رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أخطر «4» سيناريوهات تنتظر «الصحافة الورقية» بعد قرار «زيادة الأسعار»

الصحافة الورقية -
الصحافة الورقية - أرشيفية


تخوض الصحافة المطبوعة، خلال الفترة الحالية، «معركة طاحنة»، بعدما ارتفعت التكلفة الإنتاجية، وأصبح قرار رفع أسعار الجرائد «دواء مرًا» لا مفر منه؛ نتيجة ارتفاع الطباعة والورق بنسبة لا تقل عن 30%، في الوقت الذي تشهد فيه المؤسسات الصحفية تراجعًا مستمرًا في حجم توزيع إصداراتها.


وعقدت الهيئة الوطنية للصحافة، مؤخرًا، اجتماعًا برئاسة كرم جبر رئيس الهيئة، مع رؤساء مجالس إدارة وتحرير الصحف القومية والخاصة، انتهى بإصدار توصيات منها دراسة رفع أسعار الصحف، وأخرى لدعم الورق، ودراسة جدوى لإنشاء مصنع ورق.


وقالت الهيئة الوطنية للصحافة، إنه لم يتم حتى الآن إقرار زيادة أسعار الصحف إلا بعد انتهاء اللجنة المشكلة من دراسة مختلف الآراء التي طرحها الكُتاب والصحفيون والمعنيون بشئون المهنة بشأن الزيادة وتأثيرها على معدلات التوزيع ومدى تحقيق النتائج التي تترتب على الزيادة حال إقرارها.


وفي هذا السياق، قالت «أم أحمد»، بائعة جرائد بمنطقة الدقي، إن هذه الفترة تعد الأسوأ بالنسبة لبائعي الجرائد في مصر، حيث إنه لم يعد هناك أي إقبال على شراء الصحف مع موجات ارتفاع الأسعار المتلاحقة، مضيفة: «ليست هناك أي قدرة لتحمل أي زيادة أخرى».


وتابعت لـ«النبأ»: «على الرغم أن منطقة الدقي تعد زبائنها من الفئة الراقية؛ إلا أنها ستتأثر برفع أسعار الجرائد، على سبيل المثال زمان الزبون كان ميرضاش ياخد الباقي دلوقتى بيفضل واقف على الـ50 قرش فكة».


وأشارت إلى أن موجة الزيادة الأولى تسببت في تقليل حجم المبيعات، وجعلت عددًا كبيرًا من الزبائن يتجه إلى المواقع الإخبارية بالإنترنت خاصة الشباب، وأما كبار السن الذين اعتادوا على القراءة أصبحوا يكتفون بشراء صحيفة واحدة أو اثنتين حتى الشركات أصبحت كذلك بعدما كانوا يأتون لشراء ما لا يقل عن 7 و8 صحف يوميًا.


وواصلت: «نعمل في هذه المهنة منذ زمن طويل، فقد توارثناها عن جدودنا، ولم نشهد ما يحدث الآن، وأنا الآن عمري يتجاوز الخمسين عامًا، ولو كان سنى صغيرًا لتركت هذه المهنة».


في المقابل، قال عم سيد، بائع بمنطقة حلوان، إن الزيادة لن تؤثر كثيرًا على على معدلات الإقبال، مشيرًا إلى أن عادة شراء الجرائد لا يمكن الاستغناء عنها واصفًا إياها بالـ«المزاج مثل السيجارة».


وأضاف أن وجوه القراء التي تترد يوميًا على شراء الجرائد لم تتغير منذ عمله في هذه المهنة برغم موجة ارتفاعات الأسعار السابقة في أسعار الصحف، متابعًا «هو لما السيجارة غليت الناس بطلت؟؟ لا كانت تبتعد الناس لفترة وقت الهوجة ثم تعود مرة أخرى».


وانتقد «سيد»، اتجاه الدولة لاتخاذ قرار الرفع، متسائلًا: «لماذا لا يتم تعويض هذه الزيادة فى أسعار الورق من قيمة الإعلانات التى تفردها على صفحاتها».


من ناحيته، قال خالد عبده، نائب رئيس غرفة صناعة الطباعة باتحاد الصناعات ورئيس شركة ألفا إيجبت للمنتجات الورقية والمكتبية، إن رفع أسعار الجرائد سيؤثر بشكل سلبي على حجم توزيع الصحف.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن تكلفة الطباعة زادت بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15%، بينما ارتفع سعر الورق الخاص بالصحف بين 15 إلى 18%، مرجعًا أسباب الارتفاع إلى زيادة أسعار الكهرباء.


