رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

التحركات البرلمانية لإلغاء وزارة التموين تهدد حياة 70 مليون مواطن

وزير التموين - أرشيفية
وزير التموين - أرشيفية


تقدّم الدكتور محمود عطية، عضو مجلس النواب، ورئيس اللجنة الاقتصادية لحزب الوفد، بمقترح داخل البرلمان، بإلغاء وزارة التموين والتجارة الداخلية.

وأثار المقترح، خلال الأيام القليلة الماضية، حالة من الجدل بين المواطنين، والبرلمان، ولاسيما أن وزارة التموين «تمس» محدودي الدخل ولها دور في توازن الأسعار بالأسواق، حسب ما أكده خبراء.

وحسب الإحصائيات، فإن هناك 21 مليون بطاقة تموينية في مصر، بداخلها أكثر من 70 مليون مواطن، يستفيدون من السلع المدعمة، ويحصل لكل فرد مقيد على البطاقة 50 جنيهًا شهريًا بحد أدنى «4» أفراد على أن يتم إعطاء الفرد الـ5، قيمة دعم 25 جنيهًا، إذ يصل قيمة الدعم المقدم شهريًا للمواطنين إلى نحو 3.5 مليار جنيه.

كما يستفيد أصحاب البطاقات التموينية، بـ5 أرغفة خبز يوميًا لكل فرد مقيد على البطاقة بسعر 5 قروش، وكل رغيف خبز لم يتم صرفه يتحول لنقاط، حيث يتم احتساب سعر الرغيف بـ10 قروش، يمكن صرفها في صورة سلع.

وفي هذا السياق، قال الدكتور محمود عطية، عضو مجلس النواب، إن وزارة التموين أسباب تأسيسها، هو توفير السلع أوقات الحروب والأزمات والمجاعات، في جميع البلاد، متابعًا: «أول من أسسها كان حزب الوفد في الحرب العالمية، وألغيت في سنة 48، وتم تأسيسها مرة أخرى سنة 53 في عهد الرئيس جمال عبد الناصر».

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن جميع الدول المستقرة مثل الأردن وموريتانيا، ليس لديها وزارة التموين، بالإضافة إلى أنها ليس لها جدوى في الشارع المصري.

وأشار «عطية»، إلى أن وزارة التموين أصبحت تشتري المنتجات من التجار لصالح المواطنين وليس المزارعين، أي تقوم بدور الوسيط، قائلًا: «هي كمان بقت تاجر، كما أن أسعار السلع في التموين أغلى من مثليتها في الخارج، بجانب جودة السلع المدعمة منخفضة».

وتابع: «هذا بالإضافة إلى أنها تصرف مبالغ مالية كبيرة جدًا من ميزانية الدولة، في الوظائف، فهناك وزير ووكلاء وزارة وموزعين، ومخازن وتجميع، ومكاتب، وهو الأمر الذي يؤدي إلى صرف مبالغ طائلة على وزارة التموين أكثر من الذي يتم توزيعه للدعم».

وواصل: «الدعم المقدم للمواطنين سواء من السلع التموينية أو فارق نقاط الخبز يمكن توجيهه إلى المستحقين فقط، عن طريق إنشاء قاعدة بيانات كاملة والتي لن يتخطى فيها عدد الأفراد الـ30 مليون مواطن تقريبًا، وليس 70 مليون مواطن الموجودين في الوقت الحالي».

وأشار عضو مجلس النواب، إلى أنه في حالة إنشاء قاعدة بيانات سليمة وإعادة توزيع الدعم نقدًا، سيحصل المواطن على 500 جنيه دعم شهري، وهو الأمر الذي يساهم في ترشيد الإنفاق لدى المواطنين.

وأكد أن تحويل الدعم العيني إلى نقدي، سبب تأخر الاقتصاد المصري كثيرًا السنوات الماضية، لافتًا إلى أن الدولة تشجع الاستثمار والتنمية والعدالة الاجتماعية، ولكن لم تحدد حتى الآن مّن يستحق الدعم سواء من أصحاب المعاشات أو أصحاب البطاقات التموينية.

