رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة الغرب لـ«حصار» السعودية و«تركيع» بن سلمان بـ«زلزال خاشقجى»

بن سلمان وخاشقجى
بن سلمان وخاشقجى - أرشيفية


كواليس العقوبات التى تنتظر المملكة إذا ثبت ضلوعها فى «الجريمة»


اتهام تركيا باستخدام «واقعة الصحفى» للخروج من أزمتها الاقتصادية


«الرياض» تُعلن تقديرها لوقفة الأشقاء ضد حملة الادعاءات والمزاعم «الباطلة»


«غباشى»: لا توجد خطة لعزل «بن سلمان».. وأمريكا تبتز المملكة


«الأشعل»: «ترامب» يُريد الحصول على مزيد من المال وعقد صفقات تجارية وعسكرية


تتعرض السعودية لـ«هجمة شرسة» وموجة من الانتقادات والتهديد بفرض عقوبات عليها، منذ اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا، فضلًا عن الهجمة الإعلامية التى تتعرض لها المملكة من أكبر الصحف العالمية انتشارًا وهي «واشنطن بوست»، ثم «نيويورك تايمز»، وغيرهما من وسائل الإعلام التى تستهدف المملكة وولى العهد الأمير محمد بن سلمان.


هذه الهجمة وصلت إلى حد التلويح بفرض عقوبات اقتصادية ضد المملكة، واتهام «بن سلمان» بالوقوف وراء اختفاء «خاشقجي»، بل والمطالبة بمحاكمته وعزله.


وبدأت هذه الحملة قبل الكشف عن ملابسات اختفاء الصحفي السعودي، ما أثار الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، لاسيما أن هذه الدول ترتبط بعلاقات اقتصادية ضخمة مع المملكة، كما تأتي هذه الهجمة بالتزامن مع حملة كلامية شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المملكة، وطالب أكثر من مرة الملك سلمان بدفع أموال مقابل حماية المملكة.


فهل هذه الهجمة التي تتعرض لها المملكة سببها دفاع هذه الدول عن حقوق الإنسان، أم أنه ابتزاز جديد للمملكة لنهب ثرواتها النفطية؟


وهل ما يحدث بالفعل هو مؤامرة ضد المملكة وضد «بن سلمان»، أم هو ذريعة من أجل نهب ثروات المملكة؟


وهل ستنهي هذه القضية أحلام الأمير محمد بن سلمان وأسطورته؟


تهديدات ترامب للسعودية

«ترامب» الحليف الاستراتيجي للسعودية والصديق الشخصي للملك سلمان ولولي العهد، توعد السعودية، بعقوبات "صارمة" إذا ثبت تورطها في اختفاء «خاشقجي»، وقال إن "عقابا شديدا" ينتظر السعودية إذا ثبت أنها قتلت «خاشقجي».


تصريحات «ترامب» تأتي تزامنا مع مطالبته المتكررة للملك سلمان بالدفع مقابل الحماية.


عقوبات محتملة

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي «بوب كوركر» إنه يجب فرض عقوبات على أعلى المستويات إذا ثبت تورط السعودية في اختفاء «خاشقجي» ومقتله المحتمل.


كما شرعت السلطات البريطانية في صياغة قائمة تشمل مسئولين وضباط أمن سعوديين، قد تخضعهم لندن للعقوبات على خلفية اختفاء «خاشقجي».


ونقلت صحيفة «إندبندنت» عن مصادر في لندن أن السعوديين الذين سترد أسماؤهم في القائمة، قد تطالهم العقوبات بموجب "تعديل ماجنيتسكي"، الذي يسمح للسلطات البريطانية بفرض العقوبات على من ينتهك حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن القانون المذكور دخل حيز التنفيذ في مايو وسيبدأ تطبيقه بعد «البريكست».


ووفقا للصحيفة، سيعتمد القرار النهائي لفرض العقوبات، على نتائج التحقيق في اختفاء «خاشقجي».


وقال وزراء خارجية فرنسا بريطانيا وألمانيا في بيان مشترك: «هناك حاجة لإجراء تحقيق موثوق به لمعرفة حقيقة ما حدث وتحديد المسئولين عن اختفاء خاشقجي وضمان محاسبتهم».


وردت السعودية على هذه التهديدات والاتهامات من خلال بيان صادر من «وزارة الخارجية».


وأكدت المملكة أنها إذا تلقت أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر، وأن لاقتصاد المملكة دور مؤثر وحيوي في الاقتصاد العالمي، وأن اقتصاد المملكة لا يتأثر إلا بتأثر الاقتصاد العالمي.


وقالت المملكة إنها تقدر وقفة الأشقاء في وجه حملة الادعاءات والمزاعم الباطلة، كما تثمن أصوات العقلاء  حول العالم الذين غلّبوا الحكمة والتروي والبحث عن الحقيقة، بدلًا من التعجل والسعي لاستغلال الشائعات والاتهامات لتحقيق أهداف وأجندات لا علاقة لها بالبحث عن الحقيقة».


الصفقة الأمريكية التركية

وزعمت بعض وسائل الإعلام أن تركيا تمتلك أدلة قطعية على ضلوع السعودية في موضوع اختفاء «خاشقجى»؛ لكنها تتحفظ على هذه الأدلة من أجل استخدامها كسلاح لابتزاز السعودية، للحصول منها على دعم مالى كبير للخروج من أزمتها الاقتصادية الصعبة التي تمر بها.


وحملت منظمة العفو الدولية، السعودية مسئولية الكشف عن مصير «خاشقجي».


