رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تحركات إشعال «فتنة» استرداد أملاك اليهود فى مصر برعاية «المرأة الحديدية»

يهود فى المعبد
يهود فى المعبد


زعمت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي أبلغ وفدا أمريكيا، أن اليهود إن كانوا يرغبون بتأسيس طائفة في مصر فإن الحكومة ستبني لهم معابد ومؤسسات مجتمعية.


ومن أبرز ما ذكرته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية في تقريرها المزعوم، هو أن اللقاء الذي استمر ساعتين في القاهرة جمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ووفد أمريكي يترأسه عزرا فريدلاندر.


وذكرت الصحيفة أن حوارا دار بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وعزرا فريدلاندر، حيث نقلت الصحيفة عن عزرا فريدلاندر قوله، أن السيسي تكلم باعتزاز عن الطائفة اليهودية التي عاشت بمصر سابقًا، ليس ذلك فحسب بل قال أيضًا إنه في حال رغب اليهود بالعودة إلى مصر، ستقدم الحكومة كل الدعم المطلوب، كان هذا قبولًا حارًا للغاية.


وأضاف، أن السيسي قال إنه في حال ظهرت الطائفة اليهودية مجددًا في مصر، فبشكل أساسي ستبني لهم الحكومة معبدًا يهوديًا وغيرها من الخدمات الأخرى، ووعد كذلك بإجراء عملية تنظيف وتنظيم لمقابر البساتين القديمة في القاهرة، التي يعتقد أنها ثاني أقدم مقبرة يهودية في العالم وقد شيدت في القرن التاسع.


وتابع فريدلاندر: في ديسمبر الماضي، أعلن السيسي أيضًا عن مشروع بعدة ملايين من الدولارات لترميم مواقع التراث اليهودي في مصر.


فتحت هذه التصريحات المزعومة لـ«السيسي» الحديث عن أملاك اليهود في مصر، التي ما فتأت إسرائيل تزعم كل فترة أنها بصدد المطالبة بتعويضات عن هذه الأملاك في مصر والدول العربية، كما يحاول «الكنيست» الإسرائيلي بين الحين والآخر إثارة مسألة أملاك اليهود في مصر، من خلال مشروعات القوانين المختلفة التي يقدمها بعض النواب.


أملاك اليهود في مصر

ومن أشهر الممتلكات التي يزعم اليهود أنهم ما زالوا يمتلكونها في مصر، محلات عمر أفندي، والتي تأسست عام 1865 وكانت تحت اسم "أوروذدى باك" في منطقة شارع عبد العزيز بالقاهرة، ومحلات صيدناوي، وهي شركة مصرية تأسست عام 1913، بواسطة شخص يهودي اسمه «سليم سمعان»، بمنطقة الخازندار بحي الموسكى، على مساحة 8530 مترًا، وعدد فروعه 70 فرعًا على مستوى مصر و65 مخزنًا.


وكذلك محلات شيكوريل، والتي أسستها عائلة شيكوريل الإيطالية الأصل عام 1887 ورئيس مجلس إدارتها مورينو شيكوريل عميد العائلة.


وهناك شركات أخرى، مثل، إميل عدس أو الشركة المصرية للبترول، وشركة "بونتبوريمولي"، وكانت من أشهر شركات الديكور والأثاث، وأسسها هارون وفيكتور كوهين، و"جاتينيو" وهي سلسلة محال أسسها موريس جاتينيو الذي احتكر تجارة الفحم ومستلزمات السكك الحديد، وكانت عائلة عدس من العائلات اليهودية الشهيرة في عالم الاقتصاد وأسست مجموعة شركات مثل بنزايون، ريفولي، هانو، عمر أفندي.


في شهر إبريل عام 2013، نشر موقع العربية السعودي تقريرا تحت عنوان «50 ألف يهودي مصري بإسرائيل "يملكون" مليارات في القاهرة.. يعتبرون من كبار رجال الأعمال وأصحاب الأموال ومن أكثر الطوائف نفوذًا وانفتاحًا».


