رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

إسرائيل وجمال خاشقجي.. نرصد مواقف تل أبيب من مقتل الصحفي السعودي

النبأ



لاشك أن إسرائيل من ضمن الدول الكثيرة التي استفادت من مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، لاسيما في ظل التقارير الصحفية التي تزعم وجود تقارب بين الرياض وتل أبيب في عهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

أول تعليق إسرائيلي

في أول تعليق إسرائيلي على مسألة اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول، قال مصدر أمني إسرائيلي لـموقع "إيلاف" إن تل أبيب "لا تثق بالأخبار الصادرة عن تركيا في ما يتعلق بمسألة خاشقجي، بل تثق أكثر بما تقوله السعودية".

أضاف المصدر نفسه أن إسرائيل تراقب عن كثب التطورات في هذه المسألة، ويرى أن الاخبار التي تنشر بين الفينة والأخرى "لا تستند إلى براهين أو حقائق، بل تأتي في إطار السبق الصحفي والمناكفات السياسية بين دول معنية عدة".

وأكد المصدر أن إسرائيل مهتمة بهذه المسألة، وشأنها في ذلك شأن العديد من الدول في العالم، "إلا أن إسرائيل لم تتخذ موقفًا بانتظار ظهور نتائج تحقيق الفريق التركي - السعودي المشترك، والتحقيقات السعودية الداخلية".

وتابع المصدر قائلًا": "تتابع الجهات الإسرائيلية هذه المسألة مع الجانب الأميركي، ومن المعلومات المتوافرة أن فريق التحقيق المشترك الذي قضى أكثر من تسع ساعات في القنصلية السعودية لم يجد شيئًا من شأنه تأكيد الشبهات المتداولة في الصحافة التركية وبعض الصحف الدولية، فالكثير من الصحف الأجنبية لا تملك مصادر سعودية أو تركية، لذا تستند الى مغردين وحسابات غير معرفة في شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا سبب تضارب الأخبار وكثرتها".

يكره إسرائيل

اتهم تقرير نشره موقع القناة التلفزيونية الإسرائيلية 20 وسائل الإعلام الدولية، بـ"النفاق" في تغطية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي وصفته بأنه يكن كراهية شديدة لإسرائيل.

وقال التقرير إن التغطية الإعلامية الأبرز لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي تكشف قسما فقط من الرواية، ويظهر ذلك في تقليل العديد من وسائل الإعلام من حقيقة أن الرجل كان يكن كراهية شديدة لإسرائيل وكان له معها "ثأر دم" مفتوح.

وذكرت القناة الإسرائيلية أن خاشقجي انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين بعد عودته من أفغانستان حيث التقى بزعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن هناك، متهمة إياه بأنه عمل بدون كلل بعد ذلك تحت ستار الصحافة "للتحريض ضد وجود دولة إسرائيل".

كما انتقدت القناة 20 الإسرائيلية التغطية الإعلامية الواسعة لحادثة اغتيال خاشقجي الذي وصفته بأنه “عدو الدولة اليهودية وصديق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.”

وقالت القناة في تقرير نشرته على موقعها إن “القتل المروع لخاشقجي أحدث صدى كبيرا في جميع العالم، ولكن التغطية الإعلامية لحياة خاشقجي تجاهلت الكراهية العميقة التي يكنها لليهود.”

وأوضح التقرير أن خاشقجي “كتب على مدى سنوات مقالات أدان فيها إسرائيل بقوة، ودعا الدول العربية إلى التوحد خلف منظمة حماس الإرهابية وتدمير إسرائيل.”

وأورد التقرير نماذج من مقالات للصحفي الراحل التي هاجم فيها إسرائيل، ومنها مقال كتبه عام 2002 في صحيفة “عرب نيوز” دعا فيه الشعب الفلسطيني إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، ورفض اتفاق أوسلو الذي يخدم حكومة إسرائيل التي تسفك دماء الفلسطينيين وتدوس كرامتهم.

كما أورد التقرير نماذج من تغريدات خاشقجي التي فنّد فيها مزاعم حقوق اليهود التاريخية في حائط المبكى وقبر النبي يوسف، حيث كتب في عام 2015 إن ” اليهود بدون تاريخ في فلسطين لذلك اخترعوا حائط المبكى وهو ضريح مملوكي، وبعد 67 انتبهوا لضريح يوسف في نابلس فقرروا أنه للنبي يوسف فاستولوا عليه”.

