رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار الضغوط الخارجية على مصر لتأسيس «معسكرات للمهاجرين» فى مصر

لاجئون
لاجئون


من جديد يعود الحديث عن أزمة المهاجرين غير الشرعيين لدول الاتحاد الأوروبي، وهى الأزمة التي ترهق الكثير من بلدان أوروبا اقتصاديًا وعلى رأسها دولة إيطاليا.


ومؤخرًا عاد الحديث عن المقترح الأوروبي بعمل مركز دولي في مصر للراغبين للهجرة غير الشرعية لدول أوروبا، حيث اقترح رئيس وزراء مالطا، جوزيف موسكات، توجيه المهاجرين غير الشرعيين إلى مصر وتونس، عبر إنشاء مراكز استقبال للراغبين في اللجوء لأوروبا، مقابل منح مزايا اقتصادية للبلدين.


وقال "موسكات": "يجب علينا إقناع دول مثل مصر وتونس بمساعدتنا، من خلال منحهم مزايا اقتصادية جاذبة مثل إمكانية الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي".


وأضاف موسكات: "يحزنني أن أتحدث عن إيطاليا حليفتنا وجارتنا بهذه الطريقة، ولكن تصريحات الجانب الإيطالي بشأن قطع التمويل عن الاتحاد الأوروبي، تهدد الاستقرار الاقتصادي".


وأكمل: "لا أستطيع أن أدع الناس يغرقون، وأضحك عندما أسمع أنني يجب أن أقوم بخلاف ذلك. ما نوع القيم التي يتبنوها؟ موقفهم يتعارض مع القيم الدينية والديمقراطية والاجتماعية".


ويرى موسكات أن مالطا تتصرف كنموذج بالنسبة للدول الأوروبية الأخرى، بشأن كيفية التعامل مع أوضاع المهاجرين".


الغريب في تصريحات رئيس وزراء مالطا هو حديثه عن ضرورة إقناع مصر بهذا المقترح مع تقديم إغراءات مالية؛ لحثها على القبول.


وسمحت مالطا منتصف أغسطس الجاري، برسو السفينة "اكواريوس" والتي تقل 141 مهاجرا تم إنقاذهم قبالة سواحل ليبيا، بعد رفض إيطاليا استقبالهم. وظلت "أكواريوس" عالقة لأسبوع في البحر خلال يونيو الماضي، بعد رفض روما استقبالها.


فى أول أزمة اللاجئين عام 2016 دعت فرنسا وألمانيا لإقامة مراكز لاستقبال اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين فى دول البحر المتوسط مثل ليبيا وتونس ومصر التى ينطلق منها هؤلاء فى رحلاتهم الخطيرة نحو أوروبا.


وتوصل الجهاز التنفيذي الأوروبي إلى قرارات في القمة الأوروبية الأخيرة يونيو الماضي إلى حلول بشأن الهجرة، من بينها إنشاء مراكز مراقبة على أراضي الدول الأعضاء، ومراكز إنزال للمهاجرين في الخارج.


والهدف من فكرة منصات الإنزال، وفق المقاربات الأوروبية، هو تأمين “مكان آمن” خارج حدود الاتحاد الأوروبي لتجميع المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في مياه المتوسط.


رغم تراجع أعداد المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط نحو إيطاليا ومالطا إلا أن عصابات تهريب البشر النشيطة لا تتوقف عن محاولاتها ولا يزال تيار المهاجرين يتدفق على السواحل الإيطالية تحديدا، فضلا عن عشرات ومئات الضحايا الذين يموتون غرقا كل يوم.. كما ترصد منظمات حقوقية دولية.


ووفقًا لمعلومات الحكومة الألمانية فإنه خلال الفترة من 2015 وحتى 2017 بلغ عدد الذين سلكوا هذه الطرق البحرية الخطرة انطلاقا من السواحل المصرية نحو إيطاليا نحو 24 ألف شخص، ما دفع الحكومة الألمانية فى أغسطس الماضى لتوقيع اتفاقية للتعاون فى مجال الهجرة مع مصر، تهدف أساسا لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتصدى لعصابات التهريب انطلاقا من الشواطئ المصرية وإعادة المصريين الذين سلكوا طريق الهجرة بشكل غير قانونى إلى ألمانيا، التى يتوجه لها معظم المهاجرين غير الشرعيين بعد وصولهم البر الأوروبي.


وكانت الحكومة المصرية أعلنت مطلع الشهر الجاري إعداد 14 برنامجًا توعويًا بتكلفة 48 مليون جنيه، للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي شهدت معدلات زيادة خلال الفترة الأخيرة.


ويتخذ الكثير من سماسرة الهجرة غير الشرعية ليبيا كمحطة عبور للمهاجرين عبر البحر المتوسط إلى السواحل الجنوبية لأوروبا، مستغلين حالة الفوضى الأمنية التي تعيشها ليبيا في الفترة الأخيرة، وقرب السواحل الليبية من سواحل إيطاليا.


على الجانب الآخر فقد أعلنت مصر، رفضها إقامة منصات إنزال أو استقبال للمهاجرين غير الشرعيين على أراضيها، ردًا على تجدد المقترح الأوروبي بشأن إقامة مراكز استقبال للمهاجرين الراغبين في العبور إلى أوروبا من خلال ليبيا.


وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد إن بلاده ترفض إقامة منصات إنزال أو مراكز احتجاز للمهاجرين على أراضيها، لافتًا إلى أنّ مصر تحمّلت أعباء مئات الآلاف من اللاجئين على أراضيها.


