رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عبد الحفيظ طايل: ممارسات وزير التعليم «تُعادى» الفقراء.. وتخدم المدارس الدولية (حوار)

عبد الحفيظ طايل -
عبد الحفيظ طايل - أرشيفية


ليس من حق الدولة أن تخصص مصدرًا وحيدًا للحصول على المعلومات


"التابليت" لن يحل أزمة الحفظ والتلقين.. وهؤلاء مسئولون عن أزمة العجز بالمدارس  


أولادنا ليسوا حقول للتجارب.. والوزارة تستفيد من الأزمات بدلًا من حلها


مصر تمتلك أموالًا ولكن الأزمة فى ترتيب الأولويات الخاصة بالتنمية


نظام التعليم الجديد يخدم مدارس اللغات فقط.. لهذا السبب


قال عبد الحفيظ طايل، مدير مركز الحق في التعليم، إن وزير التعليم الدكتور طارق شوقى، ينتهج سياسات تعبر عن عدائه لحق الفقراء في التعليم، وانحيازه للتعليم الخاص.


وأضاف «طايل» فى حواره لـ«النبأ»، أن النظام الجديد للتعليم لا يحقق مردودًا في ظل الكثافة العالية بالفصول وعجز المعلمين، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك أموالًا ولكن الأزمة ترتبط بترتيب الأولويات الخاصة بالتنمية، فكان من الممكن وضع المليارات التى تنفق على مشروعات العاصمة الإدارية، أو بناء السجون في مجال إصلاح التعليم، وإلى نص الحوار:


كيف ترى أداء وزير التعليم الحالي؟

هناك مشكلات كبيرة لدى الدكتور طارق شوقي تتلخص في رؤيته للتعليم، فهو من قبل توليه الوزارة، وهو يتحدث عن أن التعليم سلعة، يجب أن تختلف جودتها باختلاف المدفوع فيها، لذا فإن جميع ممارساته ومقترحاته تخدم مدارس اللغات وكذلك الدولية ولكنها معادية للفقراء، ويعد إهماله للتعليم الفنى، الذي هو بالأساس تعليم الفقراء، أكبر دليل على ذلك.


وماذا عن قرار الحكومة بإنشاء وقف خيري خاص بالتعليم؟

لا أؤيده.. لأنه اختصر مشكلة التعليم في توفير الأموال، وعلى الرغم من ذلك فإن الدولة لم تفِ بالاستحقاق الدستوري المرتبط بالتعليم الذي وضع 4% من الناتج القومي الإجمالي، كحد أدنى للإنفاق على التعليم، إذ أنها تنفق 2.3%، كما أنه لا يجوز دعوة المصريين للاكتتاب، إلا إذا كانت الدولة في حالة حرب، فالمرة الوحيدة التى تمت دعوة المصريين للاكتتاب، كانت أيام الاحتلال البريطاني، وذلك بمشروع «القرش» لإنشاء بنك مصر.


لكن مصر تواجه مشكلات اقتصادية؟

ليس صحيحًا، فمصر تمتلك أموالًا، ولكن الإشكالية تتلخص في ترتيب الأولويات الخاصة بالتنمية، فكان من الممكن وضع المليارات التى تنفق على مشروعات العاصمة الإدارية، أو بناء السجون في مجال إصلاح التعليم، فكل هذه الممارسات تؤكد أننا أمام وزير لا يرى أن الفقراء لهم حق، ويفضل تعليم الأغنياء على حساب هذه الفئة، كما أن هناك محاباة واضحة فى التعليم الخاص على خلاف ما يحدث فى نظيره الحكومى.


ماذا تقصد بهذه المحاباة؟  

لا تتوفر آلية للحساب والعقاب في المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء، وهو ما كشفت عنه واقعتيا  تنمر، إحداهما حدثت في مدرسة حكومية وأخرى في مدرسة خاصة، فالأولى كانت للطفلة بسملة التى طلب منها المدرس كتابة «بسملة سوداء»، وانتهت بحبس المدرس 4 أيام وتوقيع جزاءات وغرامة، مع ضجة كبيرة فى الإعلام، في الوقت نفسه شهدت مدرسة خاصة واقعة أخرى لطفل رفضت المعلمة السماح له بالذهاب للحمام، ما اضطره للتبول على نفسه ورغم أن الطفل يتم معالجته نفسيًا بسبب هذه الواقعة إلا أن المتسبب لم يعاقب حتى الآن، لأن هناك مدرسة خاصة تحميه حفاظًا على سمعتها.


