رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الإرهاب أعمى ومن اللازم أن يكافحه مبصر

عمار على حسن
عمار على حسن


من يخدم من؟ الاقتصاد لخدمة الإنسان؟ أم الإنسان لخدمة الاقتصاد؟، أنا مع الأولى، وأى نظام اقتصادى يتعامل مع البشر على أنهم مجرد «عنصر إنتاج» لا أقبله، بل أقاومه. فكثير من الدول حققت نموا بلا تنمية، وزودت دخلها، لكنه ذهب إلى جيوب القلة، وبقيت الأغلبية تعانى الفاقة والحرمان. لا بد من حد الكفاية لكل إنسان: الغذاء والكساء والإيواء والدواء والتعليم، وبعد هذا نتحدث عن تعظيم الربح.

وقد يقول قائل: هذه هى الاشتراكية، وله أقول: الاشتراكية فيها نزعة إنسانية، لكننى أرفض تحجرها أو قيامها على التساوى الحسابى وليس تكافؤ الفرص. لاحظ أننى هنا لم أستبعد الربح، ولا الحافز الفردى، لكننى أقاوم رأسمالية متوحشة جعلت الإنسان مجرد خادم للاقتصاد، عنصر إنتاج بائس مثل بقية العناصر.

(2)

لو افترضنا صحة ما نُسب إلى خالد يوسف وهيثم الحريرى (مع الأخذ فى الاعتبار أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته) فإنهما بهذا قد أساءا إلى نفسيهما، أما من رفع هذه الفيديوهات على الإنترنت فقد أساء إلى مصر كلها مرتين، مرة فى صورة نسائها، وأخرى فى انتهاك دستورها، ولذا فعقابه يجب أن يكون أشد.

(3)

انسحاب الفنان نبيل الحلفاوى من «الجدل السياسى» مكتفيا بالتعليق على كرة القدم وأحوالها، أمر يستحق الالتفات. فالقاعدة تقول إن النظام السياسى الذكى يصنع لأنصاره حججا قويا عبر أفعال إيجابية بناءة مقنعة، وأقوال متسقة، أما دون ذلك فإن هؤلاء سينفضون من حوله، ولن يبقى معه سوى الانتهازيين.

(4)

داعش الذى انهزم فى سوريا والعراق يتوهم أنه سيجد له فى مصر مكانا. ألم يقرأ أتباعه البلهاء العملاء المسخرون من قبل من لا يريد ببلادنا خيرا، تاريخ مصر، ليفهموا أن شعبها كان فى ظهر جيشها، بل أمامه أحيانًا، فى كل معاركنا. أيها الدواعش لن يطول بكم المقام، فمصر ليست آمنة سوى للطيبين.

(5)

وقت الحرب على الإرهاب يجب أن تتفق المعارضة والسلطة على ضرورة الانتصار، هذه غاية واحدة لا خلاف عليها ولا جدال فيها دون أن يسقط حق المختلفين مع أهل الحكم فى إبداء رأى حول الوسائل المتبعة فى المواجهة، ويجب على من يحكمون أن يجدوا قنوات طبيعية لذلك، فهذه ضرورة وواجب يحتمه الصالح العام.

(6)

من «العائدون من أفغانستان» إلى «العائدون من ليبيا».. لا يريد الإرهابيون أن يتعلموا أن الجريمة لا تفيد، ولا تريد السلطة أن تتعلم أن التصدى العنيف ليس كافيا، وأن الإرهاب ناجم عن فكر معوج، يحتاج ابتداء إلى فكر يقاومه، إلى جانب القضاء العادل، والجهد الأمنى اليقظ. فى النهاية فإن الإرهاب أعمى، لكن من يتصدى لمكافحته يجب أن يكون مبصرا.

(7)

أتعجب من كاتب يكرس كل جهده لمواجهة التشدد والتنطع والتطرف والإرهاب باسم الدين فى مصر، وهذا مطلوب حقا، بينما لا ينطق كلمة واحدة فى وجه الاستبداد والفساد السياسى.. إنه الفصام بعينه، فالمبادئ لا تتجزأ.

(8)

فساد المحليات هو سبب كبير لتعثر مصر، هو الذى صنع العشوائيات، وتسبب فى تفشى بعض الأمراض، وأجهض الكثير من المشروعات الصغيرة. المحليات هى بداية التنمية ومنتهاها، بل هى أول السياسة وآخرها، ودون إصلاحها سنظل ندفع ثمنا باهظا، ولا إصلاح لها إلا بانتخاب مجالس شعبية محلية تمثل الناس بصدق.

(9)

الإرهاب خطر لكن الفساد أخطر. فالإرهاب يقود الدولة لشحذ طاقاتها فى مواجهته، أما الفساد فيدمر هذه الطاقات أصلا. وإذا كنا نتحدث عن حرب ضد الإرهاب، فالحرب تكون أحيانا الحجر الذى يلقى فى البحيرة الراكدة فيمنعها من التعفن، أما الفساد فهو بمنزلة ماء آسن يزيد هذه البحيرة ركودا وتعفنا.

(١٠)

لا يمكن لـ«الدولة» كتنظيم سياسى وقانونى أن تقوم إلا بالعدل، فإن غاب فأنت أمام شكل اجتماعى بوسعك أن تطلق عليه أى مسمى، لكنه لا يمكن أن يكون «دولة».

(11)

يجب أن ينصرف الجهد الأكبر للقائمين على رعاية الدعوة والمعرفة الدينية إلى ما يشبع الظمأ الروحى الشديد، الذى يعانى منه البشر المنتمون والموالون والتابعون والمنتسبون إلى الأديان جميعا، بعد أن تحول التدين عند الأغلبية إلى مجموعة من الطقوس الشكلية التى يؤديها الناس بشكل آلى.

(12)

النائب أحمد الطنطاوى يعبر عن رأى القطاع الأعرض من المصريين فى موقفه من التعديلات الدستورية. إنه النائب الحق، الذى يدرك أن مهمته هى «رقابة» نزيهة و«تشريع» لا يخلّ بالدستور، ولا يضرب بالقوانين عرض الحائط. كلمته من الباقيات الصالحات فى تاريخ البرلمان المصرى.

(13)

ماذا يمكن أن نفعل مع الذين يكذبون ونعلم أنهم كاذبون ويعلمون هم أنهم فى كذب كما يعلمون أننا نعلم أن الكذب طريقهم ويعلم الكذب نفسه أنهم أنصاره، ويعلم الله أنهم لن يكفوا عن الكذب، فإذا قلنا لهم هذا قالوا: أنتم تكذبون علينا. ماذا عسانا أن نفعل مع أهل الكذب والتكذيب؟

(14)

قد نختلف حول الطريقة التى تدار بها الأمور فى مصر، لكن يجب علينا ألا نختلف على حب مصر. هل يمكن أن يختلف الإنسان مع نفسه؟ مع خلايا جسده؟ مع روحه؟ مصر هكذا لو أدركنا قيمة البلد الذى علم العالم قديما، وعلينا أن نأخذ بيده كى يستعيد دوره.

نقلًا عن "المصري اليوم"