رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسباب الاستعانة بـ«العملات البلاستيكية» فى مصر بعد تجربتها بـ«20» دولة

طارق عامر
طارق عامر


أثار إعلان طارق عامر، محافظ البنك المركزي، إصدار عملات بلاستيكية بداية من عام 2020، جدلًا واسعًا بين الأوساط الاقتصادية والمصريين، حول مدى كفاءتها وتكلفتها وأهم مميزاتها.


وقال محافظ البنك المركزي المصري، إن العملات البلاستيكية الجديدة، ستكون مصنوعة من البوليمر، وعمرها يعادل أضعاف عمر العملة الورقية، لافتًا إلى أنه معمول بها منذ عشرات السنين، بالعديد من الدول مثل بريطانيا وغيرها وتطبيقها في مصر يعد أمرا إيجابيا لحركة النقد بالأسواق.


وأضاف أن العملة البلاستيكية ستسهم في تخفيض تكاليف الطباعة، وتحسين مستوى الأوراق التي تتداول بشكل كبير، حيث تتدهور حالة العملة الورقية بشكل سريع بعد تداولها، موضحًا أن العملة البلاستيكية لن تكون شبيهة بالعملة المعدنية أو الكوينز، ستكون في حجم العملة الورقية المتداولة ونفس تصميمها كل بحسب فئته.


ويرى العديد من الخبراء، أن العملة الورقية الموجودة حاليًا في الأسواق المصرية يتم تصنيعها من بعض الأنسجة القطنية وهو ما يؤدي لتلفها بشكل سريع، مؤكدين أن خسائر مصر من العملات الورقية سنويا تتراوح بين 80 إلى 100 مليار جنيه.


تكلفة العملات البلاستيكية

وقال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن اتجاه البنك المركزي لإصدار عملات بلاستيكية، هو تطور إيجابي في شكل العملة، متابعًا: «هناك العديد من الدول طبقت هذا القرار على رأسهم إنجلترا على الجنيه الإسترليني».


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الحكومة تخوض تجربة جديدة في 2020، سيتم تطبيقها على فئة 10 جنيهات، لافتًا إلى أنه في حالة نجاح التجربة سيتم تعميمها على باقي العملات المصرية.


وأشار «الإدريسي»، إلى أن مصر في حاجة إلى تغيير شكل العملة الورقية، والتحول إلى البلاستيكية، لأنه يصعب تزويرها بشكل كبير، بالإضافة إلى أن تكلفتها أقل والعمر الافتراضي أكبر بـ«5» أضعاف العملات الورقية.


وأوضح الخبير الاقتصادي، أن التطور مطلوب لاسيما مع اتجاه جميع أنحاء العالم، إلى الاقتصاد غير النقدي، والانتهاء تدريجيًا من فكرة «الكاش».


وأكد أن هدف البنك المركزي من القرار هو التطوير للأفضل والاستفادة من مميزات العملات البلاستيكية، موضحًا أن القرار سيعود بمنافع للاقتصاد المصري من خلال تقليل معدلات التزوير أو الفساد بالعملة، بجانب توفير الفرق بين العملات الورقية والبلاستيكية.


ولفت «الإدريسي»، إلى أن تكلفة العملات البلاستيكية أقل من العملات الورقية بنسبة تتراوح بين 20 إلى 25% تقريبًا.


كشف منابع الفساد

بدوره، قال النائب مدحت الشريف، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان، إن العملات البلاستيكية متاحة بكثير من دول العالم أبرزهم قطر التي تقتصر استخداماتها على العملات البلاستيكية فقط، وفي المقابل هناك بعض الدول تستخدم العملات البلاستيكية والورقية معًا.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن المشكلة تكمن في كيفية التطبيق، وآلياته التي لم تتضح بعض، متسائلًا: «هل سيتم التعامل بالعملات البلاستيكية فقط، وسحب جميع العملات الورقية من الأسواق؟».


وأوضح «الشريف»، أن تلك الخطوة ستفتح الباب لكل فاسد يخزن أمواله بعيدًا عن البنوك للظهور بالإضافة إلى أنه يكشف منابع الفساد، وفي المقابل هناك بعض الفاسدين سيلجئون إلى تحويل أموالهم إلى عملات حرة لعدم خضوعها لهذا القرار.


وطالب الحكومة والبنك المركزي والجهات الرقابية بدراسة القرار بدقة جيدة، قائلًا: «القرار يدعم ضبط الفاسدين ولكن من الممكن أن يكون هناك إجراء استباقي من الفاسدين لهذا القرار لذلك يجب العمل على حساب أبعاد القرار مع جميع الجهات الرقابية المعنية في مصر».