جاء في التقرير:«يُعد اليهود المصريون من أكبر الطوائف اليهودية في العالم العربي، وأكثرها نفوذًا وانفتاحًا، ويقدر عددهم حاليًا في إسرائيل بنحو 50 ألفًا».


مقابر البساتين

في 22 يناير عام 2015 نشرت بوابة «روزاليوسف» الإلكترونية تقريرا تحت عنوان «مقابر البساتين أمل اليهود فى العودة للقاهرة»، قالت فيه: «تعتبر مقابر اليهود بالبساتين بحسب الجالية اليهودية فى القاهرة هى ثاني أقدم مقبرة يهودية فى العالم بعد جبل الزيتون ما زالت موجودة حتى الآن وتبلغ مساحتها 120 فدانا تقاسمتها طائفة القرائيين وطائفة الربانيين، وتسمى في العامية "ترب اليهود"، وتضم رفات اليهود المقيمين بمصر قبل هجراتهم الجماعية من مصر، وتقع في الجهة الشرقية من حى البساتين، بين وسط القاهرة والمعادي وقد امتلأت هذه المنطقة بسكان المقابر وقامت على أطلالها عزبة النصر وأصبحت تشمل المنطقة السكنية المتاخمة للمنطقة الباقية من مقابر اليهود».


وأضاف التقرير«وفى حين تضع الجالية اليهودية تلك المقابر ضمن ممتلكاتها فى القاهرة وتعتبرها أحد معابدها، بل وتطالب بها أيضا، فبحسب ما أقرته الجالية اليهودية فإن مقابر البساتين كانت بتبرع من أحمد بن طولون في القرن التاسع التي كانت جزءا من الصحراء، ومن أهم الشخصيات التي تأثر بها اليهود ودفن فى مقابر البساتين ويوليه اليهود اهتمام خاص هو الحاخام سعديا غاؤن المعروف أيضا باسم "سعيد الفيومي" وهو من اليهود المصريين الذين كتبوا الكتاب المقدس باللغة العربية ووضع أسس النحو العبري، واعتبر دوليا بوصفه شخصية اليهودية البارزة والأدبية والسياسية في العصور الوسطى، كما دفن فيها العديد من المشاهير من بين اليهود المصريين، وكان قد هرب الى القاهرة من الإرهاب الأوروبي، وتعتبر الجالية اليهودية وجود مقابرهم فى مصر دليلا على التسامح وكرم الضيافة المصرية».


ومن أشهر الشخصيات اليهودية المدفونة فى البساتين الحاخام "ديفيد فريدمان"، وكل عائلة الاقتصادى اليهودى موصيرى، ويوسف القدسي، والكاتب إيزاك باشيفيس سنجر الذي ولد فى بولندا لأسرة حاخامية، والبارون "جاك إيلى منشة" الذي حصل على الحماية النمساوية وولد فى عام 1872 وتوفى عام 1916.


معابد اليهود في مصر

في ديسمبر 2014، نشر موقع العربية تقريرا تحت عنوان «ماذا تبقى من معابد اليهود في مصر؟»، ذكر فيه، أن معظم اليهود تركوا مصر بشكل نهائي عقب حرب السويس والعدوان الثلاثي عام 1956، وازدادت هجرتهم من مصر بعد فضيحة "لافون" عام 1955، تلك العملية التي حاول فيها الموساد الإسرائيلي إفساد العلاقة بين مصر والدول الأجنبية عن طريق إظهار عجز السلطة عن حماية المنشآت والمصالح الأجنبية.


وقتها كان عدد اليهود في مصر 145 ألفًا، جرى تهريبهم بأموالهم عن طريق "شبكة جوشين السرية"، التي كانت تتولى تهريب اليهود المصريين إلى فرنسا وإيطاليا ثم إلى إسرائيل، فلم يتبق منهم سوى عشرات الأشخاص يقطن معظمهم بحارة اليهود في الموسكي.