وقالت هبة مرايف، المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، «في حال كانت التقارير صحيحة عن اغتيال خاشقجي داخل القنصلية فذلك يعني أنها (السعودية) تتحمل مسئولية إعدام خارج البلاد».


وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى "هيومن رايتس ووتش" سارة ويتسون إنّ "كمّا كبيرا من الأدلة يورّط السعودية في اختفاء خاشقجي القسري وقتله المحتمل، ومع مرور الأيام، يتحوّل نفي السعودية الذي يفتقد إلى حقائق إلى إدانة لها".


وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ضرورة الإعلان عن حقيقة ما حدث لـ«خاشقجي».


وأعرب عدد من خبراء الأمم المتحدة عن القلق البالغ بشأن اختفاء «خاشقجي»، ودعوا إلى إجراء تحقيق دولي مستقل وعاجل في هذه القضية.


دول تدعم المملكة

وأعلنت دول عربية تضامنها ووقوفها التام مع السعودية، ضد ما تتعرض له من ضغط دولي في قضية «خاشقجي»، ومنها مصر، الكويت، الإمارات، البحرين، اليمن، فلسطين، سلطنة عمان، الأردن.


رئيس أمريكا يتراجع عن تهديداته

لكن «ترامب» عاد وتراجع عن تهديداته السابقة للسعودية؛ بسبب قضية «خاشقجى».


وقال «ترامب» إن قتلة خارجين عن السيطرة ربما كانوا وراء اختفاء «خاشقجي» في تركيا.


وعقب مكالمة هاتفية أجراها مع الملك سلمان بن عبد العزيز، قال الرئيس الأمريكى «إن العاهل السعودي نفى تماما علمه بما حدث لخاشقجي».


وأضاف الرئيس الأمريكي للصحفيين قائلًا: «إنه بعث وزير خارجيته، مايك بومبيو، إلى السعودية لإجراء محادثات عاجلة مع الملك سلمان».


ويقول الدكتور مختار غباشي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن أمريكا تستثمر قضية خاشقجي لابتزاز المملكة، مشيرا إلى أن ترامب أكد أنه لن يتخلى عن صفقات السلاح مع السعودية، لأنها توفر آلاف الوظائف للأمريكيين، لافتا إلى أن الرئيس الأمريكي يقصد بالعقاب الشديد للمملكة، تطبيق قانون «ماغنيتسكي» عليها، على غرار قانون جاستا الذي أصدره الكونجرس ضد المملكة العربية السعودية، والذي يتيح لأسر ضحايا أحداث 11 سبتمبر 2001 بالحصول على تعويضات من السعودية، من خلال أرصدتها داخل أمريكا، وهذا القانون استطاع به الرئيس الأمريكي الحصول على 460 مليار دولار من السعودية، وبالتالي ما يحدث هو ابتزاز صريح للرياض، وهذا موضوع يسأل عنه القادة العرب، الذين سمحوا للولايات المتحدة وتركيا وإيران باستباحة الدول العربية ونهب ثرواتها.


وأضاف أن اختفاء «خاشقجي» ما زال لغزا محيرا يحاول كل طرف توظيفه لصالحه والاستفادة منه، لافتا إلى أن ثبوت ضلوع السعودية في هذه الجريمة سينتج عنه، إما التضحية بالقنصل السعودي في تركيا، ككبش فداء لغسل يد المملكة منه، وإما تنحي الأمير محمد بن سلمان والبحث عن ولي عهد آخر، أو أن تكون هناك تسوية مالية واقتصادية لهذا الموضوع، وكلها سيناريوهات ما زالت تتردد وبقوة في الأوساط السياسية.


واستبعد وجود مؤامرة لعزل الأمير محمد بن سلمان كما يتردد، كما استبعد تشكيل محكمة دولية خاصة لهذه القضية على غرار قضية رفيق الحريري، مؤكدا أن قضية جمال خاشقجي سيتم تسويتها بالمال في نهاية الأمر.


من ناحيته، يقول الدكتور عبد الله الأشعل، أستاذ العلاقات الدولية، إنه يشم رائحة محاولة بعض الدول ومنها تركيا «توريط» السعودية في هذا الموضوع، مشيرا إلى أن رد فعل الرئيس الأمريكي سيوازن بين مصالح أمريكا وبين مسألة حقوق الإنسان، كما أن الرئيس الأمريكي سيمارس المزيد من الابتزاز على السعودية من أجل الحصول على المزيد من المال وعقد المزيد من الصفقات التجارية والعسكرية، لافتا إلى أنه لو ثبت تورط السعودية في هذه الجريمة فسوف تخسر الكثير من سمعتها في العالم، لأنها جريمة كبيرة وخطيرة، ومن التداعيات التي يمكن أن تترتب على هذا الموضوع هو طرد السعودية من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.


وأضاف «الأشعل» أن الحل الوحيد لخروج المملكة من هذا المأزق الكبير في حال ثبوت ضلوعها في قتل «خاشقجى»، أن يخرج الأمير محمد بن سلمان إلى العلن، ويتحدث ويعتذر للشعب السعودي أولا ولأسرة خاشقجي ولكل صحفيي العالم، ويتعهد بحماية حقوق الإنسان، وبناء دولة جديدة، وإن لم يفعل ذلك فسوف يتم فتح النار على السعودية.


وأوضح «الأشعل» أن هذه القضية إن ثبت تورط المملكة فيها ستؤدي إلى إضعاف وتفكيك التحالف الرباعي، الذي تشكل ضد قطر، وستكون ضربة ومأساة كبيرة للسعودية والتحالف، مشيرا إلى أن أمريكا تمتلك الكثير من الأوراق ضد السعودية، وسوف تستخدمها في حال رفض المملكة الدفع.