رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

جامعة الأزهر تحارب الإخوان والسلفيين بـ«الكتاب الموحد»

جامعة الأزهر
جامعة الأزهر


تشهد جامعة الأزهر حالة من الجدل خلال الفترة الماضية، حول مقترح لمجلس الجامعة، بتوحيد الكتاب الجامعي للكليات المناظرة (المتشابه). وأعضاء هيئة تدريس، منقسمون إلى ثلاثة فرق؛ الأول: يرفض المقترح ويرى أنه يقتل الإبداع ويحتكر التأليف، وفريق مؤيد للمقترح، وآخر يجد "الكتاب الموحد" صالحًا لبعض الكليات ولا يصلح لكليات أخرى، فيما هدد رافضو المقترح باللجوء للقضاء لوقفه.


وأكدت جامعة الأزهر، في مجلسها الأخير، أن العمل جارٍ على أن يكون هناك كتاب موحد يدرّس على جميع الأقسام المناظرة في مختلف كليات الجامعة، وذلك ضمانا للحيادية وتكافؤ الفرص، إضافة لظهور الكتاب الجامعي بشكل يعبِّر عن تعاون وتكامل أكثر من أستاذ في إعداده ومراجعته، حسب نص بيان مجلس الجامعة.


رأت الجامعة في تجربة تطبيق الكتاب الموحد، محاولة للسيطرة على كل الأفكار التى تطرح بالمناهج للحد من انتشار الأفكار المتطرفة.


وفكرة الكتاب الموحد تأتي في إطار خطة الدولة لمواجهة أعضاء هيئة التدريس الإخوان وأنصارهم أيضا السلفيين منهم، بحيث يتم وضع مؤلفاتهم تحت المراقبة، وضمان عدم نشر الأفكار والفتاوى الشاذة داخل كتبهم، في إطار خطة الدولة والأزهر لتجديد الخطاب الديني، حيث من المقرر تحول الجامعة مثل المعاهد الأزهرية بفرض كتب موحدة على المراحل الجامعية الدراسية.


وكشفت مصادر داخل جامعة الأزهر، أن إدارة الجامعة كلفت رؤساء الأقسام على مستوى كل الكليات النظرية، للوصول إلى جميع المقررات الدراسية، والعمل على إعداد مقرر دراسى واحد شامل لكل الأطروحات.


وأضافت المصادر، أنه بالفعل تقدم قطاع عريض من أساتذة جامعة الأزهر بمؤلفاتهم إلى رؤساء الأقسام، لمناقشة المحتوى والوصول من خلال تلك المؤلفات إلى مؤلف واحد لكل مادة، تتم مراجعته من كبار أساتذة المادة بالأزهر الشريف، ثم تقوم الجامعة بطباعة الكتاب كمقرر دراسى للعام المقبل، بمعنى أن الذى يدرس فى جامعة الأزهر بالقاهرة يدرس فى غيرها من الفروع سواء الوجه البحرى والقبلى وتوزيعه على الطلاب بالمجان، ومنح مكافأة مالية لأعضاء هيئة التدريس المكلفين بوضع المقرر الدراسى لكل مادة.


وأشارت المصادر إلى أنه جار العمل على طباعة بعض المقررات الدراسية كمادة الفقه والأحوال الشخصية للمسلمين، مؤكدين أن الجامعة لجأت إلى تفعيل التجربة بناء على توجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، كمحاولة للسيطرة على كل الأفكار التى تطرح بالمناهج للحد من انتشار الأفكار المتطرفة، خصوصا أن الجامعة شهدت بعض الأطروحات المتشددة فى مناهج الأزهر.


وكشفت المصادر أيضا، أن قرار «الكتاب الموحد» جاء تنفيذًا لطلبات الهيئة القومية لضمان جودة التعليم، وذلك بعد عدم تمكن عدد من الكليات الحصول على شهادة الجودة بسبب المناهج، حيث قامت الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد بوضع معايير قومية أكاديمية مرجعية للقطاعات المختلفة، مثل قطاع الطب والصيدلة والهندسة والتربية، وهذا ينطبق على التعليم الأزهري وغيره، ثم وضعت معايير أكاديمية للقطاعات التي تنفرد بها جامعة الأزهر، مثل: المعايير القومية الأكاديمية لقطاع أصول الدين والدعوة، ومعايير قطاع الشريعة الإسلامية والشريعة والقانون، واللغة العربية، وقطاع القرآن الكريم للقراءات وعلومها.


من جانبه كشف الدكتور يوسف عامر، نائب رئيس جامعة الأزهر لشئون الطلاب والتعليم، أن مشروع الكتاب الموحد سيكون عبارة عن محتوى واحد يدرس فى الكليات والشعب المناظرة، بمعنى أننا لدينا كلية اللغة العربية فى القاهرة ويوجد أيضا كلية اللغة العربية فى الأقاليم ويوجد أيضا شعب خاصة لغة عربية فى كليات الدراسات الإسلامية، والشهادة العلمية التى تمنحها الجامعة للغة العربية هى شهادة واحدة، وبالتالى يجب أن يكون هناك محتوى واحد يدرس لكل من هو فى كلية اللغة العربية ونفس الوضع بأن يكون هناك محتوى واحد يدرس فى مادة الشريعة وكذلك فى أصول الدين، وكذلك فى التجارة وكلية الطب أيضا لأن جامعة الأزهر هى جامعة واحدة وتمنح شهادة واحدة.


