رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سجال أوضاع «حقوق الإنسان» بين السيسي وماكرون

النبأ

«أبو سعدة»: سجال طبيعي بسبب الضغوط التي تعرض لها الرئيس الفرنسي وهناك مشاكل في الحقوق المدنية والسياسية

أثارت حدة تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية بالقاهرة، الكثير من الجدل في الأوساط السياسية والشعبيةن لاسيما وأن تلك التصريحات مثلت تشديدا في موقفه بعدما قال في 2017 إنه لن يقوم "بإلقاء محاضرة" على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بخصوص الحريات المدنية، التي تقول جماعات حقوقية إنها تتآكل.

أسوأ من عهد مبارك

قال الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، إن النجاح الذى يؤمن به الرئيس عبد الفتاح السيسى لمصر يمر عن طريق نجاح الأوساط الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأكاديمية والحفاظ على أفضل العقول والمفكرين.

وأضاف ماكرون، أن أفضل العقول بحاجة إلى حرية وجدل بين بعضها البعض ونقاشات، وتابع: "أعتقد أن مصر المستنيرة وما يحمله رئيسكم وبلدكم بحاجة إلى هذه الحرية"، معبرا عن احترامه لكل القرارات المتعلقة باستقرار مصر، وإرادة الرئيس بتفادى زعزعة استقرار وتطوير وتنمية الاقتصاد والسياحة.

وقال الرئيس الفرنسى، إنه لا يعطى دروسا للمصريين ويحترم التحديات الأمنية التى تواجهها الدولة المصرية، وما يمثله إعادة بناء الاقتصاد المصرى بصورة حديثة.

وأعلن الرئيس الفرنسي، أنه سلم نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، قائمة بالمسائل المتعلقة بموضوع حقوق الإنسان في مصر والتي تهم باريس.

وقال ماكرون،: "أجرينا تبادلا مطولا لآرائنا حول هذا الموضوع، وقدمت للرئيس السيسي قائمة بالمسائل التي تبدو أكثر أهمية وحيوية بالنسبة إلينا".

وأعرب ماكرون عن أمله في إقامة فرنسا ومصر حوارا بشأن هذه المسائل، وأنه لا يتوقع تلقي الرد من قبل الجانب المصري اليوم.

وأوضح الرئيس الفرنسي أنه بحث خلال المحادثات مع نظيره المصري مشاكل خاصة في إطار هذا الموضوع، بما في ذلك حجب المواقع الإلكترونية وعمل المنظمات غير الحكومية.

وتابع ماكرون: "أشرت بصراحة للرئيس السيسي، وفقا لروح التعاون التي تتميز بها العلاقات بين بلدينا، إلى الإجراءات التي يستطيع اتخاذها في مجال أنشطة المنظمات غير الحكومية في مصر".

ودعا ماكرون السيسي إلى تبني قوانين أكثر توازنا بشأن قواعد أنشطة المنظمات غير الحكومية، معتبرا أن "المجتمع المدني الناشط يمثل الحاجز الأفضل أمام التطرف".

وأكد ماكرون: "إن الاستقرار والسلام المستدام مرتبطان بصورة لا تنفصم باحترام الكرامة الفردية وسيادة القانون، ولا يمكن فصل الاستقرار عن مسألة حقوق الإنسان".

وتابع أن "الأمور لم تكن تسير في الاتجاه الصحيح منذ تشرين الأول/أكتوبر 2017"، مشيرا الى ان "مدونين وصحافيين ونشطاء" سجنوا بعد هذا التاريخ.

واعتبر أن "مجتمعا مدنيا ديناميكيا ونشطا ويشمل الجميع يظل الحصن الأفضل في مواجهة التطرف وشرطا أساسيا للاستقرار والسلام (المجتمعي)".

وتابع أنه بدون ذلك فإن "صورة مصر يمكن أن تسوء"، مؤكدا أن "المناقشة التي أجريناها (مع الرئيس السيسي) احترمت سيادة مصر".

واستطرد "لن أكون صديقا مخلصا لمصر اليوم، لو لم أعبر عن حقيقه ما أعتقده".

وزعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن حقوق الإنسان في مصر ينظر إليها بشكل متزايد على أنها في وضع أسوأ مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، الذي أطاحت به احتجاجات شعبية في 2011.

وأبلغ ماكرون الصحفيين على هامش زيارة لمصر "أعتقد أن المثقفين والمجتمع المدني في مصر يعتبرون السياسات الحالية أشد صرامة منها في عهد مبارك".

وقال الرئيس الفرنسي:"لا يمكنني أن أفهم كيف يمكنك التظاهر بضمان الاستقرار على المدى الطويل في هذا البلد، الذي كان في لب انتفاضات الربيع العربي وتذوق طعم الحرية، وتتصور أن بإمكانك الاستمرار في التشديد بما يتجاوز المقبول أو المبرر لأسباب أمنية".

