رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لماذا لا يشعر الفقراء بتحسن المعيشة رغم الإشادة الدولية بـ«البرنامج الاقتصادي»؟

أموال - أرشيفية
أموال - أرشيفية


شهدت الأيام القليلة الماضية، صدور العديد من البيانات والتصريحات السارة والمبشرة من الخارج والداخل بتحسن الاقتصاد الدولى، وصل الأمر إلى توقع دخول مصر العظماء السبع على مستوى العالم اقتصاديًا خلال عام 2030.


يأتي ذلك في الوقت الذي لا يشعر فيه المواطن بأى نتائج إيجابية على تحسن الحالة الاقتصادية له، رغم هذا الكلام، فمازالت الأسعار «نار»، والبطالة في تزايد، والتضخم مرتفع، وهناك أنباء عن تحرير جديد لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، خلال الفترة المقبلة.


والسؤال المطروح بقوة الآن: لماذا لا يشعر المواطن بأي تحسن في المستوى الاقتصادي رغم الأرقام وبيانات الإشادة الصدار بحق تحسن البرنامج الاقتصادي للدولة.


وقبل الإجابة على هذا السؤال نستعرض بعض التقارير والبيانات الخارجية والداخية والتي تشير إلى تحسن الاقتصاد المصري، في البداية ذكر تقرير الصندوق، عددا من التوقعات الايجابية لأداء الاقتصاد المصرى فى العامين الماليين الحالى والمقبل أهمها ارتفاع معدل النمو الاقتصادى إلى 5.5% للعام المالى الحالى ولنسبة 5.9% فى عام 2019/2020، ليسجل الناتج المحلى لمصر 6 تريليونات و458 مليار جنيه أى 3 أضعاف ناتج عام 2015/2016 البالغ 2 تريليون و709 مليارات جنيه ليرتفع بذلك نصيب الفرد من الناتج إلى 3314 دولارا العام المالى المقبل وإلى 3052 دولار العام المالى الحالى.


وتوقع التقرير، تراجع معدلات البطالة إلى 9.6% العام المالى الحالى وإلى 8.3% العام المالى المقبل وأيضا انخفاض معدل التضخم من 14.5% متوقعة للعام المالى الحالى إلى 10.7% العام المالى المقبل لينخفض متوسط معدل التضخم المسجل فى الفترة من عام 2015/2016 إلى عام 2019/2020 إلى نحو 12.8% على أساس سنوى مقابل 15.8% بالتوقعات الحالية.


وأكد التقرير قدرة مصر على خفض معدل الدين العام إلى 83.3% من الناتج المحلى خلال العام المالى المقبل نزولا من 86% متوقعة للعام المالى الحالى ومقابل 103.2% فى عام 2016/2017، مع خفض نسبة الدين الخارجى أيضا إلى 17.6% من الناتج المحلى العام المالى المقبل مقابل 18.1% عام 2016/2017، والدين المحلى سيتراجع أيضا إلى 65.7% من الناتج المحلى بحلول عام 2019/2020 مقابل 85% عام 2016/2017.


وحول أداء الموازنة العامة، توقع خبراء الصندوق استمرار نمو إجمالى الإيرادات العامة والمنح لترتفع العام المالى الحالى بنسبة 18.3% والعام المالى المقبل بنسبة 17.8% مع خفض نسبة العجز الكلى بالموازنة إلى 8.3% العام المالى الحالى وإلى 6.7% عام 2019/2020 ولا تشمل هذه النسب تلقى مصر لأى منح أو معونات من الخارج، مع توقعهم بنجاح مصر فى تحقيق فائض أولى بالموازنة العامة للعام الحالى والمقبل أيضا بنسبة 2% من الناتج المحلى مقابل عجز أولى بنسبة 1.8% من الناتج عام 2016/2017.


كما تضمن التقرير توقعات حول أداء القطاع الخارجى شملت نموًا بنسبة 14.4% فى الصادرات السلعية لمصر خلال العام المالى الحالى مع ارتفاع الواردات المصرية بنسبة 6.4% لينخفض عجز الميزان التجارى بشكل طفيف إلى 12.4% وأيضا عجز الميزان الجارى ليسجل 2.5% بجانب ارتفاع الاستثمارات المتدفقة على مصر إلى 9.5 مليار دولار العام المالى الحالى وإلى 11.2 مليار دولار العام المالى المقبل، بالإضافة إلى مواصلة نمو الاحتياطى النقدى ليسجل 44.9 مليار دولار منتصف العام الحالى وإلى 45.4 مليار دولار منتصف عام 2020 لتختفى الفجوة التمويلية التى عانى منها الاقتصاد المصرى تماما من العام المالى الحالى.


