رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بعد فشل توريطه في قتل جمال خاشقجي.. سيناريوهات القبض على الأمير محمد بن سلمان بواسطة «الإنتربول الدولي» ومحاكمته

النبأ

 تركيا تتمسك باللجوء للمحاكم الدولية والسعودية ترفض

«أحمد»: يمكن لمجلس الأمن تحويل القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية والتعاون بين الرياض وأنقرة شرط لمحاكمة الجناه ومعاقبتهم

بعد أن فشلت وسائل الإعلام التركية والإخوانية والأمريكية والقطرية والعالمية في تمرير مخططها الرامي إلى توريط الأمير محمد بن سلمان في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول بداية أكتوبر الماضي، بدأت الحديث عن تدويل القضية، ونقلها إلى المحاكم الدولية.   

التحقيق الدولي بات شرطا

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال، إن أنقرة ستتعاون بشكل كامل في حال فتح تحقيق دولي في قضية خاشقجي"، مشيراً إلى أن "تعالي الأصوات المطالبة بتحقيق دولي لعدم وجود إجابات عن أسئلة منها من أمر بقتل خاشقجي"، مضيفاً: "على المدعي العام السعودي تقديم معلومات حول القضية لأن المعتقلين في يد سلطات الرياض"، معتبرا أن إجراء "تحقيق دولي" في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي "بات شرطا".

كما طالبت تركيا مرارا وتكرارا على لسان الكثير من المسئولين الرياض، بتسليم المتهمين بقتل الصحفي السعودي ومحاكمتهم على الأراضي التركية، لأن مكان وقوع الجريمة هي تركيا، وأن القوانين التركية تنص صراحة على وجوب محاكمة المتهمين على الأراضي التركية.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن: «جريمة قتل خاشقجي وقعت في إسطنبول ومحاكمة القتلة يجب أن تتم أيضا على أرض إسطنبول.

 

الأمم المتحدة تدخل على الخط

من جهته قال المقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب نيلز ميلزر أن مسؤولية التحقيق تقع في المقام الأول على السعودية وتركيا، وأنه إذا لم يكن بالإمكان إيجاد حل من أجل إجراء تحقيق موضوعي وذي مصداقية على هذا المستوى فربما يجب عندئذ إشراك الآليات الدولية.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن “المفوضة السامية لحقوق الإنسان دعت إلى التحقيق في القضية بطريقة مستقلة ومحايدة”.

وقالت  المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت إنه “يجب التحقيق في مقتل خاشقجي بطريقة مستقلة ومحايدة لضمان الفحص الكامل والمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت” في سياق ما وصفته “بجريمة صادمة ومخيفة”.

سيناريوهات

يقول خبراء القانون الدولي، أن المحكمة الجنائية الدولية تختص بالنظر في قضايا قتل أشخاص لديهم مسؤولية غير مباشرة فيها، كالمسؤولية عن الإعداد أو التخطيط، أو مسؤولية التغطية عنها، أو مسؤولية التشجيع عليها، وتصنف المحاكم الدولية جرائم القتل، وانتهاكات الحرب، باعتبارها جرائم ضد القانون الدولي الإنساني، حيث يمكن محاسبة مرتكبيها بالمحاكم الدولية، حتى لو كان المتورط فيها ملكاً، أو رئيساً لدولة، أو يشغل منصباً مهماً، وفق ما تنص عليه قوانينها.

ويزعم الخبراء أنه في حال تم تنصيب الأمير محمد بن سلمان ملكاً للسعودية، فإن ذلك لن يحميه من تقديم دعاوى ضده أمام المحكمة الدولية بتهم ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وفقاً للمادة الـ15 من نظام روما الأساسي الذي ترتب عليه تأسيس المحكمة الجنائية، والذي يتيح التحقيق في أي انتهاك منظم وممنهج ضد مجموعة من السكان المدنيين، أو القتل العمد، لاسيما وأن المحاكم الدولية تضع ما يحدث في اليمن تحت تهمة " جرائم الحرب"، وتتيح قوانين المحكمة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، ومجلس الأمن بالأمم المتحدة، رفع قضية ضد شخصية اعتبارية، أو مسؤول كبير بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وتختص المحكمة الجنائية الدولية بمتابعة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، وتعني -حسب تعريف ميثاق روما- القتل أو التسبب في أذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية إهلاكاً كلياً أو جزئياً.