وأكد «أبو زيد»، أن المقاربة المصرية في قضية تدفقات الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط تتمثل في تقديم حلول تنموية، سواء في دول المنبع أو المعبر، بالإضافة إلى برامج تنموية وتوعوية للحد من الظاهرة.


وأضاف أن كافة اللقاءات التي أجراها الوزير سامح شكري مع “الشركاء” الأوروبيين أكدت على ضرورة اعتماد الحلول التنموية لجذور المشكلة، مع تقوية قدرات دول الجوار الليبي.


من جانبه قال السفير صلاح فهمي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هناك اهتمامًا غربيًا وخاصة من دول مثل ألمانيا والاتحاد الأوروبى عموما بمصر فيما يتعلق بقضية المهاجرين؛ ويرجع ذلك من كونها أصبحت فى السنوات الأخيرة دولة "عبور" للمهاجرين من شرق إفريقيا ودول شرق أوسطية و"منشأ" لهجرة العديد من المصريين. فوفقا لتقديرات الإتحاد الأوروبى، كان عدد المهاجرين المصريين غير الشرعيين إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط 2634 فى 2016، وبذلك أصبح المصريون ضمن الجنسيات العشر الأوائل الذين يعبرون إلى أوروبا عبر هذا الطريق، كما يشكل الأطفال القصر نحو 60% من هذا العدد، وبذلك تأتى مصر، وفقا لإحصائيات الاتحاد الأوروبى، فى المركز الثانى بعد إريتريا بشأن عدد المهاجرين القصر الذين يصلون إلى إيطاليا، ويرى الاتحاد الأوروبى أن عدد المهاجرين المصريين مرشح للزيادة بسبب الأوضاع الاقتصادية.


وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن اهتمام الإتحاد الأوروبى بدول شمال إفريقيا، مثل مصر وتونس، كمعبر للهجرة عن طريق وسط البحر المتوسط يرجع إلى انحسار الهجرة عن طريق تركيا وبحر إيجة -وهو كان طريق العبور الأساسى خلال أزمة اللاجئين السوريين فى 2015.


وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يريد توقيع اتفاق مع مصر، ينص على تمويل الاتحاد الأوروبى لإنشاء مخيمات إيواء للمهاجرين في مصر، وينص الاتفاق كذلك على أن يبقى المهاجرين فى المخيمات- بعضها قائم بالفعل- "لحين ترحيلهم أو موافقتهم طواعية على العودة إلى بلادهم".


وستوفر إيطاليا، وهى نقطة الوصول الأولى للنازحين، التدريب للعاملين بالمخيمات إلى جانب الإمدادات الطبية والأدوية للمهاجرين. على أن تستفاد مصر من العديد من الامتيازات التي سيوفرها الاتحاد الأوروبي لها ومنها تبسيط إجراءات الحصول على تأشيرة "شنجن" للسفر إلى دول الإتحاد وزيادة المساعدات الاقتصادية فى مقابل التعاون بدرجة أكبر فى الحد من النازحين نحو أوروبا. حيث ستحصل مصر على مساعدات مالية كبيرة غير قابلة للرد على سبيل الدعم وخاصة من دول ألمانيا وإيطاليا ومالطة.


وأكد السفير صلاح فهمي، أن العرض الأوروبي تكرر أكثر من مرة، وقام المفوض الأوروبي بزيارة لمصر وتونس لتقديم العديد من الامتيازات لهم، والتي كان أخرها في شهر فبراير الماضي، فهناك سعي أوروبا، وألمانيا بصفة خاصة، لإقامة معسكرات فى دول شمال إفريقيا لاستقبال النازحين الذين يتم طردهم من أوروبا أو اعتراضهم فى البحر، على غرار الاتفاق مع ليبيا، حيث ترى تلك الدول أنه لا مفر من ذلك وعلى مصر الاستجابة للمطالب الأوروبية مقابل الإغراءات المالية. حتى لو وصل الأمر لفتح شراكة استثمارية داخل مصر.


ويرى الدكتور محمد كمال أستاذ القانون الدولي، أن مصر ترفض بشدة فكرة إقامة مخيمات للاجئين، حيث إن هذا المقترح يعنى عمليا ترحيل المشكلة إلى دول شمال إفريقيا، دون إيجاد حل لها. وقد أكدت القاهرة إن الحل هو زيادة الاستثمارات والمساعدات الأوروبية لدول جنوب المتوسط وإفريقيا لخلق فرص عمل للشباب فى بلادهم، بما يثنيهم عن السعى للسفر إلى أوروبا. كما ترى مصر أن الدعم الأوربي نظير تنفيذ مصلحتها لن يدوم في حالة تغير الوضع السياسي بين مصر وبعض الدول الأوروبية.


وقال إن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع إجبار مصر على تنفيذ مطالبة تحت أى تهديد، حيث تضمن القانون والمواثيق الدولية حق السيادة للدول في اتخاذ قراراتها.


وأكد الدكتور محمد كمال، أن ألمانيا ستلجأ خلال الفترة المقبلة لتوقيع بعض الاتفاقيات الثنائية بخصوص محاربة الهجرة الغير شرعية بشكل يضمن ضمان قلة الأزمة.


وأكد أستاذ القانون الدولى أن تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا وعدم قدرة حكومة الوفاق الوطني على تنفيذ اتفاقية الاتحاد الأوروبي بشأن إنشاء مخيمات للاجئين كان سببا مباشرًا في طرح الفكرة على مصر في الوقت الحالي.