رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالصور..الكلاب الضالة تنهش أجساد المصريين وتهدد حياة أكثر من ربع مليون مصرى "تقرير"

أحد الضحايا
أحد الضحايا

تفاقمت فى الآونة الأخيرة أزمة جديدة فى الشارع المصرى تهدد أمن المواطنين، وهى انتشار الكلاب الضالة خاصة فى المناطق الشعبية، فأصبحت الشوارع مرتعا لهم.

ففى الماضى كانت توجد وظيفة تسمى «السماوى» وهو فرد أمن تابع لوزارة الداخلية كان يطوف شوارع المدن والقرى حاملًا بندقية صيد يصوبها تجاه «الكلاب الضالة» لكن بعد ضغوط عده مارستها جمعيات الرفق بالحيوان اختفى «السماوى».

وبالبحث حول الظاهرة وأسبابها، تبين أن هناك علاقة وثيقة ما بين تزايد «أكوام القمامة» وانتشار «الكلاب الضالة» وهو ما يجعل من عمل منظومة جديدة للنظافة فى مصر أمرًا حتميًا.

وتعرض الطفل أحمد محمد أحمد خطاب، البالغ من العمر 11 عامًا، تلميذ بالصف الخامس الابتدائى، بمدرسة فيوتشر تدريبي لغات متميز، الأسبوع الماضى، لحادث دهس تحت عجلات سيارة ملاكى «مجهولة» على الطريق بشارع الخمسين أمام كافى «أوبس» بمنطقة زهراء المعادى، بعد مطاردة مجموعة من الكلاب الضالة له، أثناء ذهابه إلى مدرسته.

ورصدت كاميرا المراقبة الموجودة بإحدى العمارات بشارع الخمسين بزهراء المعادي الحادث الذى وصفه سكان حى المعادى بـ«البشع»، وأظهرت مطاردة الكلاب الضالة للطفل ومحاولته الهرب منهم ناحية الطريق لكنه فوجئ بسيارة قادمة نحوه بأقصى سرعتها؛ اصطدمت به ولاذ قائدها بالفرار دون الاطمئنان على الطفل، وتم نقله إلى مستشفى البنك الأهلى، وخضع لإجراء عملية جراحية فى ساقه.

وأعلن العديد من سكان حى المعادى، تدشين حملة ضد الكلاب الضالة المنتشرة بشوارع الحى؛ لاسيما بعد تعرض الطفل «أحمد» للحادث «البشع» بزهراء المعادى، والذي بث الرعب والخوف فى قلوب أهالى الحى خشية على أبنائهم.

والتقت «النبأ» بالطفل أحمد محمد أحمد خطاب، ضحية «الكلاب الضالة» بحي المعادي، بعد خضوعه لعملية جراحية بمستشفى البنك الأهلى واستقرار حالته الصحية.

وروى الطفل خلال اللقاء التفاصيل الكاملة للحادث، قائلًا: «أنا كنت رايح المدرسة الساعة السابعة صباحًا، وفوجئت بـ3 كلاب؛ أمسك أحدهم في بنطالي فجريت نحو الطريق لوجود كلب آخر يقف بجوار المبني، وأسرع الكلاب خلفي وجاءت سيارة قادمة بأقصى سرعتها على الطريق وصدمتني وفرت هاربة».

ويضيف الطفل: «استنجدت بالمارة في الشارع، وطلبوا الإسعاف وانتقلت بي إلى المستشفى» مؤكدًا أن قائد السيارة الذي صدمته استوقف قائد دراجة نارية على الطريق، وأخبره بأنه يوجد طفل ميت بالشارع، بحسب ما جاء على لسان قائد الدراجة للطفل وقت الحادث.

من ناحيته يقول والد الضحية: «أنا كنت في البيت الصبح واتصلت بي المستشفى وأخبرنى بالحادث الذي تعرض له نجلى وأخطرت قسم شرطة البساتين بالواقعة وتم تحرير المحضر اللازم، لكن قائد السيارة التى صدمت الطفل جري ويوجد كاميرات مراقبة بأعمدة الإنارة على الطريق، ما يسهل عملية التوصل للسيارة المتسببة في الحادث».

ويتابع: «لو قائد السيارة كان توقف بعد الحادث وحاول إسعاف الطفل كنا في الحالة دي ممكن نتنازل على المحضر ونتقدم له بالشكر، لكن هروبه بهذا الشكل وهو عارف أنه صدم طفلا بسيارته وما وقفش عشان يطمئن عليه ويشوفه عايش ولا مات، ليس بسبب طلب تعويض منه ولكن من الناحية الإنسانية؛ لذلك أطالب بسرعة التوصل للسيارة المتسببة في الحادث والقبض على قائدها».