وينقل عن الكاتب جوردون فيختر في موقع “Conservative Review” أن خاشقجي في الحقيقة “مسلم متطرف كشف عن رغبة دموية خطيرة فيما يتعلق بالعنف ضد إسرائيل.” وقال التقرير إنه “عندما بدأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إظهار النزعات الموالية للغرب، وأصبحت العلاقات مع الإسرائيليين أكثر دفئا، لم يتسامح خاشقجي مع هذه الإهانة وسعى إلى اللجوء إلى تركيا أردوغان.”

الزعيم العربي  

وفي مقال نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، وصفت السياسية الإسرائيلية تسفيا غرينفيلد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالزعيم العربي الذي حلمت به إسرائيل منذ 50 عاما، داعية لتخفيف المواقف إزاءه في قضية مقتل جمال خاشقجي.

ورجحت غرينفيلد، وهي عضو سابق في “الكنيست” عن حزب “ميرتس”، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “يصر على أسنانه” إزاء تعزيز السعودية نفوذها في المنطقة والدور المركزي الذي من المقرر أن تتولاه المملكة في حلف إقليمي جديد تعمل الولايات المتحدة على إنشائه بغية التصدي لأنشطة إيران الإقليمية.

وقالت السياسية الإسرائيلية، إن أردوغان ربما يسعى إلى إلحاق الخزي بالسعوديين لكن هدفه الرئيسي يكمن في تعطيل مشروع “الناتو العربي” الأمريكي، في وقت تحاول فيه أنقرة إيجاد مكانتها في العالم الإسلامي كزعيم سني، وفي هذه الظروف لا يصب أي تقارب بين دول عربية وإسرائيل في مصلحة تركيا.

ولفتت إلى أن قضية خاشقجي نشبت في وقت تقترب فيه الولايات المتحدة من موعد انتخابات نصف الولاية، مضيفة أن الحملة الإعلامية الدولية الواسعة ضد الأمير محمد لا تهدف في الواقع إلى الإضرار بالسعودية بل إلى توجيه ضربة قاتلة مخزية إلى ترامب وخططه الاقتصادية، وخاصة أن المملكة تعد أهم حليف للولايات المتحدة في المنطقة، وبالدرجة الأولى من النواحي الاقتصادية.

وأشارت غرينيفلد إلى أن شعبية ترامب في الولايات المتحدة لا يزال، حسب مجلة “تايم” على مستوى نحو 43%، أي المعدل نفسه الذي كان لدى باراك أوباما وبيل كلينتون ورونالد ريغان في الانتخابات النصفية، وليس من المستغرب أن معارضي الرئيس يحاولون استخدام قضية خاشقجي لحرمانه من دعم الناخبين.

وشددت السياسية الإسرائيلية على ضرورة التعامل مع الموضوع بشكل حساس للغاية، قائلة: “يبدو أن خطة ترامب للسلام (صفقة القرن) إذا طرحت يوما على الطاولة هي نتيجة مباشرة لضغوط محمد بن سلمان الذي يسعى إلى شرعنة إسرائيل قبل إطلاق التعاون معها”.

إسرائيل في وضع حرج

وتحت عنوان «إسرائيل في وضع حرج بعد زعزعة دور السعودية في المنطقة عقب إغتيال خاشقجي»، كتب رفائيل أهرين، في موقع «تايمز أوف إسرائيل»، قال فيه:

جمال خاشقجي، الصحفي السعودي الذي قُتل بوحشية داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في وقت سابق من هذا الشهر، لم يكن متقبلا وجود إسرائيل، على أقل تقدير.

“اليهود بلا تاريخ في فلسطين. لذلك، قاموا باختراع حائط المبكى، وهو هيكل مملوكي”، كتب عبر تويتر في عام 2015.

كما عارض خاشقجي تعاون المملكة العربية السعودية السري مع إسرائيل، بحجة أن الرياض لم تكن بحاجة إليها، وأن أي علاقات مع الدولة اليهودية ستشوّه دون داع سمعة بلاده في العالم العربي الأوسع، وفقا للأستاذ جوشوا تيتلبوم، الخبير في المملكة العربية السعودية في جامعة بار ايلان والذي عرف خاشقجي جيدا.

