رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

معارك نجوم المهرجانات.. «فرتكة فرتكة.. عالطبلة وعالسكسكة».. (ملف شامل)

نجوم المهرجانات
نجوم المهرجانات


الفن «رسالة» قبل أن يكون صناعة للحصول على «المال» أو تحقيق «الشهرة»، هو أداة لتغذية العقول، والارتقاء بـ«الذوق العام».


لكن فى الوقت نفسه، قد يصبح هذا «الفن» نقمة إذا تصدى له المتنافسون على النجاحات المؤقتة «المزيفة»، والذين يقدمون أعمالًا ضد «الذوق العام»، والتى تعمل على «تخريب» عقول الشباب.


«حمو بيكا» و«مجدى شطة» من هؤلاء؛ شغلا مواقع «السوشيال ميديا» بمعارك وهمية، وانساقت الجماهير وراء متابعة أخبارهما رغم أنهما لا يقدمان فنًا ولا يرتقيان بذوق؛ بل أغانى على شاكلة «فرتكة فرتكة.. عالطبلة وعالسكسكة» ذلك المهرجان الشهير الذي يجسد لحظة انهيار الشباب فى الفرح والحزن بعد تناول «المخدرات».


تعرض الاثنان للهجوم؛ بل وصلت أزمتهما لـ«مجلس النواب»؛ بعد إعلان  النائب سامى رمضان، عضو مجلس النواب عن محافظة الإسكندرية، تقدمه بطلب إحاطة إلى وزارة الثقافة بشأن الإسفاف والابتذال الذى اختلط بالأغانى الشعبية، وظهور أغانٍ شعبية تفسد الذوق العام.


فى هذا الملف نحاول دراسة هذه الظاهرة الخطيرة، والأسباب التي أدت لتفاقمها، وما «روشتة» علاجها.


بعد أزمة «حمو بيكا» و«مجدى شطة»

«الفضائيات» و«السوشيال ميديا» تدمر المصريين بـ«أغانى نجوم الهلس»

حلمى بكر: هؤلاء خطر داهم على مصر.. وما يقدمونه لا علاقة له بالفن

مصطفى كامل: الذوق العام شهد تراجعًا حادًا منذ ثمانى سنوات

مجدى شطة يطالب محرر الجريدة بـ«5» آلاف جنيه مقابل إجراء حوار صحفى

كانت الأزمة الأخيرة بين «حمو بيكا» و«مجدى شطة» سببًا فى إعادة توجيه الاتهامات لـ«أغانى ومطربى المهرجانات» بإفساد ذوق الجمهور المصري، خاصة أن هذه النوعية من الأغانى تنتشر بسرعة «البرق».


وتصدر «بيكا» و«شطة» المشهد، خلال أيام قليلة؛ بمساعدة مواقع «السوشيال ميديا»، الأمر الذي أثار سخرية البعض، وغضب الكثيرين، وسارع نقيب المهن الموسيقية الفنان هاني شاكر، بالتأكيد على أن هؤلاء ليس لهم صلة من قريب أو بعيد بالفن المصري.


البداية كانت بدعوة «حمو بيكا»، ابن محافظة الإسكندرية لتنظيم حفلة تضم مطربين من أبناء المحافظة، وأن الأمر لن يقتصر عليهم فقط؛ بل سيتواجد مجدي شطة معهم، إلا أن الأخير خرج نافيًا هذا الأمر جملة وتفصيلًا وحث جمهوره على عدم الذهاب لحفلة «بيكا».


ومنذ تلك اللحظة اشتعلت الأجواء بينهما وأصبح «شطة» بين الحين والآخر يخرج بمقطع فيديو مهاجمًا «بيكا».


وحول انتشار أغاني المهرجانات بتلك الطريقة، ما يهدد الطرب الأصيل، استطلعت «النبأ» آراء الخبراء والمسئولين للوقوف على أسباب انتشار هذه الظاهرة.


وفي هذا السياق، قال الملحن حلمى بكر، إن فئة من الجمهور المصري هي التي سمحت بظهور «بيكا» و«شطة» ومن هم على شاكلتهما، وتلك الفئة العشوائية التي تعد بالملايين ستدمر الفن والبلد.. والمسئولون «نائمون».


