رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عملية «قناع التشويش».. كيف تُدير الدولة انتخابات «الصحفيين» على طريقة «عز»؟

نقابة الصحفيين -
نقابة الصحفيين - أرشيفية


ربما يُصبح ضربًا من ضروب الخيال أن نستدعى اسم أحمد عز، رجل الأعمال الشهير، وأمين تنظيم الحزب الوطني المنحل، عند الحديث عن انتخابات نقابة الصحفيين التي ستجرى في شهر مارس المقبل، لكنّ هناك معطياتٍ تجعل الاستعانة باسم رجل الأعمال الشهير في انتخابات «قلعة الحريات» أمرًا مقبولًا ومنطقيًا.




بالعودة إلى الانتخابات البرلمانية التي أجريت في عام 2010، والتي اكتسحها مرشحو الحزب الوطني المنحل، نجد أنّ أحمد عز اتبع طريقةً مهمةً في هذه الانتخابات، وهى العمل على «تقفيل» الدوائر الانتخابية بمرشحي حزبه أمام قيادات الإخوان المسلمين ورموز المعارضة في ذلك الوقت، وهى الطريقة التي أسهمت - بالإضافة إلى تزوير تلك الانتخابات - في حسمها لصالح «حزب مبارك»، فى العملية السياسية الفاسدة التي كانت سببًا مهمًا من أسباب اندلاع ثورة يناير؛ لتصحيح هذا المسار الفاسد.


ومع أهمية الانتخابات المقبلة بنقابة الصحفيين، وسعى أجهزةٍ معينةٍ لـ«هندستها»؛ لاسيما في ما يخص أسماء المرشحين على منصب «النقيب»، نجد أنّ هناك – حتى الآن على الأقل – استدعاءً لطريقة أحمد عز في «تقفيل» تلك الانتخابات، خاصةً مع كل المؤشرات الموجودة حاليًا والتي تؤكد الدفع بـ«ضياء رشوان»، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، للمنافسة على موقع النقيب، رغم وجود عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة الأهرام، والنقيب الحالي، وإمكانية ترشحه أيضًا، ما يمثل تطبيقًا عمليًا لفكرة «تقفيل» تلك الانتخابات بمرشحين من «دولاب الدولة».

الاستعانة بـ«رشوان» لخوض الانتخابات المقبلة على مقعد «النقيب»، تؤكد أنّ هناك حالةً من التخوف لدى الدولة من إمكانية اتفاق المعارضة أو حتى كتلٍ انتخابيةٍ عاديةٍ على مرشح يفوز على عبد المحسن سلامة إذا كان مرشحًا وحيدًا يمثلها في تلك الانتخابات، لكنّ إدراك جهات معينة أنّ رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» أصبح اسمًا «محروقًا» بين العاملين في بلاط صاحبة الجلالة، كان سببًا كافيًا لاستدعاء رئيس هيئة الاستعلامات لهذه المهمة وخوض تلك الانتخابات.



بحسب مصدر تحدث لـ«النبأ»، فإنّ الدعم الأكبر في هذه الانتخابات سيكون من نصيب ضياء رشوان؛ لانتخابه نقيبًا جديدًا للصحفيين، منوهًا بأنه قد يتم الإبقاء على عبد المحسن سلامة مرشحًا في هذه الانتخابات؛ للإيحاء للرأي العام بأنّ هناك منافسةً، فضًلا عن أنّه من الممكن أن يكون «قناع تشويش» على المرشحين الآخرين، لافتًا إلى أنّ الهدف الأهم من تلك العملية هو «التخديم» على المرشح الأصلى وهو رئيس الهيئة العامة للاستعلامات.


يؤكد المصدر، أنّ الخريطة الحالية للمرشحين على منصب النقيب لا تشمل على اسمٍ قوى يمثل المعارضة من الممكن أن تتفق عليه كتل تصويتية، فضلًا عن أنّ الدولة أيضًا لن تسمح في ظل الظروف الراهنة، بانتخاب نقيب للصحفيين يسير عكس التيار، أو يكون مثيرًا للقلق؛ لاسيما منذ الواقعة الخاصة باقتحام النقابة من قبل الأمن.


