رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عملية «تأديب» الصحفيين بـ«لائحة الأعلى للإعلام»

مكرم محمد أحمد -
مكرم محمد أحمد - أرشيفية


سيطرت حالة من الغضب على العاملين في الوسط الصحفي والإعلامى؛ عقب تداول أخبار تكشف عن اللائحة التنفيذية للجزاءات الخاصة بالمخالفات الإعلامية والتى تضم «27» مادة تحدد جزاءات كل مخالفة إعلامية تضمنتها المعايير والأكواد الخاصة بالمجلس.


وتحدد اللائحة الغرامات المالية والحالات التي تخضع فيها الوقائع للتحقيق، كما تحدد الضمانات الخاصة للمخالفين بشأن حقهم في تقديم التماسات وتظلمات من القرارات.


وتغطي اللائحة جميع المخالفات الإعلامية بداية من المخالفات الخاصة بالشائعات وعدم احترام الرأي الآخر والسب والقذف والخوض في الأعراض وحرمة الحياة الخاصة والتحريض على العنف والحض على الكراهية، كما تغطي المخالفات الإعلامية الخاصة بعدم مراعاة مصالح مصر العربية والإفريقية طبقا للأكواد المنظمة لهذا الأمر، كما تغطي المخالفات أيضا أي انتهاكات لكود الطفل والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة التي أٌقرها المجلس في وقت سابق.


وقال جمال شوقي، إن الغرامات المالية التي وضعتها اللائحة تتراوح بين 50 إلى 500 ألف جنيه طبقا لنوعية المخالفة وتتضاعف في حالة التكرار، كما تتراوح العقوبات بين لفت الانتباه إلى حد منع البث المؤقت أو حجب المواقع المؤقت أو الصفحات بشكل مؤقت في حالة الجرائم الإعلامية، كما تنظم اللائحة العلاقة بين النقابات المختصة والمجلس في حالات محددة خاصة بالمخالفات.


ومن المنتظر أن يناقش المجلس مسودة اللائحة خلال أيام تمهيدًا لإحالتها إلى مجلس الدولة لمراجعتها وإقرارها.


وتأتي اللائحة الجديدة طبقا لقانون رقم 180 لسنة 2018 الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، حيث أخضعت اللائحة الصفحات التي يزيد عدد متابعيها عن 5 آلاف متابع، وكذلك المواقع الإلكترونية إليها، ويسري عليها ما يسري على باقي وسائل الإعلام.


وتحدد اللائحة، التي تضمنت 30 بندا قانونيا، الغرامات المالية والحالات التى تخضع فيها الوقائع للتحقيق، كما تحدد الضمانات الخاصة للمخالفين بشأن حقهم فى تقديم التماسات وتظلمات من القرارات.


وأقرت اللائحة في نص المادة الثالثة، أنه يعاقب كل من نشر أو بث شائعات، أو أخبارا مجهولة المصدر، أو نقل عن مصادر إعلامية أخرى، أو استخدم السوشيال ميديا كمصدر للمعلومات دون التحقق من صحتها من مصادرها الأصلية، إما بلفت النظر أو الإنذار، أو توقيع غرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 25 ألف جنيه، أو مضاعفة العقوبة واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، حال استخدام عبارات تشمل التخوين دون سند، ويجوز وقف بث البرامج، أو الباب أو الصفحة أو الموقع الإلكتروني لفترة مؤقتة، وتوقيع غرامة لا تقل عن 250 ألف جنيه، ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين.


فيما نصت المادة (29)، أنه يجوز للمجلس الإعفاء من العقوبة أو جزء منها في حالة تقديم المخالف لالتماس أو تظلم، ويجوز مضاعفة العقوبة أو إضافة عقوبات جديدة فى حالة العودة، كما يجوز إحالة ما يراه من مخالفات قد ترقى إلى مرتبة الجرائم الإعلامية إلى السلطات المختصة، وفي حالة حصول الوسيلة الإعلامية على أكثر من 3 إنذارات يتم سحب ترخيصها أو الاكتفاء بمنع البث مؤقتا أو سحب ترخيص الطباعة لمدة محددة.