وأكد «عبده»، أن استهلاك الصحف للورق انخفض للنصف خلال الشهور القليلة الماضية، موضحًا أن ارتفاع أسعار الجرائد سيؤدي إلى انخفاض جديد في أعداد الورق المستخدم في الجرائد.


وأوضح نائب رئيس غرفة صناعة الطباعة، أن مشكلة مهنة الصحافة الانهيار وسط الوسائل المنافسة، من الإنترنت والفضائيات، قائلًا: «التكلفة الإنتاجية للجرائد لن تزيد حجم التوزيع أو تقللها».


وبدوره، قال الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقًا، وعضو المجمع العلمي المصري، إن رفع أسعار الجرائد ليس حلًا لأزمة زيادة التكلفة الإنتاجية، لاسيما أن مستوى قراءة الصحف في انخفاض مستمر.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن السبب الأساسي في انخفاض نسبة مبيعات الصحف هو الإعلام الجديد من شبكات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية للصحف، لافتًا إلى أن ذلك جعل فئات كبيرة من الجمهور وخاصة الشباب يعزف عن قراءة الصحف.


وأوضح «مكاوي»، أن هناك ظروفًا اجتماعية واقتصادية تصعب عمليات شراء الصحف بشكل منتظم ويومي، مع توقعات زيادة الأسعار خلال الفترة المقبلة.


وطالب الدولة، بتزويد الصحف الحزبية والخاصة والقومية بالورق اللازم لطباعة والوقوف بجانب المهنة التي سوف تنهار، قائلًا: «يجب على الدولة دعم الصحف مثل دعم رغيف الخبز، فهي غذاء العقل».


وتابع: «رفع أسعار الجرائد يعنى مزيدًا من انخفاض القوى الشرائية للمواطنين، وهو ما يؤدي إلى غلق العديد من أبواب الصحف، وتسريح عمالة، بالإضافة إلى انحدار الصحافة بشكل عام على المدى البعيد فهو وضع مهدد جدًا للمهنة».


وأكد عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقًا، أن القائمين على دراسة القرار يجب عليهم النظر إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي وما تمر به الصحف حاليًا، مضيفًا: «القرار لن يؤثر فقط على حجم توزيع الصحف وأرباحهم بل سيصل إلى بائعي الجرائد أيضًا».


وذكر أن هناك إحصائيات حالية تؤكد أن جميع الصحف مجتمعة «القومية والخاصة والحزبية»، توزع ربع مليون نسخة يومية بعد أن كانت الصحيفة الواحدة منهم يصل توزيعها إلى مليون نسخة يوميًا، متوقعًا بعد ارتفاع أسعار الجرائد يصل حجم توزيع جميع الصحف إلى 100 ألف نسخة يومية.


وأكد عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن قرار رفع أسعار الصحف سيدمر الصحافة المطبوعة، مشيرا إلى أن الأزمة في الأساس تعود إلى طبيعة المحتوى الذي يتم تقديمه.


وقال «بدر» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، إن القرار يأتي في الوقت الذي تعاني فيه الصحف تراجعًا في التوزيع في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة الحالية، لافتًا إلى أن هناك إحصائية رسمية توضح أن مجموع توزيع الصحف الرسمية بمختلف اتجاهاتها لا يزيد عن الـ300 ألف نسخة.


وأضاف عضو نقابة الصحفيين، أن الزيادة تأتي في ظل عدم تنوع وجودة المضامين والسياسة التحريرية، لكل جريدة، فهي لا تعبر عن طموحات الناس ومشاكلهم، متابعًا: «لذا ستدخل الصحافة المطبوعة محنة أشد من الأزمة الحالية».


وأشار إلى أنه لا يمكن تحميل المعلنين تكلفة زيادة مستلزمات الطباعة، مضيفًا أن الإعلانات نفسها متراجعة، ولم يعد حجمها كما كان في السابق، فكثير من الصحف تقوم بعمل خصومات على الإعلانات لتشجيع المعلن على الإقبال.


وتابع: «الحل الحقيقي لبقاء الصحافة المطبوعة على قيد الحياة لا يتعلق بالأسعار، ولكن يتعلق بالمحتوى الذي يتم تقديمه، ونوعية الموضوعات»، مشيرًا إلى أن الصحافة الإلكترونية والفضائيات موجودة بالعالم كله.