رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية لـ«تجميد» المشروع النووى المصرى

محطة الضبعة
محطة الضبعة


يمثل المشروع النووي المصري انتقالًا لمرحلة جديدة ليس فقط في مجال الطاقة، ولكن في مجال التكنولوجيا والتطور، وفي الوقت نفسه يُعد المقياس الأكثر حساسية للعلاقات المصرية الروسية، على مدار نصف القرن الماضي.


ارتبط المشروع النووي المصري منذ كان مجرد فكرة بتطور العلاقات مع روسيا، فكلما كانت العلاقات المصرية الروسية أكثر متانة، اقترب المشروع من التحقق، وكلما «فترت» تلك العلاقات صار المشروع أكثر هامشية.


ويزور الرئيس عبد الفتاح السيسي روسيا في السابع عشر من أكتوبر الجارى، وسيكون الملف النووي على رأس المباحثات المصرية الروسية، ورغم الإعلان عن توقيع اتفاق تنفيذ المشروع منذ أكثر من عام تقريبا في القاهرة، إلا أن الشركة المنفذة للمشروع لم تبدأ رسميًا في تنفيذ المشروع، ومازالت المنطقة كما هي، وما زاد الأمر غموضًا خروج تصريحات من الكهرباء بالتأكيد على أن مرحلة الدراسات وتصميمات المشروع قد تأخذ شهورًا، في الوقت نفسه خرجت تصريحات مختلفة من وزارة الكهرباء والشركة المنفذة حول بدء تشغيل «المحطة النووية».

وقال أليكسي ليخاتشيوف، مدير عام شركة «روس آتوم» إن موسكو ستبدأ في بناء محطة الضبعة النووية بحلول عام 2020، في الوقت نفسه قالت وزارة الكهرباء، إن مشروع المحطة النووية لتوليد الكهرباء بالضبعة مازال فى مرحلة التصميمات والدراسات، مشددًا على أن مرحلة التصميمات تستغرق مدة طويلة نظرًا لأهمية ودقة المشروع.

وأوضحت «الكهرباء»، أن تشغيل المفاعل النووى الأول بقدرة 1200 ميجا وات، خلال العام المالى 2025-2026، والباقى تباعًا حتى عام 2029، مؤكدة أنه لم يحدد حتى الآن موعد الأعمال الخرسانية الخاصة بالتوربينات.

الجدير بالذكر، أن أرض الضبعة تستوعب 8 محطات نووية ستتم على 8 مراحل، المرحلة الأولى تستهدف إنشاء محطة تضم 4 مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء بقدرة 1200 ميجا وات بإجمالى قدرات 4800 ميجا وات.

وأشارت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إلى أن تصميم المحطة النووية فى جميع دول العالم يستغرق شهورًا ومن الممكن أن تصل إلى أعوام فى بعض الأحيان، موضحة أن مصر تسابق الزمن لبدء إنشاء المحطة النووية وتشغيل المرحلة الأولى منها فى موعدها المحدد.

في الوقت نفسه بدأت محافظة مطروح صرف تعويضات الأهالي المتضررين من إنشاء المحطة النووية، ووصل إجمالى التعويضات التى سيتم صرفها 360 مليون جنيه.

وتم صرف مبلغ 120 مليون جنيه كدفعة أولى على تلك الأراضى البالغ مساحتها 12 ألف فدان والتى تضم 512 قطعة، كما أن عدد المضارين الذين سيتم تعويضهم يزيد على 1000 مستفيد من بينهم سيدات وشيوخ، فضلًا عن أنه يجرى حاليا إنشاء المدينة السكنية الجديدة بالضبعة على جزء من أرض المحطة النووية تم تخصيصها ويبلغ عدد الوحدات السكنية بها 1500 وحدة بناء على تكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسى كهدية لأهالى الضبعة.

الحديث عن صرف التعويضات، واستغراق دراسات المشروع عدة شهور كان سببًا مباشرًا في نشر الشائعات حول توقف المشروع من جديد؛ بزعم اعتراض دول أجنبية عليه مثل إسرائيل وأمريكا والزعم بأن منطقة الضبعة ليست «آمنة»، وأن زيارة الرئيس لروسيا سوف تركز على بحث هذا الأمر مع الرئيس الروسى «بوتين».

كما تردد أيضًا أن أمريكا تريد أن تكون مشاركة في إنشاء المحطات النووية مع روسيا.

وكشف الدكتور على عبد النبى، نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق في تصريحات له، أنه كان يجب دراسة العرض الصينى والكورى جيدًا قبل الموافقة على العرض الروسى مع شركة «أتوم»، مؤكدًا أن العرضين لم تتم دراستهما بالشكل المطلوب، ولم يتم التطرق لتفاصيلهما، وتم المرور عليهما بشكل ظاهرى دون تعمق.

