رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لغز «تجميد» انتخابات المحليات برعاية الحكومة والبرلمان

انتخابات المحليات
انتخابات المحليات


تواجه انتخابات المحليات مصيرًا مجهولًا؛ بعد خروج أنباء قوية من داخل البرلمان ووزارة التنمية المحلية تؤكد تأجيلها لأجل غير مسمى، ويأتي ذلك رغم خروج تصريحات في شهر مايو الماضي من قبل الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، أكد فيها إجراء الانتخابات المحلية قبل نهاية العام الحالي، كما سبقته تصريحات من المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء السابق في شهر أبريل الماضي، تؤكد إجراء الانتخابات في نهاية عام 2018.

يذكر أن وزير التنمية المحلية محمود شعراوى أكد أنه فى بداية 2019 ستكون هناك مجالس محلية، مضيفا أن الوزارة تعمل على تدريب الكوادر الشبابية الراغبة فى الترشح لانتخابات المحليات.

وفي مؤتمر الشباب الأخير، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الشباب بالترشح والمشاركة في انتخابات المحليات، من أجل ضخ دماء جديدة في المجالس المحلية وتطوير أدائها بهدف تحسين جميع الخدمات المقدمة للمواطنين.

وطالب الرئيس جميع المواطنين بالمشاركة في انتخابات المحليات، والدفع بالنجاء في هذا المجال، لإحداث التطور المطلوب.

وتنص المادة 242 من دستور 2014 على: "يستمر العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه في الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه"، هذا ما يعني ضرورة إنجاز انتخابات المحليات خلال عام 2019 على أقصى تقدير، وهو ما ينتظر عدم حدوثه.

كانت آخر انتخابات محلية شهدتها مصر في أبريل عام 2008، في غياب الإشراف القضائي والتنافسية الانتخابية، إذ بلغ عدد مقاعد المحليات حينها 52 ألف مقعد، حسمت التزكية 44 ألفًا منها، وأجريت الانتخابات للتنافس على المقاعد المتبقية وعددها 8 آلاف مقعد، تنافس عليها 6000 مرشح للحزب الوطني المنحل فقط، والباقون من مختلف الأحزاب والتكتلات.

وفي أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير، أقيمت ثلاث دعاوى قضائية مطالبة بحل المجالس الشعبية، نظرًا لفسادها لسنوات طويلة، ولأن معظم من تولوا المناصب فيها كانوا من أعضاء الحزب الوطني المنحل، وبتاريخ 28 يونيو 2011 قضت محكمة القضاء الإداري بحل جميع المجالس الشعبية المحلية، ملزمة المجلس العسكري حينها، ومجلس الوزراء، بإصدار قرار بحل تلك المجالس.

بتاريخ 7 سبتمبر 2011، نفذ المجلس العسكري قرار المحكمة الإدارية بحل المجالس المحلية، من خلال إصدار مرسوم بقانون رقم 116 لسنة 2011، وتشكيل مجالس مؤقتة بكل المحافظات تضم عددًا من أساتذة الجامعات ورجال القضاء والمثقفين وممثلين عن الشباب والمرأة.

ومنذ صدور ذلك المرسوم، لم تشهد مصر أي انتخابات محلية، ولم تتحدث عنها الحكومة، حتى صدور الدستور عام 2014، الذي نص في مادته رقم 208 من نظام الحكم على: "على الهيئة الوطنية للانتخابات، هيئة مستقلة، تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية، والنيابية، والمحلية، بدءًا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها، واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، والإنفاق الانتخابى، والإعلان عنه، والرقابة عليه، وتيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين في الخارج، وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون".

ظلت هذه المادة دون تفعيل، نظرًا لاشتراطها الإشراف عليها من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات التي لم تكن شكلت بعد- إذ أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، قرارًا جمهوريًا بتشكيل مجلس إدارة الهيئة برئاسة المستشار لاشين إبراهيم، نائب رئيس محكمة النقض، في أكتوبر 2017- إضافة إلى الحاجة إلى قانون منظم جديد في ضوء الدستور.

في أبريل من عام 2016، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أنه وجه الحكومة بالبدء في تنفيذ إجراءات انتخابات المحليات قبل نهاية العام، وأعلن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء وقتها، عزم الحكومة على إنهاء الإجراءات واتخاذ كل الخطوات اللازمة لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، وفي مقدمتها سرعة الانتهاء من إعداد مشروع قانون الإدارة المحلية.