إلا أن يهود مصر حرصوا على ترك بعض المزارات والمعابد التي تفتح لهم الطريق لزيارة مصر بل وتعيد لهم بارقة الأمل في العودة مرة أخرى لديارهم.


هذه المعابد، وعددها 11، بنيت خلال القرنين الـ19 والـ20، وتحديدا مع هجرة اليهود إلى مصر بتشجيع من محمد علي، حيث تمتع اليهود في عهد الخديوي إسماعيل بكل الامتيازات الأجنبية. وكان التطور الاقتصادي هو عامل الجذب الأساسي لقدومهم واستيطانهم. وحسب تعداد السكان لعام 1917 فقد بلغ عدد أفراد الجالية اليهودية في مصر 60 ألف نسمة.


ومن أهم المعابد اليهودية كما جاء في التقرير، معبد عدلي «أوشعار هاشامايم»، ومعبد بن عزرا، نسبة إلى "عزرا الكاتب"، أحد أجلاء أحبار اليهود. ويسمى أحيانا بـ"معبد الفلسطينيين" أو "معبد الشوام"، بينما يعرفه الباحثون واليهود المحدثين بـ"معبد الجنيزا"، نسبة إلى مجموعة "وثائق الجنيزا" الشهيرة التي وجدت فيه عام 1890، ويقع في منطقة الفسطاط بحي مصر القديمة، وكان عبارة عن كنيسة تسمى بـ"كنيسة الشماعين" وقد باعتها الكنيسة الأرثوذكسية للطائفة اليهودية عندما مرت بضائقة مالية نتيجة لزيادة الضرائب التي فرضت عليها وقتها، ومعبد موسى بن ميمون، الذي يقع في منطقة العباسية بمحافظة القاهرة، وكانت تقام فيه الشعائر الدينية حتى عام 1960، وفي عام 1986 سُجّل المعبد كآثار بسبب أهميته التاريخية والدينية والمعمارية.


وفي الإسكندرية، العاصمة الثانية لمصر، توجد عدة معابد يهودية، أشهرها معبد الياهو حنابي في شارع النبي دانيال، يليه معبد دي منَسَّى، الذي شيده يعقوب دي منَسَّى الذي ترأس الطائفة اليهودية في القاهرة عام 1869 والذي انتقل في العام 1871 للإسكندرية، ومعبد الياهو حزان في شارع فاطمة اليوسف في حي سبورتنج والذي بني عام 1928، ومعبد جرين الذي شيدته عائلة جرين في حي محرم بك عام 1901، ومعبد يعقوب ساسون الذي شيد في عام 1910 في جليم، بالإضافة لمعبد كاسترو الذي أقامه موسى كاسترو عام 1920 في محرم بك، ومعبد نزاح إسرائيل الاشكنازي الذي بني عام 1920، وأخيرًا معبد شعار تفيله الذي أسسته عائلات انزاراوت وشاربيه في عام 1922 في حي كامب شيزار.


نشاط رئيسة الطائفة اليهودية في مصر

وتقوم ماجدة هارون رئيسة الطائفة اليهودية في مصر بنشاط كبير، من أجل المحافظة على تراث الجالية اليهودية في مصر، من معابد ومقابر وثقافة.


قد اقترحت ماجدة هارون، إقامة متحف مصري يجمع الآثار والمقتنيات اليهودية المصرية، لتسجل فى التاريخ المصري أن يهود مصر كانوا جزءا لا يتجزأ من النسيج المجتمعي المصري.


وقالت هارون: «تراودني فكرة بناء متحف للآثار اليهودية منذ توليت رئاسة الطائفة اليهودية فى مصر عام 2013، لأن مصر بها متحف يعرض الفن الإسلامي وآخر يعرض الفن القبطي».


