رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

قصص «مرعبة» تكشف سر ارتفاع نسبة «الانتحار» فى مصر

ظاهرة الانتحار -
ظاهرة الانتحار - أرشيفية


انتشرت حالات الانتحار في مصر بين فئات مختلفة من المواطنين، وشملت كل المحافظات المصرية من الشمال إلى الجنوب، وتعددت الأسباب وراء تلك الوقائع.


وبدورها ترصد «النبأ» في هذا الملف «تفاصيل مرعبة» عن تلك الحوادث المأساوية من خلال لقاءات مع أهالي الضحايا وآراء علماء النفس؛ للكشف عن الأسباب الحقيقية التي تدفع الشخص لقتل نفسه بهذه الطريقة البشعة.


إحصائيات رسمية

ووفقًا لتقارير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن فى عام ٢٠٠٧ كان هناك أكثر من ٤٠٠٠ حالة انتحار، ارتفعت مع عام ٢٠٠٩ إلى ١٠ آلاف حالة لتصل بعدها إلى ١٨ ألف حالة انتحار عام ٢٠١١، بينما تشير أرقام غير رسمية إلى ارتفاع معدلات الانتحار في مصر خلال السنوات القليلة الماضية.


وكشفت أحدث الإحصاءات لـ«منظمة الصحة العالمية»، عن أن هناك 88 حالة انتحار من بين كل 100 ألف مصري، وهناك قرابة 88 ألف شخص ينتحرون كل عام.


فيما كشفت دراسة لـ«وزارة الصحة» في القاهرة، أن 21.7% من طلبة الثانوية العامة يفكرون في الانتحار.


وتشير الأرقام أيضًا إلى أن الفئة العمرية الأكثر إقبالًا على الانتحار في مصر ما بين 15 و25 عامًا، وتبلغ نسبتهم 66.6 بالمئة، بعدها المرحلة العمرية ما بين 25 و40 عامًا، وتمثل النسبة الأكبر لانتحار الرجال، أما الفئة العمرية من 7 إلى 15 عامًا فتأتي في المرحلة الثالثة، وكانت البنات المنتحرات في هذه المرحلة ثلاثة أمثال الأولاد.


ويرى علماء النفس أن هناك أسبابًا وعوامل متفاعلة مع بعضها، تصل بالشخص لذروة اليأس وحالة من الضعف تجعله يقبل على الانتحار في النهاية، تكمن في المرض النفسي والضغوط التي يواجهها الإنسان بسبب صعوبة الحياة وإدمان المخدرات، بالإضافة إلى الجهل وأزمة القيم مع غياب دور المؤسسة الدينية والدراما وطرق عرضها لمشاهد العنف.


وشهدت الأسابيع القليلة الماضية العديد من حالات الانتحار ونرصد إليكم بعض الوقائع التي شهدتها بعض المحافظات المصرية والأسباب التي تدفع الشخص على قتل نفسه بطرق مختلفة مابين شنق وتناول أقراص دوائية، وقطع شرايين وإلقاء نفسه من أعلى مسكنه، وإطلاق النار على نفسه.


رسالة شاب قبل الانتحار: «هتوحشونى»

كتب شاب قبل إقباله على الانتحار «شنقًا» داخل منزله بقرية العزيزية بالبدرشين الجيزة، رسالة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» قائلًا فيها: «ياريت لو حد زعلان مني في حاجة يسامحني ولو عمري جيت على حد قولوا يسامحني بس أنا عمري ماجيت علي حد في يوم ولا عمري زعلت حد مني ممكن يكون حد شايل مني بس، ياريت يسامحنى ومحدش يزعل عليا ولا حد يشيل نفسه هم عشاني متزعلوش مني بس أنا اللي زعلان أنكم هتوحشوني وأنا مش هشوفكم تاني سامحوني لأني مغلاش على اللي خلقني أشوف وشكم بخير».


وتبين أن الرسالة تركها «كريم. ج. ا» 19 سنة، طالب، قبل وفاته بيوم؛ ليودع بها أسرته وأصدقائه، بعدما دلت تحريات المباحث أنه أقدم على الانتحار شنقًا داخل غرفة نومه بمنزله المشار إليه؛ بسبب مروره بحالة نفسية سيئة.