ويؤكد أنه يوجد كاميرات مراقبة بأعمدة الإنارة على الطريق، ما يسهل عملية التوصل للسيارة المتسببة في الحادث وضبط قائدها، والمحضر اتبلغ به من إدارة المستشفى لقسم شرطة البساتين؛ لكن لا يوجد رد من قسم الشرطة، ولم يتوصلوا للسيارة المتسببة في الحادث.

ويوضح والد الطفل خلال لقائه مع «النبأ» أن ظاهرة الكلاب الضالة المنتشرة بالمعادي زادت بشكل «شنيع»، خاصة بعدما بدأ الأهالي في إطعام الكلاب بـ«اللانشون والبسطرمة»، حتى وصل بهم الحال إلى أنه عندما يشتري أي شخص «لانشون أو بسطرمة» وتشتم الكلاب الرائحة يهاجمون هذا الشخص للاستيلاء منه على المأكولات، مؤكدًا أن هذا الموقف حدث معه فعليًا.

واستطرد قائلًا: «كانت الحكومة في السابق تنزل زهراء المعادي وتضرب الكلاب بالنار وتأخذهم في السيارات، لكن حاليًا لا يوجد ذلك، خاصة أن الزهراء يحتضنها الجبل والكلاب تأتي من ناحيته، وأصبحت المنطقة مليئة بالكلاب الضالة التي تهدد حياة المواطنين، مطالبًا بإيجاد حل للقضاء على هذه الظاهرة».

وكشف التقرير الطبي المبدئي للمريض أن الطفل يشتكي من آلام محدودية الحركة بالكاحل الأيسر، إثر كسر بالتنبؤ الداخلي والخارجي للكاحل الأيسر، وتم عمل رد مفتوح وتثبيت للكسر بواسطة أسلاك معدنية، طبقًا لما هو مثبت بالملف الطبي لحالة ضحية كلاب المعادى.


أرقام صادمة



فيما كشف تقرير رسمى صادر عن الهيئة العامة للخدمات البيطرية، عن أن إجمالى عدد حالات العقر الآدمية من الكلاب والحيوانات الضالة، العام الماضى، بلغ 398 ألف حالة، مشيرًا إلى أن إجمالى عدد حالات الإصابة الآدمية بلغ 65 حالة إصابة انتهت بالوفاة.

ورصد التقرير ارتفاع عدد حالات العقر الآدمية بسبب الكلاب الضالة خلال الأربعة أعوام الماضية بإجمالى مليون و392 ألف حالة، بإجمالى 231 حالة وفاة خلال الفترة من 2014 حتى 2017، موضحًا أن إجمالى حالات العقر فى 2014 بلغ 300 ألف حالة، ارتفعت إلى 324 ألفًا فى 2015، زادت إلى 370 ألفًا عام 2016، حتى بلغت 398 ألف حالة العام الماضى.


ولفت التقرير إلى الارتفاع المتواصل فى عدد حالات الوفيات بسبب الإصابات بالعقر بمعدل متغير، إذ بلغ عدد حالات الإصابات المنتهية بالوفاة 52 حالة عام 2014، ارتفعت إلى 55 حالة وفاة عام 2015، ثم واصلت الارتفاع فى 2016 لتبلغ 59 حالة، بينما بلغت العام الماضى 65 حالة وفاة بسبب عقر الكلاب.

كما كشف تقرير صادر عن مستشفى المنيرة العام، أن معظم حالات عقر الكلاب التى ترد إلى المستشفى من الأطفال صغار السن، حيث رصد التقرير أعداد المترددين على المستشفى بداية من شهر يناير 2018 حتى أواخر شهر نوفمبر الجارى.

وجاءت فى الصدارة «عقر الكلاب» بـ10 آلاف و568 حالة معظمها من الأطفال، و«عقر الحمار» 30 حالة، أما الحصان 74 حالة، والقطط 824، الفئران 529، العرس 24، العقارب 42، و31 حالة من قِبل حيوانات أخرى، ولفت التقرير إلى أن إجمالى المعقورين بلغ 12122 ألف حالة جميعهم تم تطعيمهم ضد عقر الحيوانات، وتم إتخاذ الإجراءات اللازمة معهم.

أحمد حسن، يبلغ من العمر 7 سنوات، تلميذ فى الصف الثانى الابتدائى، تحكى والدته باستفاضة لـ«النبأ» مأساة نجلها وما حدث له بسبب عقر إحدى الكلاب الضالة له، فتقول: «منذ أربعة أيام كان «أحمد» عائدًا من المدرسة وبالتحديد فى الشارع الذى نقطن به بأرض يعقوب بمنطقة السيدة زينب، فسمعت صوت استغاثة من ابنى وصراخ وعويل، فهرعت إلى النافذة وجدت الكلب يجرى وراءه وهو فى حالة هستيرية إلى أن لحق به وعقره فى ظهره وفر هاربًا، فنزلت إلى الشارع وجدت ابنى فى حالة لا يرسى لها، وكشفت ملابسه وجدت آثار عقرة الكلب فى ظهره، والدماء تنزف منها».