“لم يكن صديقا لإسرائيل، لكن لم تكن لديه مشاكل في الاجتماع والتحدث إلى الإسرائيليين”، كما قال تيتلبوم، الذي شهد الكاتب القتيل آخر مرة في العام الماضي، عندما تناولوا القهوة على هامش مؤتمر حول الشرق الأوسط في واشنطن.

في واحد من آخر ظهوره العلني، أكد خاشقجي، الذي كان على صلة بالإخوان المسلمين، أن الرياض قد أصبحت مقربة من إسرائيل. لكنه أضاف أن المملكة “تراجعت عن بعض المواقف الأخيرة المؤيدة لإسرائيل التي اتخذتها”، وفقا لما أوردته “ميدل إيست مونيتور”، التي استضافته في مؤتمر في لندن قبل أقل من أسبوع من دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول حيث واجه موته.

إن مقتل خاشقجي الوحشي، ومحاولات النظام الحماسية للتغطية عليه، تسبب في ضرر لا يمكن قياسه للهيبة الدولية للمملكة العربية السعودية وحاكمها الفعلي الأمير محمد بن سلمان.

إن حقيقة أن الولايات المتحدة ودول غربية أخرى تفكر في معاقبة الرياض – ألمانيا قد جمدت بالفعل تسلم شحنات الأسلحة إلى المملكة – تلقي بظلالها العميقة، ليس فقط على علاقة إسرائيل السرية مع المملكة، ولكن أيضا على الجهود الدولية لإبقاء إيران تحت المراقبة.

من جهة، كان القادة الأمريكيون والإسرائيليون يأملون في أن يكون محمد بن سلمان وتصرفه المؤيد لإسرائيل ظاهريا يمكن أن يساعد في دفع الفلسطينيين إلى تنازلات ضرورية من أجل السلام.

وعلاوة على ذلك، فإن تآكل مكانة الرياض الدولية قد يؤثر سلبا على دورها كواحدة من القوى الإقليمية الرئيسية التي تقف في وجه سعي إيران للحصول على الأسلحة النووية والسلوكيات المحاربة الأخرى. من الجدير بالذكر أن العداء المتبادل تجاه طهران قد جعل إسرائيل والسعودية أقرب في المقام الأول.

إسرائيل في وضع صعب للغاية

وتحت عنوان “إسرائيل في وضع صعب للغاية”، قال دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق في إسرائيل. “إنها تريد وتحتاج إلى المملكة العربية السعودية لتكون مرساة موثوقة لهذا التحالف الإقليمي لمواجهة العدوان الإيراني، وهي تواجه حقيقة أن القيادة السعودية الحالية أثبتت أنها غير قادرة على القيام بهذا الدور”.

لا يمكن لأي بلد عربي آخر أن يحل محل المملكة العربية السعودية في التحالف المناهض لإيران في المنطقة، ولكن محمد بن سلمان أثبت أنها “متهورة للغاية ومتسرعة وغير جديرة بالثقة”، أضاف شابيرو، وهو اليوم زميل في معهد الأمن القومي في تل أبيب.

وقال شابيرو إن اغتيال خاشقجي المروع والاكاذيب المستمرة هو الأخير في سلسلة من القرارات السيئة التي اتخذها ولي العهد والتي تشمل قصف اليمن دون القلق من اصابات بين المدنيين، فرض حصار على قطر، اعتقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، العراك مع كندا بشأن تغريدة حول حقوق الإنسان بإلقاء القبض على المعارضين.

واضاف شابيرو “محمد بن سلمان كثيرا ما يعمل من معرفة محدودة وسوء حكم، والفضائح المختلفة التي قد جر بلاده إليها تضعف المملكة وتقوض علاقتها مع حلفائها”.

ومع ذلك، على الولايات المتحدة ألا تقطع علاقتها بالمملكة، لأنها تلعب دورا حيويا في جهود أمريكا لكبح إيران، على حد قوله. لكن “حتى يحدث تغيير في القيادة السعودية، أو على الأقل تغيير في أسلوب القيادة السعودية، فإن قدرة البلاد على لعب هذا الدور تضعف بشكل ملحوظ”.

ويبقى أن نرى كيف يتفاعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع المزيد من التفاصيل حول مقتل خاشقجي، على الرغم من أنه يبدو مصمما على عدم السماح لهذه المسألة بأن تعترض طريق ما قال إنها استثمارات سعودية بقيمة 450 مليار دولار. “لكننا سنصل إلى آخر تفاصيل القضية”، تعهد يوم الاثنين.

