رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالأرقام.. أكبر «10» تجارب دولية وعربية فى استثمار «الصناديق السيادية»

الصناديق الخاصة
الصناديق الخاصة


بإعلان الحكومة إنشاء «صندوق سيادى» برأس مال مرخص به بقيمة 200 مليار جنيه، دخلت مصر عصر الصناديق السيادية، والتى تضم «5» مليارات جنيه رأس مال مدفوع لإدارة أصول الدولة، وتحقيق الاستغلال الأمثل لها.



وأكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، أن إنشاء الصندوق السيادى يؤدى إلى تعظيم القيمة المضافة فى القطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال الشراكة مع شركات ومؤسسات عالمية، إضافة لمكاسب اقتصادية مباشرة، كزيادة الاستثمار والتشغيل والاستغلال الأمثل لأصول وموارد الدولة إلى جانب تعظيم قيمة المشروعات العامة القائمة وتحسين البنية التحتية وإعطاء دفعة قوية للتمويل من أجل التنمية فى إطار «رؤية مصر 2030».


وأوضحت الوزيرة أن أهداف الصندوق تتمثل فى المساهمة فى التنمية المستدامة والاستخدام الأمثل للموارد العامة ورفع كفاءة البنية التحتية بكل مكوناتها، فضلًا عن تحفيز الاستثمار الخاص والتعاون مع الصناديق السيادية العربية والأجنبية والمؤسسات المالية فى تحقيق خطط الدولة للتنمية الاقتصادية وحفظ حق الأجيال القادمة فى الثروات والموارد الطبيعية، وأنه سعيا للوصول إلى التوازن بين سرعة اتخاذ القرار وصحته للحفاظ على المال المملوك للدولة، تم اقتراح عدة لجان بالصندوق أهمها «الاستثمار والحوكمة والمراجعة الداخلية والمخاطر والاستحقاقات» على غرار الصناديق السيادية الأخرى التى تمت دراستها وتم ترك تشكيل وتحديد اختصاصات تلك اللجان للنظام الأساسى للصندوق.


ووفقًا لإحصائيات المؤسسات الدولية عام 2017، فإن أعلى الصناديق السيادية في العالم هي كالتالي:


المركز الأول: صندوق الضمان الاجتماعي «المعاش الوطنى» في الولايات المتحدة وبه نحو 3 تريليون دولار.


المركز الثانى: الصندوق الحكومى "المعاش الوطنى" فى اليابان به 1.3 تريليون دولار.


المركز الثالث: صندوق النرويج بـ 954 مليار دولار وهو صندوق ثروة سيادى.


المركز الرابع: صندوق أبو ظبى بـ828 مليار دولار.


المركز الخامس: صندوق الصين بـ813.5 مليار دولار.


المركز السادس: صندوق الكويت بـ524 مليار دولار.


المركز السابع: الصندوق السعودى بـ515.9 مليار دولار.


المركز الثامن: صندوق كوريا الجنوبية بـ507.5 مليار دولار وهو صندوق معاش وطنى.


المركز التاسع: صندوق هونج كونج بـ500 مليار دولار.


المركز العاشر: صندوق التقاعد بأمريكا بـ483.8 مليار دولار وهو صندوق "معاش وطنى".


ووفقًا للأرقام لعام 2016، فقد أصدر معهد "SWFI" المتخصص برصد حركة صناديق الثروة السيادية، دراسة نشرها في فبراير من هذا العام يظهر فيها مقدار ما تحويه الصناديق السيادية للدول في العالم.


واحتل المركز الأول عالميا الصندوق السيادي للنرويج بأصول قيمتها 824.9 مليار دولار، بينما حجز صندوق الاستثمار التابع لحكومة أبوظبي، الذي بدأ نشاطه عام 1976، المركز الأول عربيا والثاني عالميا بأصول تبلغ قيمتها 773 مليار دولار، معظمها من تصدير النفط.