وتابعت: «على الفور اصطحبته إلى مستشفى المنيرة العام، لأنه المكان الأقرب فى هذه الظروف، وتم توقيع الكشف الطبى عليه وعمل الإسعافات الأزمة، وجرى حقنه بمصل ضد عقرة الكلب، واستلمت بطاقة مدونا عليها اسمه وبياناته للمتابعة لمدة خمسة أيام، ففى كل يوم يأخذ جرعة، وبالفعل بدأت المتابعة».

وأضافت قائلة: «فى نفس التوقيت هذا الكلب ذهب إلى الشارع المجاور لنا، وعقر طفل آخر من أبناء الجيران، ويبدو أن هذا الكلب كان مسعورًا وهذا ما أقلقنى للغاية على نجلى «أحمد»، فذهبت به على الفور لأقرب مستشفى، وجارتى أيضا كذلك».

 
ومن جانبه قال الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، إنه لا يوجد أى مركز لمصل عقر الكلاب فى نطاق الوحدات المحلية القروية البالغ .عددها 1411 تابعة لـ27 محافظة

وأضاف «عرفة» أن جميع الوحدات الصحية فى القرى لا توجد بها سيارات إسعاف كافية أو حتى أقسام للسموم، مشيرا إلى وجود 20 مركزا للسموم فقط فى عواصم المحافظات.

وأكد أن المستشفيات والوحدات الصحية فى القرى تحتاج إلى استحداث أقسام جديدة تختص بالتعامل مع حالات عقر المواطنين من قبل الكلاب الضالة وغيرها من الحيوانات الأخرى.

وأوضح «عرفة» أن المسئولية تقع على المحافظين طبقا لقانون الإدارة المحلية رقم 43 لعام 1979، مشيرا إلى أن بعض المحافظين لا يتابعون القرى والعزب والنجوع والكفور بسبب عدم وجود موازنات كافية وعدم تفكير بعض المسئولين منهم خارج الصندوق فى شتى الملفات ومنها مهاجمة الكلاب الضالة والثعابين والزواحف لعدد من المواطنين فى القرى.

مادة سامة

وفى نفس السياق قال مصدر مُطلع داخل وزارة الزراعة، إن الوزارة تستخدم مادة «الاستركنين» السامة المتخصصة فى مكافحة الكلاب الضالة، وهى مصرح بها من هيئة الخدمات البيطرية، ويتم استيرادها بناء على الموافقات الرسمية.

وكشف أن ثمن الكيلو من «الاستركنين» يقدر بـ«13» ألف جنيه، و2 جرام فقط من هذه المادة تكفى لقتل كلب واحد، أى أن الكيلو يكفى لمكافحة 500 كلب، وأن سعر الكيلو ارتفع تدريجيا من ثلاثة آلاف جنيه حتى وصل إلى 12 ألف جنيه.

وأكد المصدر عدم وجود إحصائية رسمية بعدد الكلاب الضالة الموجودة بالشوارع، كما أن إدارة الصحة العامة هى المكلفة بمكافحة الكلاب الضالة، ولا تستهدف جميع الكلاب ولكن العقور فقط وبناءً على الشكاوى.

وأشار إلى أن هناك مضايقات من جمعيات الرفق بالحيوان الذين يطالبون بمنع مكافحة الكلاب الضالة بهذه الطريقة، لافتا إلى أن هذه الطريقة هى الأنسب للتعامل مع الكلاب الضالة فى مصر من حيث السعر والأمان، مشيرا إلى أن جمعيات الرفق بالحيوان تريد تعقيم الكلاب وهذه عمليات مكلفة وتحتاج إلى فرق لعمل العمليات الجراحية، وغرف مجهزة وأماكن لإيوائها وللإعاشة والمتابعة حتى يتم شفاؤها، وبالرغم من ذلك يتم تركه مرة أخرى فى الشارع.

وعن طرق استخدام مادة «الاستركنين» قال إنه يتم وضع المادة السامة داخل قطعة لحم للكلب ومتابعته حتى يأكلها ثم يتم التعامل معه من خلال هيئة النظافة ودفن الكلاب النافقة فى المدفن الصحى، موضحا أن علاج المصابين الذين يتعرضون للعقر من الكلاب يكلف الدولة ما يقرب 80 مليون دولار؛ لأن الأمصال التى يعالجون بها مستوردة من الخارج، معتبرا عملية مكافحة الكلاب الضالة سينقذ حياة المواطنين من ناحية ويوفر ملايين الدولارات من جهة أخرى.