رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مفاجأة.. الحكومة تتمرد على صندوق النقد الدولي وترفض رفع أسعار البنزين والغاز والكهرباء

صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي - أرشيفية


في مفاجأة «ثقيلة» قرر المجلس التنفيذي لـ«صندوق النقد الدولي»، تأجيل التصويت على نتائج المراجعة الرابعة للاقتصاد المصري، وصرف الشريحة الخامسة من القرض والبالغة ملياري دولار.

وأظهر جدول اجتماعات المجلس على موقعه الإلكتروني، حذف مصر من الاجتماع الذي كان مقررًا له خلال الشهر الحالي، على الرغم من إدراج مصر في الاجتماع في وقت سابق.

قرار المكتب التنفيذي تناقض تمامًا مع تصريحات سابقة لوزير المالية الدكتور محمد معيط، والذي أكد فيه موافقة صندوق النقد الدولى على صرف الشريحة الخامسة، معلنا أنه من المتوقع أن تتسلم مصر الدفعة الـ«5» من قرض صندوق النقد الدولي، وهي بمثابة الدفعة قبل الأخيرة من قرض الصندوق لمصر بقيمة 2 مليار دولار نهاية الشهر الجارى، حيث إن قيمة القرض الإجمالية تقدر بـ«12» مليار دولار.

كما خرج «معيط» بتصريحات مثيرة للجدل، ومنها أن مصر لن تطلب تمويلًا إضافيًا من صندوق النقد الدولي بعد انتهاء برنامجها الحالي البالغ 12 مليار دولار.

وأضاف نحن الآن في وضع لا نعتقد فيه أننا سنحتاج تمويلًا إضافيًا من الصندوق.

وقال «معيط» إن مصر منفتحة على الحفاظ على علاقات أكثر مرونة مع الصندوق متعدد الأطراف لطمأنة المستثمرين، مشيرًا إلى أنه قد يكون هناك نوع من التعاون مع الصندوق، إلا أنه حرص على التأكيد "مرارا على أن هذا لا يعني أننا سنطلب تمويلا إضافيا".

ورفض معيط الإفصاح عن نوعية الترتيب الذي تأمل مصر في الوصول إليه عند انتهاء البرنامج العام المقبل.

ووفقًا للمعلومات عن سبب تأخر المجلس التنفيذي في صرف الشريحة الخامس من القرض، يرجع إلى أنه أثناء زيارة فريق من صندوق النقد الدولى لمصر خلال الفترة من 18 إلى 31 أكتوبر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من قبل الصندوق، كان له بعض الملاحظات على البرنامج الاقتصادي لمصر المتفق عليه بين الطرفين قبل صرف قيمة القرض كاملا، والمقدر 12 مليار دولار، حيث إنه كان مقررا قبل صرف الشريحة الخامسة من القرض قيام الحكومة ببعض الإصلاحات الاقتصادية، وهي اتخاذ المزيد من الإجراءات المتعلقة بسعر الصرف والدعم الحكومي، وتحريك أسعار المنتجات البترولية، وتقليص عجز الموازنة في مصر والتحول بسعر الصرف إلى نظام تحدده السوق بشكل أوسع، إلا أن الحكومة رفضت اتخاذ المزيد من الإصلاحات الاقتصادية في الوقت الحالي، وفرض المزيد من الزيادات على المنتجات البترولية بزيادة أسعار البنزين والغاز وفواتير الكهرباء، وطالبت الصندوق إرجاع مثل هذه القرارات لمنتصف عام 2019؛ نظرًا لوجود حالة غضب لدى الشارع نتيجة ارتفاع الأسعار.

ردود الحكومة تحفظ عليها صندوق النقد الدولي، واللجنة أثناء زيارتها لوزارة المالية في أكتوبر الماضي، ورفعت بعد ذلك تقريرها للمجلس التنفيذي للصندوق النقد الدولي والذي قرر وقف صرف الشريحة، ووفقا للمعلومات أيضًا، فإن هناك حوارًا مفتوحًا حاليًا بين المالية المصرية والصندوق للوصول لنقطة اتفاق يرضي الطرفين بحيث يتم إرسال الشريحة الخامسة قبل نهاية العام الحالي، ومن المنتظر تعهد مصر بتنفيذ ملاحظات الصندوق ولكن بشكل تدريجي خلال العام المقبل حتى لا تثير المزيد من الاحتقان في الشارع.

