رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة إخراج براءات الاختراعات من «أدراج» الحكومة

براءات الاختراع
براءات الاختراع


دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الاستفادة من نتائج البحث العلمي الذي ينفذه الشباب الإفريقي خارج القارة.


وأضاف الرئيس، خلال مشاركته بجلسة: «مستقبل البحث العلمي والرعاية الصحية» ضمن فعاليات ملتقى الشباب العربي الإفريقي بأسوان قائلا: «إذا كنا فى المرحلة دى مش قادرين نحط صناعة البحث العلمى فى مكانها بنفس المستوى اللى فى الدول المتقدمة طب نتشارك ونتكلم معاهم لما يكون عندنا عقل متميز ها نبعتهولكم وينجح فى بحث علمى ما تدونا نسبة من عقله.. ده ابننا وعلمناه عندنا وأتحناه لكم».


وتابع: «ممكن نعمل بروتوكول إن كل شبابنا اللى يروح ويعمل بحث علمى ويعمل منتج قابل للتداول من حقنا إن إحنا ناخد هذا المنتج».


وأضاف الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن «البحث العلمي يعتبر بمثابة صناعة، ومفرداتها وعناصرها بالكامل متوفرة في إفريقيا».


وأضاف، أنه «على الرغم من توافر عناصر هذه الصناعة لدينا، إلا أنها ليست بالكفاءة التي هي عليها في الدول المتقدمة»، مشيرًا إلى أن الدول الإفريقية لديها احتمالات لوجود عقول متميزة أكثر من الدول المتقدمة؛ نظرًا للزيادة السكانية بها.


وأوضح أن «الدول المتقدمة قامت بوضع آليات لجذب العقول المتميزة في بلادنا لديها؛ لتطوير صناعة البحث العلمي».


هذه التصريحات من الرئيس أثارت الكثير من الأسئلة عن مدى إمكانية تحويل الفكرة التي طرحها الرئيس إلى واقع ملموس، وعن وضع البحث العلمي الآن في مصر مقارنة مع وضعه في دولا أخرى مثل إسرائيل، وما أهمية البحث العلمي في بناء مصر الجديدة التي ينادي بها الرئيس؟


البحث العلمي في إسرائيل

في عام 1973 توفر لدى إسرائيل 2400 عالم في مجال العلوم والهندسة التطبيقية وتكنولوجيا المعلومات، وفى أواخر التسعينيات وصل العدد لـ 135 ألفا، أي أن هناك عالما لكل 10 آلاف إسرائيلي مقابل عالم لكل 100 ألف عربي، ولدى إسرائيل 200 عالم في المجالات النووية وهم على اتصال بحوالي 600 مركز ومعهد عالمي.


وتحتل إسرائيل المركز الثالث في مجال تكنولوجيا المعلومات، بينما تحتل مصر المرتبة 60، والمركز الخامس عشر في إنتاج الأبحاث على مستوى العالم، أما بالنسبة لعدد السكان والمساحة فهي الأولى على مستوى العالم في مجال إنتاج الأبحاث، بينما تحتل مصر المركز 129 عالميا من بين 148 دولة.


أما بالنسبة لبراءات الاختراع، فهي المؤشر الأكثر تباينا بين العرب وإسرائيل، فقد سجلت إسرائيل ما مقداره 16،805 براءة اختراع، بينما سجل العرب مجتمعين حوالي 836 براءة اختراع في كل تاريخ حياتهم، وهو يمثل 5% من عدد براءات الاختراع المسجلة في إسرائيل.


سماسرة الاختراعات

في يناير 2017 نشر موقع «صدى البلد» تقريرا بعنوان «سماسرة الاختراعات.. جمعيات ومراكز غير مرخصة تغري المخترعين بالدعم المادي والفني.. تسرق الإبداعات لصالح رجال أعمال وجهات دولية»، جاء فيه "يواجه المخترعون بمصر مشاكل عديدة لا تقف فقط عند حدود التمويل وعدم الترويج الإعلامي للإنجازات والاختراعات والجهل بالمراكز العلمية بمصر، ولكن أيضا ما يحدث مؤخرا من وجود كيانات مجهولة تدعى كونها تعمل تحت مظلة وزارة البحث العلمي ووزارة التضامن، وأنها جمعيات لرعاية المخترعين والنابغين بمصر، وتعلن عن خدمات كالتمويل والدعم المادي والمعرفي والتسويق بالخارج وبالداخل مع رجال الأعمال بمصر والدول العربية والأجنبية".