ويضمّ المقترح المسرب للمسودة مخالفات إعلامية مثل السب والقذف، وإهانة جهات أو أشخاص، ونشر وبث شائعات أو أخبار مجهولة المصدر، والتحريض على العنف أو الحض على الكراهية والتمييز، وتتضمن المخالفات أيضًا ما اسمته المسودة «انتقاد سلوكيات المواطنين بشكل يجاوز حدود النقد المباح»، وإجراء مناقشات وحوارات على حالات فردية باعتبارها ظاهرة عامة، والتشكيك في الذمم المالية دون دليل، ومخالفة قواعد التغطية الصحفية والإعلامية للعمليات الحربية والأمنية والحوادث الإرهابية، بالإضافة إلى مشاهد العنف غير المبررة، وإهانة معتقدات وقيم المجتمع.


وأوضح رئيس لجنة الشكاوى جمال شوقى، أن هذه اللائحة فور اعتمادها، ستسري على كل ما يعرض على الشاشات من برامج وأفلام وإعلانات، والصحف المطبوعة، وكل ما ينشر على الإنترنت بالمواقع الإلكترونية أو صفحات تواصل اجتماعي، أو الحسابات الخاصة التي يزيد عدد متابعيها عن خمسة آلاف متابع.


وكانت اللائحة الجديدة محور انتقادات لاذعة من قبل العاملين بـ«الصحافة والإعلام» حيث أكد نقيب الإعلاميين حمدى الكنيسى رفض نقابة الإعلاميين بعض مواد لائحة الجزاءات التى أعدتها لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لما فيها من تناقض وتعارض كبير مع اختصاصات النقابة ودورها المنصوص عليه فى القانون 93 لسنة 2016 والقانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.


ومن أمثلة التعارض والتناقض فى نص المادة الأولى من اللائحة في مادتها الأولى والتى تعاقب كل من استخدم أو سمح باستخدام ألفاظ واضحة وصريحة، تشكل جريمة سب أو قذف بتغريم الوسيلة الإعلامية بغرامة لا تقل عن 25 ألف جنيه، ولا تزيد عن 250 ألف جنيه مع إحالة الصحفي أو الإعلامي للتحقيق بمعرفة النقابة المختصة، ثم تبعها بعقوبة منع الصحفي أو الإعلامي من الكتابة، أو الظهور في أي وسيلة لفترة محددة وهو ما يمثل تعديًا وتدخلًا فى اختصاصات النقابات المهنية وأيضًا تضاربًا مع فقرة الإحالة للنقابات المختصة.


كما تخالف هذه اللائحة القانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى مادته "94" والتى نصت على "إخطار النقابة المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة فى المخالفات التى تقع من أحد أعضائها بمناسبة توقيع المجلس أحد الجزاءات على إحدى الجهات الخاضعة للمجلس الأعلى، وتلتزم النقابة المعنية باتخاذ الإجراءات التأديبية فى مواجهة الشخص المسئول عن المخالفة وفقًا لقانونها، أى أن القانون أعطى حق معاقبة وتأديب الصحفى أو الإعلامى إلى نقابته المختصة بعد اتخاذ الإجراءات القانونية مع ضمان حقوقه القانونية المنصوص عليها بقانون نقابته".


أما عن موقف نقابة الصحفيين فقد أكد نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة، عزمه طلب الاطلاع على مقترح اللائحة بشكل رسمى لدراستها، وإبداء النقابة رأيها فيها.


وقال محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إنه تواصل مع عدد من المسئولين داخل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فور التسريب الخاص باللائحة للتأكد من صحة ما تضمنته، وأكدوا له أن تلك المواد لا تزال مقترحة، ولم يتم التصديق عليها بشكل نهائي، وبالتالي تصبح مقترحا ملك صاحبها فقط طالما لم يتم التصديق عليها بشكل نهائي.