وتابعت: «فكرتي ببساطة أن حياة اليهود هنا فى مصر قصة جميلة، لأن يهود مصر كانوا متفاعلين فى كل مناحي الحياة المصرية، سواء فى الفن أو فى السياسة أو فى الاقتصاد أو حتى الأدب، لذا إذا تم إنشاء متحف للآثار اليهودية فى مصر فلن يجد الزوار شبها فى المعروضات، وسيكون المتحف مختلفا تماما عن كل معابد اليهود فى العالم، وسيكون المحتوى رائعا، مثل أشياء كانت تستخدم فى الصلاة».


وفي شهر مارس 2018، كتبت جريدة الفجر تقريرا بعنوان «يهود مصر يقودون حملة لتطوير وصيانة معابدهم فى القاهرة»، قالت فيه:«بعيدًا عن الأنظار وفى هدوء تام، تُدار حاليًا داخل مصر، عملية كبرى لتطوير وصيانة جميع المعابد اليهودية، وتحويل بعضها إلى مزارات أثرية ومتاحف، وتتبنى الحملة، ماجدة هارون زعيمة الطائفة اليهودية فى مصر».


ونقلت الصحيفة ما أوردته صحيفة معاريف العبرية، من أن مجموعة من المصريين شاركوا منذ فترة قصيرة فى مبادرة لتجديد المعابد اليهودية فى مصر، تحت قيادة "ماجدة هارون"  وبدأوا بالمعبد اليهودى القديم بحى المعادى "مائير عينايم"، الذى يعود تاريخ إنشائه لعام 1934، وقاموا بتنظيف فناء المعبد من أكوام القمامة التى تراكمت داخله، كما قاموا أيضًا بتجديد شبكة الكهرباء وتغيير مواسير المياه.


وعندما فرغوا من عملهم، توجهوا إلى منطقة مصر الجديدة لتطوير معبد "مادجار" الذى تم إنشاؤه عام 1928 وبناه تاجر سجاد يهودى مصرى، وخلال أيام قليلة سيتم الانتهاء من تجديده وافتتاحه، إلا أن مهمتهم لم تنته بعد، نظرًا لوجود 10 معابد أخرى تحتاج إلى تطوير وتجديد شامل من الداخل أيضًا، مثل الصندوق المقدس، ومقاعد الجلوس، وشبكة الكهرباء والمياه أيضًا.


وأشارت معاريف، إلى أن حملة التطوير لن تتوقف عند صيانة وترتيب المعابد اليهودية القديمة، لكنها ستشمل أيضًا ترميم المقابر اليهودية بحى البساتين، كما سيتم أيضًا تجميع حوالى 30 ألف كتاب من التراث اليهودى، ليكونوا نواة للمتحف وللمكتبة اللذين سيتم إنشائهما، داخل قبو معبد "شاعار هاشاميم" بشارع عدلى بالقاهرة.


وبعد أن حصلت "هارون"على الضوء الأخضر لبدء عمليات الترميم، استعانت بأحد رجال الأعمال ويُدعى "سامى إبراهيم" نجل اليهودى الماركسى "ألبير أرييه "الذى كان يدين باليهودية وأشهر إسلامه، وأنضم إليهم بعد ذلك مجموعة من المصريين، ومعهم البروفيسور "يورام ميطال" المحاضر بجامعة "بن جوريون" كمستشار تاريخى للمشروع، الذى سبق له وألف قبل 23 عام كتاب يحمل عنوان "المزارات اليهودية فى مصر"، وهو متخصص فى دراسة فترة تواجد اليهود داخل مصر.


ترميم المعابد والمقابر

قال الدكتور محمد مهران رئيس الإدارة المركزية للآثار اليهودية بوزارة الآثار، إنه وفقًا للمادة 30 من القانون رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته بقانوني 3 و61 لسنة 2010 فإن الطائفة اليهودية هي الجهة المنوط بها تحمل تكلفة الترميم بالكامل باعتبارها الجهة الشاغلة.


