رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مسابقة المعلمين تكشف الخيبة التقيلة لـ«طارق شوقي» في إدارة ملف التعليم

طارق شوقى - أرشيفية
طارق شوقى - أرشيفية


ظلت إشكالية عجز المعلمين على مدار الفترة الماضية، على رأس الأزمات التى تشكل صداعًا مزمنًا، وتحديًا كبيرًا أمام منظومة التعليم الجديد، حتى أعلنت الحكومة أخيرًا بعد مطالبات كثيرة عن حل مؤقت يتلخص في إجراء مسابقة بشأن التعاقد المؤقت مع المعلمين في عدد من التخصصات المختلفة بالمدارس الحكومية لمدة شهرين فقط هما مدة الفصل الدراسي الثاني دون تجديد براتب 1000 جنيه.

وأثار هذا الإجراء جدًلا واسعا، إذ يرى البعض أن عقلية الوزارة في التعامل مع مشكلة العجز بعمل مسابقات وتعاقدات مؤقتة فيها مخالفة للدستور يعكس تنصل الوزارة من مسئولياتها في التعامل مع أزمة توقف تكليف طلاب خريجى كليات التربية، فيما يرى آخرون أن هذا القرار لا يتضمن حلا حقيقا لأزمات العجز ولكن يستهدف تحقيق مكاسب وجمع أموال من الراغبين في التقدم لهذه المسابقة.


بدوره قال الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، إن المسابقة جاءت بعقود مؤقتة ومحددة؛ لأنه علميا لابد من تجربة الحلول التي نعمل عليها لمعالجة ذلك الأمر، ولنصل لأفضل بيانات معتمدة بشكل نهائى على مستوى دولة مثل مصر بها ٥٥ ألف مدرسة موزعة على ٢٩٠ إدارة تعليمية تضم عددا كبيرا من المعلمين. مضيفا "فلا نريد تكرار مشاكل المسابقات السابقة التى نفذت لكى تعالج مشاكل العجز ومازال العجز قائما ما شكل إهدارًا حقيقيًا لموارد الدولة".


في هذا السياق، قال الدكتور كمال مغيث، الخبير التعليمي، إن الحكومة تعالج مشكلة العجز في أعداد المعلمين بطريقة غبية ومبتذلة، مشيرًا إلى أن هذه المسابقة تمثل استخفاف وزارة التربية والتعليم بدور المعلم.


وأضاف في تصريح خاص لـ"النبأ" كيف نتوقع أن يتقدم معلم على مستوى جيد ومؤهل بمرتب 1000 لمدة شهرين؟ متابعًا في الغالب لا يتقدم أحد في المسابقة سوى بعض الشباب والشابات الذين لا يجدون عملًا يليق بهم وسيتعاملون معها باعتبارها "مَرمة".


وتابع: تعامل الوزارة بهذا الشكل التافه مع أزمة العجز في الفصول بطريقة لا تمت لشكل المسابقات الحقيقية بصلة، أدى إلى تسيد ثقافة "النحتاية" بين المتقدمين، في الوقت الذي تصرف فيه عشرات الملايين من الجنيهات على بنك معرفة لا يملك معظم المدرسين والطلاب المعرفة الحقيقية بكيفية وطرق استخدامه ولا تجرؤ الوزارة على عمل بحث معلن يكشف عدد مستخدميه الحقيقيين.



وأكد: أنه لا يستعبد أن تكون هذه المسابقة شكلا من أشكال الاستثمار لجذب مزيد من الأموال التى تتمثل في استخراج الأوراق، مضيفًا أن هناك كارثة حقيقة تتلخص في نظرة الحكومة للتعليم وطرق علاج أزماته.


في المقابل، قالت أسماء نجم، عضو المكتب التنفيذي لحركة تمرد معلمي مصر، إن مسابقة المعلمين كحل مؤقت لأزمة العجز بالمدارس تعد جيدة، مشيرة إلى أنها خطوة تأخرت كثيرًا بسبب حصر التخصصات المطلوبة بكل محافظة وكان من المفترض إجراؤها منذ بداية العام، وليس مع بدء الترم الثاني.


