رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الصين تبدأ عامًا جديدًا مبشرًا للاقتصاد العالمي مع قوة الاستهلاك والاستثمار

الرئيس الصيني - أرشيفية
الرئيس الصيني - أرشيفية

يستقبل الاقتصاد الصيني، اليوم الثلاثاء، السنة القمرية الصينية الجديدة مع نمو اقتصادي مستقر ومستويات دين مستقرة وزخم استثماري قوي. 

ورغم ما يثيره مراقبون دوليون من احتمالات حدوث مزيد من التباطؤ في هذا العام، الا أن زخم الاستهلاك وإمكانات النمو الاستثماري الكبيرة المتوقعة للصين تبشر بأيام قادمة أفضل لنمو الاقتصاد العالمي.

قوة الاستهلاك
في مواجهة بعض الاقتصاديين الذين يضخمون من الأثر غير المباشر لتباطؤ الاقتصاد الصيني، يؤكد اقتصادي عالمي بارز مثل الوزير البريطاني السابق، جيم اونيل، على القوة الاقتصادية للمستهلكين الصينيين كمحرك للاقتصاد العالمي.

وبالرغم من تباطؤ إنفاق المستهلكين الصينيين في الأشهر القليلة الماضية، أشار أونيل الذي اشتهر عالميا بصياغته لمصطلح "بريك"، لوصف كتلة الاقتصادات الناشئة-- البرازيل وروسيا والهند والصين-- قبل أن تصبح "بريكس" بعد انضمام جنوب أفريقيا، الى انه يؤمن بقوة بالدور المحوري للمستهلكين الصينيين، متوقعا “على الأرجح الا تتقدم دولة أخرى لدفع الاستهلاك العالمي".

وتعمل الصين على تحويل اقتصادها نحو نموذج نمو أكثر استدامة يستمد قوته من الاستهلاك والخدمات والابتكار، مما يعني فرصًا كبيرة للدول التي يمكنها تقديم منتجات وخدمات عالية الجودة. وتعد الصين، البلد الأكثر سكانا في العالم، أحد المحركات الرئيسية للعولمة ومستفيدة منها. وبعد بدء سياسة الإصلاح والانفتاح في عهد دنغ شياو بينغ في 1978، تحول الاقتصاد الصيني واُنتشل 500 مليون صيني من براثن الفقر.

ومن المتوقع أن يساهم الاستهلاك في 65 في المائة من النمو الاقتصادي الصيني في عام 2019 ليبقى المساهم الأكبر، مع زيادة متوقعة بنسبة 9 في المائة بإجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية، حسبما قال وانغ بين نائب مدير قسم عمليات السوق وتعزيز الاستهلاك بوزارة التجارة في اجتماع عقد مؤخرا.

ويعاني الاقتصاد العالمي من ركود تنبأ به العديد من الاقتصاديين في العديد من البلدان، مع ظهور أدلة بالفعل أكدتها منظمات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في آخر توقعاتهما.

وبالنسبة لأونيل، فإن هذا النوع من الركود متوقع ولا ينبغي المبالغة في ردة الفعل. ويرى الخبير، الذي توقع في التسعينات ألا يبقى العالم معتمدا على المستهلك الأمريكي في ظل تكرر أزمات عالمية نجمت بالأساس عن تباطؤ في قدرة هذا المستهلك، أن الدورات الاقتصادية من سنن الحياة وأن السنوات الـ٤٠ القادمة ستدور في فلك المستهلك الصيني.

وهناك مؤشرات تشير إلى دفعة في الاستهلاك في الصين سيكون لها مردود إيجابي على الاقتصاد العالمي بالرغم من بعض التباطؤ في الأشهر القليلة.

ففي النسخة الأولى من معرض الصين الدولي للواردات الذي عقد في شنغهاي في الفترة من 5 إلى 10 نوفمبر عام 2018، تم إجراء صفقات قيمتها نحو 57.83 مليار دولار أمريكي، أفادت 3617 عارضًا أجنبيًا وأكثر من 400 ألف مشترٍ من البلاد وخارجها.

ومن المتوقع أن تكون النسخة الثانية من معرض الصين الدولي للواردات المقرر عقدها في نوفمبر 2019 أفضل من نسخة العام الماضي، مع توسع الصين في إجراءات الانفتاح. وستضع شانغهاي 100 إجراء موضع التنفيذ لدعم المزيد من الانفتاح هذا العام. وقال مكتب معرض الصين الدولي للواردات أن أكثر من 500 شركة من أكثر من 40 دولة ومنطقة قد أكدت مشاركتها في المعرض خلال عام 2019.

في الوقت نفسه، تعهدت السلطات الصينية في الشهر الماضي بمجموعة من الإجراءات لتعزيز الاستهلاك كجزء من الجهود لدعم الاقتصاد.

وقال بيان صادر عن اجتماع اقتصادي رسمي، مؤخرا، أن تحسين جانب عرض السوق وزيادة الاستهلاك يلعبان دورا أكبر في التعامل بفعالية مع الضغط الهبوطي على الاقتصاد والحفاظ على نمو مستقر.

وتعهد الاجتماع بتشجيع استهلاك السيارات والأجهزة المنزلية الكهربائية وفقا للأوضاع المحلية، وتوفير دعم أكبر للسياسة حيثما تسمح الظروف، وتلبية الطلب على السيارات الذكية، والأجهزة المنزلية الذكية.

كما سيتم زيادة المعروض من المنتجات والخدمات عالية الجودة، وسيتم تعزيز قوة الإنفاق للسكان مع تدابير مثل خصومات ضريبة الدخل الفردية الخاصة.

قوة الاستثمار
والى جانب الاستهلاك يبرز محرك آخر للاقتصاد العالمي يتمثل في الاستثمار.

ومع مستويات الديون المستقرة، تملك الصين مجالا أكبر للاستثمارات الفعالة لدعم النمو وسط تنبؤات ببيئة أفضل للمستثمرين الأجانب مع انفتاح الصين على العالم.

وبما أن معظم ديون الصين تسعر بالعملة المحلية، وكثيراً ما تدعم الحكومة المركزية الديون المستحقة على القطاعات الاستراتيجية، فمن غير المرجح أن تحدث أزمة مالية، حسبما ذكر كريدي سويس في تقريره عن التوقعات الاستثمارية لعام 2019.

ومع النمو الاقتصادي المستقر وسهولة الوصول إلى الأسواق، خالفت الصين تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في عام 2018، لتصبح أكبر مستقبل للاستثمار في العالم.

وفي عام 2019، من المقرر أن تجني الشركات الأجنبية المزيد من الفوائد تماشيا مع جهود الصين المتواصلة لتوسيع الوصول إلى الأسواق وبناء بيئة أعمال أفضل.

وسيكون أحد أبرز النقاط هو قانون الاستثمار الأجنبي الموحد الذي يهدف إلى اعتماد نموذج للمعاملة الوطنية المحددة سلفا مع قائمة سلبية وتعزيز حماية حقوق الملكية للشركات ذات الاستثمارات الأجنبية.

وسيتم تقديم القانون إلى الدورة العامة القادمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، المقرر افتتاحها في 5 مارس.

وبينما يشهد العالم زيادة في الحمائية التجارية، تدعم الحكومة الصينية اقتصادًا عالميًا مفتوحًا وشاملًا، وتبذل جهداً لتوسيع الوصول إلى الأسواق وتخفيف القيود المفروضة على الأسهم الأجنبية وتخفيض التعريفات الجمركية على الواردات.