رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«5» قوانين تُشعل «الفتنة» بين الأزهر والبرلمان خلال أيام

الطيب - أرشيفية
الطيب - أرشيفية


قبل بدء دور الانعقاد الرابع للبرلمان بأيام، برز مجددًا «الصراع الخفي» بين الأزهر ونواب البرلمان، الذين أعلن عدد منهم الدخول في معركة جديدة مع الأزهر، عن طريق تقديم مشروعات قوانين جديدة تخص مجال الدعوة وبعض القوانين الاجتماعية وممارسة حرية الرأي والتعبير.


في حين يرى الأزهر أنه هو الوحيد صاحب الفصل في الموافقة على تلك القوانين من عدمه، وفقًا لنص المادة السابعة من الدستور والتي نصت على: «الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء».


الخلاف بين الأزهر والبرلمان ليس وليد اللحظة؛ لاسيما أن الفترات الماضية شهدت جدلًا واسعًا بين الطرفين كانت ذروته عندما هدد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بالاستقالة اعتراضًا على مشروع قانون تقدم به النائب محمد أبو حامد يطالب خلاله بتعديل طريقة اختيار شيخ الأزهر، وانتخاب أعضاء هيئة كبار العلماء.


ومجددًا أعلن عدد من النواب الدخول في صدام جديد مرتقب مع الأزهر، ومن جانبها استعدت مشيخة الأزهر جيدا لبدء الصراع مع مجلس النواب، حول مشروعات القوانين المتعلقة بالشأن الديني والاجتماعي، وكلف «الطيب» اللجنة القانونية بالمشيخة بإعداد الردود القانونية على تلك القوانين التى يرى كثيرون أنها ستكون سببًا في احتدام الصدام بين المشيخة ومجلس النواب.


ازدراء الأديان

أول مشروعات القوانين التى ستثير جدًلا هو «ازدراء الأديان»، وعلى الرغم من أن الحكومة، رفضت سابقًا، مقترح إلغاء مادة ازدراء الأديان من قانون العقوبات، والذي تقدم به عدد من النواب منذ نحو سنتين، إلا أن محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب، أعاد الجدل حوله، بعد أن أعلن عن تقدمه بطلب لمناقشته خلال دور الانعقاد القادم.


«أبو حامد» عضو لجنة التضامن الاجتماعي بالبرلمان، قال إنه سيتقدم بطلب إلى الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، لمناقشة مشروع قانون تجريم الحض على الكراهية والتمييز، الذي تقدم به في دور الانعقاد الماضي بمجلس النواب.


وأضاف أنه سيطالب بإلغاء مادة ازدراء الأديان بقانون العقوبات، لأنها «موجودة لمحاربة الفكر المستنير ومحاربة المفكرين في مصر».


وكشفت مصادر داخل الأزهر الشريف عن التمسك بعقوبة ازدراء الأديان، لكونها الأداء لمطاردة كل من يتطاول على ثوابت الدين والعقائد الدينية المختلفة، وأن إلغاءها سيكون سببا في زيادة الملحدين في مصر؛ بسبب طرح الأفكار الهادمة و«الشاذة» من قبل مروجي التيار العلماني.


في الوقت نفسه، قال الدكتور أسامة العبد، رئيس لجنة الشئون الدينية بـ«مجلس النواب»، إن «القانون الحالي لا يحتاج إلى زيادة أو إضافة جديدة، ومن الواجب على الجميع، الابتعاد عن الفتن في داخل الوطن، ما ظهر منها وما بطن».


وأضاف رئيس جامعة الأزهر سابقًا، أنه «لا يجوز أن يعتدي دين على آخر، وكذلك لا يجوز أن يجور شخص على آخر، مهما اختلفت أديانهم واعتقاداتهم وأجناسهم».


وأشار إلى أن «الأساس هو الكرامة الإنسانية، وقد نصت الأديان وكذلك دساتير وقوانين الدولة، على حمايته، وأنه لا يجوز الاعتداء عليها، وبالتالي لا حاجة للدولة لمثل هذه القوانين».


وكان عدد من النواب تقدموا سابقًا، بإلغاء مادة ازدراء الأديان من قانون العقوبات، إلا أن الحكومة عبر ممثل وزارة العدل، أكدت ضرورة تواجد المادة باعتبار أن جريمة ازدراء الأديان تتطلب ركنًا ماديًا هو الترويج لفكر متطرف، وركنًا معنويًا.


قانون الزواج العرفي

أما ثاني القوانين التي ستشهد صراعًا بين الأزهر ونواب البرلمان هو مقترح القانون الذي تقدمت به الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، ويطالب مشروع قانون بحبس المتزوج عرفيًا سنة مع توجيه اللوم للزوجة.