وأضافت في تصريح خاص لـ"النبأ" أنه من المتوقع أن تتجه وزارة التربية والتعليم لتجديد العقود ولن يقتصر على مدة الشهرين، متابعة أن الحكومة أعلنت عن هذه المدة لأنه ستكون هناك إجازة آخر العام وبالتالي لن تكون هناك أزمة في العجز.


وأشارت إلى أن نائب وزير التعليم لشئون المعلمين وعدهم بعمل مسابقة ثانية في أول سبتمبر بنظام العقود، مضيفة أن جميع المعلمين في بداية عملهم كانوا يعملون بنظام العقود.


ولفت إلى أن الراتب الذي حددته الوزارة بقيمة 1000 جنيه ضعيف، ولكنه في كل الأحوال يشكل أزمة عامة يعانى منها جميع المعلمين في مصر متابعة أكبر مدرس في الوزارة مرتبه لا يتعدى الـ3000 جنيه، وطالبنا أكثر من مرة بعلاج هذه الأزمة.


وأكدت أنها لا تتفق مع ما يقال عن أن الحكومة تستهدف جمع أموال من طلبات التقديم، مشيرة إلى أن أي وظيفة أو أى عمل يتطلب استخراج مستندات وأوراق معينة سواء كان خاصَا او عامًا.


وأشارت إلى الاستجابة الجيدة من قبل مسئولي الوزارة، مشيرة إلى أنه عند حدوث خلل بموقع التقديم للوظيفة وكذلك عدم إدراج التخصصات المطلوبة بالمحافظات تم نقل تلك الشكاوى وبالفعل تم حلها.


بدوره، قال عبد الحفيظ طايل، رئيس مركز الحق في التعليم، إن إعلان الوزارة عن هذا المسابقة في حد ذاته يعد مؤشرًا جيدًا لأنه يعنى اعترافًا رسميًا بوجود عجز في أعداد المعلمين يصل إلى 90 مدرسًا في بعض الأماكن يتعلق بالمواد الأساسية مثل اللغة الانجليزية، مشيرًا إلى أن الفترة الماضية كانت الحكومة تنكرها وتتحدث عن وجود سوء توزيع فقط للمدرسين وليس عجزًا.


وأضاف «طايل» في تصريح خاص لـ"النبأ"، أن الحكومة بهذه المسابقة تخالف الدستور وتنتهك المعلمين، حيث إنها تخالف نص القانون 155 لسنة 2007 المسمى بكادر المعلمين، الذي ينص على أن التعاقد يتم على أساس المعلم المساعد مدته سنتين وتمتد لـ3 سنوات، كما أنه يخالف نص القانون الذي ينص على أن الحد الأدنى للأجور لا يقل عن 1200 في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة عن أنه سيكون ألف جنيه وبعد خصم الضرائب سيصل إلى أقل من ذلك بكثير.


وتابع: أن طريقة التعليم في التعامل مع أزمات العجز تكشف عن سياستها القائمة على التنصل من مسئولياتها في تعيين المدرسين الذين كان يتم تكليفهم وكذلك تسليع التعليم والوظائف عبر استغلال حاجتهم للتوظيف، مشيرًا إلى أن هذه الطريقة لا تعدو سوى مسكن مؤقت لا يتضمن حلا حقيقيا للأزمة، متسائلًا "أين سيذهب هؤلاء المعلمون بعد انتهاء مدد التعاقد".


وأشار إلى أن الوزارة بهذه الطريقة تعيد إنتاج الأزمة، كما أنه يؤكد عدم وجود رغبة حقيقية لدى الحكومة في حل مشكلات العجز، متابعًا أنه لا توجد بما يسمى فرص مؤقتة في التعليم وبهذا الإجراء فإن الدولة تنتهك حقوق الناس في التأمين على المتعاقدين.


وواصل: هل نتوقع أن تكفي 1000 جنيه شابا في تغطية احتياجاته وبالتالي سيلجأ إلى إعطاء دروس خصوصية، مؤكدًا أن الأزمة لا تتعلق بالأزمات المادية ولكنها مرتبطة بعدم تقسيم الرواتب وترتيب الأولويات بشكل صحيح.