رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

احتجاجات «السترات الصفراء» تهدد «16» اتفاقية اقتصادية مع فرنسا

احتجاجات السترات
احتجاجات السترات الصفراء


شهدت السنوات الأربع الماضية علاقات اقتصادية وسياسية متميزة، تربط مصر بفرنسا، وحجم كبير من الاستثمارات المشتركة والمشروعات الجارى تنفيذها، وعدد كبير من الاتفاقيات تم توقيعها بين البلدين، فى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى فرنسا، مؤخرًا مازالت قيد التنفيذ. فضلًا عن العلاقات المتميزة التى تربط مصر بالدول الأوروبية القريبة من مركز احتجاجات حركة «السترات الصفراء» التى مازالت مندلعة حاليًا، وامتدت أحداثها إلى بلجيكا فى ظاهرة تنذر بثورة أوروبية.


وكانت قد نشبت مشادة بين وزير المالية الدكتور محمد معيط والدكتورة بسنت فهمي عضو مجلس النواب خلال اجتماع لجنة الشئون الاقتصادية، بعد مطالبة النائبة بدمج الاقتصاد غير الرسمي، في الاقتصاد الرسمي ليكون جزءا من الناتج المحلي.


ورفضت «فهمي» خلال كلمتها في اجتماع لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، مقارنة الاقتصاد المصري بدول أخرى مثل تركيا التي أشار وزير المالية إلى اضطرارها لخفض العملة.


ووجهت النائبة حديثها لوزير المالية محمد معيط، مطالبة بعقد المقارنات بين أوضاع تشبه مصر وليس دول أمنها الغذائي مستقر.


فعقب معيط قائلا: «تجربة فرنسا تقول غير كده، الناس آكلة شاربة مستمتعة»، في إشارة إلى مظاهرات السترات الصفراء، وقاطعته فهمي قائلة: «لا تقارن نفسك بفرنسا قارن بدول شبهك، هذا الكلام يستفز الناس، قبل المقارنة نشوف عندنا أمن غذائي أم لا».


فرد معيط: «معك حق أن الأمن الغذائي حياة أو موت، لكن عندنا مشكلة كبيرة في النمو السكاني وتراجع الرقعة الزراعية».


والسؤال المطروح الآن: هل احتجاجات "السترات الصفراء" تؤثر على الاقتصاد المصري وما تخطط له الحكومة من تحسين الأحوال المالية؟


يقول الدكتور محمد عبد الرحمن، الخبير الاقتصادى، إن هناك آثارًا اقتصادية كبيرة ستظهر على مصر خلال الفترة المقبلة نتيجة الوضع في فرنسا ودول أوروبا، موضحًا أن مصر تربطها بفرنسا علاقات اقتصادية وتجارية وعسكرية متميزة، وتأتي فرنسا في المرتبة السادسة من حيث الاستثمار؛ إذ تبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة المملوكة لشركات أو أشخاص فرنسيين 4.1 مليار دولار، وتوجد فى مصر أكثر من 160 شركة فرنسية توظف ما يقرب من 30 ألف شخص عبر مجموعة واسعة من القطاعات المختلفة.


وتابع: وتعد فرنسا الشريك السابع لمصر من حيث حجم التجارة الخارجية حيث ارتفعت قيمة الصادرات المصرية غير البترولية إلى فرنسا بنسبة 33.2% خلال الفترة من “يناير- أكتوبر 2018” لتسجل نحو 606 ملايين دولار فى مقابل 455 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2017.


وأكد أن هذه الصادرات تتوزع فى عدد كبير من القطاعات منها الصناعات الكيماوية والأسمدة بقيمة 278.64 مليون دولار، وصناعات السلع الهندسية والالكترونية بقيمة 101.06 مليون دولار، وصناعة الملابس الجاهزة بقيمة 43.96 مليون دولار، وصناعة المفروشات المنزلية بقيمة 21.81 مليون دولار، وصناعة الغزل والمنسوجات بقيمة 10.72 مليون دولار والصناعات اليدوية بقيمة 4.15 مليون دولار.