وتابع: إدراك الدولة ضعف «عبد المحسن»، وفوز أي مرشح معارض أمامه، هو السبب الأساسي في الدفع بـ«ضياء رشوان» مرشحًا في هذه الانتخابات، فهو وإن كان حاليًا رئيسًا لهيئة حكومية تتبع رئاسة الجمهورية مباشرةً، ولكنه من أبناء تيار الاستقلال النقابي الشهير، وحديثه قد يجد قبولًا من أبناء هذا التيار، فضلًا عن أنّه نجح في وقت سابق أن يفوز بمنصب «النقيب»، ونافس أيضًا مكرم محمد أحمد، في انتخابات النقابة عام 2009.


في سياقٍ مختلفٍ، علم «النبأ» أنّ هناك اتفاقًا على اسم ضياء رشوان كممثل وحيد للدولة على منصب نقيب الصحفيين، مع إمكانية خروج اسم عبد المحسن سلامة من بورصة المرشحين المحتملين على منصب النقيب نهائيًا، الأمر الذى قد يُمثل مفاجأة للوسط الصحفى.




ووفقًا للمعلومات أيضًا، فإنّ هناك شخصياتٍ طالبت بضرورة الإبقاء على «سلامة» مرشحًا في هذه الانتخابات، حتى وإن كانت الدولة تريد «رشوان» فقط؛ لسببين أولهما: أنّ خروج رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» من هذه المعركة الانتخابية سيجعلها أشبه بـ«الاستفتاء» على منصب «النقيب» لصالح رئيس الهيئة العامة للاستعلامات؛ لاسيما مع ضعف الأسماء الأخرى المرشحة على المنصب نفسه.


أما السبب الثاني فهو أنّ وجود أكثر من مرشحٍ قوى في هذه الانتخابات سيجعل هناك مكاسب لأعضاء الجمعية العمومية؛ لأنه ستكون هناك حالة من التسابق على الحصول على مكاسب ترضى الكتل التصويتية المختلفة.


وبعيدًا عن حديث المصدرين السابقين، فإنّ من الأسباب المهمة وراء الدفع بـ«ضياء رشوان» أيضًا، هو أنّ الدولة اعتادت أن يُغير الصحفيون نقيبهم بعد دورةٍ واحدةٍ خاصةً منذ عام 2011.


ففي 26 أكتوبر 2011، فاز ممدوح الولي، الكاتب الصحفس بـ«الأهرام»، بمنصب نقيب الصحفيين، بعد حصوله على 1646 صوتاً، وحصوله منافسه يحيى قلاّش على 1399 صوتاً.


بقيّ «الولى» لدورة واحدة، وفاز ضياء رشوان بمنصب نقيب الصحفيين فى 15 مارس 2013 بعد حصوله على 1280 صوتاً، فيما حصل عبد المحسن سلامة على 1015 صوتًا.


وفى 20 مارس 2015 فاز يحيى قلاش بمنصب النقيب بعد حصوله على 1948 صوتًا، بينما حصل ضياء رشوان على 1079 صوتًا.


وفاز عبد المحسن سلامة بمنصب نقيب الصحفيين في 17 مارس 2017 بعد حصوله على 2457 صوتًا متغلبًا على منافسه الشرس «قلاش» الذى حصل على 1890 صوتا.


نرشح لك: تفاصيل صفقة «هندسة» الحياة السياسية ومحو «الإخوان» من الوجود



ولهذا السبب الأخير، خاضت الدولة رحلة البحث عن مرشح جديد قد يمثلها، وهو حتى هذه اللحظة ضياء رشوان، وقد نشهد خلال الساعات القليلة المقبلة إعلانه رسميًا الترشح لمنصب النقيب.


وتُجرى الانتخابات المقبلة على مقعد «النقيب» الذي يشغله حاليًا عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام»، و«6» من أعضاء المجلس المنتهية مدتهم، وهم الزملاء: حاتم زكريا وخالد ميرى ومحمد شبانة وإبراهيم أبو كيلة وأبو السعود محمد ومحمود كامل.


وبحسب قانون نقابة الصحفيين، تُجرى انتخابات التجديد النصفى كل عامين فى أول جمعة من شهر مارس، على أن ينعقد مجلس النقابة قبل الموعد المحدد للانتخابات؛ للإعلان عن فتح باب الترشح، وقبول أوراق المرشحين الجدد قبل موعد إجراء الانتخابات بـ«15» يومًا على الأقل.