وتابع: «فما يفعله هؤلاء المدعون لا علاقة له بالفن؛ لأنهم يدمرون الذوق المصري، وما يقدمونه عبارة عن تعاطي أغاني مثل تعاطي المخدرات.. ويجب أن يكون هناك لجان أمنية تمر على الأفراح الشعبية أو بمعنى أدق العشوائية التي يتعاطى فيها الحضور الحشيش والمخدرات.. وما يجب أن تغفل الدولة عن هؤلاء وتؤجل محاربتهم؛ لأن هؤلاء الشرذمة خطر داهم على مصر».


وأضاف «بكر» أن الإعلام عليه دور كبير فى محاربة هؤلاء؛ خاصة أن القنوات الفضائية هى التي تسمح لهؤلاء بالانتشار، من خلال «الجرى» وراء الأغاني «الرخيصة».


واستكمل: «توجد أغان جيدة ومطربون شباب يتلمسون طريقهم ويجب تسليط الضوء عليهم.. فنحن ضايعين منذ عام 67 وظهور العشوائية الغنائية من أول أغنية الطشت قالي والسح الدح أمبو حتى اليوم».


وقال نقيب الموسيقيين السابق المطرب مصطفى كامل، إن الذوق العام شهد تراجعًا حادًا منذ ثماني سنوات، ويعيش حاليًا عصر اللا قيم وانفلات الأخلاقيات والمبادئ والفن نقطة صغيرة في هذا البحر المتلاطم الأمواج.


وقالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بـ«جامعة عين شمس»، إن أغاني المهرجانات الشعبية المنتشرة هذه الأيام هي نوع من أنواع التلوث السمعي، ويجب مواجهتها بجميع الطرق والأشكال وعلى وزارة الثقافة التصدي لمثل هذه الأشكال البعيدة كل البعد عن الفن والطرب ويجب على المسئولين التحرك؛ للتصدي لهذه الظاهرة التي تؤثر على الذوق المصري وتضربه في مقتل.


وطالبت بعودة منصب وزير الإعلام مرة أخرى؛ لضبط الأمور وعودتها إلى مسارها الصحيح، مشيرة إلى أن الفترة الحالية نعانى فيها من ارتباك ثقافي يؤثر بطريقة سلبية على النشء ويؤسس لجيل جديد مضطرب ثقافيا وأخلاقيًا لأن الأمور أصبحت خارج السيطرة وعلى المسئولين التحرك للحد من انتشار هذه الظاهرة وعلى الجميع تحمل مسئولياتهم تجاه هذا الوطن وعلى الإعلام عدم تسليط الضوء على هذه الأغاني للحد من انتشارها.


وأضافت أنه يجب تسليط الضوء على النماذج المشرفة وفرد مساحة للطرب الأصيل والمطربين الحقيقيين لمجابهة مثل هؤلاء «الفوضويين»؛ لأن مثل هذه الأغاني المبتذلة هي خرق واضح لعادات المجتمع المصري وتقاليده فمن غير المعقول أن نرى هؤلاء يرقصون عرايا وجمهورهم يرقص وبأيديهم أسلحة بيضاء بدعوى أن هذا لون جديد من ألوان الغناء فهذا بعيد كل البعد عن الغناء والطرب ولا يجب أن نطلق على هؤلاء مغنيين أو مطربين لأن الغناء الشعبي هو لون من ألوان الفن وما يفعله هؤلاء لا يرتقي لمرتبة الفن والغناء.


واستطردت «خضر» هناك بالفعل من يعبث ويريد هدم الثقافة المصرية ففي العهد القديم كانت تحرك الجيوش لاحتلال بلد ما ولكن اليوم تلعب بالأدوات المختلفة لاحتلال العقول دون تحرك جيوش.


بدوره، أكد الدكتور محمد المرسي، رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بــ«كلية الإعلام» جامعة القاهرة، أن الفترة الحالية تشهد تدنيًا حادًا في الذوق المصري؛ فالجيل الحالي يتجه لأغاني ليس بها الحد الأدنى من مقومات الطرب ولا تعد من الأغاني مطلقًا، مشيرًا إلى أن إيقاع المرحلة أصبح سريعًا والشباب يريدون كل شيء «تيك أواى» دون النظر لقيمة ما يتلقونه.


