رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«الدم المستباح».. بعد مجزرة نيوزيلاندا..خريطة بـ«دول صديقة» يتعرض فيها المسلمون لـ«التطهير والإبادة»

النبأ

 

خبراء: ما يحدث للمسلمين في العالم وصمة عار في جبين البشرية              

محللون: تصريحات ترامب ضد المسلمين تصب في صالح تنظيم داعش الإرهابي

«كريمة»: العرب والمسلمون رفعوا راية الاستسلام ويعيشون في غيبوبة

«صبح»: حرب صليبية جديدة بشر بها جورج بوش الابن وينفذها ترامب

«الشوباشى»: ترامب يحمل كل أفكار اليمين المتطرف.. والمد الإسلامي فى أوروبا سيستمر رغم المآسي

«عبد الباقى»: تشرذم المسلمين وتقسيمهم إلى فرق وجماعات متناحرة السبب فى طمع العالم فيهم

 

تسبب الحادث المأساوي والبشع الذي وقع في مسجدين بـ«نيوزيلاندا» وأسفر عن استشهاد «50» مسلمًا وإصابة العشرات، والذي نفذه متطرف مسيحي من أستراليا، فى إثارة الكثير من الأسئلة منها:

 

السؤال الأول: لماذا يتعامل العالم مع الإرهاب بازدواجية، فعندما تقوم حفنة مارقة من المتأسلمين بعمل إرهابي هنا أو هناك تقوم الدنيا ولا تقعد، تُجيّش الجيوش وتعقد التحالفات العسكرية، ويتم إلصاق الإرهاب بالإسلام، وتخرج مصطلحات مثل «الإرهاب الإسلامي» و«التطرف الإسلامي»، ولكن عندما يقوم متطرف ينتمي لديانة أخرى بعمل إرهابي ضد المسلمين، فإن هذا العالم لا يحرك ساكنا ويعتبر ذلك تصرفًا فرديًا لا علاقة له بالدين؟.

السؤال الثاني: ما سر الصمت العربي والإسلامي على ما يحدث للمسلمين في العالم من من قتل وسفك للدماء واضطهاد وتعذيب وتهجير وإبادة جماعية وتطهير عرقي وديني، وحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، بشهادة كل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، ومن دول يعتبرونها صديقة وحليفة لهم مثل أمريكا وأوربا وروسيا والصين، ورغم أنه يتعرض مع تعاليم الدين الإسلامي، الذي يحض المسلمين على الوحدة والتكافل والتناصر، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، والمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا، ويأتي في ظل تقارير تتحدث عن ارتفاع مخيف في جرائم الكراهية ضد المسلمين في العالم، من قتل وضرب وطرد وتهجير وحرق للبيوت وحرق للمساجد والمصاحف، حسبما جاء في تقرير صادر عن مؤسسة «Tel Mama» البريطانية.

المساجد في مرمى نيران المتطرفين

والهجوم الإرهابي على مسجدين بدولة «نيوزيلندا» ليس الأول من نوعه، فطبقًا للإحصائيات الدولية، فإن هناك مئات المساجد التي تم حرقها والاعتداء عليها الفترة الماضية في أوروبا والعالم، وراح ضحيتها المئات من الجاليات المسلمة، وخاصة في أوربا وأمريكا والصين وروسيا.

ترامب المحرض العنصري    

يقول الخبراء، إن دعوات الرئيس الأمريكي العنصرية – حليف الدول العربية والإسلامية- ساهمت إلى حد كبير في تحريض الجماعات المتطرفة الموجودة في أوروبا على مواجهة المسلمين بالإرهاب والعنف، عبر الهجوم على دور العبادة والمساجد في أمريكا وأوربا واستهداف المسلمين في كل مكان، حيث وقعت 15 جريمة كراهية موثقة ضد المسلمين لمدة «4» أيام متتالية بعد تغريدة ترامب، كان أولها إطلاق نار ضد مسلمين مباشرة بعد ساعة واحدة من دعوة ترامب.

