رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الرابحون والخاسرون من مقتل جمال خاشقجي

النبأ

 


كما يقول المثل المأثور«مصائب قوم عند قوم فوائد»، فإن لكل مصيبة مستفيدين يسعون للحصول على أكبر المكاسب الممكنة من ورائها، كما أن لكل مصيبة خاسرون، وهذا ما ينطبق تماما على قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي قالت المملكة العربية السعودية أنه قتل في قنصليتها في اسطنبول، إثر شجار بينه وبين مجموعة من المواطنين السعوديين.

وحسب الخبراء فإن أكبر المستفيدين من مقتل الصحفي السعودي هي الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا، أما أكبر الخاسرين فهي قطر وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين.

فقد حولت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا هذا الحديث إلى مكاسب اقتصادية، وحولته إلى ورقة لابتزاز المملكة والحصول منها على أكبر مكاسب اقتصادية ممكنة، على حساب كل القيم والمبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان، التي تتشدق بها هذه الدول.

ترامب وصفقات السلاح

فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سعى منذ الوهلة الأولى، لاستغلال قضية جمال خاشقجي، من خلال ربطها بصفقات السلاح بين بلاده والمملكة، وأكد منذ بداية الأزمة على ضرورة الحفاظ على صفقات السلاح التي ابرمتها الولايات المتحدة مع السعودية، والتي تقدر بمليارات الدولارات، كما أكد إنه لن يتخلى عن الاستثمارات مع السعودية بسبب أزمة خاشقجي لأنها توفر الكثير من فرص العمل للأمريكيين.

كما أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن واشنطن ستفرض عقوبات على المتهمين بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لكنها ستعمل في الوقت نفسه في على الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع المملكة.

ورغم الانتقادات الدولية، فقد أجرى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لقاء مع وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين.

وأوضحت وكالة "واس" السعودية الرسمية أن المحادثات عقدت في العاصمة الرياض وتم خلالها "التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية السعودية الأمريكية، والدور المستقبلي لهذه الشراكة وفق رؤية المملكة 2030 "، وذلك بعد أن تناثرت أنباء عن عزم وزير الخزانة الأمريكي مقاطعة مؤتمر الاستثمار في المملكة.

كما شمل اللقاء، حسب "واس"، "استعراض أوجه العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في الجانبين التجاري والاستثماري، وفرص تطويرهما".

وتابعت الوكالة في بيانها أن اللقاء تطرق إلى "عدد من المسائل ومنها الجهود المشتركة المبذولة في محاربة الفساد وتمويل الإرهاب".

روسيا والصين وصفقات بالمليارات

كشف رئيس صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي كيريل دميتريف،عن عزم السعودية على الانضمام إلى صندوق استثماري مشترك بين روسيا والصين.

وقال دميتريف لـRT على هامش مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار 2018" المنعقد في الرياض، إن "السعودية ستنضم إلى صندوق روسي صيني للاستثمار، وسيتم تغيير اسم الصندوق ليصبح الصندوق الروسي الصيني السعودي".

وقال أن الرياض ستضخ استثمارات ضخمة في التحالف الثلاثي، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان قريبا عن تشكيل الصندوق الجديد.

كما أشار دميتريف إلى أن شركة السكك الحديدية الروسية تتطلع للمشاركة في مشاريع للبنية التحتية في السعودية.

ونقل دميتريف عن الأمير محمد بن سلمان أن الرياض مؤمنة بأن "روسيا لديها خبرات وتقنيات مميزة من شأنها أن تساعد السعودية على تنفيذ مشاريعها الطموحة".

وأضاف أن ولي العهد السعودي ثمن عاليا التعاون مع روسيا، وقال إن من المهم للسعودية في مثل هذه الظروف معرفة من هو معها.

وأشار دميتريف إلى أن العلاقات الاقتصادية بين روسيا والسعودية حاليا على مستوى عال، وأنه سيتم الإعلان عن اتفاقيات جديدة قريبا بين البلدين.

 

كما كشف رئيس صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي كيريل دميتريف، عن القطاعات التي تتطلع الشركات الروسية للاستثمار فيها في السعودية، وعلى رأسها الطاقة.

وقال في حوار خاص لـ RT إن إحدى شركاتنا الرائدة في صناعة البتروكيماويات أبدت استعدادها لبناء مصنع كبير للمطاط في المملكة بالتعاون مع شركتي الطاقة السعودية "أرامكو" والفرنسية "توتال".

إضافة لهذا المشروع، أفاد المسؤول الروسي بأن شركات روسية أخرى مهتمة في توطيد صناعات في المملكة مثل صناعة الآلات والأدوية ومستحضرات تجميل، مشيرا إلى أن تطلع مصدري المنتجات الزراعية الروس لدخول السوق السعودية، عبر توفير بنية تحتية مناسبة لذلك.

كما أفاد رئيس صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، كيريل دميتريف، بأن السعودية مستعدة لضخ استثمارات بنحو 5 مليارات دولار في مشروع للغاز الطبيعي المسال في منطقة القطب الشمالي بروسيا.

وقال المسؤول الروسي إن الرياض مستعدة للاستثمار في مشروع "أركتيكا للغاز الطبيعي المسال -2"، الذي تقوم به شركة "نوفاتيك"، ثاني أكبر منتج للغاز في روسيا.

وتقدر قيمة المشروع، بحسب ليونيد ميخيلسون رئيس شركة "نوفاتيك"، بنحو 25.5 مليار دولار، والمشروع عبارة عن المصنع الثاني لـ"نوفاتيك"، الذي ستطلقه في حقول غاز شبه جزيرة غيدانسكوي شمالي سهل سيبيريا الغربية سنة 2023، بقدرة إنتاجية تصل إلى 20 مليون طن من الغاز المسال سنويا.

