رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الهروب الكبير لـ«أئمة الأوقاف» من جحيم مختار جمعة إلى «الأزهر»

الطيب وجمعة - أرشيفية
الطيب وجمعة - أرشيفية


شهدت الأسابيع الماضية، دخول الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، وعدد كبير من الأئمة فى معارك كثيرة، مثل أزمة حافز الإثابة وقيمته 500 جنيه، إضافة إلى الأزمات الأخرى مثل الخطبة المكتوبة، واختبارات التقييم للأئمة، وإحالة من يرسب للعمل الإداري، بخلاف إحالة المئات من الأئمة للتحقيق والاستبعاد من العمل الدعوية والخطابة وصعود المنابر بسبب الانتماءات السياسية، أو الخروج عن تعليمات الوزارة.

كل هذه الأزمات كانت سببًا في حدوث ظاهرة تحدث لأول مرة داخل الوزارة، وتتعلق بـ«هروب الأئمة» من الضغوط وحالة التضييق التي تمارسها الوزارة على الأئمة بالهروب إلى مشيخة الأزهر وطلب العمل بمجال الدعوة لدى مجمع البحوث الإسلامية.

وتقدم عدد كبير من الأئمة وخاصة الذين تم فصلهم أو تحويلهم لعمل إداري أو استبعادهم من صعود المنابر من قبل الوزارة بطلب رسمي لـ«مكتب شيخ الأزهر» الدكتور أحمد الطيب، للعمل هناك، بعد حصولهم على إجازة بدون راتب بالوزارة، المفاجأة هو تقدم قيادات كبرى كانت تتولى تجديد الخطاب الدينى، والعمل في إدارات الدعوة من قبل في وزارة الأوقاف بطلب رسمي لمشيخة الأزهر للعمل في مجال الدعوة بها؛ بعد قرار الوزير باستبعادهم بشكل فجائي وتولي قيادات شبابية مكانها.

عملية هروب الأئمة من جحيم مختار جمعة لـ«مشيخة الأزهر»، تجدد الصراع غير المعلن بين المؤسسة الأزهرية والوزارة والذى دلت عليه شواهد كثيرة، لم يقتصر على حمل كل منهما رؤية مستقلة فى قضية التجديد الدينى؛ بل وصلت إلى رغبة عدد من أئمة وخطباء المساجد بالوزارة، في العمل «واعظين» بمجمع البحوث الإسلامية، فى محاولة منهم للهروب من سياسة جمعة، ومناصرة لدعم الطيب ومواقفه.

المفاجأة الثانية تمثلت في تقدم بعض من قيادات الوزارة السابقين وبعض الأئمة بطلب رسمي لمكتب وزير الأوقاف يطلبون الموافقة على ندبهم أو نقلهم للالتحاق للعمل بالأزهر، ووفقًا لما يتردد داخل الوزارة فمن الذين تقدموا بهذا الطلب، مسئول تدريب الأئمة بالوزارة سابقا، حيث تقدم بطلب رسمي إلى ديوان الوزارة، يفيد برغبته في الالتحاق بالعمل بالأزهر الشريف، إلا أن طلبه قوبل برفض شديد اللهجة من قبل الأوقاف، معللين بأن الوزارة لم ولن تسمح بفتح هذا الملف أمام جميع الراغبين فى النقل من الأوقاف إلى الأزهر.

وقالت مصادر، إن جميع من تقدم للنقل حملت طلباتهم موافقة من الأزهر على قبولهم، فضلا عن أنه بالرجوع للوائح والقوانين، يتضح أن الأمر يتماشى مع القانون باعتبار أن أصحاب الطلبات من خريجي كليات أزهرية، وبالتالى يحق لهم العمل بإحدى الهيئات التابعة للأزهر على نفس الدرجة المالية، غير أن اللوائح اشترطت الحصول على موافقة الأزهر والأوقاف معا على طلبات النقل.