وتابع: لا نستغرب ظهور «حمو بيكا» و«مجدي شطة» وليس ظهور هؤلاء مقتصرًا على الأغاني الهابطة فقط فنحن نرى الآن أشكالا تخرج علينا لا نعرف من أين يأتون ويكرمون بمهرجانات لا نعرف مصدر ظهورها، فأنا حزين للغاية من وصولنا لمثل هذا المستوى من التدني، ونوهت من قبل أن على المسئولين الاهتمام بمراكز الشباب التى لا يجب أن يقتصر دورها على الرياضة فقط؛ بل يجب أن تقدم أشكالًا مختلفة من الفنون بجانب الرياضة، وأيضًا يجب تفعيل دور قصور الثقافة.


واستكمل: كنا فيما سبق نوجه اللوم إلى عدوية؛ لضلوعه في تدني الأغنية المصرية، لكن يتضح بعدما انتشرت أغاني المهرجانات اليوم أن هذا المطرب الشعبى الشهير بالنسبة لهؤلاء كان يقدم فنًا راقيا مغايرًا تمامًا لم يقدموه؛ فالتدني الذي نشهده اليوم لم يعد يقتصر على المهمشين أو متعاطي المخدرات؛ بل أصبح له جمهور وقطاع كبير من الشباب وتلك هي الأزمة فيجب أن ننتبه أن هناك فراغًا ثقافيًا حادًا يشهد المجتمع المصري لاسيما بعد توارى المطربين الحقيقيين عن الساحة الغنائية، وتركها لـ«بيكا» و«شطة».


وقال إنه فى تلك الفترة لو أجرينا مسحًا لخريطة الأغاني بالقنوات الفضائية المختلفة، سترى أن تلك القنوات لا تقدم أغاني طرب أصيل أو موسيقي راقية تسمو بروح المتلقي ولكنها تركز على تقديم مثل هذه النوعية من الأغاني، مؤكدًا أن الإعلام يساهم بشكل كبير في انتشار مثل هذه النوعية ويقوم بتوصيلها للمنازل.


واستطرد «المرسي»: عالم «السوشيال ميديا» أصبح لديه من القوة أن يحرك أمورًا كثيرة ويفرضها على أرض الواقع وانتشار هؤلاء الأشخاص كان من خلال العالم الافتراضي وأصبحوا واقعًا نعيشه اليوم فبأقل الإمكانيات تستطيع من خلاله أن تصل لجمهور يقدر بالملايين دون أن تبذل مجهودًا حقيقيًا».


من ناحيته، قال محمد منير، المتحدث الإعلامي لـ«وزارة الثقافة» إن الإعلام يلعب دورًا في انتشار مطربي «المهرجانات» من خلال تسليط الضوء على هؤلاء وإغفال المواهب الحقيقية التي تستحق أن يُظهرها الإعلام.


وتابع: «عشرات البرامج والمواقع الإخبارية تتناول شبه يوميًا أخبار هؤلاء وتغفل إبراز أخبار المطربين الحقيقيين وما تقدمه الموسيقي العربية من مواهب تستحق تسليط الضوء عليها».


واستكمل «منير»: جزء أساسي من إستراتيجية وزارة الثقافة اكتشاف المواهب وتنميتها، فلدى الوزارة «كشافين» يسافرون لكل قرى ومحافظات مصر المختلفة لاكتشاف المواهب فمنذ أيام كانت هناك مسابقة للغناء والعزف على آلة الكمان وتقدم للمسابقة أكثر من ستين شخصًا فاز منهم 12.


وقال أيضًا: على الإعلام عدم الالتفات لهؤلاء والتركيز على المبدعين لأنهم مفيدون لمجتمعهم على عكس الآخرين الذين يهدمون التقاليد ويجب اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الذوق المصري من هؤلاء المدعين.


وحاولت «النبأ» التواصل مع «شطة» ابن منطقة المطرية بالقاهرة لإجراء حوار معه، ولكنه طلب «5» آلاف جنيه، وهو ما رفضته الجريدة.