كيف ترى ملامح النظام الجديد للتعليم؟

هذا النظام ليس جديدًا، فقد تم تطبيقه في عهد نظام مبارك على يد وزير التعليم الأسبق يسري الجمل، وتم وقفه لأنه ثبت عدم جدواه، في ظل وجود كثافات مرتفعة، "إزاي أضمن تعليمًا جيدًا وأنا بدرس لـ70 طالبًا بفصل واحد".. نحن نتشدق بكلام لطيف عن التعليم، كما أن هذا النظام لا يخدم سوى طلاب مدارس اللغات الذين لا يتجاوز عددهم طلاب الفصل الواحد30 طالبًا.


إذًا ما البديل من وجهة نظرك؟

الحل هو الالتفات إلى المشكلات الحقيقية الموجودة فى التعليم المصرى، ومن ثم يمكننا السماع وتنفيذ مقترحات طارق شوقي حول التعليم الجديد، لكن بهذا الشكل هو يحلق فى الفضاء، وأفكاره ليست لها علاقة بالأزمة الأساسية، التى تتعلق بمدى إتاحة التعليم من عدمه، فمصر تحصد مراتب متأخرة في تصنيف التعليم؛ لأنها لا تملك المقومات الأساسية التى تجعلها تتصدر قائمة جودة التعليم، وهى عدم زيادة كثافة الفضل عن 30 طالبًا، تشجيع الطالب فعليا على التفكير والإبداع والنقد والديمقراطية، وألا يقل أجر المدرس عن 750 دولارًا مقارنة بالعملة المحلية، بالإضافة إلى إعطاء حرية نقابية للمعلمين بما يسمح لهم بعمل اتحادات خاصة بهم، بالإضافة إلى منح الأوصياء حقهم في اختيار نوع التعليم فيما يتعلق بمواد التربية الروحية والأنشطة للطلاب.


ولكن البعض يقول إنها تجربة جديدة علينا الانتظار لحصد نتائجها.. فما رأيك؟

الطلاب ليسوا حقولًا للتجارب، "هل عليا ما انتقدش وزير خلال  4 أشهر، شغل الرأى العام كله بما يحدث فى الثانوية العامة وبالتابلت ولم ينفذ شيئًا من كلامه وغيره الكثير"، فأطفالنا هم الذين يتلقون مناهج التعليم وتؤثر فيهم، كما أن هناك أزمة تتعلق بموافقة الوزير على إنشاء صندوق دولى جديد تحت مسمى "مفردات التعليم" الصندوق يستهدف الاستثمار بالسندات حكومية المرتبطة بأموال الضرائب للاستثمار في التعليم الخاص وليس الحكومي، "هل عليا مانتقدش الكلام ده واقول استنى لما اشوف التجربة ده هيطبق فى مصر من 2020 وهى من مال الفقراء".


هل تعتقد أن النظام  الجديد سيحد من الحفظ والتلقين في ظل وجود التابلت؟

لا.. لأن وجود هذه التقنية لن يغير في الأمر شيئًا، إذ سيتم تفريغ محتوى الكتاب المدرسي عليه، كما أنه ليس من حق الدولة أن تخصص مصدرًا وحيدًا للحصول على المعلومات هو بنك المعرفة، فالتابلت بما أتاحه من إمكانية الدخول على الإنترنت من المفترض أن يعدد مصادر المعرفة بالنسبة للطالب، ولكن بهذه الطريقة لن يغير كثيرًا لأن التكنولوجيا تظل أداة مساعدة نحصد نتائجها حسب طريقة الاستخدام.


كيف ترى أزمة التصريح الخاص بأن المجانية أضرت بالتعليم؟

الوزير اتهم الإعلام بأنه يتسبب في إحداث أزمة بهذا التصريح، باجتزاء الموضوع عن سياقه، ولكن هذا غير صحيح، لأن هذه التصريحات تعبر عن توجهات الوزير، حينما كان مستشارًا للرئيس عبد الفتاح السيسي لشئون التعليم والبحث العلمي، وعلى الرغم من ذلك فإن حديث شوقي عن أنه يقر واقعا بأن الدورس الخصوصية أصبحت تهدد مجانية التعليم يعد مصيبة في حد ذاته، لأن هذا منهج نسمية بلوم الضحية، فالدولة تلوم أولياء الأمور الذين لا يجدون لأبنائهم تعليمًا جيدًا ما يضطرهم للجوء إلى الدروس الخصوصية: "ليه ما اعملش تعليم جيد، هل اضطراري لعلاج ابنى بمستشفي خاص يعنى أنى غني؟ لذا فالدروس الخصوصية عرض لأزمات التعليم، ونتيجة لتكدس الفصول والمناهج المتخلفة.