وانتهى عام 2016، ولم تنجز الحكومة سوى مشروع القانون، الذي استغرق وقتًا طويلًا لإرساله للبرلمان ومناقشته، وانتهت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب من المناقشات الخاصة به وإعداد تقريرها حوله خلال دور الانعقاد الثاني للبرلمان، لكن لم يتبق وقتًا لمناقشته في الجلسة العامة، ليتم تأجيله مناقشته لدور الانعقاد الثالث المنعقد حاليًا.

وعن سر وضع قانون المحليات في الأدراج، والذي بمقضتاه ستتم الانتخابات المحلية، فقد علمت "النبأ" أن لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان اتفقت، مع وزير التنمية المحلية أن يرسل تعديلاته على مشروع قانون المحليات من خلال رئيس الوزراء، إلا أنه لم يرد حتى الآن، وطلب اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية بإضافة بعض التعديلات على مشروع القانون الذى خرج من قبل عن اللجنة الإدارة المحلية،حيث تريد الوزارة تشريع قانون جديد بهدف إطالة الوقت دون خروج القانون للنور قريبا، أما عن أهم الأسباب أيضا وراء تماطل الحكومة في القانون عدم وضعها بندًا فى الموازنة العامة الحالية لتخصيص ميزانية لانتخابات المجالس المحلية، كما أن وزارة التنمية المحلية تريد عدم إجراء انتخابات المحليات إلا بعد أن يكون الأولوية للتقسيم الإدارى فى المحافظات.

ووفقا للمعلومات، فإن وزراء التنمية المحلية والمالية قدما تقرير يفيد بصعوبة إجراء الانتخابات المحلية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، حيث إن تكلفة الانتخابات في جميع المحافظات وفي ظل توفير التأمين والإشراف القضائي فسوف تحتاج ذلك ما يقرب من 12 مليار جنيه، وهو مبلغ ضخم وفوق طاقة الدولة.

وتشير المعلومات إلى أن وزارة التنمية المحلية ومجلس الوزراء لا يرى ضرورة هامة لإجراء انتخابات المحليات في الوقت الراهن، خاصة بعد موافقة مجلس المحافظين على اختيار مجالس استشارية للمحليات بالمحافظات بما يعتبر بمثابة التفاف علي قانون الإدارة المحلية، كما أنه يعطي وجاهة لتعطيل الانتخابات المحلية المرتقبة.

من جانبه قال ممدوح الحسينى، عضو لجنة الإدارة الملحية بالبرلمان، إن هنا صعوبة فى إجراء انتخابات المجالس المحلية مطلع 2019، إذ إن قانون الإدارة المحلية لم يخرج حتى الآن من اللجنة التى مازالت فى انتظار تعديل حكومى ليتم إرساله للجلسة العامة للبرلمان لمناقشته.

وبالنسبة للانتخابات، قال: «قانون الإدارة المحلية، به تعديلات خاصة بإضافة مادة ضمن 157 مادة تتعلق بإنشاء الهيئة العامة للتفتيش والرقابة، وستضاف للقانون، ثم تعديلات على التقسيمات الإدارية للوحدات المحلية على مستوى المحافظات، وعندما يعود قانون الإدارة المحلية ويتم تفعيل تلك التعديلات ومنها الإشراف الإدارى على الوحدات المحلية، ويتم تعديل كل ذلك ثم تتم مناقشة القانون تحت قبة البرلمان، حينها يكون لنا حديث آخر، فالقانون لم يعرض على الجلسة العامة حتى الآن».

وتساءل: «كيف تجرى الانتخابات والقانون لم يقر بعد؟ وهناك حديث عن إجراء الانتخابات فى مطلع 2019»، مضيفا: «القانون لو تمت مناقشته فى اللجنة ربما يتم فيه تعديلات أخرى جديدة، خاصة أن هناك أرقاما عن أعداد المراكز داخل المحافظات، والقانون سيأخذ شهر ونصف تقريبا.

وأوضح أن القانون سيشمل لائحة تنفيذية وهى تستغرق صدورها 3 شهور أو 4 على الأرجح، مضيفا: «آمل أن تجرى الانتخابات فى أقرب وقت؛ فالمحليات هى عصب الدولة، وهى المكملة للشكل التنظيمي العام للمجلس».

النائب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، أكد أن الدولة غير راغبة في أن تكون هناك مجالس محلية ولا حتى في أن يكون هناك برلمان، لكن الوضع بالنسبة للثانية كان أمرا ضروريا، للحفاظ على صورتها في الخارج، بأن لديها برلمان منتخب.

ويضيف أن قانون المجالس المحلية تم الانتهاء منه منذ دور الانعقاد الثالث، لكن لم تصدر التعليمات للبرلمان لخروجه إلى النور، فظل حبيس الأدراج، ولن تصدر أي تعليمات بإخراجه، فالدولة في أزمة اقتصادية، لن تسمح معها بانتخابات مجالس محلية.