رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سيناريوهات المخابرات الأمريكية لإشعال ثورات جديدة في المنطقة باستخدام «السترات الصفراء»

أصحاب السترات الصفراء
أصحاب السترات الصفراء


خلال الأيام الماضية، أشعلت حركة «السترات الصفراء» فرنسا؛ احتجاجًا على زيادة الضرائب على الوقود، وغلاء المعيشة، والاعتراض على بعض السياسات الاقتصادية الأخرى، الأمر الذي دفع المشاركين فى هذه الحركة لارتكاب أعمال عنف وجدت صدى عالميًا فى غالبية وسائل الإعلام، ثم خرج رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، وأعلن تعليق الضريبة على المحروقات، داعيًا إلى الهدوء.


وقال رئيس الوزراء الفرنسي، إنه بعد المناقشات مع العديد من الجهات في الأيام الأخيرة، جرى تعليق التدابير المالية وعدم تطبيقها قبل 6 أشهر، قبل أن تناقش من الجهات المعنية، مؤكدا: «نريد أن نحدد مع الوقت بعض التدابير العاملة والفاعلة».


وهذه الحركة الشعبية بدأت عبر صفحة في «فيس بوك»، وعرفت نفسها بأنها ليست جزءًا من أي منظمة أو حزب سياسي، وأن الاحتجاجات التي تنظمها شعبية بشكل كامل.


واستمدت الحركة اسم «السُّترات الصفراء» من قانون فرنسي دخل حيّز التنفيذ في 2008، يطلب من جميع قائدي السيارات حمل سترات صفراء مُميّزة وارتدائها عند الخروج على الطريق في حالات الطوارئ.


وبدأت أول تظاهرات هذه الحركة في شهر مايو الماضي في فرنسا، لمعارضة سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.


وانتقلت شرارة هذه الحركة إلى دول أوروبية أخرى مثل، بلجيكا وهولندا، وهناك تخوفات وتوقعات بانتقالها إلى مدن أوروبية أخرى، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها «القارة العجوز».


وأثارت هذه الحركة الكثير من الأسئلة بشأن أسباب انتشارها بهذه السرعة، لاسيما أن البعض قارن بينها وبين ثورات الربيع العربي مثل «25 يناير»، كما أطلق البعض على ما يحدث في أوروبا بـ«ثورات الربيع الأوروبي»، ويتوقع الكثير من الخبراء انتشار هذه الحركة في الكثير من دول العالم، منها منطقة الشرق الأوسط، في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها العالم.


وتحدث الإعلام المصري عن وجود «عناصر مندسة» بين المتظاهرين، متهمًا التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراءها، كما تحدثوا عن نظرية المؤامرة.


وقال صالح فرهود، رئيس الجالية المصرية في باريس، إن ما يحدث الآن في باريس من تظاهرات «السترات الصفراء» ما هو إلا مخطط من عناصر «مندسة» داخل الدولة الفرنسية بمساعدة رؤساء أحزاب وخاصة اليمين المتطرف العنصري الكاره للعرب والمسلمين خاصة الذي تتزعمه مارين لوبان نجلة مارى لوبان الزعيم السابق لليمين المتطرف.


وأضاف "فرهود"، أن تلك التظاهرات تتم بمساعدة دول أخرى مثلما حدث في منطقة الشرق الأوسط.


وشبّه رئيس الجالية المصرية في باريس ما يحدث الآن في العاصمة الفرنسية بما حدث في مصر من تخريب ساد الدولة المصرية بعد 25 يناير.


ويقول الدكتور عبد الله المغازي، المتحدث السابق للحملة الرئاسية للرئيس عبد الفتاح السيسي، إن ما يجرى في فرنسا هو شأن داخلي، يتعلق بالسيادة الوطنية، مشيرا إلى أن هذه الأحداث تذكرنا بما حدث خلال ثورة 25 يناير، عندما كانت بعض الدول الأوربية تتحجج بحقوق الإنسان والحريات حتى مع الشخصيات التي لا علاقة لها بحقوق الإنسان ولا بالحريات ولا علاقة لها بمطالب الثوار، وكانوا يحاولون الضغط على مصر حينذاك حتى يتم الإفراج عن بعض الأشخاص المخربين، لافتا إلى أن التجربة التي تحدث الآن في فرنسا وبعض الدول الأوربية، تعلم الناس أنه لابد لكل دولة أن تحترم سيادة الدولة الأخرى.


ونوه بأن مصر متمثلة في مؤسساتها الدستورية لم تتحدث بسوء عن ما يحدث في فرنسا ولم تطالب بالإفراج عن المتظاهرين أو تنتقد تعامل الشرطة مع المتظاهرين، كما كانت تفعل الدول الأوربية أثناء الثورة المصرية، عندما كانوا يتشدقون بالحريات وحقوق الإنسان، وكانوا يطالبون بترك المخربين تحت شعارات كاذبة وواهية، وبالتالي مصر من الدول التي تحترم الشأن الداخلي للدول الأخرى.


وأضاف «المغازي»، أن ما يفعله الفرنسيون الآن تقريبا شبيه جدا بما فعلته مصر في ثورة 25 يناير في الحفاظ على كيانها وشكلها، من التعامل مع المندسين المخربين والحفاظ على مقدرات الدولة، مشيرا إلى أن عدم تعامل الدولة المصرية بشماتة مع ما يحدث في فرنسا، يدل على مدى عراقة الدولة المصرية، واحترامها للآخرين، وعدم تدخلها في الشئون الداخلية للدول الأخرى، لافتا إلى أن هناك الكثير من أوجه الشبه بين ما يحدث الآن في فرنسا وما حدث أثناء ثورة 25 يناير، مثل الفئة المندسة والوقيعة بين المواطنين والدولة ورفع سقف المطالب، وأن هناك بعض الأطراف تحاول استغلال هذه التظاهرات من أجل إسقاط الدولة الفرنسية.