لقاءات حصرية

وانتقلت «النبأ» إلى منطقة عزبة خير الله بدار السلام جنوبي القاهرة وأجرت لقاءات حصرية مع أهالى السيدة «المنتحرة» شيماء حسين محمد التي تزوجت من نجل خالتها منذ 11 عامًا وأنجبت له طفلين، بدأت حياتهما بالحب والود لكن سرعان ما تحولت الحياة بينهما وازدادت الخلافات، وعانت الزوجة خلال هذه الفترة من رحلة تعذيب طويلة وصلت لحرقها بالماء المغلي على يد أبو العيال، وانتهت حياة «شيماء» بإلقاء نفسها من بلكونة شقتها الكائنة بالطابق الخامس بالعقار رقم 3 بشارع نور الحق المتفرع من النجاح بمنطقة عزبة خير الله.


في شارع نور الحق الذي شهد الحادث الأليم تتسع مساحته قرابة الـ 5 أمتار، بجوار العقار رقم 3 محل الواقعة، يوجد محل «خردوات» ملك الحاج «نشأت عبد الظاهر»، تاجر، التقينا به وسرد لنا بعض التفاصيل قائلًا: «شيماء تعاني من مرضى السرطان والسكر وتعيش بكلية واحدة وتربطها بزوجها صلة قرابة (نجل خالتها) ولها منه طفلان، الأول (زياد) 9 سنوات و(عمر) 5 سنوات ولها طفلة ثالثة (جومانا) من زوجها الأول الذي توفاه الله».


وعن وجود خلافات بين الضحية وزوجها قال التاجر إنها خلافات أسرية عادية بينهما وفي يوم الحادث أخبرته زوجته بالواقعة وخرج إلى الشارع وجد الضحية ملقاة على الأرض «جثة هامدة» والأهالي يقولون إن زوجها كان ممسكًا برجليها في محاولة لإنقاذها من السقوط على الأرض وفي أثناء ذلك قال لها أيضًا: «حاولي تساعديني عشان ما توقعيش»، لكن لم يستطع إنقاذها وسقطت على الأرض، وأبلغ الأهالي رجال الشرطة.


وقالت سيدة من أسرة الضحية رفضت ذكر اسمها: «شيماء اتعذبت طوال فترة زواجها من نجل خالتها»، مشيرة إلى أنهما تزوجا على «حُب» وبعد الزواج حدثت خلافات زوجية كثيرة بينهما لافتة إلى أن من بين هذه الخلافات بسبب إرسالها لتشتري له «الحشيش» من تجار الكيف بالشارع، فضلًا عن قيامه بضربها وتعذيبها وأخرها حرقها بالماء المغلي».


وتابعت: «قبل الحادث مباشرة حدثت بين شيماء وزوجها مشادة كلامية أيضًا بسبب رغبتها في النزول لشراء الخضراوات لكن زوجها رفض نزولها فطلب منها أن تحضر له الأكل وأحضرت له وجبة «إندومي» مؤكدة أنه ضربها بالإناء على جسدها وبه «الأندومي والماء المغلي» ما أدى لحرقها، الأمر الذي دفعها للإسراع إلى بلكونة الشقة وإلقاء نفسها من الطابق الخامس لتسقط على الأرض جثة هامدة».


يذكر أن شارع نور الحق المتفرع من النجاح بمنطقة عزبة خير الله بدار السلام جنوبي القاهرة، شهد حادثًا بشعًا تمثل في قيام ربة منزل بإلقاء نفسها من شرفة شقتهما الكائنة بالطابق الخامس، وسقوطها على الأرض جثة هامدة، بسبب خلافات زوجية.


بدأت أحداث الواقعة عندما تلقى المقدم شادي الشاهد رئيس وحدة مباحث قسم شرطة دار السلام بلاغًا يفيد سقوط ربة منزل من شرفة مسكنها بشارع نور الحق المتفرع من النجاح بمنطقة عزبة خير الله بدائرة القسم.