وقالت الدكتورة هبة عبد الرحمن، نقيب المخترعين: "يعاني المخترع المصري في مصر من مشاكل عديدة عند التقدم بطلب الحصول على براءة اختراع لعدم تملكه المال والتمويل الكافي لتطبيق وتنفيذ التطبيق الأولى للاختراع، وكذلك سداد رسوم الاختراع وشراء الخامات أو المواد أو المعدات اللازمة لاختراعه، وبالأخص المخترعين الأفراد والذين لا يتبعون جهة بحثية سواء مركز أو جامعة، ولهذا قد يقعون فريسة لمراكز وجمعيات وهمية تدعى كونها مرخصة من وزارة التضامن الاجتماعي وتقدم لهم أموالا لتنفيذ الأبحاث والاختراعات، وتطالب البعض بعدم التسجيل بمكتب براءات الاختراعات بدعوى أن الجمعية تحت التأسيس".


وطالب دكتور هاني الناظر، الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث، بضرورة إعادة هيكلة وزارة البحث العلمي، وتحويلها إلى وزارة العلوم والتكنولوجيا، لتتولى جمع كل المراكز البحثية وحل المشاكل القومية بالبحث العلمي بالتنسيق مع الحكومة ويرأسها وزير فعلى، وتتم الاستفادة من العلماء بالداخل والخارج وزيادة رواتبهم وتدريبهم وتوفير بعثات تدريبية لهم بالخارج وتسويق أبحاثهم، مع ضرورة وجود خطة قومية للبحث العلمي تتسق مع أهداف ومشاكل الدولة ويتم تعميمها على الجامعات والمدارس والمراكز البحثية التى تعمل بجزر منعزلة.


نقيب المخترعين: فيفى عبده أشهر من عصام حجي

في 2015 استنكرت الدكتورة هبة الرحمن أحمد نقيب المخترعين المصريين تجاهل الإعلام المصرى أخبار العلماء والباحثين والتركيز فقط على أخبار الراقصات ولاعبى الكرة مشيرة إلى أن الراقصة فيفى عبده أشهر من عالم بقيمة وقامة الدكتور عصام حجى الباحث بوكالة ناسا لعلوم الفضاء.


وأشارت إلى أن المخترعين الشباب لا يثقون بمن كتب براءة الاختراع ويخشون من سرقة أفكارهم مشيرة إلى أن مصر تسجل سنويا 90 براءة اختراع فقط وهو، وفقا لكلامها، رقم هزيل للغاية ولا يعبر عن مكانة مصر وتاريخها العلمى الطويل.


وأضافت في تصريحات صحفية: «للأسف 90 براءة اختراع سنويا وهذا رقم نخجل منه أمام دول العالم فهذا يعنى أن كل مليون مصرى تنطلق منهم براءة اختراع واحدة، فمصر ضعيفة في الاختراعات جدا».


البدء فى إجراءات إشهار جمعية للعقول المهاجرة بالخارج

في شهر مايو 2018، عبرت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، عن سعادتها ببدء اتخاذ إجراءات إشهار جمعية للعقول المهاجرة بالخارج، لافتة إلى أن هذه الجمعية ستكون بمثابة كيان يجمع خبراء مصر بالخارج، ويعمل على ربطهم بالباحثين الشباب فى الداخل لبناء جيل قادر على المضى قدمًا نحو تحقيق نهضة علمية.


وفي شهر ديسمبر 2018، قال دكتور هاني الناظر رئيس المجلس القومي للبحوث الأسبق، ورئيس مؤسسة "علماء مصر تستطيع"، إن المؤسسة تهدف لجمع بيانات العلماء والباحثين المصريين بالخارج.


وأضاف "الناظر": "لدينا من ٣٥ لـ٣٦ ألف باحث مصري على مستوى العالم موزعون على أوروبا وكندا وشرق آسيا.


وفي 2016، كشف الاتحاد العام للمصريين في الخارج، عن أن تعداد المصريين العاملين في الخارج يبلغ حاليًا 9 ملايين و750 ألف مواطن، وأن تعداد علماء مصر في الخارج 86 ألف عالم، وأن مصر تأتي في المركز الأول في عدد العلماء على مستوى العالم.


كما أن من بين المصريين في الخارج 42 عالمًا مصريًا في وظيفة رئيس جامعة، إلى جانب وزير بحث علمي، في كندا مصري الجنسية، إلى جانب وجود ثلاثة مصريين أعضاء في مجلس الطاقة الإنماني، الذي يتكون من 16 عضوًا، وكذلك يوجد 3 آلاف عالم مصري في أمريكا من كافة التخصصات.


كما يوجد في مصر 1883 عالمًا مصريًا في تخصصات نووية نادرة، مشيرًا إلى أن إجمالي مدخرات المصريين في الخارج حتى نهاية ديسمبر 2011، بلغت 147 مليار دولار، بما يمثل ضعف الاستثمارات الأجنبية الموجودة في مصر.