 

ويقول خبراء القانون الدولي، أن هناك قاعدة أساسية تقوم عليها المحكمة الجنائية الدولية، وهي أن نظامها الاساسي لايعتد بالحصانة الدبلوماسية، ويقر بالمسؤولية الجنائية الفردية الدولية، ويمكن للمحكمة أن تتابع أي مسؤول كيفما كان حجمه، سواء كانت الدولة مصادقة على نظامها، أو لم تكن مصادقة، حيث أن المحكمة يمكن لها أن تتابع أي فرد مسؤول جنائيا دوليا، إدا تحرك المدعي العام بعد وجود مطالب بدلك من طرف الافراد أوالجمعيات غير الحكومية، أو إدا أحال إليه مجلس الامن قضية ما، ويتابع المسؤولون بشكل فردي في حالة اقتراف الجرائم المنصوص عليها في نظام المحكمة، وهي جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة، وهو ما حدث مع الرئيس السوداني عمر البشير، الذي قدمت المحكمة مذكرة توقيف بحقه في 6 مارس 2009، بمقتضى المادة 25 (أ) من النظام الأساسي للمحكمة، كمرتكب غير مباشر أو شريك غير مباشر في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في النزاع المسلح في دارفور.

لكن المحكمة فشلت في القبض على الرئيس السوداني حتى الأن، رغم وضعه على قوائم المطلوبين من جانب الإنتربول الدولي، الذي طالب أكثر من مرة الدول التي يذهب إليها البشير بتسليمه، لكن دون أي استجابة من تلك الدول، وما زال الرئيس السوداني عمر البشير حرا طليقا، يمارس مهامة بحرية مطلقة، ويقوم بزيارة الكثير من دول العالم، وحضور الكثير من المؤتمرات الدولية، وعلى رأسها القمم العربية.

مزاعم وادعاءات

وزعم الكاتب جوش روجين، في مقالٍ له بصحيفة "واشنطن بوست"، إنه إذا ظن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وأعوانه، أنهم سيكونون بمنأى عن المحاكم الدولية فهم واهمون، فهناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها معاقبة الزعيم السعودي والجناة الآخرين على جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في مبنى القنصلية بإسطنبول.

وينقل الكاتب عن ستيفن راب، السفير السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، قوله إذا كانت التقارير دقيقة فإن الأعمال التي جرت ضد السيد خاشقجي تشكّل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الخاص بحماية الفرد من التعذيب والاختفاء القسري، التي تُعدّ من قضايا جرائم الحرب.

وتابع راب: "البحث عن العدالة والمساءلة في مقتل خاشقجي لن يكون سهلاً، لكن هناك العديد من الآليات التي يجب اتّباعها لملاحقة بن سلمان وأعوانه الذين نفّذوا الجريمة، ولعائلة خاشقجي الحق في إقامة دعوى في المحاكم المدنيّة، ويمكن لممثّلي الادعاء في العديد من البلدان توجيه تهم جنائية تستند إلى القانون الدولي".

وأضاف السفير الأمريكي السابق: "هذا النوع من الأفعال يعطي حقوقاً للضحايا وغيرهم لإثارة هذه القضية في الهيئات الدولية، وقد تفتح إمكانيات التقاضي الخاص، ويمكن أن تُرفع الدعوى في دولة ثالثة، ويمكن تقديم الملاحقات الجنائية ضد بن سلمان وغيره من المسؤولين السعوديين تحت بند اتفاقيات الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب".

ومن خلال مبدأ الولاية القضائية العالمية، يمكن لأي دولة عضوة في هذه الاتفاقية، ومن ضمنها الولايات المتحدة، إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية، والسعي للحصول على أمر للسعودية لمقاضاة أو تسليم المتهمين، ومن الأمثلة الحديثة في ذلك؛ عندما رفعت بلجيكا دعوى ضد السنغال طالبت فيها بتسليم حسين هبر، الرئيس التشادي السابق؛ لمحاكمته في جرائم ضد الإنسانية.

ويقول الكاتب إن الولايات المتحدة وإدارة الرئيس دونالد ترامب، قاومت مبدأ الاختصاص العالمي؛ خشية أن يواجه المسؤولون الأمريكيون التهم، لكن بلداناً أخرى مثل ألمانيا، كانت أشدّ شراسة في مقاضاة جرائم مثل التعذيب والاختفاء القسري، بغضّ النظر عن مكان وقوعها.

 

وزعمت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن مشاركة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في قمة العشرين المقبلة في الأرجنتين، ربما تحرج عددا من القادة خصوصا عند التقاط الصور مع ابن سلمان، في ظل حرب اليمن، وقضية مقتل الصحفي والإعلامي السعودي، جمال خاشقجي.

ونقلت الصحيفة عن رئيسة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن، قولها إن على أحدهم أن ينصح ابن سلمان بعدم حضور القمة، لأن الحضور ليس في مصلحته، ولا في مصلحة كل من سيلتقي به هناك، لأنه سيكون مضطرا لاحقا للإجابة عن كثير من الأسئلة، بحسب تعبيرها.

وزعمت الصحيفة: "من الناحية النظرية، قد يواجه بن سلمان خطرًا قانونيًا بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، والذي يسمح للمدعين العامين في أي بلد بالبحث عن اعتقال الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم خطيرة مثل الإبادة الجماعية أو التعذيب أو الإعدام خارج نطاق القضاء ، بغض النظر عن مكان ارتكاب الجرائم"، ويمكن للمحامين رفع دعوى قضائية على ابن سلمان، والمطالبة باعتقاله عبر الشرطة الدولية "الإنتربول" في بيونس آيرس بالأرجنتين.

