رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«لغز» قرار السيسى بتعديل قانون «الجمعيات الأهلية»

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


يبدو أنّ «الضجة» التى صاحبت قانون «الجمعيات الأهلية» منذ ولادته، لن تنتهى، حتى مع تراجع الرئيس عبد الفتاح السيسى عنه، وموافقته على تشكيل لجنة لتعديله، فبالرغم من الترحيب الذي أبداه الحقوقيون والنشطاء بقرار الرئيس إلا أنه مازالت هناك بعض التخوفات، التى تعكس غياب الثقة الكاملة في قدرة الدولة على الخروج بقانون منصف.


وأثار قرار الرئيس السيسي الأخير بشأن قانون الجمعيات الأهلية، جدلًا كبيرًا؛ فبعض الحقوقيين يعتبرون أن هذه الخطوة تعكس الرغبة الحقيقية لدى الحكومة في خروج قانون بديل لتلك المواد التي وُصفت بأنها الأسوأ في تاريخ عمل منظمات المجتمع المدني، فيما يرى آخرون أن هذه التحركات تؤكد نية الدولة في «ترقيع» قانون بوليسي دون إحداث أي تغييرات حقيقية، الأمر أثار تساؤلات عدة حول تطلعات الحقوقيين، وكذلك مقترحاتهم ومطالبهم في التعديلات المقترحة في القانون.


وقال المستشار نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قرر تشكيل لجنة لتعديل القانون رقم «70» بشأن تنظيم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، تضم ممثلى وزارات الخارجية والعدل والتضامن الاجتماعى.


وأضاف «سعد» أنه سيتم تنظيم حوار مجتمعى مع الجمعيات الأهلية والمعنيين بالعمل الأهلى، من أجل الوصول لمشروع قانون يضمن حرية تشكيل الجمعيات وعمله.


من جانبه، أشاد المتحدث باسم وزارة التضامن، الدكتور محمد العقبي، بقرار الرئيس، مشيرًا إلى أن انتهاء عمل اللجنة المشكلة سيكون خلال شهرين قبل نهاية عام 2018، موضحًا أنه فور الانتهاء من التعديلات الخاصة بهذا القانون سيتم إرساله إلى مجلس النواب.


وفي هذا السياق، قال جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إنه كان يتوجب على الحكومة من الأساس، أن تخضع قانون الجمعيات الأهلية إلى حوار مجتمعي، دون انتظار ورود تعليمات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لما يتضمنه من مواد تعوق العمل الأهلي في مصر.


وقال «عيد» في تصريح خاص لـ«النبأ»، إن القانون الحالي يضم «29» مادة سيئة، ويحتاج إلى تعديل وليست بنود بعينها، معتبرًا إياه «قانونًا بوليسيًا» يعطى سيطرة للأمن.


وأضاف أن المؤشرات الحالية تؤكد أن الحكومة ليست لديها نية حقيقية لإخراج قانون يرضى جميع الجمعيات الأهلية، خاصة أن الحديث يدور حول عمليات تعديل للقانون وهو بمثابة «ترقيع»، وهو ما نرفضه في ظل قانون يحتاج إلى التغيير بشكل كامل.


بدوره أشاد حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، بتكليف الرئيس السيسي بتشكيل لجنة لتعديل القانون قائلًا: «خطوة مهمة كنا في انتظارها، لأنه يتعارض مع الدستور الذي كفل الحق في التنظيم ومنها المادة 75».


وأضاف «أبو سعدة» في تصريح خاص لـ«النبأ»، أننا بحاجة إلى قانون يحترم الدستور في مبادئه، ويعطى الحرية للجمعيات الأهلية، عبر رفع القيود التي تفرضها الدولة على عمل تلك المنظمات.


وتابع: أن هناك من المواد التى يجب تعديلها تتطلب عدم تدخل الجهات الأمنية، بالإضافة إلى أن يكون تسجيل الجمعيات الأهلية، بالإخطار نظامًا أساسيًا، وتسهيل الحصول على التمويل الداخلي والخارجي، على أن تكون هناك محاسبة شفافة من قبل وزارة التضامن على التمويل الخارجي.


