رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عملية المخابرات فى «درنة» تكشف تفاصيل اصطياد «أخطبوط الإرهاب»

الإرهابي هشام عشماوى
الإرهابي هشام عشماوى


فى عملية وصفت بـ«الصيد الثمين» استطاعت القوات المسلحة الليبية إلقاء القبض على الإرهابي هشام عشماوى.


وبحسب الجيش الليبي، فقد تم وضع خطة محكمة للقبض على «عشماوي» الذي كان يرتدي حزامًا ناسفًا، ولم يستطع تفجيره نظرا للمفاجأة، وتم القبض عليه بـ«عملية خاطفة» فى مدينة «درنة»، ومعه علي بهاء علي، مصري الجنسية، والليبي مرعي زغبية.


ولعبت المخابرات المصرية دورًا كبيرًا فى عملية القبض على «عشماوى» بعد مساعدة الجيش الوطنى الليبى فى تحديد مكان هذا الإرهابي الخطير؛ لاسيما أن المخابرات المصرية استهدفت طوال السنوات الماضية الحركات الإرهابية في ليبيا، واستطاعت الحصول على معلومات استخباراتية «دقيقة» عن تلك الجماعات.


وكان هذه المعلومات الدقيقة، عاملًا مساعدًا فى توجيه ضربات جوية لها مرتين؛ الأولى: ردًا على «ذبح الأقباط» في 2015، والثانية استهداف «أتوبيس المنيا».


وهذه الجهود ليست غريبة؛ خاصة أن جهاز المخابرات يرى أن العمق القومي والإقليمي لمصر أولوية قصوى، وعلى رأسه العمق الليبي خاصة بعد تفكك الدول وانتشار الجماعات الإرهابية المسلحة.


وتكمن خطورة «عشماوي» باعتباره كان ضابطًا في «الصاعقة» بالجيش، ولديه دراية بـ«التخطيط العسكري»، فضلًا عن عمله فى سيناء قبل انضمامه إلى الجماعات الإرهابية.


ويعد «عشماوي» أمير المرابطين والقيادي في تنظيم القاعدة، من مواليد 1979 وكنيته «أبو عمر المهاجر»، والمطلوب الأول على لائحة الإرهاب في القوائم المصرية، وأعلن انتماءه لأيمن الظواهري قبل أن يتحالف مع كتائب أبو سليم وتكوين مجلس شورى مجاهدي درنة في عام 2015.


فماذا يعني القبض على هشام عشماوي، وما تأثير ذلك على الحرب على الإرهاب في مصر، وكيف ستستفيد مصر منه بعد القبض عليه حيا؟


أكد اللواء أركان حرب أحمد العوضي، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، أن العملية التي نفذها الجيش الليبي، ونجحت في إلقاء القبض على الضابط السابق هشام عشماوي، جاءت نتيجة التنسيق بين الجانبين المصري والليبي.


وقال العوضي: «عملية القبض على هذا الإرهابي الخطير الذي قام بالكثير من العمليات ضد المصريين عموما، والشرطة المصرية خاصة، جاءت نتيجة لعمليات التنسيق بين القيادة السياسية المصرية والجيش الليبي؛ لتتبع تلك العناصر والقبض عليها، لخطورتها على الأمن القومي المصري».


ويقول اللواء محمود زاهر، وكيل جهاز المخابرات السابق، إن أي تنظيم إجرامي في العالم يعتمد في إجرامه على «الرأس الكبيرة»، وبالتالي القضاء على هذه الرأس سواء بالقبض عليها أو قتلها، يؤدي إلى تفكيك وانقسام هذا التنظيم وإضعافه وتشتيته، مشيرا إلى أن القبض على هذه الرأس حية، سيؤدي إلى الحصول على معلومات مهمة عن هذه التنظيمات، مثل أنشطتهم وأسمائهم وقدراتهم وغيرها، وإفشاء أسرار هذه الجماعات، وفي أحيان كثيرة هروب الكثير من أفراد هذه الجماعات؛ بسبب شعورهم بالخطر.