المشروع الجديد يتعارض مع رأى الأزهر في الزواج العرفي، ويرى عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء وعلى رأسهم الدكتور على جمعة، أن الزواج العرفي حلال طالما توفر فيه شرط الإعلان والقبول بين الطرفين، كما يرى الدكتور أحمد الطيب أن الزواج العرفي هو ما ليس موثقًا لكن توفرت فيه أركان وشروط الزواج الصحيحة من ولي وشاهدي عدل وصيغة ومهر، فهذا الزواج بهذه الصورة لا يمكن أن يكون حرامًا، بل بالعكس هو الصورة الصحيحة لزواج المسلمين من أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى العهد القريب الذي ظهرت فيه الأحوال الشخصية والتسجيل حيث لم يكن هناك توثيق أو قسيمة زواج، وإنما ظهر التوثيق لما خربت الذمم وأصبح الرجل بإمكانه أن يتزوج امرأة زواجًا شرعيًّا وتلد منه ثم يتنكر لهذا الزواج أو يهرب من الزوجة ولا يعطيها حقوقها، فمست الحاجة إلى توثيقه، وبناء على ذلك فالزواج العرفي الذي اكتملت فيه شروطه الشرعية، زواج صحيح شرعًا خطأ قانونًا، لكن الزواج السري (وهو ما يسمى بالعرفي بين الشباب الآن) بين البنت والولد والذي يشهد عليه اثنان من أصدقائهما دون معرفة ولي أمر البنت فهذا زواج باطل ولا يعترف به وما يحدث بينها زنا.


قانون الأحوال الشخصية

يستعد البرلمان في بداية الدورة الرابعة لطرح قانون الأحوال الشخصية للجان العامة للتصويت عليه، وتُعد لجنة الفتوى بـ«الأزهر» الأبحاث الفقهية لتعرض على هيئة كبار العلماء، للأخذ بها فى إعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية، لسد الثغرات الموجودة في القانون الحالي، وخاصة فيما يتعلق بقضايا المهر والشبكة فى حالات «فسخ» الخطبة والطلاق والمواريث، واستضافة الصغير باعتبارها حقا أصيلا للأب وأسرته، وسن الحضانة.


وتسبب القانون في جدل كبير بين المنظمات المدنية المهتمة بالمرأة والطفل وبين المؤسسات الدينية الثلاثة، حيث قدمت كل من الأزهر والإفتاء والأوقاف تقريرًا عن رؤيتهم في التعديلات الجديدة، ويتمسك الأزهر بضرورة الأخذ بتعديلاته فقط لكونه هيئة كبار العلماء الجهة الوحيدة المنوط بها التعليق على مشروعات القوانين من الناحية الشرعية، ويرفض الأزهر بشدة البنود داخل القانون المتعلقة بمنع الطلاق الشفهي، في الوقت الذي يتمسك نواب الوفد مثلا بنص تعديلاتهم على القانون رفض الأخذ بتوصيات الأزهر.


قانون تنظيم الفتوى

انتهت اللجنة الدينية بالبرلمان من القانون بشكله النهائي على أن يطرح مع بداية الدورة البرلمانية الجديدة والمقرر بدؤها في الأول من أكتوبر المقبل، ويبدأ الصدام في تمسك اللجنة بالمادة التي سبق أن رفضها الأزهر، والمتعلقة بحق أئمة المساجد في الفتوى، واختيار مفتيها في حين يرى الأزهر أنه الجهة الوحيد في اختيار المفتين ومن له حق الفتوى وأن أئمة المساجد غير مؤهلين للفتوى، وفي حالة تمرير البرلمان القانون بشكله الحالي سيضعن عليه الأزهر من حيث الدستورية.


قانون الأزهر

من القوانين الهامة التي تشغل الفتنة بين النواب والأزهر، حيث يصر عدد من نواب البرلمان على ضرورة تعديل قانون الأزهر الشريف، وقدم نواب من اللجنة الدينية مشروع قانون يطالب بتعديل اختيار أعضاء هيئة كبار العلماء، بحيث يسمح لغير الأزهريين والشباب بالالتحاق بعضويتها.


وقال النائب محمد أبو حامد، إنه ستتم إعادة تقديم مشروع قانون تعديل قانون الأزهر، مؤكدًا موافقة أكثر من مائة نائب على مشروع القانون الجديد.


على الجانب الآخر يرفض الأزهر نهائيا تدخل البرلمان فيما يخص شئون اختيار منصب شيخ الأزهر، وأن أى قانون يصدر عن البرلمان مخالف للدستور وتحديدا المادة 7 منه.


وأكدت المصادر داخل الأزهر، أنه تم الإعلان من قبل على رفض المشروع ورغم ذلك أصرت الحكومة على تقديم المشروع للبرلمان وخالف وزير الأوقاف آراء الفقهاء في ذلك، ولكن لابد على اللجنة الدينية وفقا للمادة 7 من الدستور أخذ الرأي الفقهي في مشروع القانون من قبل هيئة كبار العلماء.


وكشفت المصادر، أنه بعد قرار الأزهر لا يجوز للبرلمان مناقشة القانون، وإلا سيكون مخالفا للدستور، وسيطعن على بطلانه.