انتقل رئيس المباحث ومعاونوه والقوة المرافقة إلى مكان الحادث وبالفحص تبين أن الجثة لربة منزل تدعى «شيماء.ح. م»، تم نقلها إلى مشرحة المستشفى.


وتوصلت تحريات المباحث إلى أنه توجد خلافات زوجية بين المجني عليها وزوجها، وتمكن ضباط المباحث من ضبط زوجها يدعى «محمد» وتم اقتياده إلى ديوان القسم.


وتحرر عن ذلك المحضر اللازم بالواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.


واستمعت نيابة دار السلام الجزئية لأقوال زوج المنتحرة ووالدتها وشهود العيان وقررت النيابة إخلاء سبيل زوج الضحية على ذمة القضية لحين ورود تقرير الطب الشرعي لبيان سبب الوفاة.


سوء معاملة الآباء تدفع الأبناء للانتحار في الدقهلية

دفع سوء معاملة الأم طالبة للانتحار فى «بندر بلقاس» بالدقهلية، عن طريق تناولها جرعة كبيرة من الأقراص الدوائية، بعدما تعدت عليها والدتها بالضرب عندما سمعتها تتحدث مع أحد الشباب في الهاتف المحمول.


بدأت أحداث الواقعة عندما تلقى اللواء محمد حجي، مدير أمن الدقهلية، إخطارا من اللواء محمد شرباش، مدير مباحث المديرية، يفيد بوصول إلى مستشفى بلقاس المركزي، «شهد. ا. ا»، 16 سنة، طالبة، ومقيمة ببندر بلقاس، جثة هامدة جراء تناولها أقراصًا دوائية غير معلومة.


وبسؤال والدها، أكد في محضر الشرطة، بتناول ابنته أقراصًا دوائية لوجود خلافات عائلية بينها وبين والدتها، بعدما تعدت عليها بالضرب قبل الواقعة بسبب مشاهدتها تتحدث في الهاتف المحمول مع أحد الشباب، وتم تحرير محضر بالواقعة.


أما في الإسكندرية، فانتحر شخص؛ بعد معاتبة والدته له على تركها بمفردها والسهر باستمرار خارج المنزل عن طريق إلقاء نفسه من شرفة شقته الكائنة بالطابق الخامس بـ«منطقة الجمرك».


تلقى اللواء محمد الشريف، مدير أمن الإسكندرية، إخطارًا من مأمور قسم شرطة الجمرك بسقوط شخص من العقار رقم 14 شارع جودة بدائرة القسم، وتوفي في الحال.  


بالانتقال والفحص تبين سقوط المدعو «ن. ا»، 44 سنة، موظف، من الطابق الخامس بالعقار المشار إليه، والجثة ملقاة داخل المنور بالعقار سكنه، وبمناظرة الجثة تبين إصابته بكسور وجروح بمختلف أنحاء الجسم.


وبسؤال شقيقه «ف. ا»، 61 سنة، حداد، قرر بحدوث مشادة كلامية بين الموظف ووالدته بسبب معاتبتها له على تركها بمفردها والسهر باستمرار خارج المنزل ما دفعه لإلقاء نفسه بمنور العقار، تم نقل الجثة والتحفظ عليها بالمشرحة، وكلفت إدارة البحث الجنائي بالتحري عن الواقعة، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم بالواقعة وتولت النيابة التحقيقات.


فشل طالب في دخول كلية الهندسة يدفعه للانتحار بأسيوط

ويستمر قطار حالات الانتحار في السير دون توقف، محطة تلو الأخرى يمر بها معلنا حالة وفاة جديدة، حيث يدفع فشل طالب الثانوية العامة في دخوله كلية الهندسة التي كانت حلمه الوحيد، إلى الانتحار «شنقًا» بناحية قرية أم القصور التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط.


كان اللواء جمال شكر، مدير أمن أسيوط، تلقى إخطارا من العميد محمد سيد، مأمور مركز شرطة منفلوط، بورود بلاغ يفيد بانتحار طالب بالثانوية العامة شنقًا بقرية أم القصور دائرة المركز.