وحلّ صندوق الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، الذي يعد الصندوق السيادي للسعودية، في المرتبة الرابعة عالميا بنحو 632.3 مليار دولار، وذلك بعد الصندوق السيادي الصيني الذي حل ثالثا بمبلغ 746.7 مليار دولار. تلته في المرتبة الخامسة عالميا الهيئة العامة للاستثمار الكويتية بأصول قدرها 592 مليار دولار.


وجاء جهاز قطر للاستثمار، الذي بدأ نشاطه في عام 2005، تاسعا بموجودات قدرها 256 مليار دولار جمعها من عائدات النفط والغاز.


فيما حلّت إمارة دبي في المركز الثاني عشر بموجودات في صندوقها السيادي بلغت قيمتها 183 مليار دولار.


بالرغم من الحرب الطاحنة التي تدور في ليبيا منذ سنوات، إلا أنها حجزت لها مركزا في هذه الدراسة وحلّت في المركز العشرين عالميا بأصول بلغت 66 مليار دولار.


وتربع صندوق الرفاه الوطني الروسي، الذي بدأ نشاطه عام 2008، على المركز الثامن عشر عالميا بأصول قدرها 65.7 مليار دولار، تلاه صندوق إيران الحكومي بالمركز التاسع عشر بأصول قيمتها 62 مليار دولار.


وحجز الصندوق السيادي للجزائر المركز الحادي والعشرين عالميا بأصول بلغت 50 مليار دولار. في حين احتلت سلطنة عمان المرتبة السادسة والعشرين بصندوق سيادي بلغت ثروته 34 مليار دولار.


وبلغت ممتلكات شركة "هولدينغ" البحرينية 11.1 مليار دولار لتحتل المركز السابع والثلاثين عالميا. بينما أحرز الصندوق السيادي العراقي المركز 60 عالميا بأصول بلغت نحو 0.9 مليار دولار. تلته فلسطين بأصول بلغت نحو 0.8 مليار دولار.


ووفقا لهذه المعلومات فإن من بين أكبر 10 صناديق سيادية في العالم يوجد 4 صناديق خليجية، و4 صينية، و2 من دول العالم الأخرى المختلفة.


تتطلع الكثير من الدول النفطية، وعلى رأسها دول الخليج العربية إلى تطوير صناديقها السيادية بعد أزمة أسواق النفط التي تعصف بالاقتصاد العالمي منذ عام 2014 وتدني أسعاره إلى ما دون 40 دولارا للبرميل. بغية إيجاد بديل عن إيرادات النفط.


ولعل المملكة العربية السعودية تتقدم هذه الدول حسب ما صرح به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عندما كشف عن توجه المملكة إلى تطوير الصندوق السيادي، لتصبح الاستثمارات المصدر الرئيسي للدخل، بدلا من إيرادات النفط.


وتوقع الأمير أن يدير الصندوق السيادي السعودي استثمارات بأكثر من 2 تريليون دولار ليلعب دورا رئيسا في تحريك الاقتصاد عن طريق الاستثمار محليا ودوليا، موضحا أن الحكومة تخطط لبيع أقل من 5% من أسهم شركة "أرامكو" المملوكة للدولة، ومشيرا إلى أن الصندوق يدرس حاليا استثمارين في القطاع المالي خارج السعودية.


ورغم نجاح الصناديق السيادية في عدد من دول العالم فإن الصندوق السيادي في ماليزيا يعتبر الأفشل، حيث شهد أكبر فضيحة فساد في العالم، والتحقيقات حولها تجري في 3 قارات.


وفي أمريكا وحدها دعاوى بنحو 4.5 مليار دولار كلها قد سرقت من الصندوق وأُنفقت في شراء أعمال فنية ومبان ومجوهرات ويخت مترف.