 

ويقول المحللون إن تصريحات ترامب ضد المسلمين تصب في صالح تنظيم داعش الإرهابي، فهو عندما يقول: "إنهم جميعًا يكرهوننا"؛ فإنه بذلك يستخدم نفس فكرهم ويدعم الفيديوهات التي يستخدمونها لتجنيد الشباب؛ لأن تنظيم داعش الإرهابي يكرر دائمًا في بياناته الدعائية أن هناك عداوة أبدية بين الإسلام والغرب.

ويضيف المحللون، أن "داعش الإرهابي" كثيرًا ما يستخدم تصريحات ترامب لتعزيز وتبرير عمليات التنظيم الإرهابية.

هذه الجرائم وغيرها وثقها "مركز دراسة الكراهية والتطرف" في جامعة ولاية كاليفورنيا ـ حيث أكد في تقرير صادر له أن جرائم الكراهية ضد المسلمين الأمريكيين ارتفعت إلى أعلى مستوى لها هذا العام منذ هجمات 11 سبتمبر، ما يدعو إلى القلق في ظل الدعوات التي تدعو إلى حظر الوجود الإسلامي في أمريكا.





الخطاب المعادي للإسلام

المحللون يرون أن العوامل التي ساهمت في ارتفاع الخطاب المعادي للمسلمين والعنف ضدهم هي عوامل معقدة، ولا تنحصر فقط في الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها دول غربية، كذلك الأحكام المسبقة والصور النمطية المشوهة التي تدرج كافة المسلمين على قائمة الإرهاب.

فضلا عن ذلك أرجع المحللون جزءا من أسباب هذه الجرائم إلى تصريحات السياسيين في أمريكا والغرب المعادية للإسلام في حملاتهم الانتخابية والتي خلقت مناخا من الكراهية.

أخيرا، يرى المحللون، أن ما حدث مؤخرا يؤكد أن المسلمين يواجهون موجات كبيرة من العنف مع تصاعد اليمين المتطرف في أرجاء أوروبا، ساهمت في تصاعد الاعتداءات على المهاجرين العرب، وامتداد لظاهرة الإسلاموفوبيا التي بدأت تجتاح عددا كبيرا من المدن الأوروية، تنوعت بين الحرق المتعمد من قبل متعصبين، أو الاعتداء المباشر على المصلين، بالإضافة إلى إلقاء زجاجات المولوتوف على المساجد، ورؤوس الخنازير.

معسكرات مكافحة التطرف

اضطهاد المسلمون وحرمانهم من حقوقهم وإثارة الكراهية ضدهم لم يقتصر على الدول الأوربية وأمريكا فقط، بل امتد إلى أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وهي الصين، وهي حليف قوي للعرب والمسلمين، حيث يتعرض المسلمون هناك لفظائع وانتهاكات صارخة، وسط صمت عربي وإسلامي ودولي مطبق.

وأعربت الأمم المتحدة أكثر من مرة عن قلقها بعد ورود تقارير عن اعتقالات جماعية للإيغور، ودعت لإطلاق سراح أولئك المحتجزين في معسكرات "مكافحة الإرهاب"

كما أكدت لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة تلقيها كثيرا من التقارير الموثوقة التي تتحدث عن احتجاز نحو مليون فرد من أقلية الإيغور المسلمة في الصين في "مراكز لمكافحة التطرف".

وقالت غاي مكدوغال، وهي من لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، إنها تشعر بالقلق إزاء تقارير عن تحول منطقة الإيغور ذات الحكم الذاتي إلى "معسكر اعتقال هائل".

وأفادت تقارير بأن السلطات الصينية أمرت أقلية الإيغور بتسليم جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة أو غيرها من المتعلقات الدينية.