بالنسبة لإسرائيل الوضع أصعب إلى حد ما. من ناحية، لا تريد أن ترى موقف الرياض في المنطقة يتضاءل لصالح طهران، أو أنقرة. (يعتقد البعض أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتبر قتل خاشقجي فرصة لاستبدال المملكة العربية السعودية كزعيم للعالم الإسلامي السني).

من ناحية أخرى، على إسرائيل أن تحرص على ألا يُنظر إليها على أنها الناطقة باسم الرياض في الولايات المتحدة وأوروبا، حسب ما حذر العديد من المحللين الذين تمت مقابلتهم في هذا المقال.

“سيكون لذلك تأثيرا سلبيا كبيرا على إسرائيل ليُنظر إليها على أنها المدافعة عن محمد بن سلمان بعد هذا الأداء الوحشي، والذي أعقبه عدة أسابيع من الكذب – والتي ما زالت مستمرة – حول ما حدث في اسطنبول”.

وأضاف أن كل ما تبقى لإسرائيل للقيام به هو الدبلوماسية الهادئة في محاولة للمحافظة على “ما يمكن الحفاظ عليه” فيما يتعلق بالتعاون الأمني ​​مع السعودية.

ولكن لا يمكن أن يكون هناك شك في أن قضية خاشقجي “أضعفت ركيزة أساسية لمفهوم إسرائيل الاستراتيجي في الشرق الأوسط بطريقة لا تستطيع إسرائيل أن تفعل الكثير لإصلاحها. هذا هو الضرر في وجود قيادة سعودية غير جديرة بالثقة للأسف كما هو في الوقت الحالي”.

ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون حتى الآن علانية على المسألة، لكنهم قلقون على الأرجح من احتمال تراجع دور القيادة السعودية في المنطقة.

“محمد بن سلمان يقود بلاده إلى المكان المناسب”، كتب مستشار الأمن القومي السابق الجنرال يعكوف ناغيل العام الماضي، وكان ذلك حتى قبل أن يعترف ولي العهد بشكل مفاجئ، في مقابلة أجريت معه في أبريل، بأن “الإسرائيليين لهم الحق بوطن خاصة بهم”.

“إن معرفة إسرائيل بالشرق الأوسط تحظى باحترام كبير في أجزاء كبيرة من العالم، بما في ذلك في أوروبا، وبالتالي فإن التحذيرات الإسرائيلية من تأثير الابتعاد عن السعودية مهمة جداً”، قال دور غولد، المدير العام السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية. غير أنه حذر من أن مثل هذه التحذيرات يجب أن تتم خلف الكواليس وليس في الأماكن العامة.

في الوقت الذي تنتظر فيه إسرائيل رؤية كيف سيعاقب العالم المملكة العربية السعودية لقتل خاشقجي، يجب ألا ننسى أن العدوان الإقليمي الإيراني مستمر دون قيود، كما أكد غولد، الذي نشر في عام 2004 كتابا عن دعم الرياض للإرهاب بعنوان “مملكة الكراهية”

“التطورات الدولية من هذا النوع لها زخمها الخاص ويمكن أن تغير اتجاه السياسات بطرق غير مرغوب فيها”، قال. “وبالتالي يتعين على إسرائيل أن تراقب الكرة، أي التهديد الإيراني، ويجب أن تذكّر شركاءها الدوليين بأن هذا التهديد لم يختف”.

مصيبة لإسرائيل

وكتب دانييل شابيرو السفير الأميركي السابق في "إسرائيل" والمدير الأول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إدارة أوباما، مقالا بعنوان « اغتيال جمال خاشقجي مُصيبة لـ’اسرائيل’»، في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، قال فيه:

الوحشية الصادمة لاختطاف جمال خاشقجي وقتله على أيدي قوات الأمن السعودية لا يمكن إخفاؤها، مهما غُطّيت بصورة غير معقولة بأن الاستجواب تعقّد أو عمل من جهات مارقة.

لكن آثارها أعمق من المأساة التي ألمّت بعائلة خاشقجي وخطيبته. إنها تثير تساؤلات جوهرية بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل حول مفهومهما الإستراتيجي الكامل في الشرق الأوسط.

من ناحية، يمكن للسخريين أن يجادلوا بأن فظاظة قتل خاشقجي تختلف فقط في الدرجة، أكثر من النوع، في السلوك المديد للحكام العرب المستبدين، بمن فيهم المتحالفين مع الولايات المتحدة.