كما نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء «إنفوجراف» عن اختيار بنك "ستاندرد تشارترد" مصر ضمن أكبر عشر اقتصاديات في العالم عام ‏‏2030‏.


وأوضح المركز أن مصر ستأتي في المرتبة السابعة عالميًا حيث سيسجل الناتج المحلي الإجمالي لها ‏حسب تعادل القوة ‏الشرائية في2030‏، حوالي ‏8.2‏ تريليون دولار، وذلك مقارنة بوضع مصر عام 2017، التي احتلت فيه المرتبة الحادية والعشرين بإجمالي ناتج محلي حسب تعادل ‏القوة الشرائية يبلغ حوالي ‏ ‏1.2‏ تريليون دولار.



من جانبه أعلن الدكتور محمد معيط وزير المالية، استمرار تحسن المؤشرات المالية للدولة بما يؤكد أن الاقتصاد المصري يسير بثبات على الطريق الصحيح، ونجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي الشامل الذي تنفذه الحكومة المصرية، والذي يحظى بدعم كامل ومستمر من القيادة السياسية.


وقال وزير المالية: «إن مؤشرات أداء الاقتصاد المصري مستمرة في أدائها القوي، حيث واصل معدل اﻟﻧﻣو الاقتصادي ارتفاعه ليسجل في النصف الأول من العام المالي الحالي 5.5% وهو أعلى معدل نمو يتحقق للدولة منذ عام 2008 وأعلى معدل نمو تحققه إحدى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة أنه يأتي بعد نجاح الحكومة في رفع معدل النمو إﻟﯽ 5.3٪ عام 2017/2018 مقابل متوسط ﻧﻣو بلغ 2.3٪ في الفترة من عام 2011 وحتى عام 2014، مدعومًا بأداء قوي ومساهمة إيجابية من الاستثمارات والصادرات وهو ما يعكسه انخفاض معدلات البطالة إلى أقل من 10٪ في يونيو 2018، مسجلة أقل معدل لها منذ عام 2010 ".


وأضاف أن قوة الاقتصاد المصري يؤكدها أيضًا ارتفاع الاحتياطيات الدولية بشكل كبير لتحقق نحو ٤٢.٦ مليار دولار في نهاية ديسمبر الماضي، وهو ما تزامن مع انخفاض معدلات التضخم السنوية والشهرية مؤخرًا.


وأضاف وزير المالية أن هذا النجاح عكسته أيضًا تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني، والتي قامت العام الماضي برفع درجة التصنيف لمصر فمثلًا قامت مؤسسة ستاندرد أند بورز برفع درجة التصنيف الائتماني من B- إلى B بينما قامت مؤسسة فيتش وموديز برفع النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من مستقر إلى إيجابي، ما يؤكد ويزيد من إمكانية رفع درجة التصنيف الائتماني مستقبلًا لمصر خلال عام 2019.


كما أكد أن هذا التحسن في نظرة المؤسسات التنموية للاقتصاد المصري يعززه إعلان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هذا الأسبوع، والذي رفع تصنيف مصر في مؤشر مخاطر الدول من الدرجة 6 إلى الدرجة 5 مما يعني أن مصر أصبحت وفقًا لتقديرات المنظمة أكثر جاذبية للاستثمارات الدولية في ضوء استمرار جهود الحكومة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وزيادته.


وعلى خلاف الكلام الوردي السابق بشأن الوضع الاقتصادي للدولة، قال ديفيد ليبتون، النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي:" إن الحكومة المصرية لا تزال ملتزمة باسترداد تكاليف معظم منتجات الوقود بحلول منتصف 2019، في إشارة إلى برنامج الحكومة لرفع الدعم عن المنتجات البترولية الذي تطبقه منذ 2014".


وأكد ديفيد ليبتون، النائب الأول للمدير العام للصندوق، أن سياسة البنك المركزى المصرى، ترتكز على الهدف متوسط الآجل لخفض التضخم لرقم أحادي، كما اتخذت السلطات المصرية خطوات مهمة لتعميق سوق الصرف الأجنبى والسماح بمرونة أكبر فى سعر الصرف، بما فى ذلك إلغاء آلية تحويل أموال المستثمرين مشيرا إلى أن الحكومة تسير على المسار الصحيح لتحقيق هدف الفائض الأولى عند 2%، وهو ما سيحقق تعديلا ماليا تراكميا قدره 5.5% من الناتج المحلى الإجمالى خلال ثلاث سنوات، مشيرا الى إلى أن الحكومة لا تزال ملتزمة بخطتها لاسترداد تكاليف أسعار الوقود بحلول منتصف 2019 وتنفيذ آلية التسعير التلقائي، اللذين يعتبران ضروريين لتشجيع استخدام أكثر كفاءة للطاقة، وخلق مساحة مالية للإنفاق ذى الأولوية العالية مثل الصحة والتعليم.


