رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الحزام والطريق وبريكس.. استراتيجية الصين لمقاومة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة

النبأ


تتجه الصين لتغطية الفجوة في المنتجات الغذائية الناتجة عن الصراع التجاري مع الولايات المتحدة عبر استراتيجية ثلاثية المسار. 

وتراجعت واردات الصين الغذائية من الولايات المتحدة بعد فرض الأخيرة رسوم بنسبة ١٠ بالمئة على واردات من الصين بقيمة ٢٠٠ مليار دولار يتوقع ان ترتفع الى ٢٥ بالمئة مع بداية العام الجديد, وهو ما ردت الصين عليه بالمثل. 

وقال خبراء ان الاستراتيجية تتلخص في تعزيز التصنيع، والانتاج الذاتي، وتوسيع الاستيراد من دول أخرى بدلا من الولايات المتحدة، مشيرين بشكل خاص الى الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق المقترحة من قبل الصين ودول بريكس.

تعاون بريكس
وبرز على رأس تحركات بكين الدبلوماسية لمقاومة الخلافات التجارية مع واشنطن تدعيم تعاونها مع دول بريكس التي تضم إلى جانبها كل من البرازيل وروسيا والهند وجنوب افريقيا.

وذلك بعد ان حضر وزير الخارجية وانغ يي اجتماعا لوزراء خارجية بريكس يوم الخميس في نيويورك وشدد على أهمية التعاون متعدد الاطراف. 

ورد وزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند وجنوب افريقيا على اقتراح وانغ خلال الاجتماع وتعهدوا بدعم التعددية وحماية القانون الدولي والقواعد ودفع العولمة نحو تنمية أكثر توازنا وعدلا وشمولية.

كما دعا وانغ دول بريكس إلى الوقوف معا حول القضايا الرئيسية وحماية المصالح الإنمائية المشروعة للأسواق الناشئة بما فيها دول بريكس. 

وذكر الخبراء ان دول بريكس يجب ان تسعى الى مزيد من الوحدة والتعاون لمقاومة الخلافات التجارية التي صنعتها الولايات المتحدة. وقال هو تشى يونغ، الباحث فى معهد العلاقات الدولية بأكاديمية شانغهاى للعلوم الاجتماعية ، "ان الاجتماع عقد فى ظل احتدام التجارة العالمية، مما يؤثر على العديد من الدول بما فيها دول بريكس. في هذه الحالة، يتعين على دول بريكس أن تتحد معا وتعزز التعاون وتواصل تعزيز العولمة". 

وقال يوان قانغ مينغ، الأستاذ في مركز البحوث الاقتصادية الدولية في جامعة تسينغهوا، إن المساعدة المتبادلة بين دول بريكس ضرورة عندما تواجه هذه الدول صراعات وقضايا تتعلق بالتجارة وأسعار الصرف.

وأضاف يوان في تصريحات صحفية أن دول بريكس يجب ان "تدرك أهمية توحدها فى الوضع الحالي وان تبذل قصارى جهدها للحفاظ على التعاون التجاري الإيجابي بين الدول الاعضاء وهو ما سيكون "مصدرا هاما للقوة في مواجهة الصراعات التجارية التى صنعتها الولايات المتحدة". 

بلغ إجمالي الناتج المحلي لبلدان بريكس في عام 2017 أكثر من 17 تريليون دولار ، وهو ما يفوق مثيله في الاتحاد الأوروبي. وانخفض حجم التجارة بين دول بريكس بنسبة 9 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية، وفقا لبنك ستاندرد. 

ودعا وانغ خلال اجتماعه مع وزراء دول بريكس أيضا الدول النامية الى توسيع تعاون "بريكس بلس".
الإنتاج والتصنيع.

وفي اتجاه اخر يمكن للصين أن تنتج ما يكفي من الحبوب بمفردها لإطعام شعبها، ولكن مع الحفاظ على أمن الإمدادات الغذائية، ستتجه أيضا إلى توسيع التعاون الزراعي مع الدول الاخرى، لا سيما البلدان والمناطق على طول طريق مبادرة الحزام والطريق.