من جانبه، قال الدكتور إبراهيم صالح، أستاذ الاقتصاد والتخطيط، إنه كان من المفترض أن يقر الصندوق خلال اجتماعه الأخير التقرير الذي تم التوافق عليه مع السلطات المصرية، غير أنه قرر إرجاء الموافقة عليه لوقت آخر، دون إبداء أية أسباب أو مبررات واضحة.

وأوضح، أن "سبب الإرجاء ربما يعود لخلافات بين الجانبين حول بعض النقاط، إذ إنه من الوارد أن الصندوق يريد تنفيذ بعض الإجراءات المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي في الوقت الحالي، بينما الجانب المصري لا يريدها حاليًا لاعتبارات اجتماعية، وكذلك تحسبًا لردود الفعل التي قد تنتج عن ذلك".

وأشار إلى أن "ذلك ربما يعود لأسباب إجرائية معينة"، لافتًا إلى أن "هذه تكهنات وليست معلومات مؤكدة، فالصندوق لم يعلن بشكل واضح عن الأسباب، لكني أعتقد أن الأمر لن يخرج عن هذه الأسباب".

وأكد أن "الخلافات أيًا كانت سيتم حسمها خلال شهر الجاري، وسيتم التوصل لحل يرضي الطرفين، وإن كانت التوقعات تؤكد تنفيذ مصر ورضخوها لتحفظات الصندوق قبل صرف الشريحة الخامسة وإلا سوف تؤجل لأجل غير مسمى.

وأضاف «صالح» أنّ مصر فوجئت برفض المجلس التنفيذي لـ«صندوق النقد الدولى» صرف الشريحة الخامسة كما هو متفق من قبل على تلك المواعيد، وهو ما يفسر وجود أزمة في تقرير لجنة الصندوق التي زارت وزارة المالية في أكتوبر الماضي، واطلعت على الموازنة الجديدة وطرح صرفها والموارد المتاحة في الموازنة وخطة الحكومة نحو الإصلاح الاقتصادي خلال العام المقبل.

وقال الدكتور محمود الشريف، أستاذ الاقتصاد بـ«جامعة الأزهر»، إنه لا يوجد سبب واضح دفع الصندوق لتأجيل الشريحة الخامسة سوى البعد الاجتماعي، لا سيما أن الأوضاع الاقتصادية في مصر تسير على الطريق السليم، وفقًا لتقرير الصندوق نفسه والذي أكد من قبل أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر، ارتفع من 4.2% في العام المالي (2016 – 2017)، إلى 5.3% في  (2017 – 2018).

وذكر التقرير، أن "السياسة المالية لمصر خلال العام 2018-2019، تعمل على إبقاء الديون الحكومية العامة على مسار متراجع بشكل واضح، فضلًا عن الاستمرار في إصلاحات دعم الطاقة، ورفع العائدات التي تساعد على زيادة المدخرات المالية للاستثمار في شبكة الأمان الاجتماعية".

وأوضح أن العجز تراجع من 11 إلى 8 بنط، فضلًا عن أن الموازنة العامة رغم الإجراءات التي يتم تنفيذها على المواطنين وتحصيل ضرائب بدأت تتزايد مواردها وينخفض عجزها.

وتابع: ومن أجل تلبية شروط الصندوق، تبنت مصر بشكل خاص ضريبة القيمة المضافة على أمل جمع إيرادات جديدة لمواجهة آثار انهيار السياحة وتراجع الاستثمار الأجنبي.

وكشف الخبير الاقتصادي، أن صندوق النقد يريد تحريك كامل للدعم المنتجات البترولية والكهرباء في مصر، كما تمّ الاتفاق عليه مع الحكومة المصرية في عام 2016، ولذلك كان من المفترض قيام الحكومة بزيادة البنزين في شهر يناير المقبل، كشرط لصرف الشريحة الخامسة ولذلك خرجت البترول وأعلنت عن طرح بنزين 87 بدلًا من بنزين 80 ليكون سببا في زيادة الأسعار، ولكن هناك تقارير سيادية حذرت الحكومة من اتخاذ تلك الخطوة في الوقت الراهن؛ نظرا لحال الغليان فى الشارع من ارتفاع الأسعار المتوالي، وعندما وضحت الحكومة تلك الصورة للصندوق النقد تحفظ على ذلك، وأجّل صرف «الشريحة الخامسة».