وتبين انتحار الطالب «محمد. أ. خ»، 18 سنة، ومقيم بمنفلوط، حاصل على الثانوية العامة، وبسؤال أسرته ذكروا أنهم فوجئوا بقيام الطالب بشنق نفسه لفشله فى الالتحاق بكلية الهندسة.


وتم نقل الجثة والتحفظ عليها بمشرحة المستشفى المركزى، وكلفت المباحث بإجراء التحريات اللازمة عن الواقعة وتحرر المحضر اللازم.


قطار الانتحار يصل القاهرة ويعلن وفاة شاب ثلاثيني بسبب ضائقة مالية

وصل قطار الانتحار محطة القاهرة يحمل معه حالة جديدة معلنًا وفاة شاب ثلاثيني بمدينة حلون بقطع شرايين يده، ثم صعد للطابق الخامس بمنزله، وألقى نفسه، بسبب مروره بضائقة مالية، وتوفىّ فور وصوله المستشفى.


تلقى العميد بدوي هاشم، مأمور قسم شرطة حلوان، إخطارًا من مستشفى قصر العيني، مفاده وصول المدعو «وليد. م»، 33 سنة، فرارجي، ومقيم بالمشروع الأمريكي حلوان، مصابًا بجرح قطعي في شرايين اليد، وتهشم كامل في عظام منطقتي الوجه والصدر، وتوفى عقب وصوله المستشفى بيوم.


وعلى الفور، انتقلت قوة أمنية بقيادة المقدم هاني أبو علم، رئيس المباحث، وتبين من التحريات الأولية أنه انتحر بسبب مروره بضائقة مالية، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم، وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.


بائع متجول ينتحر في الشرقية بسبب أزمة نفسية صعبة

انتحر بائع متجول «شنقًا» بمدينة أبوحماد التابعة لمحافظة الشرقية لمروره بأزمة نفسية صعبة.


وتبين انتحار «صبري. ش. ب» 56 سنة، بائع متجول، وتم التحفظ على الجثة، بمشرحة مستشفى أبو حماد المركزى، تحت تصرف النيابة العامة.


وكشفت التحريات التى أجراها الرائد محمد درويش، رئيس مباحث أبو حماد، حول الواقعة أن الشاب كان يعانى من مرض نفسى، وحاول منذ خمسة أشهر الانتحار، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم بالواقعة.


الظروف المالية تدفع عامل للانتحار في القليوبية

وفي شبرا الخيمة بالقليوبية تدفع الظروف المالية عاملًا للانتحار بـ«عيار نارى» أطلقه على نفسه؛ داخل منزله وتوفى في الحال.


تلقى العميد إسماعيل عبد الله، مأمور قسم ثان شبرا الخيمة، بلاغا يفيد العثور على جثة شخص مقتولا داخل منزله بدائرة القسم.


بالانتقال والفحص، تبين أن الجثة لشخص يدعى «وليد» 47 سنة، عامل، وبإجراء التحريات اللازمة، تبين قيامه بالانتحار بإطلاق عيار نارى على نفسه؛ لمروره بضائقة مالية.


تم نقل جثة المتوفى للمستشفى، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم بالواقعة، وتولت النيابة العامة التحقيق.


انتحار طالبة بسبب رسوبها في امتحانات الدور الثاني بالمنوفية

وقف قطار الانتحار في إحدى القرى بمركز «تلا» بمحافظة المنوفية معلنًا انتحار طالبة، بتناولها قرصا يستخدم لحفظ غلال القمح بسبب رسوبها فى امتحانات الدور الثاني بالشهادة الإعدادية، وتوفيت عقب وصولها إلى المستشفى.


وتبين انتحار «ح. ع. ف»، 15 سنة، طالبة بالصف الثالث الإعدادى، ومقيمة بدائرة مركز شرطة تلا بالمنوفية وتوفيت عقب وصولها مستشفى شبين الكوم متأثرة بإصابتها بحالة تسمم.


