قصة اغتصاب وقتل «طفلة شبرا» على يد «المساطيل».. وسر «الطرحة والبرفان» قبل الجريمة|صور
بينما كانت «رحمة» تقاوم الدخول فى «نوبة نوم» جديدة، صباح يوم الجمعة الماضي، سمعت وقع خطوات بالشقة، أحست بـ«فرحة غامرة»، وهبّت تجرى نحو مصدر الصوت، ارتّمت في «حضن» شقيقها المجند بـ«القوات المسلحة» والذى جاء لقضاء إجازة قصيرة مع أسرته؛ لحضور عرس ابنة عمه.
فى لمح البصر، تركت الفتاة حضن أخيها، وأسرعت نحو حجرتها، أمسكت بمبلغ مالى كانت تدخره، وذهبت مسرعة؛ لتشتري «زجاجة برفان» و«عبوة جيل» لشقيقها، وقدمتهما له هدية، كما أمسكت بملابسه، وذهبت بها إلى «المكوجي» وأحضرت الإفطار لأسرتها، وجلست بجوار «الدفعة» تحتضنه بين الوقت والآخر، كانت تحس بمشاعر غريبة تسرى فى جسدها كلما التصقت بشقيقها؛ وكأنها كانت تشعر بما يخفيه «الغيب».
لحظات «الوداع».. وآخر ما طلبته «رحمة»
بعد لحظات «التهليل والترحيب»، بدأت «رحمة» تستعد لحضور عرس ابنة عمها الذي سيقام بعد ساعات قليلة، جهزت ملابسها وطلبت من والدتها السماح لها بالذهاب إلى «الكوافير»؛ لتصفيف شعرها، وألحت عليها إلحاحًا شديدًا؛ لتنفيذ رغبتها.
فى فرحة طفولية، أخبرت «رحمة» والدتها أنها ستشترى «طرحة» بمبلغ مالى تبقى معها، كانت الأم تنظر للفتاة نظرات غريبة، لا تعرف سر هذا الإلحاح من الفتاة، ولا سر فرحتها «الزائدة» فى هذا اليوم، وسط هذه المشاعر الغريبة لم تجد الأم إلا «الموافقة» على طلب ابنتها.
خرجت «رحمة» مهرولة إلى الشارع في تمام الساعة الثالثة عصرًا، وهي ترتدي «إسدال» أسود طويلًا، وفي يديها «طقم الفرح»، وكانت تعود للبيت على مرات متقطعة، وكأنها تعلم أن تلك اللحظات ستكون الأخيرة لها مع أسرتها.
بداية ساعات الرعب قبل اختطاف «رحمة»
«كانت زي القمر».. هكذا قال صاحب «الكوافير» فى حديثه لـ«النبأ» والذي أكد أنه بعد الانتهاء من تصفيف شعر «رحمة» طلب منها الذهاب لحضور «طرحة» بنفس لون «طقم الفرح».
خرجت «رحمة» في الساعة الخامسة تحمل «طقم الفرح»، ثم استقلت «توك توك» من أمام مسجد أبو العلا؛ للتوجه لأقرب محل لشراء «الطرحة»؛ ولكنها لم تكن تعلم أنها تقضى الليلة الأخيرة، ولم تكن تدرى أن فرحتها هذه ستنتهي بـ«رحلة تعذيب بشعة» على يد ذئاب بشرية.
استقلت «رحمة» التوك توك، وفوجئت بالسائق وصديق له يأخذنها إلى منطقة نائية خلف مصنع البيبسي بشبرا الخيمة تحت تهديد السلاح، وتوجها بها إلى غرفة صغيرة بمنطقة تسمى «الطرح» على ترعة الإسماعيلية.
