رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مخطط ترامب لـ«كسر أنف» مصر والخليج بعد رفض «صفقة القرن»

ترامب والسيسي والملك
ترامب والسيسي والملك سلمان - أرشيفية


بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتباع أساليب جديدة مع العرب - خاصة مصر والسعودية - للضغط عليهم و«تركيعهم»؛ للقبول بـ«صفقة القرن»، والتى تعتمد على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل.


«صفعة» رباعية لـ«ترامب»

وجهت مصر والسعودية والرئيس الفلسطيني محمود عباس والأردن، صفعة قوية لـ«ترامب» بعد رفضهم «صفقة القرن» للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فقد أكدت مصادر فلسطينية لصحيفة «الحياة» اللندنية، أن القاهرة أبلغت وفد «حماس» الذي زار مصر بقيادة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، أنها «ترفض مطلقا الصفقة الأمريكية التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية، وتدعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وترفض قرار ترامب اعتبارها «عاصمة لإسرائيل».


وأوضحت المصادر، أن مسئولا مصريا رفيع المستوى أكد للوفد أن «مصر لن تتنازل عن شبر واحد من أرض سيناء التى ستبقى مصرية، كما ستبقى غزة فلسطينية».


كما كشفت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«القبس الكويتية»، أن مصر والسعودية أبلغتا الرئيس الفلسطيني رفضهما لاقتراح الأمريكي بعقد مؤتمر إقليمي في القاهرة أو الرياض لإطلاق «صفقة القرن».


وقالت المصادر، إن «القاهرة والرياض أبلغتا واشنطن رفضهما للصفقة في ضوء الرفض الفلسطيني الشديد للمبادرة»، كما أنهما طلبا بإجراء تعديلات جوهرية عليها حتى تصبح مقبولة من جميع الأطراف.


وقالت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية إن آمال «ترامب» بطرح مبادرة السلام في الشرق الأوسط المعروفة إعلاميًا باسم «صفقة القرن» باتت مُهددة بالفشل.


وذكرت الصحيفة أن المسئولين العرب أكدوا أن مقترح السلام لا يجب طرحه قبل انتهاء المشاكل بين إسرائيل وحماس، واحتواء غضب الفلسطينيين بعد اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل.


ونقلت الصحيفة عن مسئول خليجي قوله إن المسئولين العرب قلقون من أن تكون الخطة الأمريكية مُنحازة بدرجة كبيرة إلى إسرائيل، فلن يكون أمامهم أي خيار سوى رفضها.


وأكد تقرير إسرائيلي أن الإدارة الأمريكية فشلت في جهودها لإقناع الفلسطينيين والدول العربية بقبول «صفقة القرن» لذا فإنها سيكون عليها إعادة تقييم الصفقة.


وأضاف تقرير لموقع "نيوز1" العبري، أن الرئيس الفلسطيني يخشى من الإجراءات العقابية التي تتخذها الإدارة الأمريكية.


ولفت إلى أن المبعوثين الأمريكيين جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات يشعران بالإحباط، بسبب زيارتهما الأخيرة إلى الشرق الأوسط، لأن فرص تنفيذ "الصفقة الشاملة" التي صيغت في الشكل الحالي ضئيلة.


سياسة «العصا والجزرة»

هذه المواقف المتصلبة والقوية من الأطراف العربية الفاعلة الرافض لـ«صفقة ترامب» دفعت الإدارة الأمريكية لاتخاذ إجراءات انتقامية، للضغط على العرب والفلسطينيين، و«لي ذراع» السلطة الفلسطينية لدفعها إلى القبول بخطة السلام الأميركية، والتعامل مع العرب بمنطق «العصا والجزرة».


الإجراء الأول يتمثل في قيام أمريكا بوقف التمويل الذي كانت تقدمه لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، المعروفة باسم«الأونروا»، حيث قوبل هذا القرار باستنكار عربي ودولي واسع، فقد نددت السلطة الفلسطينية بالقرار ووصفته بأنه «اعتداء سافر على الشعب الفلسطيني وتحد لقرارات الأمم المتحدة».


وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس لرويترز: «القرار الأمريكي بإلغاء كامل المعونة الأمريكية للأونروا يهدف إلى شطب حق العودة ويمثل تصعيدا أمريكيا خطيرا ضد الشعب الفلسطيني».


وأضاف أن القرار «يعكس الخلفية الصهيونية للقيادة الأمريكية التي أصبحت عدوا لشعبنا وأمتنا، ونؤكد أننا لن نستسلم لمثل هذه القرارات الظالمة».


الإجراء الثاني: إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.


وأدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، هذه الخطوة الأمريكية، واصفا هذه الخطوة المتعمدة، بالهجمة التصعيدية المدروسة "التي ستكون لها عواقب سياسية وخيمة في تخريب النظام الدولي برمته من أجل حماية منظومة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه".


وأضاف عريقات: "بإمكان الإدارة الأمريكية اتخاذ قرارات متفردة وأحادية خدمة لليمين الإسرائيلي المتطرف، وبإمكانها إغلاق سفارتنا في واشنطن، وقطع الأموال عن الشعب الفلسطيني، ووقف المساعدات بما فيها التعليم والصحة، لكنها لا يمكن أن تبتز إرادة شعبنا.