ويعود إنشاء الصندوق الماليزى عندما قرر رئيس وزراء ماليزيا الأسبق نجيب عبد الرزاق إنشاء هذا الصندوق (ماليزيا ديفلوبمنت بيرهاد) في 2009، نصحه ابنه الأكبر بصديقه في الدراسة ومستشاره لاو تايغ جهو، وبعد سنين من تأسيسه وفي 2015 تراكمت الديون على الصندوق لتبلغ أكثر من عشرة مليارات دولار، وتقول التقارير إن أفرادا وشركات مرتبطين بعمليات الصندوق أصبحوا على قدر فاحش من الثراء. إلا أن جميعهم نفوا القيام بأي عمل غير قانوني مثل المستشار جهولاو فقد لقب في نيويورك وحياتها الليلية بـ“الحوت” ” لكثرة دفعه للأموال التي تنفق على الشمبانيا بالأندية الليلية للمشاهير مثل باريس هيلتون وليندساى لوهان.


أما الزوجة الثانية لرئيس الوزراء الأسبق منشئ الصندوق فقد أسست في عام 2010 شركة “ريد غرانايت بيكشرس″ للإنتاج السينمائي بـ هوليوود والتي اشتهرت في السنوات الثلاث التالية بفيلمها “ذئب وول ستريت: وولف أوف وول ستريت” الذي أخرجه مارتن سكورسيس وقام بالبطولة فيه ليوناردو دي كابريو في قصة عن الشره للمال والإفراط.


أما رئيس الوزراء الأسبق عبد الرزاق فقد عثر المحققون في ماليزيا على مبلغ 680 مليون دولار دفعت من الصندوق لحسابه، حيث بادر النائب العام الماليزي آنذاك بإصدار مذكرة اعتقال وأمر قبض بحقه الا ان عبد الرزاق بعد ذلك عمل على عزل النائب العام مع وزراء تساءلوا عن دوره في إهدار أموال الصندوق السيادي.


وتورد التقارير بعد ذلك بأن عبد الرزاق عيّن نائبا عاما جديدا أعلن براءته قائلا إن هذا المبلغ عبارة عن تبرع للحزب لأغراض سياسية من أحد أفراد العائلة المالكة السعودية.


وفي مارس الماضي توصلت شركة الإنتاج السينمائي لاتفاق مع الحكومة الأمريكية لتسوية المزاعم حول الصندوق السيادي. وسُجل بموجب هذا الاتفاق أنها لم ترتكب خطأ قانونيا، إلا أن مهاتير محمد قرر فتح التحقيق في المخالفات التي ارتكبت في الصناديق السيادية.


وتعود فكرة إنشاء الصناديق السيادية إلى خمسينيات القرن الماضي، حينما قامت الكويت بتأسيس الهيئة العامة للاستثمار كأول صندوق سيادي على مستوى العالم إبان الطفرة الاقتصادية التي حققتها عائداتها النفطية آنذاك، وذلك لغرض استثمار الفائض من تلك العائدات، وفتح آفاق جديدة نحو تنويع مصادر الدخل القومي للدولة، تجنبًا لأي تقلبات محتملة في أسعار النفط العالمية، تؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص مصدر الدخل الوحيد للكويت في ذلك الحين، وانهيار اقتصادها الناشئ.


في مطلع السبعينيات، اتخذت إمارة أبوظبي خطوة مشابهة بتأسيس صندوق أبوظبي للتنمية، حيث أسس الصندوق لأغراض التنمية المستدامة في الدول النامية، من خلال تقديم قروض ميسرة تنهض بالمشاريع التنموية في تلك الدول، أما في الشق الاستثماري، فقد كُلف الصندوق باستثمار ما يتوفر من سيولة مالية لديه في مشاريع مختلفة تضمن استمرارية تدفق الأموال لتنفيذ الخطط التنموية التي وضعتها حكومة أبوظبي في ذلك الحين.


استمر تأسيس الصناديق السيادية في الدول الخليجية للأهداف ذاتها، إذ أسست قطر صندوق قطر للاستثمار، وأسست البحرين شركة ممتلكات البحرين القابضة، فيما أسست عُمان صندوق الاحتياطي العام للدولة، كما أسست الإمارات عددًا من صناديق تنموية واستثمارية على غرار ما قامت به إمارة أبوظبي، من بينها مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية.