وأضاف "أعتقد أنه ذلك أمر متناقض ويضر مصر نفسها".

وأضاف ماكرون أنه سيكون أكثر صراحة خلال زيارته التي تستمر ثلاثة أيام، وسيتطرق أيضا لذكر حالات فردية في اجتماعات مغلقة. ومن المقرر أن يلتقي مع السيسي الاثنين

وتابع "في مصر، لا نتحدث فقط عن المعارضين السياسيين المسجونين، ولكن أيضا عن المعارضين الذين هم جزء من المناخ الديمقراطي التقليدي ولا يشكلون خطرا على النظام".

نحن لسنا كأوروبا ولسنا كأميركا

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسى، إن حقوق الانسان لا تتجزأ ولا يجب قصرها فى مصر على حرية الرأى.

وأضاف الرئيس السيسي، إن منظمات المجتمع المدنى لها دور مهم خاصة فى ظل الظروف الصعبة التى تعيشها مصر، ولذلك يجب أن نستمع إليهم".

وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن مصر لن تقوم بالمدونين ولكنها ستقوم بالعمل والجهد والمثابرة من أبنائها، مؤكدا على أن المدونيين يتحدثون بلغة بعيدة عن الواقع الذى نعيشه".

وأضاف الرئيس السيسي: "عندما توفر الدولة حياة كريمة لاكثر من 250 ألف أسرة فإنها تزيل أسباب التطرف والإرهاب"، متابعا: "نعمل على تعزيز قيم المواطنة والعيش المشترك والتآخى".

وقال الرئيس السيسي: "أنا واقف هنا بإرادة مصرية وإذا غابت ولو الإرادة مش موجودة أتخلى عن موقعى فورا، ولا أقبل أن يكون الرأى العام فى مصر ترفض وجودى وأستمر".

 

وردا على ماكرون، قال الرئيس السيسي "نحن لسنا كأوروبا ولسنا كأميركا".

وأكد أن "التعدد والاختلاف بين الدول أمر طبيعي، التنوع الانساني أمر طبيعي وسيستمر ومحاولة تحويله الى مسار واحد فقط" غير واقعية.

وأضاف موجها حديثه لصحافي فرنسي سأله عن حقوق الانسان "لا تنسى أننا نتحدث عن منطقة مضطربة ونحن جزء منها".

وشدد على أن "مشروع إقامة دولة دينية في مصر لم ينجح" وترتب على ذلك "تحديات".

ووجه السيسي سؤالا الى الصحافي الفرنسي قائلا "ماذا كنتم تستطيعون ان تفعلوا لنا لو أن حربا أهلية قامت في مصر؟".

وتابع أن "القضايا في مصر مختلفة تماما عن (الطريقة) التي تفكرون فيها".

وقال الرئيس المصري "أنتم مطالبون بأن ترونا بالعيون المصرية وليس بالعيون الاوروبية كما نراكم نحن بالعيون الاوروبية".

هناك أمل في المستقبل

يقول حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن السجال الذي دار بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بخصوص موضوع حقوق الإنسان في مصر، شئ طبيعي بعد الضغوط التي تعرض لها الرئيس الفرنسي من قبل منظمات حقوق الإنسان في فرنسا، والتي اتهمته بالصمت على أوضاع حقوق الإنسان، وبالتالي ماكرون كان يخلي مسئوليته كرئيس لفرنسا، ويؤكد على استمرار التعاون بين مصر وفرنسا، وعلى العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وعلى زيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، مؤكدا على أن هذا السجال لن يكون له اي تأثير على العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، لأنه علاقات استراتيجية ومهمة جدا في المنطقة.

وأضاف«أبو سعدة»، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، تناول موضوع حقوق الإنسان في مصر من منظور الظروف التي تمر بها مصر، سواء كانت ظروف تتعلق بالإرهاب أو بالأوضاع الاقتصادية الصعبة، وهذا الإرهاب متمركزفي مصر ولديه امكانيات ضخمة، وهناك منطقة ملتهبة، وحدود ضخمة تحتاج إلى تأمين وحماية، مشيرا إلى أن المجتمع المصري يستطيع تطبيق معايير حقوق الإنسان العالمية، ولكن محاربة الإرهاب والوضع الاقتصادي يعطل ذلك بعض الشئ، لكن هناك أمل كبير في المستقبل لتطبيق هذه المعايير العالمية، لاسيما وأن مصر لديها دستور يؤكد على قيم ومبادئ حقوق الإنسان، لافتا إلى أن مصر تعاني فعلا من مشاكل في الحقوق المدنية والسياسية، ولكن هناك أمل في التغلب على تلك المشاكل في المستقبل، وبإرادة مصرية كاملة، كما ينص الدستور المصري، ودون أي تدخل خارجي.