وأشارت إلى أن باقي الطلبات الراغبة فى النقل ترجع إلى رفضهم الشديد الاستمرار فى منظومة الأوقاف، متهمين الوزير بالتخبط فى قراراته والعمل بسياسة الجزر المنعزلة، فضلا عن رغبة البعض منهم فى الاستفادة من البرامج التدريبية المكثفة التى يقدمها المجمع كدورات تدريبية للوعاظ.

وكان عدد من أئمة الأوقاف والشخصيات قد تقدموا قبل فترة بمذكرة لشيخ الأزهر يطالبون فيها بضم أئمة المساجد لـ«مشيخة الأزهر»، وكان من المقرر أن تعقد هيئة كبار العلماء اجتماعها أواخر شهر نوفمبر عام 2017 لمناقشة عدد من الموضوعات المعروضة على جدول أعمال الهيئة والتي كان من أهمها مناقشة مذكرة الأئمة، ونصت هذه الطلبات على أن مطلب الأئمة يأتى انطلاقا من الدستور المصرى الذى يحدد بوضوح، فى مادته السابعة، أن الأزهر الشريف هو من يتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم.

وفي يونيو 2014 تقدمت لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية بمذكرة طالبت فيها بضم الدعوة في جميع المؤسسات الدينية الثلاثة لتكون تحت مسئولية الأزهر، وتنفيذًا لنص المادة السابعة من الدستور باب المقومات الأساسية للمجتمع تنص على "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء".

وبالفعل تمت مناقشة المذكرة، ولكن كانت هناك عقبات قانونية تقف في عملية التنفيذ؛ حيث ثبت أن الأمر ليس بهذه السهولة، الدستور أعطى حق شئون الدعوة الإسلامية للأزهر لكن على الأزهر تعديل قانونه  103لسنة 1961، حتى يستطيع ضم الدعوة من وزارة الأوقاف.

وكشفت المعلومات، أن الصدام بين الأزهر والأوقاف حول تجديد الخطاب الديني سيعجل من ضم أئمة المساجد إلى مشيخة الأزهر، على أن تبقى الوزارة فقط مسئولة عن الوقف الخيري، حيث سيتقدم الأزهر للجنة الشئون الدينية بالبرلمان بطلب لتعديل قانون الأزهر رقم 103لسنة 1961، حتى يستطيع ضم الدعوة من وزارة الأوقاف.

يذكر أن وزارة اﻷوقاف تستهدف السيطرة على 107 آلاف مسجد، أئمة الأوقاف المعينون بها بدرجة إمام وخطيب وعددهم 58 ألف موظف بالقطاع الدينى بوزارة الأوقاف من أبناء جامعة الأزهر، و«18» ألف خطيب مكافأة قدامى من الحاصلين على مؤهلات عليا من جامعة الأزهر تمرسوا على الخطابة، ونجحوا فى اختبار خطباء المكافأة و«18» ألف خطيب مكافأة جدد، تم اختبارهم مؤخرا مع استبعاد «12» ألف إخوانى غير مؤهلين للخطابة، من الحاصلين على دبلومات وشهادات غير أزهرية، و«14» ألف سلفى كانوا يخطبون بمساجد الجمعيات المجمد أرصدتها وضمتها الأوقاف، ويوجد فارق «14» ألف خطيب عجز تحتاجه وزارة الأوقاف لسد الفارق بين امتلاكها 107 آلاف مسجد مجموع المساجد الحكومية والأهلية ومساجد الجمعيات، التى انتقلت تبعيتها للأوقاف وبين 94000 إمام معين وخطيب أزهرى بنظام المكافأة من مدرسى الأزهر ووعاظ الدروس بالأزهر، حيث تلجأ الوزارة إلى أساتذة جامعة الأزهر لكفاية المساجد من عجز الخطباء الأزهريين بعد استبعاد الوزارة «12» ألف خطيب إخوانى من مساجدها، وإبعاد «14» ألف  خطيب غير أزهريين عن الخطابة بمساجد أنصار السنة والجمعية الشرعية.