ونفت وزارة الآثار ما تردد عن تخصيص الحكومة مبلغ مليار و300 مليون جنيه لترميم المعابد اليهودية، وإعادة إحياء التراث اليهودي، موضحة أن المبلغ مخصص لترميم وصيانة ٨ مشاريع أثرية بالقاهرة ومنها "المعبد اليهودي بالإسكندرية".


قانون العدالة الاجتماعية

يقول خبراء القانون الدولي، إن استرداد أملاك اليهود في مصر إشكالية صعبة وأدلة إثباتها أصعب، وستكون محاولة مزدوجة فهو سيطالبون باسترداد أملاكهم ونحن سنطالب بتعويضات عن العديد من الأشياء، ولكن عموما إذا كان لديهم مستندات وفي حال إطلاع المحكمة على المستندات الرسمية التي تثبت ملكيتهم سيقضي القضاء بأحقيتهم فيها أو تعويضهم عنها، وفقًا لما تحدده المحكمة، ولكن إذا كان قد صدر أحكام بسلب هذه الأموال والممتلكات نتيجة أعمال غير مشروعة فلن يستردوها، كما أن هذه الممتلكات قد صودرت اعتمادا على قانون العدالة بعد ثورة 1952، ولن يتمكن أحد من استعادة أملاكه إذا كان طبق عليه قانون التأميم، لأن هذا القانون كان نوع من العدالة الاجتماعية، إلا إذا كان القانون قد استثنى المسلمين والمسيحيين من ذلك، ولكن هذا لم يحدث، كما أن التنازل عن الجنسية المصرية ليس له علاقة بالمطالبة بالأملاك قانونيا، كما أنهم يستطيعون استرداد هذه الممتلكات إذا أثبتوا أنهم رحلوا قسرا أو كرها عن دول الموطن الأصلي الذي كانوا يعيشون فيه، وهذا صعب جدا أيضا إثباته.


تدنيس أرض مصر

يقول الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة عين شمس، عندما يتحدث الرئيس عن اليهود فهو لا يتحدث عن الصهيونية العالمية ولا يتحدث عن الإسرائيليين، إنما هو يتحدث عن اليهودي الذي ينتمي إلى مصر وعاش فيها وارتبط بها ومن منطلق سياسي وإنساني، لكن من منظور سياسي فنحن نرفض أن تدنس أرض مصر بأي يهودي تعاون مع دولة إسرائيل وهي الدولة الاستيطانية، وأيا كانت جنسيته، لكن مصر طول عمرها مفتوحة لكل الأديان، ومصر طول عمرها تقبل التعدد، مع الحفاظ على النسيج الوطني الواحد، وبالتالي لا توجد غضاضة في عودة اليهود لمصر من هذا المنطلق، لكن من غير المقبول على الإطلاق أن يتم استقبال أي يهودى استوطن إسرائيل ولوثت يده بدماء الشهداء المصريين الذين استشهدوا عبر الحروب مع إسرائيل، لأنه تحول من مواطن يهودي عادي إلى مواطن إسرائيلي يده ملطخة بالدماء.


وتابع: أما الحديث عن ممتلكات اليهود في مصر، فيقابله الحديث عن ممتلكات مصر التي سلبها اليهود في فلسطين، ويقابله حديث عن التعويضات التي يجب على إسرائيل أن تدفعها لمصر عن البترول الذي سلبته أثناء احتلالها لشبه جزيرة سيناء، وعن الأسماك التي اصطادتها من المياه الإقليمية المصرية أثناء احتلالها لشبه جزيرة سيناء، وكذلك يقابلها الحديث عن دفع تعويضات لأسر الشهداء الذين قتلوا في الحروب مع إسرائيل، يجب أن نفرق بين حديث سياسي دبلوماسي يثبت رحابة صدر مصر وعدم تعصبها، وبين التعامل مع أشخاص ملطخة أيديهم بدماء شهداء مصر.