وأضاف «عبدالحفيظ»، أنه في حالة إقرار اللائحة المُسربة ستكون سيئة وستزيد من حصار الصحافة والإعلام، وستكون ترجمة للمواد 3 و4 و5 و19 والتي منحت المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام صلاحيات مطلقة يستطيع من خلالها الحجب والمنع وسحب التراخيص وفقا لمقتضيات الأمن القومي.


فيما قال مصدر مطلع بالمجلس الأعلى للإعلام إن اللائحة تمت بناء على توصيات ومقترحات لشكل العقوبات، قد يأخذ بها المجلس أو بعضها أو يرفضها تماما ويطالب بتخفيض أو تغيير بعض العقوبات، فاللائحة مازالت في مرحلة النقاش التام بين الجميع، ولن يصدق عليها حاليا إلا بعد الوصول لصيغة تفاهمية.


وأضاف المصدر، أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يضع في حسبانه عند مناقشة توصيات لجنة الشكاوى حالة الغضب التي انتابت جموع الصحفيين والإعلاميين، والوقوف على ملاحظات البعض، خاصة أن اللائحة لا تزال قيد المناقشة، ولم يتم التشاور حولها في اجتماع مجلس النقابة.


من جانبه، قال أحمد سليم، أمين عام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن لائحة الجزاءات لا تزال مشروعا مقترحا، ولم يتم التصديق عليها حتى الآن، منوها أنه سيتم عرضها على المجلس في الاجتماع المقبل لمناقشتها، والتشاور بشأن بنودها.


وأضاف سليم، أنه في حالة الموافقة على اللائحة سيتم إرسالها لمجلس الدولة للتباحث حولها، وفحص المواد المتضمنة بها ومطابقتها مع النصوص القانونية.


من جانبه قال الدكتور محمود عبد العزيز أستاذ الصحافة والإعلام بـ«جامعة الأزهر»، إن لائحة المجلس الأعلى لـ«تنظيم الإعلام» هى بالون اختبار لقياس ردود الفعل، رغم أن تلك اللائحة ما هي إلا نتاج طبيعي لقانون وصف بأنه غير شرعي ومخالف لمواد الدستور التي حظرت الرقابة على وسائل الإعلام إلا في زمن الحرب والتعبئة العامة، وهو قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذي أطلق يد المجلس الأعلى للإعلام ومنحه سلطات غير مسبوقة لتقييد الصحافة وحصار حرية الرأي والتعبير.


وأضاف «عبد العزيز» أن القانون الذي صدّق عليه رئيس الجمهورية، مطلع سبتمبر الماضي، شرعن حالة الحصار التي تمارسها السلطة على الصحافة والإعلام في مصر في السنوات الثلاث الأخيرة بدون غطاء شرعي، ونقل صلاحيات الرقيب، إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ليمكنه من ممارسة نفس الدور تحت مظلة تشريعية، وقنن قرارات حجب المواقع التي تبرأ منها الجميع أمام منصات القضاء.


وتابع: منحت مواد القانون رقم 180 لسنة 2018، المجلس الأعلى للإعلام الاعتبارات التي يقتضيها الأمن القومي أن يمنع صحفًا أو مواد إعلامية من التداول، بدعوى أنها «تتعرّض للأديان والمذاهب أو تكدر السلم العام أو تمارس نشاطًا معاديًا لمبادئ الديمقراطية، أو تحرض على الإباحية. وخوّلت تلك المواد للمجلس سلطة توقيع الجزاءات المناسبة على المخالفين، بما فيها إلغاء الترخيص أو وقف نشاط الموقع أو حجبه.


وأكد «عبد العزيز» أن اللائحة ستطبق؛ لأن التوجه العام يدل على نية التضييق على وسائل الإعلام، فضلًا عن الاتجاه لضم العديد من المواقع والإصدارات؛ بدليل أن قيادات بالمجلس الأعلى لـ«تنظيم الإعلام» علقوا على اللائحة قائلين: «مقبولة شكلًا وموضوعًا».