كما كشف عن وجود 10 علماء مصريين ضمن أهم 909 علماء على مستوى العالم، حيث احتل العالم المصري مصطفى السيد المرتبة الأولي فى قائمة العلماء المصريين والعرب بـ79 نقطة، يليه الدكتور مجدي يعقوب برصيد 63 نقطة، ثم أحمد زويل برصيد 60 نقطة، ثم الدكتور محمد النشائي برصيد 43 نقطة، فالدكتور فاروق الباز برصيد 16 نقطة، وخلفه جاء الدكتور عصام حجي برصيد 12 نقطة، ثم الدكتورة فينيس كامل جودة بالمركز القومي للبحوث برصيد 4 نقاط، وفي نفس المرتبة جاء الدكتور كمال رمزي ستينو برصيد 4 نقاط، ثم الدكتور محمد غنيم برصيد 3 نقاط، وأخيرا الدكتورة نادية إسكندر زخاري برصيد  نقطتين".


ويقول الدكتور جمال شيحة، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بالبرلمان، إن البحث العلمي هو قاطرة التقدم لأي دولة في العالم، وأن الاستثمار في البشر هو الاستثمار الحقيقي، وأن الاستثمار في البحث العلمي يمكن أن يحدث نهضة في كل المجالات بلا استثناء، في الزراعية والصناعة والطب والتعليم وكل المجالات، لاسيما في بلد مثل مصر، من المهم أن تهتم الدولة بالبحث العلمي وتدعمه.


وأضاف «شيحة» أنهم في لجنة التعليم والبحث العلمي في البرلمان قاموا بسن قانون لحوافز البحث العلمي، يسمح للجامعات بإنشاء شركات وشراكات لمخرجات البحث العلمي وتحويلها لمنتج اقتصادي، وهذا القانون هو سيكون نقطة تحول كبيرة جدا بعد تفعيله في الشهور القادمة وسيكون له نتائج عظيمة جدا، وكشف عن أنهم يناقشون في البرلمان تحويل صندوق دعم العلوم والتكنولوجيا إلى هيئة حتى يمكن للصندوق أن ينطلق وتزول عنه كل العوائق، معبرا عن سعادته بتوجه الرئيس الجديد نحو البحث العلمي، مؤكدا أن ما طرحه الرئيس من أفكار حول موضوع البحث العلمي سوف تساهم في تطوير البحث العلمي في مصر الفترة القادمة.


وأضاف أنهم في لجنة التعليم والبحث العلمي في البرلمان سوف يحولون هذه الأفكار إلى قوانين وتشريعات، معبرا عن رضاه بالنسبة التي حددها الدستور للبحث العلمي وهي 1% من الناتج المحلي قائلا: «أنا سعيد بهذه النسبة بس يا ريت يعطوهالنا كاملة»، لافتا إلى أن الهدف من تحويل صندوق العلوم والتكنولوجيا إلى هيئة هو رفع كفاءة استخدام أموال الصندوق.


وعبر رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بالبرلمان عن أمله في وجود خطة متكاملة للاستفادة من عقول العلماء المصريين في الخارج، مشيرا إلى أن هناك جهودًا كبيرة تبذلها وزيرة الهجرة والمصريين في الخارج الذي وصفها بالنشيطة في هذا الشأن، لكن هذه الجهود غير ملموسة وغير كافية حتى الآن، متمنيا أن يكون المنتج النهائي لهذه الجهود أفضل من ذلك، كما تمنى أن يكون هناك تعاون أكثر بين وزارتي التعليم العالي والهجرة من أجل الاستفادة من أكبر عدد ممكن من العقول المهاجرة، لأن هذه العقول ثروة جاهزة ويجب أن نحسن استعمالها.


حبيسة أدراج الموظفين

ويقول السيد أبو المجد، رئيس النقابة العامة للبحث العلمي السابق، إن البحث العلمي هو قاطرة الدول، مشيرا إلى أنه يوجد في مصر ألاف رسائل الماجستير والدكتوراه وبراءات الاختراع في أدراج الموظفين لم ترَ النور، وتحتوى على أفكار عظيمة لو تم تحويلها إلى واقع سوف تغير وجه الحياة في مصر.


وأضاف «أبو المجد» أنه قبل الحديث عن الاستفادة من العقول المهاجرة، يجب على الدولة والقيادة السياسية عمل الآتى: أولا، تشكيل لجنة لحصر كل رسائل الماجستير والدكتوراه وبراءات الاختراع والأفكار «المدفونة» داخل أدراج الموظفين، والتي تحتوي على أفكار غير طبيعية، وبذل فيها مجهود كبير جدا، ولم يستفد منها الشعب على أرض الواقع، ووضعها أمام القيادة السياسية لمعرفة كيفية الاستفادة منها، ثانيا لابد من معرفة أن هجرة العلماء للخارج كانت بسبب البيروقراطية وعدم اهتمام الدولة بالبحث العلمي وعدم توافر الإمكانيات الكافية التي تجعل العالم يظل في مصر، وعدم تقدير الدولة للعلماء، وعدم وجود المناخ المناسب التي يجعلهم يفضلون العيش في بلدهم، وبالتالي إذا كانت القيادة السياسية مهتمة بالبحث العلمي، فعليها أولا تهيئة المناخ المناسب الذي يرعى هؤلاء العلماء والمخترعين والمبتكرين.