وفي الفترة الأخيرة صعدت الصين من حملتها العنصرية ضد المسلمين، حيث بدأت السلطات الصينية مؤخرا بمصادرة جوازات السفر الخاصة بالإيغور من أجل منعهم من السفر والحيلولة دون اتصالهم بالعالم الخارجي، كما عمدت الصين إلى مصادرة منازل وأملاك الإيغور الذين هربوا من الظلم والقهر، كما تم هدم العديد من المساجد بدعوى "عدم وجود من يرتادها" للصلاة فيها، ووصل اضطهاد السلطات الصينية لمسلمي الإيغور إلى حد التدخل في حرية اختيار اللباس وأسلوب حياة الفرد والعلاقات الاجتماعية وحرية التنقل والسفر واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حتى تحولت تركستان الشرقية إلى سجن مفتوح بالنسبة للإيغور.

كما يتم إجبار المسلمين على تناول لحم الخنزير وشرب الخمر.





مذابح بشعة

وفي بورما، أو «ميانمار»، الذي يمثل المسلمون فيها حوالى 10% من السكان، فيتعرض فيها المسلمون للإبادة والتشريد والتعذيب والقتل والتهجير والتنكيل، حيث يعيش المسلمون فى بورما أشد محنة يتعرضون لها فى تاريخهم حيث تشن ضدهم حرب إبادة عنيفة من قبل جماعات بوذية متطرفة راح ضحيتها عدد كبير لا يمكن إحصاؤه بدقة، حيث أعلن بعض الكهنة البوذيين الحرب المقدسة ضد المسلمين.

وتعتبر الأمم المتحدة الأقلية المسلمة فى بورما أكثر الأقليات فى العالم اضطهادًا ومعاناة وتعرضًا للظلم الممنهج من الأنظمة المتعاقبة فى بورما.

ويقول الخبراء: "إن تجرد البشرية من إنسانيتها لم يصل من قبل إلى ما وصل إليه الآن من تدني، فيتعرض مسلمو بورما منذ سنوات وحتى الآن إلى مذابح بشعة".

وأعادت الأحداث الدامية الأخيرة التى تعرض لها المسلمون فى إقليم أراكان المسلم فى بورما فى الأعوام الأخيرة منذ عام 2010 مآسى الاضطهاد والقتل والتشريد التى يتعرض لها أبناء ذلك الإقليم المسلم منذ 60 عامًا على يد الجماعة البوذية الدينية المتطرفة «الماغ» بدعم ومباركة من الأنظمة البوذية الدكتاتورية فى بورما، حيث أذاقوا المسلمين الويلات وأبادوا أبناءهم وهجروهم قسرًا من أرضهم وديارهم وسط تعتيم إعلامى وغياب تام لمنظمات حقوق الإنسان.

وانتقد العديد من الكتاب ما وصفوه بصمت المجتمع الدولي تجاه "مأساة الروهينجا". ودعت الصحف لتحرك دولي لوقف الانتهاكات بحقهم.


 



المسلمون إذا يدفعون ضريبة الصمت

كما يتعرض المسلمون في الهند لحملة كراهية واضطهاد غير مسبوقة سواء من جانب السلطات الرسمية أو من جانب البوذيين والهندوس المتطرفين.

فطبقًا لبعض التقارير والمصادر المحايدة، فإن عدد المجازر التي ارتكبت ضد المسلمين في الهند منذ 1947 قد وصل إلى أكثر من 40 ألف مجزرة، سفكت فيها دماء المسلمين المدنيين الأبرياء، وهتكت فيها أعراضهم، وأحرقت منازلهم ومتاجرهم، كما هدمت فيها الكثير من المساجد وتحولت إلى معابد هندوسية.

وتؤكد التقارير أن المسلمين في الهند يمرون بأصعب مرحلة في حياتهم نتيجة تآمر الأحزاب الهندوسية المتطرفة، هذه المرحلة تشهد حملة إبادة منظمة تحت مرأى ومسمع الحكومة الهندية والعالم.