وأشار الخبراء إلى أن الصين يمكن أن تعتمد بالكامل على الإنتاج الذاتي للمحاصيل الرئيسية، لكن بالنسبة لبعض المنتجات الزراعية سيكون من الجيد الحصول على المزيد من مصادر الواردات في حالة حدوث أي تغيرات كبيرة في الوضع التجاري. 
 
وقال هان تشانغ بو، وزير الزراعة الصيني، إنه "متأكد" من أن الصين ستحصد محصولا جيدا من الحبوب هذا العام. وقال هان إنه في أعقاب زيادة المساحة المخصصة لزراعة الحبوب في الصين، من المرجح أن تنتج البلاد أكثر من 600 مليون طن من الحبوب هذا العام ، وهو رقم مرتفع بالمعايير الدولية ومستوى احتفظت به الصين على مدى ست سنوات متتالية. 

وبالنسبة للأغذية الأساسية مثل القمح والأرز يتجاوز العرض الحالي للصين الطلب، مما يعني أنه بالإمكان الاعتماد كليًا على الإنتاج الذاتي للإمدادات المحلية.

لكن هناك حاجة إلى المزيد من المصادر المطلوبة في الوقت الذي يؤثر فيه الاتجاه المتزايد للحمائية التجارية العالمية على تجارة المنتجات الزراعية بين الصين والبلدان الأجنبية. فقد أدى النزاع على سبيل المثال إلى انخفاض واردات فول الصويا من الولايات المتحدة إلى الصين في الأشهر الأخيرة.

ولم تكن هناك أي طلبات جديدة من المشترين المحليين لشراء فول الصويا من الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة. وقد تتوقف تجارة فول الصويا الصينية-الأمريكية تماما إذا ازداد النزاع التجاري سوءًا. 

ويقول الخبراء انه لا يزال من الصعب على الصين الاعتماد كليا على إمدادات فول الصويا المحلية بسبب القيود الجغرافية، بالتالي يتعين على البلاد مضاعفة مصادر استيراد فول الصويا لتعويض انخفاض العرض من الولايات المتحدة. 

وتعد روسيا وافريقيا مصادر بديلة جيدة، وفقا للخبراء، مشيرين إلى أن " مع إقامة الصين علاقات تجارية مع مصادر فول الصويا الرئيسية مثل البرازيل وسعيها بنشاط إلى شركاء جدد، فإن النزاع التجاري الأمريكي لن يمثل قضية كبيرة بالنسبة لها".

وتحاول دول اخرى الحصول على حصة من السوق الزراعية الصينية من خلال زيادة صادراتها الزراعية إلى الصين. على سبيل المثال، تتنافس الهند الآن مع باكستان ، وهي مصدر تقليدي للأرز في الصين، للحصول على حصة أكبر في سوق الأرز في الصين، وفقا لتقارير إعلامية.

وبينما تسعى الصين للحصول على المزيد من مصادر الاستيراد، إلا أن الخبراء حذروا من أن الصين يجب أن تتحكم في حجم الواردات ، خاصة بالنسبة لبعض المحاصيل التي تستطيع الصين إنتاجها ، وذلك لمنع زيادة العرض. من بين هذه المحاصيل الذرة والشعير. واستوردت الصين أكثر مما ينبغي في السنوات القليلة الماضية لأن المنتجات كانت أرخص في البلدان الخارجية. 

وقال ما وينفينغ، المحلل في بكين أورينت للاستشارات الزراعية، ان الحكومة يمكن أن تساعد المزارعين المحليين على زيادة الإنتاجية من خلال تعزيز التصنيع . وقال "مع التصنيع والإنتاج الضخم ، لن نشعر بالقلق إذا لم نستورد منتجات غذائية من الولايات المتحدة".