وماذا عن مقترح حبس المعلم الذي يثبت إعطاؤه دروسًا خصوصية دون معرفة الوزارة؟

أرفض هذا المقترح بشدة.. لأنه يمثل إهانة لهم، ولن يحل الأزمة ويعطى الفرصة للتحايل عليه، وعلى الرغم من ذلك فإن أول من تحدث عن أزمة الدروس الخصوصية هم المعلمون أنفسهم، ففي عام 2011و2012، خرجت نقابة المعلمين المستقلة بعدد من المطالب لمنع تفاقم هذه الظاهرة، منها زيادة أجر المدرس بما يحقق له الحياة الكريمة بـ 3 آلاف جنيه كحد أدنى للراتب بالتعليم، على أن تزيد 6 أضعاف عند الخروج على المعاش، وإضافة مادة في القانون تجرم الدروس الخصوصية بالحبس والإيقاف عن المهنة، وما فعلته الوزارة في الوقت الحالي هو الاستعانة بهذا الجزء وتجاهلت الخاص بزيادة رواتب المدرسين.


ولكن الوزارة تتحدث عن عمل مراكز للدروس الخصوصية؟

للأسف الوزارة تتعامل بمنطق كيفية الاستفادة من الأزمة وليس حلها، وهذه الفكرة لم تكن جديدة فقد اقترحها الدكتور محب الرافعي، وزير التربية والتعليم الأسبق ووقع اتفاقية مع وزارة الشباب والرياضة وتطوير العشوائيات، بهدف تقسيم نصف العائد مع المعلمين؛ لذا فلم يقدم أى وزير لمصر أي إضافة حقيقية للتعليم.


برأيك من المسئول عن أزمات العجز بالمدرسين والكثافة الطلابية؟

هذه نتيجة سياسات الحكومة التي لم تبذل مجهودا في هذا الاتجاه، ففى أيام الحزب الوطنى في 2007 صدرت إحصائية للمركز المصري للتعليم ما قبل الجامعي، قالت إن مصر بحاجة لبناء 33 ألف مدرسة حتى 2017 بواقع 248 ألف فصل، وفي 2018 قال الرئيس السيسي إننا بحاجة لبناء 250 ألف فصل، بمعنى أننا لم نسير خطوة واحدة للإمام، وهذه نتيجة سياسات الحكومة، كما أن معظم خريجي كليات التربية لا يتم تعيينهم، وإما يتم تعيينهم في القطاع الخاص، أو يسوقوا تكاتك، من سنة 1998، فالحزب الوطنى، ما هو أنتج العجز في عدد المعلمين.


هل تعتقد أن هناك نية حقيقية من جانب الحكومة لحل هذه الأزمة؟

لا.. فالوزارة تتدعى أن جزءًا من مشكلة أزمة كثافة الدروس هو عدم وجود أراض لبناء مدارس في الأماكن المزدحمة، ولكن في الوقت نفسه تمنح أراضي لمستثمري القطاع صالحة لبناء الأراضي في هذه الأماكن المزدحمة. بحق انتفاع يتجاوز الـ 30عامًا، وهو ما يعنى أن هذه الأراضي موجودة بالفعل، ولكن الأمر يتعلق بالأولويات. يجب أن نحل المشكلة الملحة ثم المشاكل الأقل إلحاحا، فمن الممكن توجيه الدعاية والأموال التى يتم صرفها على التابلت إلى 2066 منطقة محرومة تماما من كافة اشكال المدارس.


هناك شكاوى من أولياء الأمور بشأن رفع مصروفات المدارس الدولية واللغات.. ما تعليقك؟

قرار وزير التعليم بإقرار زيادة مصروفات المدارس الخاصة يعبر عن تحيز الوزير، فعلى الرغم أن القانون ينص على زيادة بمعدل 7% أو حسب معدل التضخم، أيهما أقل، ولكن الوزير خالف القانون لصالح المدارس الدولية، بحجة مراعاة تعويم الجنيه وجعلها 14%.


هل تقصد أن الوزير يتحيز للمدارس الدولية على حساب الحكومية؟

نعم.. فلو كان وزير تعليم للشعب المصري كله، لطالب برفع ميزانية التعليم الحكومي الذي تأثر بتعويم الجنيه داخل البرلمان ولكنه لم يتناول الأزمة على الإطلاق، على الرغم أن المدارس التى كان يتكلف إنشاؤها 4 و5 ملايين جنيه قبل تعويم الجنيه، أصبحت تتكلف 15 مليون جنيه، وأصدر قرارًا بما يخالف القانون لمصلحة المدارس الدولية بالزيادة ولم يحاسبه أحدًا.


كيف ترى تجربة المدارس اليابانية في مصر؟

مصر بها مدارس كندية وألمانية وأمريكية، وبالرغم من ذلك نشتكى من تعدد الهوية الوطنية، للأسف هذه المدارس لا تحقق مكاسب سوى للدولة التى تأخذ المدرسة مسماها، وهى تسيّد ثقافتها في مصر، على الرغم من ذلك اليابان دفعت أموالا بشرط طرحها مجانا، ولكن الحكومة أعلنت عنها بمقابل 10 آلاف جنيه، نحن نريد تعليما موحدا متساوي الجودة.