مذابح ومجازر

في 2014 حذرت الأمم المتحدة من مخاطر "مذبحة" بحق آلاف المسلمين على يد ميليشيات مسيحية تستهدفهم في جمهورية أفريقيا الوسطى.

وقالت وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إنها تحاول إجلاء نحو 19 ألف مسلم من مناطق قرب العاصمة بانغي، حيث هرب نحو 16 ألف مسلم من منازلهم في بانغي، وسط تصاعد لأعمال العنف.

وقالت المتحدثة باسم الوكالة، فاتوماتا لوجون-كابا إن "وكالة الأمم المتحدة مستعدة للمساعدة في ترحيلهم إلى مناطق أكثر أمنا داخل أو خارج البلاد".

وأضافت: "لا نريد أن نقف ونتفرج عليهم وهم يذبحون"، وأن "بقاءهم أحياء حتى الآن هو بسبب وجود قوات الاتحاد الأفريقي، والقوات الفرنسية".

وتقول تقارير أممية، إن المذابح والمجازر والعمليات الإرهابية التي تقوم بها مليشيا "أنتي بالاكا" المسيحية ضد مسلمي إفريقيا الوسطى منذ الإطاحة بأول رئيس مسلم للبلاد في أوائل عام 2014م وسط تواطؤ مفضوح من قبل القوات الأممية العاملة هناك وصمت عربي وإسلامي مخجل ومشين، ينذر بكارثة إنسانية جديدة وجرح آخر في الجسد الإسلامي الذي لم يعد يتسع لمزيد من الجراح ولم يعد يحتمل المزيد من نزيف الدم المسلم.

بربري وهمجي متوحش

وقد أدان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، العمل الإرهابي في المسجدين في نيويلاندا، وقال شيخ الأزهر في بيان، إن تلك المذبحة «الارهابية الشنيعة»، التي حرص مُنفذوها على تصويرها وبثِّها على الهواء للعالم كله، لا تختلف كثيرًا عن مشاهد قطع الرقاب المُروِّعة التي ارتكبتها عصاباتُ داعش الإجراميَّة، فهما فرعان لشجرةٍ واحدة، رُوِيت بماء الكراهية والعنف والتطرُّف، ونزَعت من قلوب أصحابها مشاعرَ الرحمة والتسامح والإنسانيَّة، بل ما كان لهما أن يتوحَّشا بهذا الشكل المُرعِب لولا حساباتٌ سياسيَّةٌ وعنصريَّةٌ ضيِّقة، غضَّت الطرف عن جرائمهما، وسمحت لهما بالانتشار والتوحُّش.

وقال شيخ الأزهر: لعل الذين دأبوا على إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين يتوقَّفون عن ترديد هذه الأكذوبة بعد أن ثبت لكلِّ مُنصف مُتجرِّد من الغرَض والهوى أنَّ حادثة اليوم، بكل ما خلَّفته من آلامٍ شديدة القسوة، لم يكن من ورائها عقلٌ منتمٍ للإسلام ولا للمسلمين، وإنَّما وراءها عقل بربري وهمجي متوحش، لا نعرف ما هي دوافعه وعقيدته المنحرفة التي أوحت له بهذه الجريمة النكراء، غير أنَّنا- نحن المسلمين- رغم فاجعتنا التي فتَّتت أكبادَنا لا نستطيع أن نقول كلمةً واحدةً تَدِين المسيحيَّة والمسيح -عليه السلام- والتي قد يدَّعي الإيمانَ بها هذا القاتلُ الأثيم؛ لإيماننا بالفرق الهائل بين الأديان وسماحتها، وبين المتلاعبين بها من تجَّار السياسة وتجَّار السلاح، ولسنا نفهم الفرق بين إرهابٍ يرتكبُه مُنتمٍ للإسلام فيُضاف على الفور إلى الإسلام والمسلمين، وبين إرهابٍ يرتكبه مُنتمٍ إلى أي دين آخر فيُوصف فورًا بأنه متطرف يميني، كما أننا لا نفهم كيف لا يوصف هذا الهجوم بأنه إرهاب ويقال: إنه جريمة.