وزعمت ويتسن: "سيواجه ابن سلمان خطرا كبيرا إذا تقدمت شكوى ضده، ولكونه ليس رئيسا للدولة، فهذا يعني أنه ربما لا يفلت من العقاب".

 

وزعمت صحيفة” نيويورك تايمز”، أن السلطات الأرجنتينية تبحث في اتهامات جنائية محتملة، بشكوى من منظمة ” هيومن رايتس ووتش”، ضد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في الوقت الذي يستعد فيه لحضور اجتماع قمة لزعماء العالم في بيونس ايرس.

وزعمت الصحيفة أن التحقيق سيركز على مزاعم جرائم الحرب أثناء التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن، وقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

لكن محللون قالوا أن الحصانة الدبلوماسية أو غيرها من أنواع الحصانة قد تحمى الأمير محمد بن سلمان من أي اتهامات محتملة في التحقيقات.

الرياض ترفض التدويل والتسييس

من جانبه كرر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، تمسك بلاده بتولي جهازها القضائي محاكمة قتلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل بقنصلية المملكة بإسطنبول، رافضا تدويل القضية.

وأضاف الجبير: "القضية قانونية وتتعامل معها المملكة ونرفض أي محاولة للتسيس أو التدخل في الشؤون الداخلية، والمملكة مصرة على معاقبة من تورط في هذه الجريمة والتوجهيات واضحة جدا والمحاسبة واتخاذ إجراءات لضمان عدم تكرارها في المستقبل".

وأكد الجبير أن "تدويل قضية المواطن جمال خاشقجي أمر مرفوض والمملكة لديها جهاز قضائي مستقل ويستطيع أن يتعامل مع مثل هذه القضية، ومرتكبو الجريمة والمقتول سعوديون ووقعت الحادثة في القنصلية السعودية".

وجدد الجبير تأكيده على أن ولي العهد، محمد بن سلمان، ليس له علاقة بمقتل خاشجقي، مشيرا إلى أن الجناة أفراد استغلوا سلطاتهم وسوف يدفعون الثمن.

 

سيناريوهات التدويل

عن هذا الموضوع يقول الدكتور إبراهيم أحمد رئيس قسم القانون الدولي السابق بجامعة عين شمس، السفارة الأجنبية لها وضع خاص في القانون الدولي طبقا للمعاهدات الدولية، ووفقا للعرف الدولي، أنها تعتبر مجازا جزء من أراضي الدولة صاحبة السفارة، ونتيجة لذلك يكون لها حصانة مستقرة في العرف الدولي والمعاهدات الدولية، مثل عدم الدخول لها بدون إذن وعدم جواز محاكمة العاملية فيها، وهناك حصانات دبلوماسية يتمتع بها الدبلوماسيين التابعين لهذه السفارة أو القنصلية.

وأضاف «أحمد»، أن حدوث جريمة داخل مقر هذه السفارة أو القنصلية، يتطلب تعاون قضائي بين الدولة صحابة السفارة والدولة المضيفة للتحقيق في هذه الجريمة، لأن السفارة الأجنبية لا يوجد بها جهاز قضائي أو سجون أو محاكم للتحقيق في هذه الجريمة ومحاكمة المتهمين، وعلى السفارة أو القنصلية الأجنبية أن تتعاون مع الدولة المضيفة في تقديم الأدلة والمتهمين وكل القرائن الدالة على ارتكاب الجريمة وكل المعلومات المتعلقة بهذه الجريمة للسلطات المختصة في دولة المقر، بحيث تقوم هذه السلطات بالتحقيق في الجريمة في محاكمها الخاصة، ويكون هناك مندوبين من الدولة صاحبة السفارة، بحيث يتعاون الطرفان من أجل الوصول للحقيقة ومحاكمة الجناه ومعاقبتهم، وبعد اصدار حكم على هؤلاء الجناه يتم التفاوض بين الدولتين حول كيفية تسليم هؤلاء المتهمين للدولة صاحبة السفارة من عدمة، وهذا يخضع للعلاقة بين الدولتين والقوانين الدولية، مؤكدا على أنه بدون التعاون بين الدولتين لن يتم حل المشكلة.

تدويل القضية وتحويلها إلى المحكمة الجنائية الدولية يكون بقرار من مجلس الأمن، وهذا يتطلب اجراءات معينة، مشيرا إلى القبض على أي متهم بواسطة الانتربول الدولي يتطلب وجود اتهام قضائي ووجود أدلة على هذا الاتهام، لافتا إلى أن الانتربول يقوم بتوزيع نشرة على كل دول العالم، بحيث أن هذا المسئول سواء كان رئيس دولة أو غيره يتم القبض عليه في أي دولة يذهب إليها، لاسيما وأنه لا يوجد حصانة لأي مسئول خارج دولته.