ساعة «حمو بيكا» بـ18 ألف جنيه

«بورصة» أجور حيتان الحفلات والأفراح الشعبية

«مجدى شطة» فى المركز الثانى وسعر ساعته «10» آلاف جنيه

خلال الفترات الماضية، أصبح وجود «مطربى المهرجانات» عاملًا مشتركًا فى غالبية الأفراح والمناسبات الشعبية، الأمر الذي زاد من شهرة ومكاسب العاملين فى هذا المجال، وأصبحت لهم «بورصة أسعار» ترتفع وتنخفض بحسب «مؤشر النجومية» بين الجماهير.


ويعد «حمو بيكا» حاليًا هو الأعلى سعرًا؛ نظرًا لانتشاره وشهرته خلال الأيام الماضية، ووصل سعر «ساعته» فى الأفراح الشعبية «18» ألف جنيه، ويحيى معه الأفراح ضمن فرقته، الفنانان الشعبيان على «قدورة» و«نور».


وبسبب الأزمة مع «حمو بيكا»، جاء «مجدى شطة» في المركز الثاني، ووصل سعر ساعته في الأفراح الشعبية «10» آلاف جنيه، وإذا جاء بفرقته كاملة يصل أجره في الساعة إلى «15» ألفًا.


أما محمد الفنان وإسلام الأبيض، اللذان قدما من قبل الأغنية الشهيرة «أنا جدع» فالتسعيرة الخاصة بهما فى الأفراح الشعبية «4» آلاف جنيه، وفى حالة اصطحابهما فرقتهما كاملة فإن الأجر سيصل لـ«6.5» ألف جنيه.


أما بالنسبة لـ«طارق الشيخ» وسمسم شهاب وأحمد شيبة فوصل سعرهم 35 – 40 ألف جنيه وهو ضعف المبلغ الذى كانوا يطلبونه فى أعوام سابقة.


ويصل أجر عبد الباسط حمودة في الأفراح إلى 18 ألف جنيه، ومحمود الليثي يبدأ من 15 ألف جنيه.


أوكا وأورتيجا، تتراوح أسعارهما بين 12 إلى 15 ألف جنيه.


ويعد فريق «شبيك لبيك» الأشهر على مستوى الجمهورية بسبب أغنية «مفيش صاحب بيتصاحب»، ويصل أجر الفريق المكون من حسن البرنس وفارس حميدة وناصر غندى 25 ألف جنيه في الفرح، ويقدم أغانيه بشكل جماعي، وتجذب الشباب من كل الأنحاء.


ويحصل محمد عبد السلام على 20 ألف جنيه في الساعة، وهو مطرب مشهور جدا في محافظة الشرقية، ومحافظات الوجه البحري.


وتعد «سمارة» هي الأشهر في القليوبية، وتنتشر لها أغنيات مثل "ياعم قضيها" و"ياعم ياللي بتحسدنا"، وقالت إنها بدأت عملها من خلال غنائها فى حفلات المدرسة، مضيفة أنها تعمل بالغناء الشعبي منذ 8 أعوام وبدأت فى العمل السينمائي بتقديم فيلم «دوران زينهم» ثم فيلم «الصفقة»، وشقيقها هو مدير أعمالها.


وأكدت «سمارة» أنها لا تترك «الفرح» إلا بعد «انبساط المعازيم»، وأنها تعشق المطربة شيرين عبد الوهاب وصابر الرباعي، وتتمنى العمل مع المطرب محمود الليثي.


وأضافت «سمارة» أن الأفراح الشعبية هى التى تكون سببًا فى شهرة المطرب أو المطربة، بعكس «الملاهي الليلية»؛ لأنها «مكان مغلق».


أما حامد عبده، فهو من أشهر مطربي الوجه البحري، وخاصة في القليوبية والدقهلية، وهو صاحب أغنية «البانجو ده مش بتاعي»، ويصل أجره إلى 10 آلاف جنيه، في الساعة أو 7 آلاف جنيه.


وقال «عبده» إن أغنية «البانجو ده مش بتاعى» قصة حقيقية، وانتشرت جدًا فى 2004، متابعًا: «لما عملتها كنت عايز أشرح للناس البانجو بيعمل إيه فيهم».