المتهم يُسلم نفسه
دخل الأب فى نوبة بكاء عندما أدرك أن ابنته قد تضيع منه فى لحظات، كان يُمسك بالهاتف ويحاول الاتصال بأحد المتهمين، ولكن لا فائدة؛ ولم تمر سوى لحظات حتى استقبل مكالمة هاتفية من متهم قال له: «أنا رايح القسم دلوقتي أسلم نفسي.. أنا ضميرى بيأنبنى».
بخطوات سريعة، توجه الأب إلى قسم ثان شبرا الخيمة؛ كان الحلم يراوده ليجد ابنته «حية ترزق»، لكنه وجد المتهم داخل القفص الداخلي بالقسم، بكى الأب محاولا معرفة مكان ابنته، ولكن كانت الصدمة الكبرى حين قال له المتهم: «بنتك ماتت.. وجثتها مرمية عند الطرح في ترعة الإسماعيلية».
لقاءات محررة «النبأ» مع الأب والأم
فى منزل الطفلة بعزبة «أبو العلا كساب» في منطقة بهتيم التابعة لمدينة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، كان الحزن يخيم على المكان، لا صوت يعلو فوق صوت البكاء والنحيب.
تحدث الأب لـ«محررة النبأ» قائلًا: «اسمي محمود أحمد محمد، وعندي 50 سنة، أعمل سايس بجراج ومتزوج منذ أكثر من 30 عاما، رزقنى الله بـ5 أولاد، رحمة كانت أغلى حاجة عندي.. كانت نور عنيا مكنتش مخلياني محتاجة حاجة كانت حنينة جدا علي».
وتابع الأب فى لهجة حزينة: «اتصلوا بي وأنا في الشغل الساعه 7 فى الليل، وقالولى بنتك مش لاقينها، دورت عليها في كل حتة، لحد ما عرفت اتواصل مع المتهمين بالتليفون».
وأضاف: «الساعة 2 باليل اتصل بي المتهم وسمعت صوت بنتى بتقوله إديني أبوي راح ضربها وقفل تليفونه، والساعة 3 اتصل بي تانى وقاللي يابا أنا في القسم.. هسلم نفسي عشان ضميري بيأنبني».
واستكمل: «جريت على القسم أسأله عن بنتي وعرفت أنه موتها ولما اتكلمت معه عرفت إنه متجوز وعنده عيال وساعتها قولتله لو أنت عندك عيال كنت تحس بي وببنتي اللي إنت عملت فيها كده».
«قلبي انكسر عليها وظهري اتقطم.. خطفوها من قدام الجامع بيقولوا عجبتنا وخدناها»، هكذا بدأت والدة «رحمة» الحديث داخل غرفة صغيرة في شقة بالدور الأرضي حيث يتجمع حولها النساء متشحين بالسواد حزنا على ابنتهم، والأم لا تستطيع النهوض من شدة البكاء والألم.
سردت «الأم» تفاصيل الليلة الأخيرة في حياة «رحمة» قائلة: «أول ما صحيت الصبح أخوها جه من الجيش وكانت فرحانه جدا به، وحضرتله الفطار واشتريت له برفان من مصروفها، وكانت بتجهز فستانها اللي هتحضر بيه الفرح».
واستكملت: «كانت حنينة جدا علي وعلى إخواتها كانت دايمًا تقولى يا ماما انتي تعبانة اقعدي وأنا هعملك كل حاجة.. قبل ما يقولولي الخبر كنت حاسه إن محدش لمسها، وإن هما اغتصبوها بعد ما ماتت وضربوها بقالب طوب على دماغها».
واستكملت: «شوفتهم في القسم كنت عايزة أنهش لحمهم بس مش قادرة عشان كنت عايزة أدفن بنتي».
في لحظة صمت لم تمتلك «الأم» نفسها من البكاء وترتعش يديها قائلة: «رحت المشرحة غسلتها بإيدي أنا وخالتها، بنتي كانت بدر منور، عروسة بتنزف.. وبتنزف دم من كتر الضرب على دماغها وكان فيها آثار خنق.. وفضلت تنزف حتى بعد الكفن».