وتابع: وبالتالي القبض على شخص مثل هشام عشماوي كان ضابطًا في الجيش، ويتميز بالجرأة، والنشاط، ومؤمن بالإجرام الذي يقوم به، يعني القبض على صيد سمين، عندما يقع هذا الصيد الثمين سيؤدي إلى تسلل الخوف إلى باقي العصابة، وهذا يؤدي إلى ضعف هذه العصابات وتفككها.


وأضاف «زاهر»، أنه من العسير جدا الحصول على معلومات من هشام عشماوي عن أجهزة المخابرات الأجنبية، لأن هذه الأجهزة لا تقوم بدعم ومساعدة هذه الجماعات والتنظيمات الإجرامية بشكل مباشر، ولكن عن طريق أذرعها التي لا تكشف عن هويتها لهذه التنظيمات، ولكنها تتحرك بأسماء كودية، وتقوم بإمداد هذه الجماعات بالمال والسلاح بطريقة غير مباشرة، بحيث يصعب على هذه الجماعات معرفة هوية هذه الأجهزة.


وأشار إلى أن هشام عشماوي استفاد كثيرا من خلفيته العسكرية، موضحًا أن المنتمين للمؤسسات العسكرية يتميزون دائما بالروح القتالية العالية، وروح الإقدام، ومهارات التمويه والإخفاء والمناورة والتخطيط والتعايش مع الظروف الصعبة وجمع المعلومات وأساليب الردع.


ويقول الشيخ أحمد صبح، زعيم المنشقين عن «الجماعات الإسلامية»، إن القبض على هشام عشماوي، ضربة قوية للجماعات الإرهابية، وهو كنز كبير للمعلومات، سيظهر أجهزة المخابرات التي تتعامل معه، وهذا هو لب القضية، لأن الأفعال التي قام بها «عشماوي» في الواحات لا يقوم  بها أفراد، ولكن لابد أن يقف وراءها أجهزة مخابرات دولية، وبالتالي شاء الله تعالى أن يوفق الأمن المصري في القبض عليه.


وأضاف «صبح» أن خطورة هشام عشماوي تأتي من الأفعال التي ارتكبها، فهو المتهم الأول في حادث الواحات، وحوادث الصحراء الغربية في الوادي الجديد، وهو الذي اختطف الضابط المصري في حادث الواحات، مشيرا إلى أن القبض عليه هو وسام على صدر أجهزة الأمن المصري، ورسالة للعالم بأن يد الأمن المصري ستطول كل من يحاول الإضرار بأمن مصر.


ولفت زعيم المنشقين عن الجماعات الإسلامية، إلى أن القبض عليه سيجعل الجماعات كلها تعيد حساباتها، وهي ضربة في الرأس، تختلف عن الضربات في الأطراف، لأن القتل يأتي من الرأس، وبالتالي القبض على هشام عشماوي «ضربة قاصمة» ستترنح منها الجماعات الإرهابية، لأنهم من الصعب أن يعوضوا هذه القيادة، وخاصة أنه تلقى تدريبات عالية، وكان ضابطا في سلاح الصاعقة المصرية.


ونوه «صبح» إلى أن هشام عشماوي ينتمي لهذه الجماعات وكان عضوًا في تنظيم بيت المقدس، وكان أيضًا عضوًا في تنظيم داعش، بدليل أنه تم القبض عليه في مدينة درنة، المعروفة أنها معقل هذه الجماعات، ومن مراكز تنظيم الدولة الرئيسية في ليبيا، وبالتالي وصول أجهزة الأمن المصرية إليه والقبض عليه حيًا «فضل من الله»، معبرا عن فخره بقيام أجهزة الأمن المصرية بالقبض على هؤلاء الإرهابيين لأنهم طبقوا أحكام الكفار ووضعوها على رقاب المسلمين.


من النسخة الورقية لـ«النبأ» العدد رقم 1500 الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2018