التحالف الأميركي - السعودي استمر خلال عقود من السياسات السعودية القمعية ضد شعبها.

لا يزال من الممكن خدمة المصالح الأميركية من خلال بعض الإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية التي يرفع رايتها ولي العهد محمد بن سلمان (MBS)، وعن طريق تقدم الأهداف الاستراتيجية المشتركة لكبح العدوان الإيراني في المنطقة. هذه الاعتبارات لا يمكن صرف النظر عنها بسهولة.

لكن قتل خاشقجي، ما وراء إزالة الخطوط الحمراء للفجور، يشير أيضاً إلى عدم جدارة السعودية في ظل MBS كشريك استراتيجي. ما حدث في القنصلية السعودية في اسطنبول يعكس كلمات قيلت ذات مرة لوصف إزالة نابليون لمعارض: "أسوأ من جريمة. إنها خطأ". يمكن للمرء أن يضيف، خطأ استراتيجي.

بالفعل، MBS أثبت نفسه كلاعب أرعن ومتهور في إدارة السياسة الخارجية للسعودية. حملته الشرعية ضد الحوثي المدعوم من إيران في اليمن لوحقت على التجاهل التام للمعاناة الهائلة للمدنيين التي تسببت بها. إجباره رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة انفجر في وجهه.

لقد أدى الحصار الشامل الذي تفرضه السعودية على قطر إلى تشتيت انتباه دول الخليج عن هدفها المشترك المتمثل في احتواء إيران وحقق نتائج ضئيلة. قطع MBS العلاقات مع كندا على تغريدة انتقاد على "تويتر" كان ردة فعل مبالغ فيها.

لكن الآن، مع وضوح وُجهة MBS، ارتُكبت جريمة قتل مروّعة، والسعوديون كذبوا بشأنها على الرئيس ترامب لعدة أيام. وما زالوا يكذبون.

ترامب نفسه قد يهتم قليلاً، بدافع من انفعاليته الخاصة، أو التأثير المفرط لخلق الوظائف الذي تحققه صفقات الأسلحة السعودية.

مرة أخرى، يمكن للمرء أن يكون ساخرا في هذا الشأن. القمع السعودي ليس جديداً، وربما يستطيع النظام السياسي الأميركي استيعابه إذا بقي غير مرئي بمستوى معين.

لكن MBS أخطأ الحساب بشكل سيء من خلال عدم إدراك أن خطف وتقطيع صحفي مقيم في الولايات المتحدة، والذي كانت جريمته الوحيدة التعبير عن آرائه، وببساطة، أكثر مما يمكن أن يتحمله الأميركيون.

بالنسبة لإسرائيل، تثير هذه الحادثة الدنيئة احتمالات ألا يتم الاعتماد على مرساة واقع الشرق الأوسط الجديد التي سعت إلى تعزيزها - تحالف إسرائيلي - سُني عربي، تحت مظلة أميركية، لكبح إيران والجهاديين السنة.

ويجب على إسرائيل أن تكون حذرة في كيفية لعبها. سيكون هناك، دون أدنى شك، رد أميركي على مقتل خاشقجي، حتى لو قاومت إدارة ترامب. لن يؤدي ذلك إلى تفكيك كامل للتحالف الأميركي - السعودي، لكن الاشمئزاز في الكونغرس والرأي العام سيكون له ثمن.

قد يشمل الثمن قيوداً كبيرة على مبيعات الأسلحة. إنها بالفعل تقود كبار المستثمرين الأميركيين إلى الابتعاد عن المشاريع التنموية الرئيسية التي يروج لها MBS. في الحد الأدنى، لن يكون هناك تكرار للزيارة الحميمة من العلاقات العامة التي قام بها MBS إلى مدن أميركية متعددة في مارس الماضي، لا مزيد من التأييد له في الصحافة الأميركية كمصلح سيعيد تشكيل الشرق الأوسط.

إسرائيل، التي لديها اهتمام واضح بإبقاء السعودية في حظيرة حلفاء الولايات المتحدة لتحقيق الحد الأقصى من التنسيق الاستراتيجي حيال إيران، ستحتاج إلى تجنّب أن تصبح لوبي MBS في واشنطن. لا يزال تنسيق إسرائيل مع شركائها في المنطقة ضرورياً ومطلوباً. السياسة الواقعية البسيطة تتطلب ذلك، لكن هناك خطر جديد من ضرر السمعة لعلاقة وثيقة مع السعودية.