وبسؤال والدتها «أ. ش. ت»، 42 سنة، ربة منزل، ومقيمة بذات العنوان، قررت بقيام نجلتها بتناول قرص لحفظ غلال القمح لرسوبها فى امتحانات الدور الثانى، ونفت الشبهة الجنائية، وتم تحرير المحضر اللازم بالواقعة، وكلفت إدارة البحث الجنائى بالتحرى حول الواقعة، وتولت النيابة التحقيق.


حالة نفسية سيئة تدفع سيدة للانتحار في سوهاج

تحرك قطار الانتحار إلى الجنوب حتى وصل لمحافظة سوهاج معلنًا وفاة «سيدة» في العقد السابع من العمر؛ ألقت نفسها من الطابق الخامس بمنزلها الكائن بشارع عتبة بن مروان بالمحافظة، بسبب مرورها بحالة نفسية سيئة.


تلقى اللواء هشام الشافعي مدير أمن سوهاج إخطارًا من مأمور قسم شرطة  أول شرطة سوهاج يفيد بسقوط «إيفون عطية ميلاد»، 65 سنة، بالمعاش، من منور بالطابق الخامس، بمسكنها الكائن بالعقار رقم 37 بشارع عتبة بن مروان، دائرة القسم، ما أدى لوفاتها.


وبسؤال نجلها «مينا عوني»، 37 سنة، تاجر، قرر بمضمون ما تقدم، وأضاف بأنها تعيش بمفردها وتمر بحالة نفسية سيئة، كما أنه سبقت محاولتها الانتحار عن طريق إلقاء نفسها من أعلى منذ فترة، ونفى وجود شبهة جنائية في الوفاة.


وتحرر عن ذلك المحضر رقم 2687 لسنة 2018 إداري القسم، وبالعرض على النيابة العامة؛ صرحت بدفن الجثة عقب تشريحها.


وفى محافظة الغربية، انتحر شاب متزوج ولديه أطفال ويقيم بقرية منية البندرة بمركز السنطة، «شنقًا» عن طريق استخدام طرف حبل حول رقبته والطرف الآخر ربطه في جنش مروحة السقف داخل غرفة نومه وأبعد الكرسي عن قدميه فسقط ولفظ أنفاسه الأخيرة في الحال.


وتبين انتحار المدعو «عبد الرحمن» 30 سنة؛ بسبب مروره بحالة نفسية سيئة بسبب مشاكل خاصة أدت إلى قيامه بالتخلص من نفسه بهذه الطريقة المشار إليها.


تفسيرات مختلفة تقف وراء الانتحار

وبدورها، قالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس السياسي والاجتماعي بـ«المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية»، إن الانتحار له أسباب وعوامل متفاعلة مع بعضها حتى تصل بالشخص لذروة اليأس وحالة من الضعف تؤدي إلى الانتحار في النهاية مؤكدة أن المرض النفسي على رأس هذه الأسباب فهناك أمراض نفسية تؤثر تأثيرًا كبيرًا على الإنسان فضلًا عن الضغوط وصعوبات الحياة فهي التي تفجر الأمراض النفسية كلما تعرض الشخص لضغوط يظهر عليه أعراض هذا المرض وتتفاقم.


المرض النفسي

وأضافت «فايد» في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أنه يوجد بعض الناس تحمل المرض النفسي بشكل كامل إنما لم يظهر عليهم طالما لم يتعرضوا لصدمة، أو ضغوط وهذا أحيانًا، أما إذا تعرض لصدمة تبدأ الحالة تتفاقم وهذا الأمر يحتاج لعلاج في ظل غياب تام لثقافة العلاج في حالات الأمراض النفسية فدائمًا ننكر هذا المرض ولم نعترف به ونعتبره وصمة.


المخدرات

أما بخصوص المخدرات أكدت أستاذ علم النفس السياسي والاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن المواد المخدرة لها دور كبير في هذا الشأن وخصوصًا الأقراص المختلفة والتي تفقد الوعي وتخرج المتعاطي من كردون السيطرة، هذا ومع وجود مرض نفسي فممكن تتفاعل هذه العوامل وتحدث درجة من الإقبال على الانتحار في شيء من «المرض» لكونه لم يكن لديه شعور بالواقع الذي يعيش فيه.