وأكد محمود عبودة، متعهد حفلات، إن كل «زبون» له طلبه، فهناك زبون يحتاج فرقة ومطربين والعديد من الفقرات مثل خيول الرقص والمونولوجات وغيرها من الفقرات الترفيهية، وهناك أصحاب أفراح يطلبون «دى جى» فقط فى القاعات.


وأشار إلى أن الأفراح الكبيرة أقل تكلفة للفرح الواحد تصل إلى 200 ألف جنيه شاملة المطربين والفرقة والراقصات، وكل المبالغ التى يتم الاتفاق بشأنها ترتفع، وتقل حسب الفراشة وطلب الزبون من إضاءات وميكسرات ضوئية وسماعات للصوت وأجهزة وشاشات الفيديو.


وأضاف: «أرخص طاقم دى جى يتكلف 400 جنيه ويشمل 4 سماعات، وهناك طاقم كبير 8 سماعات جى بى إل، وهناك أطقم أخرى يبدأ سعر طاقم الـ دى جى الواحد بـ1500 جنيه، وتعتمد التكلفة أيضًا على عدد ساعات الفرح، فهناك أصحاب أفراح يحجزون قاعات ساعتين فقط، وهناك قاعات يمتد الفرح فيها على 5 أو 6 ساعات، فالقاعة ومساحتها وتوزيع الصوت فيها تتحكم فى حجم الـ دى جى وسماعاته».


أغنية «لأ لأ» انتشرت بعد حملة إعلانية لـ«أورنج»

الدور الخفى لـ«شركات المحمول» فى انتعاشة «مهرجانات السرسجية»

انطلاق قطار محمد رمضان بـ«الألمانى» بعد ثورة يناير بـ«سنة»


كشفت دراسة أعدها الباحث محمود هدهود، بعنوان «حمو بيكا ومجدي شطة.. حتى لا تحترق القاهرة مرة أخرى»، أنه خلال العقد الأول من الألفية، كان النظام في مصر يعيد إنتاج نفسه، ويعيد إنتاج «التهميش» كذلك.


فبين عامي 2004/2005 و2010/2011، زادت نسبة المصريين الذين يعيشون دون خط الفقر الوطني الأدنى من 19.6% إلى 25.2%.


زاد الفقر في الوقت الذي تراجع فيه نصيب العمال من الربح إلى أقل من 25%.


وأضافت الدراسة، أن نسبة غير المشتركين بالتأمين في مصر وصلت إلى 44.5%، وهي نسبة تعبر عمن يعملون في قطاعات غير رسمية لا تضطر إلى الاشتراك في التأمين، و44.5% لا ينتمون إلى المنظومة، يقعون خارجها؛ ناهيك عن نسبة العاطلين عن العمل أو البطالة التي يلاحظ جلبير أشقر أنها تتميز في منطقة الشرق الأوسط بأنها بطالة شبابية.


كان المهمشون يحاصرون القاهرة عندما عادوا إلى صدارة المشهد السينمائي خلال العقد الأول من الألفية عبر أفلام خالد يوسف التي فتحت ملف العشوائيات المحيطة بالعاصمة وسكانها المنسيين.


لكن ما بدأ كصرخة وإنذار للمجتمع لتذكيره بهؤلاء المهمشين، كما شاهدنا في «حين ميسرة» (2007)، لم يلبث أن تحول إلى ثقافة موازية.


في 2010، ظهر «كلمني شكرًا»، الشريط الثاني لخالد يوسف عن المهمشين والعشوائيات.


المسافة بين العملين كانت أبعد من ثلاث سنوات، غادر العمل الثاني أرض الصراخ والرؤية الأبوكاليبتية التي انتهى بها «حين ميسرة» إلى أرض التفهم، إن لم يكن الاحتفاء، بإبراهيم توشكى (عمرو عبد الجليل).


وأضافت الدراسة، أن سنة واحدة مرت على الثورة قبل أن ينطلق قطار محمد رمضان «الألماني» محققًا نجاحًا غير متوقع بميزانية متواضعة.