لن يكون من السهل على إسرائيل الإبحار في هذه المياه، حيث انقسمت مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن بسرعة إلى معسكرين ضد إيران ومعادٍ للسعودية. إن فكرة أن تعارض الولايات المتحدة بنفس القدر الوحشية الإيرانية والسعودية تجاه شعبيهما، وعدم السماح بأن تؤدي جرائم MBS إلى تخفيف الضغط على إيران بسبب أنشطتها الإقليمية الخبيثة، معرضة لخطر الضياع.

بالنسبة للإسرائيليين، قد تكون هذه هي أكبر ضربة في تداعيات قتل خاشقجي. لقد قوّض MBS، بهوسه بإسكات منتقديه، محاولة بناء إجماع دولي للضغط على إيران.

الضرر واسع النطاق. ترامب قد يكون خارجه. لكن أي عضو كونغرس، أو أي زعيم أوروبي، على استعداد للجلوس مع MBS لإجراء مشاورات بشأن إيران الآن؟

هذا هو أكبر دليل على العمى الاستراتيجي لـ MBS، ومن المرجح أن يستمر الضرر طالما أنه يحكم المملكة.

صورة المملكة تهاوت

وعلقت الخبيرة والمحللة الإسرائيلية في شؤون الشرق الأوسطـ "شيمريت مئير" على تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التي قال فيها إنه لن ينسى من وقف إلى جانب المملكة أثناء الأزمة ومن تخلى عنها، بقولها "على الأغلب إسرائيل ستكون في الشق الجيد في هذه المعادلة".

وأشارت إلي أنه علي إسرائيل الحفاظ على السرية بشأن العلاقات مع السعودية وتبقيها علاقات عملية في الحاضر.

وكتبت شيمريت أن ولي العهد يحاول في الوقت الراهن إعادة الأمور إلى مجراها ويبث للعالم أن القضية مجرد أزمة وليست قضية كونية، بدءا من مصافحة بن سلمان لنجل خاشقجي وتعزيته، مرورا بمشاركته في المؤتمر الاقتصادي في الرياض.

وزعمت شيمريت أن الخطوات الضخمة التي استثمرها ولي العهد لتحسين صورة السعودية في العالم تهاوت، فالعالم لا ينظر إليها على أنها مركز للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي في الراهن، علي حد قولها.

واختتمت شيمريت مقالتها قائلة "لا أعتقد أن هناك دولة أخرى في العالم تسعى لتسويق علاقاتها مع النظام السعودي بعد أزمة خاشقجي. يجب على إسرائيل أن لا تكون استثناء في هذا المشهد".

كيف يمكن تنفيذ الاغتيالات

وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، إن "إسرائيل تتابع بترقب التطورات في قضية اختفاء (خاشقجي)، ولكنها لا تتطرق إلى الموضوع علنًا".

وأضافت – بحسب موقع "المصدر" العبري أن "هناك تعاونًا بين الاستخبارات الإسرائيلية والسعودية في عدد من المجالات المشتركة… إذا كانت التقارير الواردة من إسطنبول صحيحة، فهي تشهد على أن هناك مجالًا واحدًا على الأقل لم تنقل فيه إسرائيل تعليماتها إلى السعودية، وهو (كيف يمكن تنفيذ الاغتيالات)".

وأشارت إلى أن "إسرائيل، والولايات المتحدة، تهتمان بقضية اختفاء (خاشقجي)، الذي ليست هناك معلومات عنه منذ أن دخل إلى بناية القنصلية السعودية في إسطنبول،  في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري".

هل قتل الموساد جمال خاشقجي؟

تساءل الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان، في حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وقال "هل قتل الموساد جمال خاشقجي؟

وكتب الصحفي الإسرائيلي، يوسي ميلمان، على تويتر، أنه يأمل ألا يكون هناك أي دور للموساد في قتل الكاتب والصحفي جمال خاشقجي.

وتابع أنه بسبب صورة الموساد كمنظمة للاغتيالات، التي يزعم أنها خاطئة، فإن عددًا غير قليل من الأجهزة الاستخبارية تتوجه إلى الموساد للحصول على المساعدة في تصفية الخصوم.

وأشار في هذا السياق إلى مساعدة الموساد للمغرب في تصفية المعارض المغربي البارز المهدي بن بركة عام 1965.