ليس بجديدة، فالقضية مطروحة منذ عدة سنوات، وستكون موجودة بقوة خلال السنوات القادمة، مضيفا أن المعيار فى المراجعات الفكرية ما هو حجم هؤلاء؟ وهل هم عناصر تنظيمة كبيرة فى الإخوان، أم أنهم عناصر مغرر بها واعدادها قليلة وليس لها نفاذ كبير داخل الجماعة.


وتساءل عبد المنعم فى تصريح خاص لـ«النبأ»، ما هو التصور الذي سيقدمونه هل هو مجرد تراجع لنبذ العنف دون أن يكون هناك خطاب تحليلى ومرجعيات وأفكار لهذا التنظيم، مشيرا إلى أن هناك مجموعات كبيرة من عناصر الجماعة تعيش فى فترة كبيرة من التأمل والدراسة لمراجعة أفكارها ولتقييم التجارب السابقة والتعامل معها بشكل من الايجابية.


وأضاف أن الدولة لا تتعامل مع هذه الأمور من المبادرات باهتمام كبير، حتى يتبن أصل الفكرة، مطالبا شباب الإخوان الذين طرحوا المبادرة بالتواصل مع قيادات المجتمع المدنى والقيادات المعنية بفكر الإسلام السياسي، ويعرضوا عليهم الأفكار ضمن المتغيرات الجديدة، مشيرا إلى أننا نعيش تغيرات جديدة على المستوى الدولى والإقليمى والمحلى، حيث إن أجهزة الأمن المصرية استطاعت خلال الفترة الماضية القضاء على أكبر خلية وتنظيم إلكترونى لجماعة الإخوان على مستوى الشرق الأوسط وهو مكتب القاهرة فى تركيا الذى يدير كافة الحملات والدعاية المغرضة ضد الدولة والمجتمع المصري.


وأشار الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إلى أن الجيش المصري استطاع أن يسحق الإرهاب فى سيناء، ولكن هذا لايكفى فلابد أن يواجه الفكر بالفكر، والتصدي لهذا الفكر بالفكر الآخر.


وأكد "عبد المنعم"، أن هذه المبادرة ليست حيلة سياسية أو مراوغة من قبل شباب الإخوان لإنقاذ رقابهم من حبل المشنقة، موضحا أن القانون لا بد من تطبيقه فمن محكوم عليهم بالإعدام يطبق عليه القانون، لافتا إلى أن هذه المبادرة تشمل فقط المحكوم عليهم بـ5 أو 10 سنوات.


وأشار الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إلى أن الهدف من هذه المبادرات أو المراجعات هو التخلى عن المنظومة الفكرية لهذه الجماعات، مؤكدا أن الدولة تطبق القانون.


وحول موقف الدولة من مثل هذه المبادرات، أكد الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، أن الدولة لن توافق ولن ترفض وستترك الأمر وستتعامل مع الأمر من الناحية القانونية فمن تورط فى إراقة الدماء سيطبق عليه القانون والقضاء، لافتا إلى أن الكرة الآن فى ملعب هؤلاء فعليهم أن يثبتوا أنهم عناصر صالحة وانخدعوا بأفكار هذه الجماعات.