وأردف: أما عن موضوع استرداد أملاكهم في حال عودتهم لمصر، فهذه مسألة قانونية ومسألة حسابات وتعويضات حصلوا عليها، والفيصل في ذلك هي الوثائق الموجودة في دار الوثائق المصرية الخاصة بأملاك اليهود وشركاتهم والتعويضات التي حصلوا عليها، والذين حاولوا سرقتها أكثر من مرة، لكن في مقابل حصولهم على ما يدعون، يجب عليهم دفع تعويضات عن ما جرى من نهب وسلب لموارد مصر ومن قتل لمائة ألف شهيد عبر حروبهم مع مصر.


لعبة اليهود القديمة وصفقة القرن

ويقول الدكتور محمد أبو غدير، أستاذ الإسرائيليات بجامعة الأزهر، إن الحديث عن عودة اليهود إلى مصر يدخل في إطار الحديث عن صفقة القرن، مشيرا إلى أن اليهود يلعبون اللعبة القديمة، ويتحدثون عن تعويضات تقدر بمليارات الدولارات، ويدعون أنهم كانوا مضطهدين وتم طردهم من مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، بهدف الضغط على مصر والدول العربية للقبول بصفقة القرن، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في عدم قدرة الإعلام المصري في التعامل مع مثل هذه القضايا كما يفعل الإعلام الإسرائيلي.


طوعا وليس كُرهًا

ويضيف الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان، أنه يستغرب من تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي لأن المصريين لم يقوموا بهدم أي معبد لليهود في مصر ولم يمنعوا اليهود من الصلاة في المعابد، وقد خرج اليهود من مصر طوعا وليس كراهية لأسباب خاصة بكل فرد، وهم لا يقيمون أي صلوات في معابدهم في مصر بسبب أن كل اليهود الموجودين في مصر الآن من النساء، والصلاة عندهم لابد وأن تكون بإمامة الرجل.


وأضاف «الدسوقي»، أن فيلم «لعبة الست» بطولة نجيب الريحاني وسليمان نجيب الذي تم إنتاجه عام 1943 يبين أن خروج اليهود من مصر كان بسبب خوفهم من أن يقوم هتلر الذي انتصر على الحلفاء بذبحهم مثلما فعل مع يهود أوربا، فهربوا من مصر إلى جنوب أفريقيا بعد أن باعوا أملاكهم ومحلاتهم إلى الموظفين الذين كانوا يعملون فيها، مشيرا إلى أن اللواء محمد نجيب قام في بعد ثورة 52 بزيارة المعبد اليهودي في عيد الغفران وكتب كلمة طيبة في سجل الزيارات، مؤكدا على أن الرئيس جمال عبد الناصر لم يقوم بمصادرة أموالهم كما يدعون، لكنه قام بتأميم أملاك كل كبار الملاك والأغنياء بمن فيهم اليهود باعتبار أنهم كانوا مواطنين مصريين مثل المسلمين والمسيحيين، بموجب قانون التأميم الذي صدر عام 1961 وتم تطبيقه على كل المصريين بمن فيهم اليهود، مشددا على أنه ليس من حق اليهود استرداد أملاكهم في مصر في حال عودتهم، لأن ذلك يعني أن تقوم الدولة برد كل ممتلكات المصريين التي تم تأميمها في ذلك الوقت وهذا غير ممكن.


ولفت أستاذ التاريخ الحديث، إلى أن المطالبات الإسرائيلية بالحصول على ما يدعونه أملاكًا لليهود في مصر بدأت في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، في إطار تصالحه مع إسرائيل بعد اتفاقية عام 1979، مشيرًا إلى أن الإسرائيليين انتهزوا فرصة التصالح وتطبيع العلاقات وقتها، لكن الرئيس محمد أنور السادات تم اغتياله بعد عامين فقط، مشيرا إلى أن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك لم يلتفت من الأساس إلى أي من تلك المطالبات.