وأشار شيخ الأزهر إلى أنه يتساءل: ماذا تعني كلمة «التطرف اليميني»؟ ولماذا يدفع المسلمون وحدَهم ثمنَ ما يُسمَّى بـ«التطرف اليميني» وما يُسمونه بالتطرف الإسلامي من دمائهم وشعوبهم وأراضيهم؟ أما آنَ الأوان أن يكفَّ الناس شرقًا وغربًا عن ترديد أكذوبة: «الإرهاب الإسلامي»؟

وأكد أنَّ ظاهرة الإسلاموفوبيا وتيَّارات العداء العنصري للأجانب والمُهاجرين في الغرب لم تحظَ حتى الآن بالاهتمام الكافي، رغم خُطورتها وتحوُّلها في كثيرٍ من الحالات لأعمالِ عُنفٍ وكراهيةٍ مَقِيتة، وهو ما يستوجبُ سرعةَ التحرُّك الفاعل لتجريمها ومُحاصرتها ورفع أيِّ غطاءٍ سياسيٍّ أو دينيٍّ عن أصحابها، مع بذل مزيدٍ من الجهد لتعزيز قِيَمِ التسامح والتعايش والاندماج الإيجابي القائم على المساواة في الحقوق والواجبات، واحترام الخصوصية الدينيَّة والثقافيَّة.

واختتم شيخ الأزهر قائلا: خالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا وذَوِيهم، ولكلِّ المسلمين في العالم ولذوي الضمائر الحيَّة، وأتضرَّعُ إلى المولى- سبحانه وتعالى- أن يتغمَّد الضحايا بواسع رحمته، ويُدخلهم فسيح جناته، وأن يُنعِم على المصابين بالشفاء العاجل، وأن يُعِيد لمَن روَّعتهم تلك المذبحةُ النكراءُ السكينةَ والطمأنينة.

وصمة عار

ويتعرض الحكام العرب والمسلمين لانتقادات لاذعة، بسبب صمتهم على ما يحدث للمسلمين في العالم، لاسيما وأن البلاد التي يتعرض فيها المسلمون للاضطهاد والظلم هي من الدول الحليفة والصديقة لأغلب الأنظمة العربية، ويقول الخبراء إن ما يحدث للمسلمين في العالم، هو وصمة عار في جبين البشرية.

مذابح واضطهاد وإبادة

اتهام المسلمين بالإرهاب سواء من بعض المحسوبين عليه أو من المتطرفين في مختلف الديانات، يتم رغم أن التاريخ يشهد أن المسلمين هم الضحية الأولى للإرهاب والعنصرية والتطرف، وهم من أكثر اصحاب الديانات تعرضا للاضطهاد والقتل والتشريد والتمييز والإبادة عبر التاريخ، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، هناك الملايين من المسلمين قتلوا في الحروب الصليبية والاحتلال الغربي للدول العربية والإسلامية، وفي العصر الحديث تعرض المسلمون في بقاع الأرض للكثير من المذابح التي راح ضحيتها الملايين من المسلمين الأبرياء أشهرها

مذابح البوسنة والهرسك، في تسعينيات القرن الماضي،ارتكب خلالها الصرب أبشع أنواع القتل والتنكيل بحق المسلمين في البوسنة والهرسك، وأصدروا فتوى تبيح اغتصابهم للمسلمات، فتم اغتصاب آلاف الفتيات، حتى أنه من كثرتهن لم يتم التوصل إلى إحصائية دقيقة عن عدد المغتصبات، لكن تشير بعض التقديرات إلى اغتصاب نحو 60 ألف سيدة وفتاة وطفلة بوسنية حتى فبراير 1993.