وأشار إلى أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي سبق أن أصدرته الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، قبل إقرار مجلس النواب للقانون، يحظى بتوافق كبير جدًّا من أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني، ويتلافى سلبيات القانون الحالي ويحقق ضمانات للدولة، مطالبًا بأن يكون له الأولوية حال إقرار قانون جديد.


بدوره طالب نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، بإجراء حوار مجتمعي مع الجمعيات والمنظمات ذات الشأن دون الاقتصار على مجلس النواب.


وقال «جبرائيل» في تصريح خاص لـ«النبأ»، إننا نرى أن هناك ضرورة لرفع يد الأمن عن عمل المنظمات الأهلية، لاسيما فيما يخص التدخل أو الحضور فى اجتماعات مجالس إدارة الجمعيات.


وأضاف: كما نطالب بإطلاق يد الجمعيات الأهلية فيما يتعلق بالتمويل الداخلى أو الخارجى، شريطة أن تكون هناك رقابة من الجهاز المركزي للمحاسبات، وليس من جهات أمنية أو رقابية، كما أنه لا يجوز حل الجمعيات إلا بحكم قضائي صادر من المحكمة، وليس بقرار إداري، ووجوب التأكيد على جواز غلقهم.


وواصل: كما أطالب بعدم القبض على أي ناشط حقوقي إلا إذا كان في حالة تلبس تتعلق بتلقى تمويلات مشبوهة أو غيره، مؤكدًا أنه في حالة تنفيذ هذه الشروط من الممكن أن نجعل الجمعيات تمارس نشاطها وتكون في خدمة المجتمع.


وأشار إلى أن تكليف السيسي بتشكيل لجنة لتعديل القانون، يعكس النية الحقيقية للدولة للخروج بقانون يعطى الحرية لهذه الجمعيات، قائلًا "العالم كله يراقب وضع الجمعيات الأهلية في مصر وخاصة الحقوقية منها".


وتابع: نحن نرفض الجمعيات الأهلية التي تستهدف «تخريب» البلاد والتمويلات المشبوهة، وعلى الرغم من ذلك نحن نعمل في خط موازٍ مع الدولة، وليس ضدها، مضيفًا أن الرئيس تراجع عن القانون لأنه يدرك أنه «مجحف».


ورفض «جبرائيل» دعوات إقرار قانون وزارة التضامن الاجتماعي، معتبره مجرد رؤية، متابعا أننا مازالنا في مرحلة الحوار المجتمعي، ومع كثرة المناقشات سنخرج بمواد قانون ترضى جميع الأطراف.


من ناحيته، قال الخبير الدستوري، الدكتور جمال جبريل، إن الرئيس من حقه قانونًا، التوجيه بعمل تعديلات على القوانين  كنوع من الرقابة اللاحقة، مضيفا أن "الحكومة من حقها التقدم بمشروع قانون أو تعديل".


وأوضح، في تصريح خاص لـ"النبأ"،  أنه في حالة تقدم عضو بالبرلمان بتعديل لأحد القوانين، فإنه يطلق عليه اقتراح بقانون، ويتم إرساله إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى والتى تبحثه بدورها، وإذا كان جديرًا بالنظر فإنه تتم إحالته إلى اللجنة المختصة.


وتابع: أما المقترح المقدم من الحكومة فإنه تتم إحالته مباشرة للجنة المختصة، والذي غالبًا يكون مشروع قانون، والتي تقوم بعرض تقريرها على مجلس النواب ومناقشته في اللجنة العامة، وبعد الموافقة يتم إرساله إلى رئيس الجمهورية لإصداره، لينشر في الجريدة الرسمية ويدخل حيز التنفيذ خلال شهر من نشره، أو حسب المدة المحددة.