واستكمل: وعلى مستوى السياحة فقد شهد عدد السائحين الوافدين من فرنسا ارتفاعا ملحوظا مسجلًا 17 ألفًا و694 سائحًا خلال شهر يوليو الماضى، مقابل نحو 9145 سائحًا خلال شهر يونيو 2017.


وأشار إلى أنه أثناء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لفرنسا فى أكتوبر عام ٢٠١٧ تم توقيع على أكثر من ١٦ اتفاقية وبروتوكول لتشجيع الاستثمار الفرنسي المباشر للقدوم إلى مصر خاصة فى مجال صيانة وتحديث خطوط المترو والسكك الحديدية، ومجالات الطاقة الكهربائية والطاقة الجديدة والمتجددة، والتدريب وغيرها من مجالات التعاون الاقتصادى، ناهيك عن التعاون العسكرى حيث يوجد صناعة مشتركة بين البلدين في في مجال المعدات العسكرية البحرية.


وأكد أن مظاهرات السترات الصفراء في فرنسا، وما يتبعها من تداعيات هناك، قد يعرقل تنفيذ هذه الاتفاقيات بما يؤثر على العوائد المتوقعة منها إلى جانب تأثر حركة الصادرات والواردات للسلع الاستثمارية والوسيطة نتيجة الأحداث، وقد يزداد التأثر الاقتصادي والتجاري بين البلدين في حالة إصرار المتظاهرين على تغيير الحكومة وحل البرلمان ورحيل الرئيس، وسيؤدي ذلك إلى وقف تنفيذ المشروعات الفرنسية في مصر.


وأضاف الخبير الاقتصادي، أن هناك تأثيرًا كبيرًا على المدى القصير والبعيد على الاقتصاد المصري بما يحدث من مظاهرات في بعض دول الاتحاد الأوروبي، ويرجع تاريخ الشراكة التجارية بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى إلى عام 2004، حينما وقعت اتفاقية الشراكة الأوروبية، التى تقضى بتحرير التجارة البينية من الرسوم الجمركية لفترة تمتد 15 عاما تنتهى فى عام 2019.


وبلغت الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبى إلي نحو 3.1 مليار دولار، مقابل واردات إلى مصر بلغت قيمتها 28.6 مليار دولار تقريبا، ما يعكس حجم الفجوة فى حركة التبادل التجارى بين مصر والاتحاد الأوروبى.


وحول الآثار التجارية المباشرة على مصر وخروج بريطانيا فعليًا من الاتحاد، أوضح الخبير الاقتصادي، أن ما يستدعى القلق بالفعل هو ارتفاع الدولار وانهيار الأصول وانكشاف دول أوروبا الفقيرة واضطراب حركة العمالة وزيادة درجة المخاطر.


وأكد الدكتور رجب عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بـ«جامعة الأزهر»، أن مصر تتأثر بشكل محدود من حالة الركود الاقتصادى وتراجع الطلب في أوروبا التي تستقبل حوالى 33% من الصادرات المصرية، وهو ما سينعكس سلبا على المصدرين المحليين، متوقعا تأثيرا سلبيا أيضا على السياحة الوافدة من أوروبا.


ويرى أن المستوردين المصريين سيستفيدون من التراجع الشديد المتوقع لليورو خلال الفترة المقبلة؛ نتيجة الأوضاع الأمنية والتظاهرات فى أوربا.


وقال «عبد المنعم» إن فرنسا شريك تجاري لمصر ومن المؤكد أن الاقتصاد الفرنسي سيتأثر بالأحداث بصفة عامة نتيجة التظاهرات بما يؤثر على الطلب والتشغيل والسياحة والتجارة المتبادلة مع شركائها. وبالتالى فإن كل مكونات الاقتصاد الكلى سوف تتأثر وتنطلق هذه التأثيرات إلى  دول الاتحاد الأوروبى والتى تتجاوز حركة التجارة البينية لهم 70%.