قدّم رمضان شخصية البطل الشعبي في ثوبها الجديد؛ الشاب المشرد في حي عشوائي الذي تضطره الظروف القاسية إلى أعمال غير مشروعة، لكنه ينجح في الاستفادة منها لأنه «شبح»، وهي كلمة من اللغة الجديدة تصف نوعًا من الشجاعة ينبع من عدم وجود ما يخاف عليه الشخص ويود البقاء من أجله.


وحلل الباحث الظاهرة من كل جوانبها، وقال إنه إلى جوار ذلك النموذج الجديد، تم استدعاء مكونات ثقافية على هامش التيار العام.


راقصة من قناة «التت»، حيث تختزل جماليات التعبير الحركي في الرقص الشرقي ليتماهى تمامًا مع جوهره الإيروتيكي حيث الراقصة الجيدة هي من تملك القدرة الأوفر على إثارة الجمهور جنسيًا.


مرة أخرى، في 2012، طرقت موسيقى «المهرجان» أسماع الطبقات التقليدية في المجتمع المصري عبر حملة موبينيل الإعلانية الأكثر نجاحًا «مع بعض».


لم تعد الطبقات التقليدية تملك الآن أن تغلق النوافذ لكي لا تسمع موسيقى الهامش كما سبق أن فعلت مع أغاني مطربي الهامش كمحمود الحسيني والعيسوي وحمدي بتشان في الأفراح الشعبية.


على خلاف المهمشين القدامى، نجح المهمشون الجدد في أن يسوّروا هامشهم بثقافة خاصة.


استعير الوصف التاريخي للفئة التي رمزت إلى البروليتاريا الرثة في قاهرة الأربعينيات، وهم جامعو أعقاب السجائر، لوصف ثقافة الهامش الجديد. أولئك كانوا «سبرسجية»، وهؤلاء «سرسجية».


عبرت منظومة القيم في الثقافة الجديدة عن «إرادة القوة» عند هؤلاء المهمشين، ثم تركيز مستمر على فكرة القوة، ظهر بقوة في مهرجان «أولاد سليم اللبانين».


تحديدًا تظهر القوة في تلك الثقافة بوصفها «شبحنة»؛ أي، كما سبق أن ذكرنا، نوع من خاص من الشجاعة قائم على الاستهتار بأسباب رغبة البقاء.


وصلت المهرجانات عبر إعلانات شركات المحمول (مهرجان «لأ لأ» وصل عبر حملة إعلانية لأورانج، بينما مر مهرجان «العب يلا» عبر إعلان اتصالات)، وتم استيعاب «أولاد سليم اللبانين» من إنتاج «السبكي».


ولد نموذج الشبح من رحم السينما، وتم تشذيب محمد رمضان لتعميده بين النخبة الفنية سريعًا.


فبعد التراجيديا العنيفة والمتفجرة في وجه المجتمع في «عبدة موتة» و«ابن حلال»، جاء «شد أجزاء» و«الكنز» ليعيد الأمور إلى نصابها (حذف مسلسل «الأسطورة» كل معنى نقدي واجتماعي في «ابن حلال»، وأبقى فقط على المبالغات المرتبطة بثقافة السرسجية).


وقالت الدراسة، وفجأة، صعد حمو بيكا ومجدي شطة من الخارج، لا كليبات في قنوات الأغاني الشعبية، ولا إعلانات تقدم مهرجاناتهم.


لم يخضعا إلى الفلترة كما خضع أوكا وأورتيجا وكاريكا.


ظهرا بكامل الإخلاص لثقافة السرسجية، ومن خارج القنوات الرسمية.


لم يدع الهامش فرصة تلك المرة للمتن لكي يخفي وجوده في الصفحة.


تقدم «السبكى» لاحتواء فوائض الهامش الجديدة، انزعج هاني شاكر، مبعوث التسعينيات السعيدة، وربما المملة، فاستخدم سيف السلطة ليلغي حفل «بيكا».


حدث ما حدث، لكن التيار العام استيقظ مرة أخرى على الهامش المنسي، ربما عمدًا، وعالمه الخاص الذي ينتظر الجمهور فيه مجهولين: «مجدي شطة في حفلة حمو بيكا»، عبارة أشبه بالطلاسم.