ومذابح، إفريقيا الوسطى، ومالي، والمذابح التي ارتكبها الاتحاد السوفيتى سابقا تعد من أكبر المذابح التي تعرض لها المسلمون، حيث أسفرت عن إبادة نحو 20 مليون مسلم خلال خمسين عامًا.

حتى في الصين لم يسلم المسلمون من المعاناة، فمنذ عام 1954 بدأت الإجراءات القمعية ضد المسلمين، وتراوحت بين تعطيل المساجد، وقتل وسجن العلماء، وتقسيم «تركستان الشرقية»، وتهجير المسلمين، بالإضافة لمذبحة «كاشجر» التي قتل فيها 360 ألف مسلم.

وهناك أيضا مذبحة بنجلاديش، بجنوب شرق آسيا، عام 1971، التي أسفرت عن مقتل عشرة آلاف عالم مسلم، ومائة ألف من طلبة المعاهد الإسلامية وموظفى الدولة.

وفي الهند، كان عام 1970 عنوانا لمذبحة «أحمد آباد» التي راح ضحيتها 15 ألف مسلم، وهناك أيضا مذبحة «آسام» التي أودت بحياة 50 ألف مسلم، بالإضافة لمجزرة ميروت ومليانة عام 1987، كما تم هدم المسجد البابرى التاريخى الشهير بالهند عام 1992.

هذا بخلاف الملايين الذين تم قتلهم وتشريدهم من جانب الولايات المتحدة وروسيا وأوربا، في العراق وسوريا وليبيا، وغيرها من الدول العربية والإسلامية، بذريعة الأسلحة المحرمة دوليا، ونشر الديمقراطية الغربية.

رفعوا راية الاستسلام

يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأهر، إن التطرف يولد الإرهاب، والمواطن الذي قام بمذبحة المسجدين تمت تعبئته بروح وثقافة الكراهية وازدراء الآخرين، وهذا يلقى بالتبعية على المنظمات الغربية التي تتشدق بحقوق الإنسان، والمنظمات التي لم تكف عن اتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب، وهذا يثبت أن الإرهاب الحقيقي ليس في مجتمع المسلمين، الغرب هو صانع الإرهاب، سواء كان الإرهاب الفكري بازدراء معتقدات الأخرين، أو الإرهاب الطائفي بكراهية القوميات الأخرى، وهذا لا يقل خطره عن الإرهاب الفكري، وأصحاب الديانات الأخرى يعيشون الآن في الدول الإسلامية في أمن وسلام، فلم نسمع أن شعب دولة عربية أو مسلمة طالب بطرد الأجانب مثلما يحدث في الغرب، ففي الخليج العربي هناك الملايين من الأجانب يعملون هناك في أمن وسلام، ولا يوجد نعرات طرد الأجانب من الدول العربية أو الإسلامية، وبالتالي الإرهاب أوربي وأمريكي، مشيرا إلى أن المتطرف اليهودي الذي حرق المسجد الأقصي عام 1968 كان من أستراليا أيضا.

وأضاف «كريمة»، أن ما يحدث للمسلمين في العالم، سببه أن المسلمين أعطوا الدنية في دينهم، ووضعوا أنفسهم دائما في موقف الدفاع، ورفعوا راية الإستسلام، ولا يتعاملون مع العالم الند بالند، ودائما يدافعون عن دينهم من تهم الإرهاب،  وبالتالي المسلمون هم السبب فيما يحدث لهم في العالم من اضطهاد وقتل وتشريد وما يتعرضون له من مذابح، مشيرا إلى إن الدول العربية والإسلامية تضع مصالحها فوق مصالح المسلمين في العالم، لذلك الحكام العرب والمسلمين يصمتون على ما يحدث للمسلمين في العالم من مآسٍ، مشيرا إلى أن العالم العربي والإسلامي الآن يعيشان في غيبوبة وينطبق عليهم مقولة «أكلت يوم أن أكل الثور الأبيض»، وأن هذا الصمت العربي والإسلامي لما يحدث للمسلمين في العالم يشجع المتطرفين في العالم على ارتكاب المزيد من المجازر والجرائم ضد المسلمين في العالم، لأن من أمن العقاب أساء الأدب، متسائلا: أين دور منظمات حقوق الإنسان التي صدعتنا بحقوق الإنسان ليل نهار، وأين منظمات حقوق الإنسان المسلمة مما يحدث للمسلمين في العالم، لافتا إلى أن داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية صناعة غربية.