عيوب العملات الورقية

من ناحيته، وصف الدكتور أحمد سامي، الخبير المصرفي، خطوة إصدار البنك المركزي عملات بلاستيكية في عام 2020، بالجيدة، لاسيما مع كثرة عيوب العملات الورقية.


وقال في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، إن العملات الورقية أهم عيوبها أنها سهلة التلف، وسهلة التزوير بالإضافة إلى تكلفتها المرتفعة بخلاف العملات البلاستيكية التى تكلفتها أقل وتدوم فترة أكبر.


وأضاف «سامي»، أن القرار لن يكون له مردود اقتصادي، على مصر، متابعًا: «الفكرة قديمة ومعمول بها في كثير من الدول ولكن السبب الأساسي في الاتجاه إلى العملات البلاستيكية هو عيوب العملات الورقية».


مادة البولمير

وفي هذا السياق، قال الدكتور ماهر عزيز، استشارى الطاقة والبيئة وعضو مجلس الطاقة العالمى، إن هناك 7 درجات من مادة البلاستيك، منهم 3 درجات آمنة جدًا وصديقة للبيئة، لافتًا إلى أن البولمير التي من المقرر استخدامها في العملات البلاستيكية المصرية واحدة منهم.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن تلك المادة يضاف إليها بعض التركيبات التي تساهم في صعوبة تزويرها وتقيلدها، متابعًا: «صانعو القرار أكيد على دراية بأن البلد بها العديد من صناع البلاستيك الذين بإمكانهم تقليد العملات البلاستيكية».


وأشار «عزيز»، إلى أن العملات البلاستيكية وخاصة مادة «البولمير» تعيش لآلاف السنوات، معتبرًا خطوة التعامل في مصر عن طريق العملات البلاستيكية «جديدة» والتطبيق هو سيكون الفيصل الوحيد.


تاريخ العملات في مصر

عرفت مصر لأول مرة بالعملة، في العصر الفرعوني، على يد "تاخوس" بالأسرة الـ30"، وعلى الرغم أنها كانت يونانية الطراز إلا أنها تعد أول نقود باسم ملك مصري، ولم تكن مخصصة لتعامل المصريين ولكنها جاءت لدفع أجور الجنود اليونانيين؛ لأن المصريين عندما ثاروا فى وجه الفرس، وأخرجوهم من ديارهم، كان اعتمادهم وقتذاك على جيش كبير من المرتزقة اليونان، ما اضطرهم إلى ضرب هذه النقود باسم الملك تاخوس من الذهب والفضة.


ويعد عصر الإسكندر الأكبر، هو البداية الحقيقية لتاريخ العملات وتداولها بين المصريين، إذ كانت العملة فى ذلك الوقت تحمل صورة الإسكندر بعد تأليه لأول مرة؛ ليستمر بعدها ضرب النقود فى العصور التالية، فى العصور الرومانية ثم العصر البيزنطى، وطوال هذا التاريخ كانت العملات تحمل صورة الملك الحاكم على أحد الأوجه ثم صورة الإله الحامى على الوجه الآخر، إلى أن جاء الفتح الإسلامى لمصر، فظهرت نقود منقوش عليها عبارات إسلامية مثل "لا إله إلا الله".


ويعد الخليفة الراشدى الثانى أول من سك العملة في الإسلام بمصر، إذ نقش عليها جملا إسلامية منها "الحمد لله" ونقش اسمه على جزء منها، كما أبقى على تداول العملات التى كانت متداولة قبل الإسلام، وأقرها على معيارها الرسمى الذى عرف على عهد النبى محمد (ص)، وقبل بما هو منقوش عليها من نقوش مسيحية أو فارسية، لكن تلك العملات كانت متنوعة ما بين فضية وذهبية.


ولم تكن هناك عملة موحدة، حتى مجيء الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان، فكان أول من يوحد العملة ويسك العملة الإسلامية، وكانت الدينار.


وعندما تولى حكم مصر محمد بن طغج الإخشيدي، استرد حق ضرب النقود المصرية، لأول مرة فى التاريخ منذ فتح مصر إسلاميا، منذ سنة 331 هـ باسمه وباسم ابنائه من بعده، وحين استولى الفاطميون على مصر فى عهد الخليفة، المعز لدين الله بدأ عهد جديد في تاريخ النقود المصرية.