وأكد «المغازي» أن هناك فرقًا بين المطالب التي يرفعها أصحاب «السترات الصفراء»، ومطالب ثوار 25 يناير، مشيرا إلى أن ثورة يناير رفعت شعار، عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية، أما مظاهرات أصحاب السترات الصفراء فكانت بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الوقود، لافتا إلى أن الدولة الفرنسية دولة كبيرة وعريقة ولها باع طويل في الحريات، وبالتالي من الصعب المقارنة بين مصر وفرنسا، لكن استغلال المندسين لما يحدث هو أمر مشابه لما كان يحدث في ثورة يناير، لاسيما وأن فرنسا فيها عدد كبيرة من المهاجرين، وداعش وبقية الجماعات الإرهابية الذين يحاولون استغلال هذا الوضع المتأزم.


وأشار «المغازي» إلى أنه يرى أن هناك تجاوزًا كبيرًا جدًا من المتظاهرين في فرنسا، من ضرب الشرطة وحرق سياراتها، وهذا تجاوز لكل الأعراف والحريات، وهذا يضع رجل الشرطة في حالة دفاع شرعي عن النفس، للحفاظ على حياته وحماية مؤسسات الدولة من الانهيار، مشددا على أن الحفاظ على الدولة وعلى مؤسساتها وأمنها هو خط أحمر لا يجب أن يتعداه أحد وهو قبل أي حريات أو حقوق.


ولم يستبعد انتشار هذه الحركة في كل دول العالم، حتى في مصر والشرق الأوسط، لأنها حركة عالمية، مطالبا الحكومات في الشرق الأوسط وفي مصر الاستفادة مما يحدث في فرنسا ودراسته والتعامل معه بذكاء، واتخاذ إجراءات احترازية واستباقية لعدم تكراره في مصر، وبالتالي يجب الاستفادة من تجارب الآخرين، لاسيما وأن دول الشرق الأوسط ليس أقوى من فرنسا، مشيرا إلى أن  التعامل مع مثل هذه الأحداث بثقة زائدة كما حدث في ثورة 25 يناير، عندما استبعد النظام المصرية انتقال ثورات الربيع العربي والثورة التونسية لمصر خطأ كبير جدا، وبالتالي يجب التعامل مع مثل هذه الأحداث بجدية وذكاء سياسي وجدية.


ويقول أحمد عبد الحفيظ، القيادي الناصري، إن ما يحدث في فرنسا هو تكرار لفكرة الثورات الملونة التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد دول الاتحاد السوفيتي بعد انتصارها في الحرب الباردة، وتكرار لما فعلته في ثورات الربيع العربي، التي حولتها إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد، والآن هي تسعى لتفكيك الاتحاد الأوروبي وإضعافه من أجل التفرغ لصراعها مع الصين، وتريد أن تكون أوروبا تابعة لها وليس منافسا لها، لاسيما وأن كل التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الصيني سيكون هو أكبر اقتصاد في العالم خلال الفترة القادمة، وبالتالي ما يحدث في فرنسا وبعض الدول الأوربية هو مؤامرة أمريكية.


وأضاف «عبد الحفيظ»، أن الناس أصبحت «تفش» غلها في المرافق العامة؛ لأنها تشعر أن هذه المرافق لا تؤدي لها الخدمة المطلوبة، مشيرا إلى أن ثورة 25 يناير لم تكن ثورة ضد الغلاء أو الفقر، لكنها كانت لها مطالب سياسية من الدرجة الأولى، فهي كانت تنادي بالمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص والحرية وعدم توريث الحكم، لذلك الذي قام بثورة 25 يناير هم النخبة، وليس عامة الشعب، أما ما يحدث في فرنسا وأوربا فهو ثورة فقراء ومهمشين، لافتا إلى أن انتقال هذه الحركات إلى مصر والعالم العربي يتوقف على موقف الولايات المتحدة الأمريكية، وهل هي تريد إدخال الشرق الأوسط في فوضى جديدة أخرى أم لا، لأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تتحكم في الإنترنت.


ويقول خالد داود، الرئيس السابق لـ«حزب الدستور»، إنه لا يوجد أي مقارنة بين ما حدث في ثورة 25 يناير وما يحدث الآن في فرنسا وأوروبا، لأن مطالب المحتجين في فرنسا مرتبطة بسياسات محددة، كما أن مقارنة مبارك بـ«ماكرون» مسألة لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، لأن ماكرون في النهاية هو رئيس منتخب ديمقراطيا، وستتم إعادة انتخابه، مقارنة برئيس مكث في الحكم ثلاثين عاما عبر انتخابات مزورة وكان يسعى لتوريث الحكم لابنه، إلى جانب أن فرنسا ليس أول مرة تشهد هذا النوع من الإضرابات والمظاهرات.


وتابع: وبالتالي عقد هذه المقارنة هو محاولة لتشويه «ثورة 25 يناير»، رغم عدم وجود وجه للمقارنة بين الاثنين، لافتا إلى أن الاحتجاجات العمالية والنقابية شيء متعارف عليه في فرنسا، والسؤال الأهم هو لماذا لم تقم أجهزة الأمن الفرنسية هناك بالتعامل بالعنف المفرط مع المحتجين والمتظاهرين، مقارنة بما تقوم به الأجهزة الأمنية في مصر والعالم العربي؟، فرغم حجم التخريب والتكسير لم نسمع عن قتل متظاهرين، كما حدث أثناء ثورة 25 يناير عندما سقط عشرات المتظاهرين خلال ثلاثة أيام فقط.