كما ألغت أمريكا أكثر من مائتي مليون دولار من المساعدات المخصصة للفلسطينيين.


وقال الرئيس الأمريكي، إن الولايات المتحدة الأمريكية منعت المساعدات عن الفلسطينيين حتى يوافقوا على بحث ومناقشة «صفقة القرن».


وأكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن إدارة «ترامب» تواصل الضغط على السلطة الفلسطينية، للدخول في محادثات سلام دون أي شروط، والموافقة على صفقة القرن.


ترامب وسلمان

بسبب موقف السعودية الرافض لـ«صفقة القرن» ترامب مطالبته للسعودية بدفع أموال مقابل توفير الحماية لها، خلال كلمات له في تجمعات انتخابية، مع قرب إجراء الانتخابات التشريعية في الولايات المتحدة الأمريكية.


المرة الأولى.. قال ترامب خلال كلمة له في تجمع انتخابي بولاية فرجينيا: "تحدثت هاتفيًا وبشكل مطول مع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وقلت له إنك تمتلك تريليونات من الدولارات، والله وحده يعلم ماذا سيحدث للمملكة في حالة تعرضت لهجوم".


ومضى ترامب يقول: "قلت له: أيها الملك ربما لن تكون قادرًا على الاحتفاظ بطائراتك، لأن السعودية ستتعرض للهجوم، لكن معنا أنتم في أمان تام، لكننا لا نحصل في المقابل على ما يجب أن نحصل عليه".


المرة الثانية.. قال الرئيس الأمريكي أمام حشد في ساوثهافن في مسيسيبي: "نحن نحمي السعودية. يمكننا القول إنهم أثرياء. وأنا أحب الملك، الملك سلمان. ولكنني قلت: نحن نحميكم. قد لا تبقى هناك أسبوعين بدوننا. يجب أن تدفع تكاليف جيشك".


المرة الثالثة: قال ترامب، أمام حشد انتخابي بولاية منيسوتا الأمريكية: "ندافع عن دول غنية للغاية لا تقوم بتعويضنا، كل ما يدفعونه نسبة ضئيلة جدا. لدينا علاقات جيدة مع هذه البلدان، لكن على سبيل المثال السعودية، هل تعتقدون أن لديهم المال؟ نحن ندافع عنهم وهم لا يدفعون إلا نسبة ضئيلة".


وكشف ترامب تفاصيل المكالمة التي أجراها مع الملك سلمان، ترامب للملك سلمان: هل تمانع أن تدفع لنا أموالا مقابل قواتنا؟ الملك سلمان: لا أحد طلب مني ذلك فيما سبق. ترامب: أنا أطلب منك أيها الملك. أجاب الملك سلمان: هل أنت جاد؟ فقال ترامب: إنني جاد للغاية.


ورد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على ما قاله الرئيس الأمريكي، في حوار نشرته وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، مؤكدا على أن بلاده "لن تدفع في الوقت الراهن أي شيء مقابل أمنها"، مشيرا إلى أن الرياض تشتري الأسلحة من الولايات المتحدة ولا تأخذها مجانا، لافتا بأن علاقة السعودية مع ترامب جيدة ومميزة، وأنه يحب العمل مع الرئيس الأمريكي، مؤكدا على أن السعودية أقدم من أمريكا.


عن هذا الموضوع يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وعضو المجلس المصري للعلاقات الخارجية، إن الولايات المتحدة ستمضى قدما وبقوة في تنفيذ مخططها الرامي إلى «تصفية» القضية الفلسطينية في ظل التشرذم العربي الحالي، مشيرا إلى أن ردود الفعل العربية على نقل السفارة الأمريكية للقدس واعتبار المدينة المقدسة عاصمة أبدية لإسرائيل، أعطى للإدارة الأمريكية الفرصة لتنفيذ مخططها.


وأكد «حسن» أن هناك الكثير أمام العرب ليفعلوه للوقوف في وجه الإدارة الأمريكية، ولكنهم لا يريدون فعل شيء لأنهم ممزقون ومتفرقون، لافتا إلى أن الإدارة الأمريكية استغلت ما يحدث داخل الدول العربية من مشاكل وصراعات لممارسة المزيد من الضغط على الزعماء العرب للقبول بالرؤية الأمريكية والإسرائيلية لحل الصراع العربي الإسرائيلي، والتي تقوم على إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، واعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وإقامة دولة فلسطينية ممزقة وغير قابلة للحياة.


ويقول الدكتور مختار غباشي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن هناك استسلامًا عربيًا كاملًا لأمريكا التى تريد السيطرة على مقدرات الأمة العربية، مشيرا إلى أن العرب لا يمكنهم وقف المشروع الأمريكي الإسرائيلي إلا من خلال ممارسة ضغوط على الإدارة الأمريكية، منها سحب الأرصدة العربية هناك.


وأضاف «غباشي» أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، من وقف تمويلها للأنروا، وغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وغيرها، ليست هي المشكلة، لكن المشكلة في الموقف العربي الضعيف، الذي لا يرقى للتحديات العربية الراهنة، مؤكدا أن الإدارة الأمريكية ستمضى قدما في تنفيذ مشروعها ما لم يكن هناك موقف عربي قوي وموحد.