وأكد أن المسلمين الآن ينطبق عليهم حديث الرسول  صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت».

حرب صليبية

ويضيف الشيخ أحمد صبح، زعيم المنشقين عن الجماعات الإسلامية، إن ما حدث في نيوزيلاندا يذكرنا بما حدث في مسجد الروضة بسيناء، ما يؤكد أن عقلية المتطرفين واحدة، وهي القتل على الهوية، مشيرا إلى أن المخابرات الأمريكية هي من تقف وراء هذه العملية الإرهابية، من أجل عودة الروح لتنظيم داعش الإهابي الذي أوشك على السقوط في الشرق الأوسط، لافتا إلى أن ما يحدث للمسلمين في العالم هو حرب صليبية جديدة بشر بها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن، ويقودها الآن الرئيس دونالد ترامب، موضحا أن كل الأديان تدعو للسلام والمحبة، وبالتالي هناك متطرفين في كل الأديان.

المد الإسلامي في أوروبا

ويقول الدكتور المفكر شريف الشوباشي، إن ما حدث في نيوزيلاندا كارثة، ويؤكد على أن التطرف ليس له دين ولا وطن ولا عقل، مشيرا إلى أن الإرهابي الذي قام بهذا العمل تأثر بفكر النازي هتلر الذي يقوم على تقسيم العالم إلى جنس سفلي وآخر علوي، لافتا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحمل جزءًا كبيرًا من مسئولية ما حدث بسبب خطابه العنصري الذي يحمل كل أفكار اليمين المتطرف في الغرب، موضحا أن تعاطف الغرب مع الضحايا ليس حبا في المسلمين، ولكن خوفا من شبح اليمين المتطرف العنصري، وهو مثل اليمين المتأسلم في العالم الإسلامي الذي تحول إلى شبح أيضا، مؤكدا على أن ما حدث ويحدث للمسلمين في العالم لن يؤثر على المد الإسلامي في أوروبا، مشيرا إلى أن عدد المسلمين في أوروبا وصل إلى 30 مليون مسلم، وهذا الرقم في ازدياد، مؤكدا على أن المسلمين في الغرب يتمتعون بالحرية مثلهم مثل الأوربيين، كما أن القانون في الغرب يجرم العنصرية والكراهية، وهذا يساعد المسلمين كثير على التأقلم في المجتمع الأوربي والغربي بوجه عام.

العلو على الحضارات

ويقول الشيخ على عبد الباقي، وكيل مجمع البحوث الإسلامية الأسبق، إن تشرذم المسلمين وتقسيمهم إلى فرق وجماعات متناحرة ومتقاتلة هو السبب الرئيسي فيما يتعرضون له المسلمون في العالم، وهو الذي طمع غير المسلمين فيهم، مشيرا إلى أن ما حدث في نيوزيلاندا هو نتاج سياسة العالم الغربي التي تقوم على التحيز والعلو على باقي الحضارات، باعتبارها الحضارة السيادية التي يجب أن تسود العالم، وهذا نوع من التطرف الديني الموجود في كل الأديان، لكن على المسلمين مراجعة علاقاتهم مع الغرب وتصحيح مصطلح مفهوم حقوق الإنسان.