رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«الفضائيات» و«السوشيال ميديا» تدمر المصريين بـ«أغانى نجوم الهلس»

بيكا وشطة - أرشيفية
بيكا وشطة - أرشيفية


كانت الأزمة الأخيرة بين «حمو بيكا» و«مجدى شطة» سببًا فى إعادة توجيه الاتهامات لـ«أغانى ومطربى المهرجانات» بإفساد ذوق الجمهور المصري، خاصة أن هذه النوعية من الأغانى تنتشر بسرعة «البرق».


وتصدر «بيكا» و«شطة» المشهد، خلال أيام قليلة؛ بمساعدة مواقع «السوشيال ميديا»، الأمر الذي أثار سخرية البعض، وغضب الكثيرين، وسارع نقيب المهن الموسيقية الفنان هاني شاكر، بالتأكيد على أن هؤلاء ليس لهم صلة من قريب أو بعيد بالفن المصري.


البداية كانت بدعوة «حمو بيكا»، ابن محافظة الإسكندرية لتنظيم حفلة تضم مطربين من أبناء المحافظة، وأن الأمر لن يقتصر عليهم فقط؛ بل سيتواجد مجدي شطة معهم، إلا أن الأخير خرج نافيًا هذا الأمر جملة وتفصيلًا وحث جمهوره على عدم الذهاب لحفلة «بيكا».


ومنذ تلك اللحظة اشتعلت الأجواء بينهما وأصبح «شطة» بين الحين والآخر يخرج بمقطع فيديو مهاجمًا «بيكا».


وحول انتشار أغاني المهرجانات بتلك الطريقة، ما يهدد الطرب الأصيل، استطلعت «النبأ» آراء الخبراء والمسئولين للوقوف على أسباب انتشار هذه الظاهرة.


وفي هذا السياق، قال الملحن حلمى بكر، إن فئة من الجمهور المصري هي التي سمحت بظهور «بيكا» و«شطة» ومن هم على شاكلتهما، وتلك الفئة العشوائية التي تعد بالملايين ستدمر الفن والبلد.. والمسئولون «نائمون».


وتابع: «فما يفعله هؤلاء المدعون لا علاقة له بالفن؛ لأنهم يدمرون الذوق المصري، وما يقدمونه عبارة عن تعاطي أغاني مثل تعاطي المخدرات.. ويجب أن يكون هناك لجان أمنية تمر على الأفراح الشعبية أو بمعنى أدق العشوائية التي يتعاطى فيها الحضور الحشيش والمخدرات.. وما يجب أن تغفل الدولة عن هؤلاء وتؤجل محاربتهم؛ لأن هؤلاء الشرذمة خطر داهم على مصر».


وأضاف «بكر» أن الإعلام عليه دور كبير فى محاربة هؤلاء؛ خاصة أن القنوات الفضائية هى التي تسمح لهؤلاء بالانتشار، من خلال «الجرى» وراء الأغاني «الرخيصة».


واستكمل: «توجد أغان جيدة ومطربون شباب يتلمسون طريقهم ويجب تسليط الضوء عليهم.. فنحن ضايعين منذ عام 67 وظهور العشوائية الغنائية من أول أغنية الطشت قالي والسح الدح أمبو حتى اليوم».


وقال نقيب الموسيقيين السابق المطرب مصطفى كامل، إن الذوق العام شهد تراجعًا حادًا منذ ثماني سنوات، ويعيش حاليًا عصر اللا قيم وانفلات الأخلاقيات والمبادئ والفن نقطة صغيرة في هذا البحر المتلاطم الأمواج.


وقالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بـ«جامعة عين شمس»، إن أغاني المهرجانات الشعبية المنتشرة هذه الأيام هي نوع من أنواع التلوث السمعي، ويجب مواجهتها بجميع الطرق والأشكال وعلى وزارة الثقافة التصدي لمثل هذه الأشكال البعيدة كل البعد عن الفن والطرب ويجب على المسئولين التحرك؛ للتصدي لهذه الظاهرة التي تؤثر على الذوق المصري وتضربه في مقتل.


وطالبت بعودة منصب وزير الإعلام مرة أخرى؛ لضبط الأمور وعودتها إلى مسارها الصحيح، مشيرة إلى أن الفترة الحالية نعانى فيها من ارتباك ثقافي يؤثر بطريقة سلبية على النشء ويؤسس لجيل جديد مضطرب ثقافيا وأخلاقيًا لأن الأمور أصبحت خارج السيطرة وعلى المسئولين التحرك للحد من انتشار هذه الظاهرة وعلى الجميع تحمل مسئولياتهم تجاه هذا الوطن وعلى الإعلام عدم تسليط الضوء على هذه الأغاني للحد من انتشارها.


وأضافت أنه يجب تسليط الضوء على النماذج المشرفة وفرد مساحة للطرب الأصيل والمطربين الحقيقيين لمجابهة مثل هؤلاء «الفوضويين»؛ لأن مثل هذه الأغاني المبتذلة هي خرق واضح لعادات المجتمع المصري وتقاليده فمن غير المعقول أن نرى هؤلاء يرقصون عرايا وجمهورهم يرقص وبأيديهم أسلحة بيضاء بدعوى أن هذا لون جديد من ألوان الغناء فهذا بعيد كل البعد عن الغناء والطرب ولا يجب أن نطلق على هؤلاء مغنيين أو مطربين لأن الغناء الشعبي هو لون من ألوان الفن وما يفعله هؤلاء لا يرتقي لمرتبة الفن والغناء.