أزمة القيم

وتحدثت عن أزمة القيم قائلة: لو أن الشخص المقبل على الانتحار عنده درجة إيمان حقيقية وأيضًا عنده قيم وقدر من التحمل والرضا لكن الحقيقة هناك تقصير من المؤسسة الدينية في اهتمامها بالطقوس والعبادات والشكل الخارجي لأن المعدن ووجدان المواطن حقيقة متعطش للقيم؛ إذن نحن نعاني من أزمة قيم، مشيرة إلى أن هناك عوامل أخرى مثل الميديا؛ فهي تقدم عناصر ومضامين إعلامية كثيرة جدًا تحتوي على مشاهد عنف ومن قاموا بالانتحار وارتكبوا جرائم عنف ويكررون مثل هذه المشاهد ويركزون على صياغة تفاصيلها بالشكل الذي يعطي للسيناريو حاضرًا في ذهن ووجدان الشخص.


الدراما

وتابعت «فايد»: «تكرار تلك المشاهد بهذه الطريق في حالة أن الشخص المشاهد لهذا السيناريو مدمن مخدرات بالإضافة لأنه يعاني من مرض نفسي؛ ممكن هذا يظهر له في ذهنه ويكرره دون أن يدري لأن الصورة تملكت في ذهنه واستقرت في وجدانه حيث أنه يتجرأ عليها في حالات الضعف واليأس».


واستطردت قائلة: إذن التوليفة الكبيرة السابق ذكرها يدخل فيها الجهل والتخلف الثقافي عندما يقع هذا الشخص في مشكلة لم تكن لديه أعمال ولا يعرف معالجتها بشكل متحضر، ما عليه إلا أن يشاهد ويقلد دون إعمال عقل ودون إيجاد حلول بديلة يكون قاصرًا ومحدود الأفق ولا يستطيع اعتراض المرض النفسي لأنه ليس لديه ثقافة لمعرفة التعامل مع هذا المرض أو يتعامل معه مثله مثل المرض العضوي، وأيضًا لا يعرف خطورة المخدرات التي يتعاطاها ويقبل عليها ولا يستطيع التفرقة بين المشاهد في الإعلام أو الميديا التي يتعرض لمشاهدتها بأن بها مبالغة.


كيفية علاج ظاهرة الانتحار

وأشارت إلى أن التعليم والثقافة يحدثان انتقاء لدى الشخصية وتعطيه درجة كبيرة من الوعي ممكن تحميه، لكن غياب هذه العوامل مع ظهور المرض النفسي بالإضافة إلى الصورة المكررة على الميديا وأزمة القيم وضعف الإيمان، يمكن أن يوصل الشخص إلى درجة الانتحار، مثل الحادث الذي وقع بمترو الأنفاق عندما دخل القطار إلى الرصيف بالمحطة وعند اقترابه من الفتاة ألقت على الفور نفسها أمامه، وكل ذلك تم في لحظة.


وأوضحت أستاذ علم النفس السياسي والاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أنه لمعالجة هذه الظاهرة ولكي لا يكون هناك تصعيد في معدلات الانتحار ننشر ثقافة المساعدة؛ فيجب على كل من حول المريض النفسي تقديم المساعدة له ويحفزونه على العلاج ولا يتركونه؛ لأنه في الحقيقة هو مرض ويجب معالجته فضلًا عن أنه يجب أن تكون هناك ثقافة البعد عن المخدرات؛ لأن «مش هنوقف عسكري على كل مواطن  لكي يحدث ضبط؛ لازم أنت ترفض المخدرات» مؤكدة أن رفض المخدرات من نشر ثقافة خطورتها وتداعياتها فضلًا عن أن السياسة الإعلامية في الدراما وما إلى آخر يكون في ذهنيتها كيفيات مدروسة وتواجه مثل هذه الحالات، وتعمل نوعا من التثقيف والنفور من مشاكل الانحراف السلوكي للانتحار وجرائم العنف بصفة عامة، ويجب على المؤسسة الدينية أنها تهتم بدعم القيم المعنوية؛ لأن القيم المادية تعالت على حساب القيم المعنوية.