ومع بداية العصر الأيوبى انخفض استخدام العملات الذهبية، وجعلها صلاح الدين الأيوبى، ثلثين من الفضة وثلثا من النحاس، وأصدر أوامره باستبدال العملات القديمة بالدراهم الناصرية، المعروفة بـ"الزيوف"، إلى جاء عصر المماليك، وتم وضع النقود النحاسية في التداول، أما فى العهد العثمانى، فكانت العملات المتداولة فى ذلك الوقت هى العملات التركية (ضرب فى القسطنطينية) وبعض العملات الأجنبية ومجموعة من العملات العثمانية المضروبة فى مصر (الضربخانة).


ومنذ بداية تداول العملات الذهبية والفضية في مصر وحتى عام 1834، لم تكن هناك وحدة نقدية محددة تمثل أساسا للنظام النقدي في مصر، بل ولم يكن يسك إلا عدد قليل من العملات، وفى عام 1834 صدر مرسوم ينص على إصدار عملة مصرية تستند إلى نظام المعدنين "الذهب والفضة"، وبموجب هذا المرسوم أصبح سك النقود في شكل ريالات من الذهب والفضة حكرًا على الحكومة وفى عام 1836 تم سك الجنيه المصري وطرح للتداول.


وظلت العملات الذهبية تمثل وسيلة التعامل حتى عام 1898 عندما تم إنشاء البنك الاهلى المصرى ومنح من جانب الحكومة امتياز إصدار الأوراق النقدية القابلة للتحويل إلى ذهب لمدة 50عامًا.


وفى الثالث من إبريل عام 1899، بدأ البنك الأهلى المصرى فى إصدار أوراق النقد لأول مرة، حتى صدر القانون رقم 250 والمعدل فى الثاني من نوفمبر من عام 1960، بموجب القانون 377 بشأن البنك المركزى المصرى والبنك الأهلى المصرى، وينص القانون على إنشاء البنك المركزى المصرى، ويمنحه حق إصدار أوراق النقد المصرية ولقد تم إدخال عدة تغييرات على العلامة المائية وتصميم الأوراق والألوان.


دول سبقت مصر

لجأت خلال السنوات الماضية، بعض الدول على مستوى العالم؛ لإصدار عملات بلاستيكية، مصنوعة من مادة «البوليمر»، والتى أصبحت تنافس العملات الورقية خلال السنوات الأخيرة؛ لجودتها العالية في مقاومة الحر والرطوبة، وأيضًا لصعوبة تزويرها.


وتستخدم أكثر من 20 دولة حول العالم النقود المصنوعة من البلاستيك، وأبرزها أستراليا، والكويت، والهند، وكندا، وبريطانيا، ونيوزيلندا، وبابوا غينيا الجديدة، ورومانيا، وفييتنام.


1- أستراليا

وتعد أستراليا من الدول الأوائل في صناعة هذه العملات منذ عام 1988، بالتعاون بين البنك المركزي وجامعة ملبورن ومنظمة الكومنولث للعلوم والصناعة «CSIRO»، وكانت أولى ثمار هذا التعاون هي ورقة العشرة دولارات، واستمر التطوير استخدام بصمات تكنولوجية على أطراف العملة لمنع تزويرها، حتى حولت أستراليا كل عملاتها الورقية إلى بلاستيكية عام 1996.


2- الكويت

وكانت الكويت أول دولة خليجية تتبنى العملات البلاستيكية من الأوراق النقدية، حسب «فاينانشال» تايمز البريطانية.


3- كندا

وأدخل مارك كارني محافظ بنك إنجلترا المركزي النقد المصنوع من البلاستيك في كندا، حينما كان محافظا للبنك المركزي هناك في 2011، وأرجع إلى ذلك الفضل في الانخفاض الحاد في معدلات تزييف العملة.


4- بريطانيا

وأصدر بنك إنجلترا عملة بلاستيكية من فئة 5 جنيهات إسترليني، عام 2016 تحمل صورة رئيس الوزراء الأسبق «تشرشل»، وقال البنك إن تلك العملة الجديدة توفر قدرًا أكبر من الأمان، وهي قوية بما يكفي لتتحمل غسلها في غسالة الملابس.


5- الهند

وأعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في عام 2016 عن عزم بلاده استبدال العملات النقدية الورقية الكبيرة بأخرى مصممة حديثًا، في خطوة تهدف إلى الحد من الفساد وإحباط المزورين، بعد اكتشافها عملات مزورة قادمة من بلاد قريبة منها على الحدود.