وأشار «عبد النبى» إلى أن القائمين على المشروع النووى الآن غير متخصصين، وأن أصحاب الخبرات والمتعمقين فى المجال النووى وبالتحديد فى إنشاء المحطات النووية تم استبعادهم واحدًا تلو الآخر مع بداية عقد الاتفاقية النووية مع الجانب الروسي.

ويرى بعض الخبراء أن كلام «عبد النبي» قد يكون أحد أسباب التباطؤ الشديد في تنفيذ الاتفاق المصري الروسي الذي وقع منذ عام تقريبا.


إلا أن وزارة الكهرباء فسرت هذا التباطؤ إلى سعيها نحو تنفيذ إستراتيجيات، الأولى الترويج للمشروع النووى وإعلام المواطنين بمراحل تنفيذه، الثانية تشمل التدريب وإعداد كوادر للعمل فى المشروع النووى، وتشمل الإستراتيجية الثالثة توعية المواطنين بأهمية المشروع، وإيجابية استخدام الطاقة النووية فى الأغراض السلمية كتكنولوجيا جديدة.


وذكرت أنه تم تنفيذ 65 فى المائة من محطة الصرف الصحى الخاصة بالمدينة، وتم الانتهاء من إنشاء فرع للبنك الأهلى المصرى، ومن المقرر الانتهاء من بناء المدينة السكنية والمرافق التابعة لها بشكل كامل خلال فترة وجيزة، وقبل البدء فى تنفيذ محطة الضبعة النووية.

من ناحيته، قال الدكتور أحمد طارق، خبير الطاقة والكهرباء بـ«هندسة الأزهر»، إن الحكومة المصرية استقبلت عدة عروض من بعض الشركات متعددة الجنسيات هي: شركة وستنجهاوس الأمريكية، واريفا الفرنسية، وميتسوبيشي اليابانية، وكيبكو الكورية الجنوبية، وشركتان صينيتان، بالإضافة إلى شركة روساتوم الروسية، وقررت مصر قبول عرض الأخيرة.

وكشف «طارق» عن وجود مطامع لأمريكا للمشاركة في المشروع، كما أن سبب توقيع مصر مع الشركة الروسية يرجع إلى أن نفس الشركة “Rosatom ” سبقت وأن وقعت مع دولة السعودية على تأسيس 16 مفاعلا نوويا، كما تقوم أيضا بتنفيذ أول محطة نووية أردنية لتوليد 2000 ميجاوات بتكلفة تصل إلى 10 مليار دولار، وتعتبر الشركة مؤسسة حكومية روسية، حيث تم إنشائها في 1992 بموسكو تحت مُسمى «هيئة تنظيم المجتمع النووي الروسي» كبديل لوزارة الصناعة والهندسة النووية، ثم أعيد تنظيمها في مارس 2004 وأصبحت وكالة اتحادية للطاقة الذرية تتبع الحكومة الروسية بشكل مباشر.


ويضيف خبير الطاقة والكهرباء، أن المشروع النووي المصري مرتبط صعودا وهبوطا بالعلاقات بين القاهرة وموسكو، ففي مرحلة التحالف الاستراتيجي بين القاهرة وموسكو في ستينيات القرن الماضي، قطعت مصر شوطا هاما في إنجاز مشروعها النووي، وكان أبرز ملامح ذلك هو مفاعل الأبحاث في أنشاص، فضلا عن تدريب وتأهيل الكثير من الكوادر بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي وقتها.


وتابع: عندما تراجعت العلاقات بين القاهرة وموسكو، تراجع المشروع النووي المصري، وأصبح خاضعا للضغوط الخارجية والداخلية ولم يحدث فيه أي تقدم.

وأكد أنه ليس من الوارد الآن التراجع لا في العلاقات المصرية الروسية ولا في المشروع النووي، فالعلاقات المصرية الروسية الآن هي تعبير عن مصالح مشتركة، واحتياجات مشتركة، فمصر بحاجة للتكنولوجيا الروسية والتي لا ترتبط بضغوط سياسية مثل دول أخرى، وروسيا بحاجة لحليف قوي في الشرق الأوسط في مرحلة هامة تتشكل فيها الأوضاع في المنطقة.

وكشف عن أن مرحلة التصميمات والدراسات تعتبر أهم في مشروع الضبعة، لكونه الأساس؛ لذلك ربما تأخذ هذه المرحلة أكثر من عام ونصف العام على البدء في المشروع، وهذه التصاميم لابد من مراجعتها من بيوت خبرة عالمية حتى لا يكون له تأثير مباشر على المنطقة بأكملها عند التنفيذ لذلك يتوقع أن يدخل المشروع فى حالة «البيات الشتوي»؛ لحين الانتهاء من التصميمات.

وأكد أن هناك أجهزة مخابراتية عالمية تروج شائعات عن المشروع النووى المصري؛ لأنها لا تريد إقامة هذا المشروع فى مصر.