واستطردت «خضر» هناك بالفعل من يعبث ويريد هدم الثقافة المصرية ففي العهد القديم كانت تحرك الجيوش لاحتلال بلد ما ولكن اليوم تلعب بالأدوات المختلفة لاحتلال العقول دون تحرك جيوش.


بدوره، أكد الدكتور محمد المرسي، رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بــ«كلية الإعلام» جامعة القاهرة، أن الفترة الحالية تشهد تدنيًا حادًا في الذوق المصري؛ فالجيل الحالي يتجه لأغاني ليس بها الحد الأدنى من مقومات الطرب ولا تعد من الأغاني مطلقًا، مشيرًا إلى أن إيقاع المرحلة أصبح سريعًا والشباب يريدون كل شيء «تيك أواى» دون النظر لقيمة ما يتلقونه.


وتابع: لا نستغرب ظهور «حمو بيكا» و«مجدي شطة» وليس ظهور هؤلاء مقتصرًا على الأغاني الهابطة فقط فنحن نرى الآن أشكالا تخرج علينا لا نعرف من أين يأتون ويكرمون بمهرجانات لا نعرف مصدر ظهورها، فأنا حزين للغاية من وصولنا لمثل هذا المستوى من التدني، ونوهت من قبل أن على المسئولين الاهتمام بمراكز الشباب التى لا يجب أن يقتصر دورها على الرياضة فقط؛ بل يجب أن تقدم أشكالًا مختلفة من الفنون بجانب الرياضة، وأيضًا يجب تفعيل دور قصور الثقافة.


واستكمل: كنا فيما سبق نوجه اللوم إلى عدوية؛ لضلوعه في تدني الأغنية المصرية، لكن يتضح بعدما انتشرت أغاني المهرجانات اليوم أن هذا المطرب الشعبى الشهير بالنسبة لهؤلاء كان يقدم فنًا راقيا مغايرًا تمامًا لم يقدموه؛ فالتدني الذي نشهده اليوم لم يعد يقتصر على المهمشين أو متعاطي المخدرات؛ بل أصبح له جمهور وقطاع كبير من الشباب وتلك هي الأزمة فيجب أن ننتبه أن هناك فراغًا ثقافيًا حادًا يشهد المجتمع المصري لاسيما بعد توارى المطربين الحقيقيين عن الساحة الغنائية، وتركها لـ«بيكا» و«شطة».


وقال إنه فى تلك الفترة لو أجرينا مسحًا لخريطة الأغاني بالقنوات الفضائية المختلفة، سترى أن تلك القنوات لا تقدم أغاني طرب أصيل أو موسيقي راقية تسمو بروح المتلقي ولكنها تركز على تقديم مثل هذه النوعية من الأغاني، مؤكدًا أن الإعلام يساهم بشكل كبير في انتشار مثل هذه النوعية ويقوم بتوصيلها للمنازل.


واستطرد «المرسي»: عالم «السوشيال ميديا» أصبح لديه من القوة أن يحرك أمورًا كثيرة ويفرضها على أرض الواقع وانتشار هؤلاء الأشخاص كان من خلال العالم الافتراضي وأصبحوا واقعًا نعيشه اليوم فبأقل الإمكانيات تستطيع من خلاله أن تصل لجمهور يقدر بالملايين دون أن تبذل مجهودًا حقيقيًا».


من ناحيته، قال محمد منير، المتحدث الإعلامي لـ«وزارة الثقافة» إن الإعلام يلعب دورًا في انتشار مطربي «المهرجانات» من خلال تسليط الضوء على هؤلاء وإغفال المواهب الحقيقية التي تستحق أن يُظهرها الإعلام.


وتابع: «عشرات البرامج والمواقع الإخبارية تتناول شبه يوميًا أخبار هؤلاء وتغفل إبراز أخبار المطربين الحقيقيين وما تقدمه الموسيقي العربية من مواهب تستحق تسليط الضوء عليها».


واستكمل «منير»: جزء أساسي من إستراتيجية وزارة الثقافة اكتشاف المواهب وتنميتها، فلدى الوزارة «كشافين» يسافرون لكل قرى ومحافظات مصر المختلفة لاكتشاف المواهب فمنذ أيام كانت هناك مسابقة للغناء والعزف على آلة الكمان وتقدم للمسابقة أكثر من ستين شخصًا فاز منهم 12.


وقال أيضًا: على الإعلام عدم الالتفات لهؤلاء والتركيز على المبدعين لأنهم مفيدون لمجتمعهم على عكس الآخرين الذين يهدمون التقاليد ويجب اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الذوق المصري من هؤلاء المدعين.


وحاولت «النبأ» التواصل مع «شطة» ابن منطقة المطرية بالقاهرة لإجراء حوار معه، ولكنه طلب «5» آلاف جنيه، وهو ما رفضته الجريدة.