كما تعبر إيران من أكبر المستفيدين من مقتل جمال خاشقجي، حيث تسعى إلى توظيف هذه القضية في صراعها مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهذا ما عبر عنه الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي علق قائلا على مقتل جمال خاشقجي:

إن قتل هذا الصحفي المعارض لم يكن ليتم لولا دعم أمريكا للنظام السعودي، وأن الرياض لم تكن لتتجرأ على فعل ذلك لولا هذا الدعم، معتبرا "المواقف التي تتخذها دول العالم بصدد هذا الحادث تشكل اختبارا لمدى التزام دعاة حقوق الإنسان وخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا.

وأضاف: "لم يكن أحد يتصور في عالمنا المعاصر وفي هذا القرن الجديد، حدوث جريمة قتل منظمة كهذه وبهذه الطريقة"، مؤكدا على "عدم إمكانية تجرّؤ المخطّط لهذا القتل وقيامه بفعلته دون تمتعه بدعم وإسناد من الولايات المتحدة".

أكبر الخاسرون

تعتبر كل من تركيا وقطر جماعة الإخوان المسلمين أكبر الخاسرين من مقتل الصحفي جمال خاشقجي وذلك سمعة المملكة العربية السعودية وصورتها في العالم باعتبارها قبلة المسلمين ومهبط الوحي ورمز المسلمين في العالم.

حيث نر الكثيرون حول العالم لما حدث لجمال خاشقجي بأنه ضد القيم الإنسانية، حيث وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه الحادثة بأنها "أسوأ عملية تستر على الإطلاق" في تاريخ البشرية.

 

كما أن هذه وقوع هذه العملية على الأراضي التركية يعتبر انتهاك لسيادتها، ورساله سيئة للعالم بأن تركيا دولة غير آمنة – حسب خبراء ومراقبون-.

كما أن مقتل جمال خاشقجي يمثل ضربة قوية لجماعة الإخوان المسلمين، حيث كان خاشقجي من أكبر المدافعين عن الجماعة في الفترة الأخيرة، لاسيما في وسائل الإعلام الدولية وعلى رأسها صحيفة الواشنطن بوست الأمريكي التي كان يكتب مقالا ثابتا لها، حتى أن البعض اتهمه بالارتباط الفكري بجماعة الإخوان المسلمين.

فقد علق خاشقجي بشكل غير مباشر على قرار حظر تأييد جماعة الإخوان والتعاطف معهم بقوله : هذا يستحيل تطبيقه مع الاخوان لأن منهجهم هو منهج كل مسلم وكل حركة إحيائية اذ لا ينفردون بقول أو فقه أو عبادة عما أنت عليه.

وكتب خاشقجي في تغريدة له على حسابه الشخصي في "تويتر": إنه "عندما يكون الاعتدال عنواناً فلن تجد غير علماء الإخوان (المسلمين) أو مقرّبين منهم نبراساً لذلك".

وأضاف: "لا ينكر إلا جاحد أن ديدن الإخوان كان التوفيق بين الدين والمعاصرة، ونالهم من المتشددين أشدّ الأذى، فناصحوهم ليعتدلوا حتى 79 (عام 1979) فانحازت الدولة للتشدّد مُضيّعة جهد سنوات".

كما كان خاشقجي من أكبر المدافعين عن ثورات الربيع العربي، ومن أكبر المنتقدين لسياسات الحكام العرب.

فقد أكد جمال خاشقجي أن المملكة العربية السعودية تدفع ثمن "خيانتها" للربيع العربي، مشيراً إلى أن الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح الذي قتل على يد جماعة الحوثي كان يمكن إزالته بعد الثورة اليمنية التي اندلعت في ربيع الثورات العربية عام 2011.

وقال خاشقجي في مقال نشرته صحيفة الواشنطن بوست، إن ملك السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز وقف موقفاً متشدداً من ثورات الربيع؛ خشية اندلاع تحركات مشابهة في شبة الجزيرة العربية، وعندما وقعت الثورة اليمنية تحركت السعودية خشية من حالة عدم الاستقرار التي يمكن أن تحدث في اليمن القريبة من السعودية، حيث قامت الرياض بصياغة مبادرة خليجية عبر مجلس التعاون الخليجي الذي تهيمن عليه الرياض قضت بتنحي صالح عن السلطة مقابل منحه حصانة.

وأضاف خاشقجي: "هذه المبادرة الخليجية ضمنت لعلي عبد الله صالح أن يبقى لاعباً رئيسياً في اليمن على الرغم من أنه كان طاغية فاسداً قتل شعبه. وفي العام 2012 انتخب نائب صالح، عبد ربه منصور هادي، رئيساً لليمن، وكان من المقرر أن يكون رئيساً انتقالياً يقود اليمن إلى أول انتخابات برلمانية كاملة وحرة".

وتابع: "الملك السعودي الراحل عبد الله، ومن بعده الملك سلمان، عملا معاً مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما من أجل ضمان جدول زمني وفقاً لما هو منصوص عليه في المبادرة الخليجية المؤسفة والمعقدة، التي كانت تحظى بدعم أمريكا والاتحاد الأوروبي، إلا أن الملك عبد الله لم يفعل ذلك، وتأخرت أحلام الانتخابات في اليمن مراراً وتكراراً".

لقد أخطأت السعودية- بحسب خاشقجي- "خطأً استراتيجياً بوقوفها ضد الربيع العربي، وها هي اليوم تدفع ثمن ذلك في اليمن بعد ثلاث سنوات من الحرب".