وأكد الدكتور محمود الشريف الخبير الاقتصادي، أن تطبيق إجراءات الإصلاح الاقتصادى فى أى دولة ينتج عنه ارتفاع لمعدلات التضخم، وبالنظر لحالة مصر، فإن اقتصادها كان يعانى من مستويات مرتفعة من التضخم قبل اتخاذ الإجراءات الإصلاحية، بسبب ضعف الهيكل الإنتاجى والاعتماد على الاستيراد، حيث تصل قيمة السلع الغذائية التى يستهلكها المصريون، خاصةً السكر والبن والشاى والزيوت والقمح، إلى نحو 20% من إجمالى واردات مصر من الخارج وهى نسبة كبيرة جدًا، كما أن متوسط إنفاق الأسر المصرية على الغذاء يصل لنحو 34% من الدخل وهى أيضًا نسبة مرتفعة.


وأشار الشريف إلى أن الهم الأساسى للحكومة هو البطالة والأسعار، وأنه من أجل تحقيق معدلات التنمية المنشودة وخلق فرص عمل لائقة يجب تحقيق معدلات نمو تعادل 3 أضعاف معدلات النمو السكانى، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على المكون المحلى، وزيادة الاستثمار الزراعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الغذائية الأساسية ودفع معدلات التصدير.


وذكر الخبير الاقتصادي، أن أهم أسباب عدم شعور المواطن الفقير بالتحسن في المعيشة يرجع، إلى زيادة سعر صرف الدولار، وارتفاع أسعار الكهرباء؛ لأن الإنتاج الصناعي والزراعي يحتاج إلى طاقة، وزيادة التكاليف تترجم لارتفاع في الأسعار، كما أن مصر تستورد معظم السلع بالدولار؛ ما يؤدي إلى زيادة الأسعار حتى للسلع المحلية، وعلى الرغم من أن البنك المركزي مسؤول عن ضخ العملة لتوفير تلك السلع، إلا أن الاستهلاك ما زال أكبر من العرض.


وقال الدكتور إبراهيم صالح، خبير التخطيط والاقتصاد، إن ارتفاع الأسعار الذي تعاني منه البلاد في الفترة الأخيرة نتيجة غياب الرقابة، على موضوع الزيادة في الأسعار فكل تاجر يرفع السعر ويقلده بقية التجار، مشيرًا إلى أن ارتفاع سعر الدولار وانخفاض سعر الجنيه وجشع التجار أبرز أسباب الغلاء.


وطالب «صالح» الحكومة بوجود بورصة للأسعار لتحديد السعر ولابد من محاسبة من يخالف الأسعار عن طريق الحكومة، لأننا أصبحنا نجد محلين بجوار بعضهما وكل منهما يبيع بسعر مختلف، موضحا أن المستهلك هو من يدفع ثمن غلاء الأسعار لأنه آخر السلسلة الشرائية فتصل إليه السلعة بأضعاف ثمنها.


وأشار إلى أن أحد أبرز الأسباب وراء تدني مستوى المعيشة في مصر رغم الإشادات الدولية بشأن تحسن الاقتصاد، يرجع إلى عجز الموازنة الذي يقترب من 300 مليار جنيه، والدين العام الذي وصل إلى 3 تريليونات جنيه، كما أن السياسات الخاطئة التي تتبعها الحكومة، المفتقدة لرؤية واضحة للإصلاح كان لها دور في ذلك أيضا.


وطالب الحكومة بضرورة أن يكون هناك مردود قوي يشعر به الفقراء بشأن تحسن البرنامج الاقتصادي، وذلك لن يكون سوي عن طريق تقليل نسبة البطالة، إعادة فتح وتشغيل أكثر من 400 مصنع مغلق، زيادة المشروعات متناهية الصغر وقف ارتفاع الأسعار وخاصة المواد الغذائية، والأهم بالطبع زياردة المرتبات بقدر يواجه أعباء المعيشة ورفع الدعم عن المنتجات البترولية وفواتير الكهرباء.