رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خصم شهر من بطل العالم لمقابلته ملكة هولندا بدون إذن

سيد أفندي نصير
سيد أفندي نصير


سيد أفندي نصير.. هو البطل المصري الذي حقق لمصر أول ميدالية ذهبية في رفع الأثقال في أوليمبياد أمستردام 1928 متفوقا علي كل أبطال العالم، وصافحته وقتها ملكة هولندا، واحتفى به جلالة ملك مصر وأقام له رئيس الوزراء حفلا خاصا حضره الوزراء والنبلاء والأمراء، ونظم فيه أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة لهذا البطل ونشرت عنه مجلة "اللطائف المصورة" بعد وصوله لميناء الإسكندرية حاملا الميدالية الذهبية لأرض الوطن، التقرير التالي:


وصل إلي الإسكندرية بعد ظهر 18 نوفمبر الجاري علي ظهر الباخرة "فينا" فخر شباب مصر الرياضي الأكبر وبطل أبطال القوي في العالم الرباع الشهير سيد افندي نصير بعد أن مثل مصر تمثيلا مشرفا في ألمانيا وأحرز بطولة أوروبا في رفع الأثقال في المباراة التي أقيمت في مدينة ميونيخ منتصرا على أعظم أبطالها، وشارك في حفلة الألعاب الرياضية التي أقامتها الصحافة الألمانية في برلين يوم 5 نوفمبر لمناسبة عيدها العاشر فرفع فيها 160 كيلو جراما، ضاربا بذلك أرقامه التي سجلها في ميونيخ والتي نال البطولة من أجلها، وقد أعجب الألمان به إعجابا عظيما وقدروا قوته ونبوغه الرياضي تقدير من يقدر قيمة ذلك، وأشادت الصحف بامتنانه ومدحه وكتب العالم الكبير الدكتور "فيلي ميل" مقالا شائقا في وصفه في جريدة "فوربش زيونيغ" ببرلين بتاريخ 9 نوفمبر جعل عنوانه "الله هو الله ونصير هو بطل"، وانفعل أمير الشعراء أحمد شوقي بك بأول بطل مصري يحصد ميدالية ذهبية في الأوليمبياد فنظم فيه قصيدة يقول فيها:


شرفا نصير ارفع جبينك عاليا… وتلق من أوطـانك الإكـليلا

يا قاهر الغرب العتيد ملأته… بثناء مصر علي الشفاة جميلا

إن الـذي خلق الحـديد وبأسـه… جعل الحـديد لساعديك ذليلا

أما الشاعر اللبناني "جبران خليل جبران " فكتب فيه:

- يا فتي الفتيان أحسنت البلاء.. في المباراة وحققت الرجاء.


ولد سيد نصير في 31 أغسطس عام 1905 بقرية شوبر بطنطا، بدأ عشقه لرفع الأثقال بعد ما شاهد لأول مرة في مولد "السيد البدوي" ألعاب البطل القديم عبد الحليم المصري، صاحب الفضل الأول في انتشار اللعبة في مصر، اتجه نصير لمدرسة عبد الحليم المصري وكون فريقًا لرفع الأثقال، وكان متفوقًا في العديد من الألعاب وشارك في بطولة القطر المصري عام 1925، وتوّج بلقبها في الوزنين "الخفيف والثقيل"، واحتفظ بلقب البطولة حتي عام 1928.


بداية توهجه كانت في عام 1928 عندما شارك في دورة الألعاب الأوليمبية بأمستردام، تحت قيادة المدرب محمد بسيوني، الذي سعي لضمه للنادي الأهلى لوفرة الإمكانيات والجماهيرية أيضًا، وتوج بأول ميدالية ذهبية لمصر في أمستردام في وزن خفيف الثقيل بمجموع أوزان 355.5 كجم (ضغط 100 كجم - خطف 110 كجم - نطر 147.5 كجم)، محققًا إنجازًا غير مسبوق للرياضة المصرية بتفوقه في الأوليمبياد علي 17 رباعًا من أقوي رباعي العالم وخرجت الصحف العالمية تتغني بما فعله البطل مرددة " لقد ارتفع العلم المصري في الاستاد الكبير، فاز سيد نصير المصري علي أبطال العالم في حمل الأثقال فكان بطل العالم الأول بأرقام مدهشة".. وذاعت شهرة سيد نصير بعد عودته من أمستردام، وانتشرت اللعبة بشكل أكبر في مصر، وفي عامين متتاليين حقق البطل المصري بطولة العالم لرفع الأثقال في مدينة ميونيخ الألمانية عام 1930، ثم في لوكسمبورج عام 1931.


ومن الأمور الطريفة التي تعرض لها بعد فوزه بذهبية الأوليمبياد أنه كان يعمل موظفا بسيطا في الأرشيف بوزارة الشئون الاجتماعية، وفور عودته إلي عمله تم إخباره بأن مديره يسأل عنه يوميا، تاركا له رسالة بضرورة الحضور إليه فورا، وظن نصير في بداية الأمر أن مديره يريد الاحتفاء به، فهو كان في الليلة الماضية نجم حفل نادي الجزيرة بحضور رئيس الوزراء والوزراء والنبلاء من الأسرة المالكة، على شرف الميدالية الأوليمبية التي حصدها، إلا أنه وجد استجوابا عن سبب الغياب، وعندما أخبره نصير بأنه كان يلعب في هولندا، قرر رئيس الأرشيف معاقبته بخصم شهر من مرتبه، فأخبره بأن كل الصحف نشرت صورته وهو يصافح ملكة هولندا، فما كان من المدير سوي خصم نصف شهر آخر بسبب عدم الحصول علي إذن رسمي من المصلحة لمقابلة ملكة هولندا.. ولم يكن المدير يعلم معنى الأوليمبياد، كان يتحدث بحسن نية ويصدر قراراته بناء على عدم معرفة، اشتد غيظ البطل الأوليمبي، وأخبر مديره بأنه التقى رئيس الوزراء والوزراء والنبلاء وصاحب المعالي وزير الحربية.


لم يتحمل المدير هذا الأمر، وخرج مسرعا من مكتبه متوجها إلى مكتب زملاء نصير فوجدهم ينشدون أبيات من قصيدة أحمد شوقي التي نظمها في البطل المصري، فخرج لغرفة أخرى فوجد الزملاء يتحدثون عن بطولة نصير، لم يتحمل المدير الصدمة، فوقع على الأرض مغشيا عليه.


حصل سيد نصير على وسام النيل في الأربعينيات من جلالة ملك مصر فاروق الأول، ووسام الرياضة من الرئيس جمال عبد الناصر أكتوبر 1965.. وتم تعيينه وكيل وزارة الشباب وكان مسئولا عن مجموعات الكشافة والمرشدات في تطهير مدينة بورسعيد أثناء العدوان الثلاثي على مصر.