اتخذت الصناديق السيادية في دول الخليج العربي من سياسة الاستثمار على المدى الطويل درعًا واقيًا لها، يؤمن استمرار تدفق الأموال لتلك الصناديق والهيئات ويحافظ على مخزونها من الفائض المالي في أوقات الأزمات الاقتصادية وتقلبات أسعار النفط العالمية، إذ تنوعت استثمارات الصناديق السيادية الخليجية لتشمل السندات الحكومية والعقارات وحصصًا من أسهم الشركات والمصانع العالمية، لتعزز من خلال تلك الاستثمارات المكانة الاقتصادية لدول الخليج العربي في أوروبا والولايات المتحدة.


تعد الاستثمارات الخليجية في ألمانيا على سبيل المثال لا الحصر، إحدى أبرز الاستثمارات الواعدة لتلك الصناديق، إذ استحوذت قطر على نحو 15 بالمئة من أسهم شركة "فولكس فاجن" لصناعة السيارات، كما قامت بشراء نحو 10 بالمئة من أسهم شركة "هوكتيف"، وهي إحدى أكبر شركات البناء الألمانية، كما تمتلك قطر حصة في شركة "سيمنس" الألمانية، ونحو 6 بالمئة في أكبر المصارف الألمانية "الدويتشة بنك" من خلال صفقة بلغت قيمتها 1.75 مليار يورو.


إمارة أبوظبي كانت حاضرة أيضًا بقوتها الاقتصادية من خلال استثماراتها في ألمانيا، وشملت تلك الاستثمارات امتلاك نحو 29 بالمئة من شركة طيران "إير برلين" واستثمارات أخرى في مجال الطاقة المتجددة والصناعات الإلكترونية الدقيقة، حيث تمتلك شركة "مبادلة" للتنمية المملوكة بالكامل لحكومة إمارة أبوظبي شركة "جلوبال فاوندريز" لصناعة أشباه الموصلات وهي مواد أساسية في صناعة الأجهزة الإلكترونية والرقمية، توجد 6 مرافق منها في مدينة درزدن الألمانية، إذ أعلنت وسائل الإعلام الألمانية مؤخرًا عن نية أبوظبي ضخ نحو ربع مليار يورو كاستثمارات في الفرع الألماني من جلوبال فاونديز.


كما كان لدولة الكويت نصيبًا من الاستثمارات الخليجية في ألمانيا، إذ استحوذت على نحو 6 بالمئة من عملاق الصناعات الألمانية "شركة دايملر" لصناعة السيارات.


وسياسيًا، يصعب على الولايات المتحدة ودول العالم إغفال الحجم الكبير الذي تمثله تلك الصناديق، إذ تمتلك دول الخليج العربي نحو 35 بالمئة من أموال الصناديق السيادية على مستوى العالم، وتخضع تلك الصناديق إلى رقابة مؤسسات متخصصة في الولايات المتحدة، ترصد أداءها الاستثماري وما إذا كان لتلك الاستثمارات أي تأثيرات سياسية تجعل منها عوامل ضغط سياسي على الدول التي تستثمر بها الصناديق السيادية الخليجية.


المبالغة في التحذير من الاستثمارات الخارجية داخل الولايات المتحدة وتأثيراتها المحتملة على الأمن القومي الأمريكي، تسببت بإلغاء صفقة إدارة شركة موانئ دبي العالمية لعمليات الشحن والتفريغ في أكبر ستة موانئ أمريكية عام 2006، وهو ما دفع بالمستثمرين العرب إلى تقييم مخاطر الاستثمار في الولايات المتحدة، إلا أن الدراسات داخل الولايات المتحدة فندت تلك النظرية وأثبتت أنها لا تشكل مخاطر مستقبلية على الأمن القومي الأمريكي.