وأضاف «عامر»، أنه من المتوقع تطبيقه خلال العام الدراسى القادم إذا انتهينا من تأليف الكتب، وتم الانتهاء من المرحلة الثالثة وما زلنا فى مرحلة الحوار والإعداد.


وأوضح «عامر» أنه فيما يتعلق بالكليات المستحدثة، فإنه في إطار تطوير المناهج، نعمل على تطوير المقررات الشرعية وخاصة فى الكليات المستحدثة، وعلى سبيل المثال فإن مقررات الفقه والعقيدة والحديث والتفسير والسيرة النبوية يجب أن تخدم الكليات التى تُدرس فيها مثل الطب والعلوم والهندسة والزراعة والصيدلة والتربية الرياضية، فهناك موضوعات يجب أن يدرسها الطالب عند دراسته لهذه الكليات مثل «المعاملات المالية والبنوك» لكليات التجارة، و«عمليات التجميل وزراعة الأعضاء» لكليات الطب.


وأشار إلى أن مشروع الكتاب الموحد لا يتعارض مع قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 72، ولا ينزع اختصاصات مجلس القسم الموضحة في المادة 140 من قانون 103 لسنة 1961م الخاص بتنظيم الأزهر، والهيئات التي يشملها.


على الجانب الآخر، فقد رفض نادي أعضاء هيئة التدريس بـ«جامعة الأزهر» فكرة تطبيق الكتاب الموحد بشكل عام، حيث قال الدكتور حسين عويضة رئيس نادي أعضاء هيئة تدريس الأزهر: "المقترح له شقين، الأول الكليات الشرعية، منها كلية الشريعة والدعوة الإسلامية وغيرها، وهناك نؤيد الكتاب الموحد، لأن هناك أساتذة يقومون بتدريس رؤى فقهية لا تناسب الجامعة ووسطية الأزهر، فالكتاب الموحد سيٌوضع في إطار الرؤية الأزهرية الوسطية ويكون تحت إشراف الجامعة".


وأضاف عويضة، "الشق الثاني، وهو الكليات العملية منها كلية الطب والهندسة والزراعة وغيرها، فلا يمكن تطبيق الكتاب الموحد لأن العلم في هذه المجالات لحظي وهناك تطوير وتجديد بالمجال ولا يمكن ربط التعليم فيها في فترة زمنية محددة، وهنا يتحول الأستاذ والطالب لملقن وليس مبتكرًا".


فى المقابل، أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن فكرة الكتاب الموحد لها الكثير من الإيجابية، وتصب في صالح قضية تجديد الفكر والخطاب الدينى،وخاصة في مناهج العلوم الشرعية بالكليات الشرعية بالأزهر، خاصة وأن الجامعة ينتشر بها العديد من الكتب المتشددة والتي تحتوي على آراء وفتاوى شاذة كانت سببا مباشرة في تأخر ملف تجديد الكتاب الديني ودعم الجماعات المتطرفة.


وبالتالى ليس كل دكتور يضع مؤلف دراسيا، وهذا بمثابة أمر يخلق حالة من تكافؤ الفرص للطلاب من خلال أن الجميع يدرس مقررًا دراسيًا يحمل خبرات الأساتذة الكبار، وبالتالى سنتمكن من محاصرة الأفكار المتطرفة.


وتابع: أن تجربة الكتاب الموحد فرصة لوضع منهج الأزهر المعتدل القائم على الوسطية وبالتالي خلق جيل متنور من الطلاب، فقد سبق للشيخ سيد طنطاوى رحمة الله عليه أن طبق تلك التجربة فى المعاهد الأزهرية"، نافيًا أن تكون تلك التجربة تجميدًا للفكر أو تكميمًا للأفواه بل محاولة قوية لتطوير الفكر بضبط المقررات الدراسية التى تشكل وجدان وسلوك الطالب، ومعالجة بعض الأمور فى التراث التى قد يفهم منها أشياء تؤدى إلى العنف.


من جانبه قال الدكتور عبد الغني سعد، أستاذ الفقة بجامعة الأزهر، إن مقترح توحيد الكتاب الأزهري غير صائب، "فلا يوجد في التعليم الجامعي ما يسمى بالكتاب الموحد، ونتائجه تقتل روح الإبداع والفكر والابتكار لدى الأساتذة الجامعيين، وسيتخرج جيل من الطلاب ليس لديه روح الإبداع وسيكونون على وتيرة واحدة من المستوى الفكري.


وأضاف أن الكتاب الموحد يتنافى مع الحياة الجامعية والدراسة بالجامعة، التي هدفها التنوير الفكري، وستتحول الجامعة مثل المعاهد الأزهرية تقوم على التلقين والحفظ، وفي حالة تنفيذ هذا القرار سيصبح الأستاذ الجامعي مثل معلم المدرسة ملتزمًا بمقرر محدد، ولا يستطيع إخراج إمكانياته، كما أن الكتاب الموحد سيقوم بتاليف ناس متفقين عليهم وبالتالي حرمان الكثير من أعضاء التدريس من حرية التأليف والابتكار.


وأوضح، أن الأهم من كل ذلك أن مناهج الكليات الشرعية تقوم على تنوع الآراء المذهبية حتى يكون أمام الدعاية والباحث الإسلامي جميع الآراء عند الفتوى، في حين أن الكتاب الموحد يقضي على هذا الأمر بفرض آراء معينة فقط ما سوف يخلق "عالم ودعاة حافظين وليس فاهمين لأمور دينهم"، وهو ما يصب في صالح الجماعات المتطرفة وليس في صالح تجديد الخطاب الديني.