ونوه بأن الدعم أصبح بابًا للفساد، قائلًا: «أنا عندي بطاقة تموين عليها أكثر من 8 آلاف فرد وأرسلتها في استجواب لوزير التموين وبطاقة أخرى بها أكثر من 700 فرد، وهو ما يعني أن الدعم لا يصل لمستحقيه بل أصبح مرتعا للفساد».

وأضاف: «إحنا بنضحك على الناس بالـ50 جنيها قيمة الدعم، وفي الحقيقة ده ليس دعمًا، ده غير أن الوزارة نفسها بتصرف أجور ومرتبات وعربيات ونقل السلع والخدمات بمليارات، وهو ما يشكل عبئا على ميزانية العامة».

ولفت إلى أن الحكومة بدأت في تحول الدعم العيني إلى نقدي ولكن بالتدريج؛ لأن الشعب المصري لديه تخوفات من إلغاء الدعم التمويني؛ لذلك يجب توعية المواطنين بحقوقهم التي تقدر بعشرات أضعاف قيمة الدعم المقدم حاليًا.

وحول الانتقادات التي وجهت إليه بعد المقترح، قال «عطية»، إن جميع البرلمانين والمواطنين الذين رفضوا وانتقدوا المقترح الذي تقدمت به، لم يدرسوه بطريقة صحيحة، فهو يساهم في غلق مرتع الفساد.

وتابع: «الدولة بقالها أكثر من 60 سنة تفكر بالمسكنات وجاء الوقت لمعالجة المشكلة من جذورها، ولكن في المقابل هناك أيضًا أعضاء في البرلمان تدعمني من حزب الوفد وهم المنتمون إلى الفكر الليبرالي».

وعن تحركاته الفترة المقبلة، أكد عضو مجلس النواب، أنها ستكون من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة و«الميديا»، وطلبات الإحاطة لوزير التموين الدكتور علي المصيلحي، بالإضافة إلى تفعيل الأدوات الرقابية.

وختم: «الاقتصاد المصري، أصبح تعمق في السطحية وتوغل في الفراغ، ولكن الاقتصاد الصحيح يجب أن يبنى على أسس التنمية المستدامة، ونحن فاهمين معني الدعم غلط، وهناك (أخرام) في الدولة لازم تسد وأفكار لازم تتغير».

ومن ناحيته، علق الدكتور أنور النقيب، المستشار الاقتصادي لوزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق، على مقترح إلغاء وزارة التموين، قائلًا: «ليس هناك اعتراضًا في تحويل الدعم لنقدي وإلغاء وزارة التموين، في حالة وجود سوق مستقرة في مصر، وأدوات كاملة لمواجهة التضخم».

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن السوق المصرية تعانى من انعدام آليات ضبط الأسعار والقضاء على الاحتكار، وتحقيق التوازن السلعي، متابعًا: «وزارة التموين لا تعمل على أكمل وجه ولكن وجودها مهم من ناحية الاستقرار السلعي ضبط الأسواق وتوافر السلع».

وأشار «النقيب»، إلى أن ضخ وزارة التموين كميات محددة من القمح والسكر والأرز والزيت، يحدث توازنًا في السوق من ناحية الأسعار وتوافر السلع، موضحًا أن إلغاء وزارة التموين يجعل المواطنين فريسة للتجار.

وعن تحويل الدعم العيني إلى نقدي، أكد مستشار وزير التموين الأسبق، أن الدعم النقدي، الحكومة ستطبقه لا محال، مضيفًا: «بالعكس هو يتم تطبيقه حاليًا حيث إنه يتم وضع قيمة الدعم في البطاقات ويصرفها المواطنون مقابل السلع التي يرغبها عند البقال، بخلاف دعم رغيف الخبز».